الفيالق الأجنبية لتنظيم داعش

واقع ورؤية

  • | الإثنين, 13 يونيو, 2016
الفيالق الأجنبية لتنظيم داعش

لم يتوقف تنظيم داعش عن جذب أعضاء جدد للانضمام إلى صفوفه من أجل الدفاع عن الأراضي التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق وكذلك القيام بعمليات إرهابية في بلدانهم الأصلية.

الفيالق الأجنبية لتنظيم داعش:

لم يتوقف تنظيم داعش عن محاولات جذب أعضاء إلى صفوفه حتى يدافع عن الأراضي التي استولى عليها في سوريا والعراق وكذلك من أجل القيام بعمليات إرهابية في بلدانهم الأصلية.
وعندما نحاول أن نحصي أعداد الأجانب المنضمين لصفوف تنظيم داعش نجد أن الأمر يشوبه قدرٌ كبير من الغموض، فبين يونيو عام 2013م ويونيو 2014م، أنضم لصفوف داعش، وغيرها من الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، وفقاً لصحيفة ""L'OBS الفرنسية، نحو 12.000 شخص. وبعد مرور ثمانية عشر شهرًا، أي في ديسمبر عام 2015م، بلغ عدد الأجانب المنضمين للتنظيم نحو 31.000 مقاتل، على استعداد لنشر الرعب في الرقة أو في بروكسل...
وفي تقرير عن "المقاتلين الأجانب" المنشور في ديسمبر عام 2015م، من قبل مجموعة صوفان، وهي مجموعة أمريكية، يترأسها محقق سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالية، وهو تقرير مقلق لأنه يظهر الانجذاب الدائم والمتزايد لدى الشباب في العالم أجمع نحو هذه الجماعات الإرهابية، نجد أن أكثر من نصف المقاتلين الأجانب المنضمين لصفوف الجماعات الإرهابية، ينتمون إلى بلاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وهي: تونس، الأردن، ليبيا، وتركيا. وفي مايو 2015م، أعلن المغرب رحيل 1200 إلى سوريا، الرقم الذي من شأنه أن يكون أعلى من ذلك بكثير. وفي أكتوبر عام 2015م، أعلنت تونس رحيل نحو 700 من أبنائها إلى سوريا من أجل الانضمام لصفوف الجماعات الإرهابية، كما رحل من تركيا نحو 2200 للانضمام لصفوف داعش خلال عام 2015م. كما أظهر هذا التقرير أن أعداد الأوروبيين الذين انضموا لتنظيم داعش قد تضاعفت خلال الأشهر الثامنية عشر الأخيرة، حيث بلغ عدد المقاتلين الأوروبيين في صفوف داعش، في الفترة بين يونيو 2014م إلى ديسمبر 2015م، من 2500 مقاتل إلى 5000 مقاتل. كما أن نسبة 75% من الأوروبيين- المنضمين للتنظيم - ينحدرون من أربع دول فقط هي: فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وبلجيكا، وهم نفس الدول التي تعيش حالة تأهب قصوى منذ هجمات باريس في 13 من نوفمبر 2015م.
أما من ناحية فرنسا، فقد أشار التقرير إلى أنها تعد على رأس الدول التي بها عدد كبير قد انضم إلى داعش، حيث غادر 1700 خلال عام 2015م، كما تعد بلجيكا أكبر دولة من حيث عدد المنضمين لصفوف تنظيم داعش بالنظر إلى عدد سكانها، حيث انضم منها 43 من عدد سكان يصل إلى مليون نسمة...
وبالنظر إلى النقطة الأخيرة، نجد مصادر أخرى تتحدث عن أن التطرف في أوربا أصبح ظاهرة فرانكفونية، حيث نجد موقع "lorientlejour" ينشر مقالًا حول قيام باحثين أمريكيين بدراسة حول التطرف عند السنة في جميع أنحاء العالم، وأكد أن القيم السياسية والثقافية الفرنسية تلعب دورًا رئيسيا في التطرف "الإسلامي"، وهذا ما عارضه السفير الفرنسي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال كلٌ من ويليام مكانتس، وكريستوفر ميزيرول، الباحثان في مؤسسة بروكينجز الأمريكية، التي تعد واحدة من أقدم مؤسسات الفكر والرأي، وهي تقوم بإجراء الأبحاث والتعليم في مجال العلوم الاجتماعية، أن الاعتداءات الأخيرة في بروكسل، وتلك التي سبقتها في باريس، تكشف حقيقة مثيرة للقلق، وهي "أن الخطر الذي يمثله أعضاء داعش أكبر في فرنسا وبلجيكا من باقي الدول الأوروبية".
كما نشرت مجلة "الشؤون الخارجية"، يوم الخميس، مقالًا للباحثَين بعنوان "الاتصال الفرنسي"، ذكر فيه أن أربعًا من الدول الأوروبية الخمس، التي سجلت أكبر نسبة للتطرف في العالم، هى دول فرانكفونية، يأتي على رأسها فرنسا وبلجيكا".
وأفادا بأنهما – وبعد دراستهما للظروف التي نشأ فيها الأجانب الذين اعتنقوا فكر داعش - توصلا إلى نتيجة فحواها أن العامل الأول في التطرف، ليس لأنهم ينحدرون من بلد غني أم لا، وليس لكونهم من بلد مثقف أم لا، وليس لكونهم أغنياء أم لا، أو لأن لديهم سهولة الوصول إلى الانترنت أم لا. ولكن العامل الأول في التطرف، وفقا لهما، لأنهم ينحدرون من بلد فرانكوفونية، أو بلد تعتبر فيها اللغة الفرنسية لغة وطنية. فالتفسير الذي قدمه الباحثان يمكن تلخيصه في ثلاث كلمات "الثقافة السياسية الفرنسية". وهذا تفسير محل جدل إذ إنه – حتى ولو كان هناك ظهور واضح من الفرانكفونيين داخل أوساط تنظيم داعش إلا أن الأمر من وجهة نظرنا يمثل نظرة أحادية للموضوع، ولا يمكن أن يكون حكمًا موضوعيًا حتى ولو اتفقنا معه في بعض جزئياته، وذلك لأن النظر للقضية من بعد واحد يجعل الحكم قاصرًا، ولابد من دراسة الأبعاد المختلفة للقضية وعدم قصرها على كون المنضم فرانكوفونيًا أم غيره فلابد من النظر إلى الخلفية الثقافية والاجتماعية والتربوية والفكرية والدينية؛ حتى نستطيع أن نقدم حلولًا ناجحة لقضية التطرف، ونستطيع أن نواجهه مواجهة فكرية كما هي المواجهة العسكرية، وحتى نمنع روافد التنظيمات الإرهابية.

 

طباعة
كلمات دالة: مرصد الأزهر

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.