تقدير موقف مرصد الأزهر: قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب في إفريقيا.. فرصة جديدة للوقوف على واقع الإرهاب في القارة وتحديد متطلبات المرحلة المقبلة

  • | الأحد, 28 أبريل, 2024
تقدير موقف مرصد الأزهر: قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب في إفريقيا.. فرصة جديدة للوقوف على واقع الإرهاب في القارة وتحديد متطلبات المرحلة المقبلة

     لطالما عانت القارة الأفريقية ويلات الإرهاب والتطرف لعقود طويلة وفقدت القارة – المهضوم حقها – المئات، بل الآلاف من أبنائها في مصارع مختلفة؛ فمنهم من انتهى به المطاف ضحيةً لهجوم في الشرق على يد "الشباب الصومالية" أو "داعش شرق أفريقيا"، أو في الغرب على يد "داعش غرب أفريقيا" أو "بوكو حرام" أو غيرها من التنظيمات التي تعيث في الأرض فسادًا وتهدد أمن القارة الأفريقية، ومنهم من انتهى به المطاف فريسة للفكر المتطرف والآراء المشوهة التي تبثها تلك التنظيمات، فتشوش بها على عقول الشباب، وتستدرجهم للانضمام إلى صفوفها، ففي كلتا الحالتين تفقد القارة سواعد تعقد عليها آمال البناء والتنمية وعقولًا تعوّل عليها في نشر العلم والتطور.
وقد أضحت القارة الأفريقية في الآونة الأخيرة محط أنظار الجميع لا لنهضة تحققها ولا لتنمية تمضي نحوها قدمًا بقدر ما كان ذلك لأنها أصبحت من البؤر الأكثر اضطرابًا في العالم – إن لم تكن أكثرها-؛ بسبب تنظيمات العنف والتخريب الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية في مختلف أنحاء القارة، لا سيما في ظل محاولات تلك التنظيمات -وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي- إيجاد أرض بديلة تحقق فيها أحلامها غير المشروعة وخلافتها المزعومة بعد انهيار أركان دولتها الوهمية في سوريا والعراق، وتبدُّد أحلامها في تحقيق مخططاتها الإجرامية، فراحت تبحث عن أرض أخرى تنفذ فيها إجرامها وتفرض فيها سطوتها.
«المركز العالمي للإرهاب» هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش القارة الأفريقية في تصريح له في يناير من العام الجاري، مشيرًا إلى أن القارة أصبحت في غضون سنوات قليلة نقطة تمركز التنظيمات الإرهابية وملاذ العناصر الإرهابية؛ حيث تستغل التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والأذرع التابعة لهما الصراعات المحلية ونقاط الضعف لخدمة أهدافها الخاصة، داعيًا إلى استئصال التطرف العنيف.
ومع تزايد التهديدات الإرهابية للقارة شرقًا وغربًا باتت الحاجة لتكثيف جهود مكافحة الإرهاب أكثر إلحاحًا وأجدر بالاهتمام، خاصة في ظل التغيرات السياسية التي طرأت على بعض البلدان الأفريقية ما نتج عنه تغيرات في خريطة التحالفات والتكتلات المناهضة للإرهاب، الأمر الذي كان المحور الرئيس للعديد من المحافل والمؤتمرات والفعاليات التي انعقدت على مستوى القارة أو حتى على الصعيد الدولي.
وفي هذا الإطار انعقدت قمة أفريقية، في العاصمة النيجيرية أبوجا على مدار يومي الإثنين والثلاثاء 22-23 إبريل 2024، للبحث عن حلول للتحديات الأمنية التي تواجهها القارة السمراء؛ حيث دعا القادة الأفارقة إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك تأسيس قوة عسكرية إقليمية.
وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد في القمة: «إن مركز الإرهاب انتقل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أفريقيا جنوب الصحراء، ليتركز بشكل أكبر في منطقة الساحل». وأضافت أن «الوضع في الساحل خصوصًا خطير.. تساهم المنطقة الآن في حوالي نصف جميع الوفيات جراء الإرهاب عالميًّا».
وضم الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو صوته إلى صوتي نظيريه الغاني نانا أكوفو-أدو والتوجولي فاوري جناسينجبي؛ للحث على مزيد من التعاون الإقليمي وتقاسم المعلومات الاستخباراتية والعمل على تأسيس قوة عسكرية احتياطية، وقال تينوبو: «يمكن لقوة كهذه أن تشكل قوة ردع لعمليات إرهابية واسعة النطاق وممتدة». كما دعا جناسينجبي المجتمع الدولي للعمل على تحسين جهوده لمساعدة البلدان الأفريقية على تمويل عملياتها في مكافحة الإرهاب.
تجدر الإشارة إلى أنّ العديد من الدول الأفريقية تتعاون بالفعل ضمن قوة مهام عسكرية مشتركة متعددة الدول في المناطق الحدودية المطلة على بحيرة تشاد، لكن ذلك لا يمنع من ضرورة تكثيف وتنسيق الجهود المشتركة بين دول القارة من أجل تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على مخططات داعش والقاعدة وأذرعهما لتحويل القارة – وخاصة ساحل غرب أفريقيا- إلى حلبة تتصارع عليها تلك التنظيمات من أجل إثبات جدارتها بصدارة التنظيمات الإرهابية في العالم.
ويرى مراقبون أنه من أهم التوصيات المنتظر خروجها عن هذه القمة تشكيل قوة أفريقية مشتركة تتخذ من القوة التي كونتها كل من: النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو نواة لها، حيث تكون قادرة على مواجهة التحديات الأمنية وعدم ترك مساحة للتنظيمات الإرهابية لاستغلال فرصة خروج القوات الأممية وبعثات الاتحاد الأفريقي من المشهد لتفرض سيطرتها على الأرض.
كذلك، تناولت القمة دعم التعاون مع المنظمات الإقليمية من أجل الاستجابة لتهديد الإرهاب القابل للتوسع في أفريقيا والتحديات والقضايا المتعلقة بالإرهاب، فضلًا عن الآليات المبتكرة التي يتعين اعتمادها لمكافحة هذه الآفة.
يأتي تنظيم هذه القمة بالعاصمة النيجيرية أبوجا بدعم من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من أجل تعزيز التعاون متعدد الأطراف لمكافحة الإرهاب وإعادة تشكيل الاستجابة الجماعية للمجتمع الدولي إزاء مكافحة الإرهاب في أفريقيا مع التأكيد على أهمية الحلول الأفريقية.
من جانبه يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف أن هذه القمة وغيرها من الفعاليات والتحركات الرامية لمكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية تتطلب توفير مزيد من الصلاحيات والإمكانات حتى تتحول التوصيات التي تخرج عنها إلى واقع وخطوات فعلية على الأرض، كما يشير المرصد إلى أن القمة تمنح القادة الأفارقة فرصة لتحديد ملامح المرحلة وما تتطلبه من تحركات وجهود وتنسيق على المستويات كافة من أجل موقف موحَّد ضد الإرهاب يقطع الطريق على الفكر المتطرف والممارسات الإرهابية على حد سواء.


 وحدة الرصد باللغات الأفريقية


 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.