الدين طريقًا للتعايش وليس للاحتراب

(وحدة رصد اللغة الأردية)

  • | الثلاثاء, 29 مارس, 2016
الدين طريقًا للتعايش وليس للاحتراب

يُعد مسلمو الهند ومسيحيوها في نظر القوميين الهندوس مواطنين من أصل هندوسي  تخلوا عن ديانتهم مُكرهين من قبل الفاتحين المسلمين، أو مغرر بهم من قبل المبشرين المسيحيين، وعلى الرغم من أن الحرية الدينية أحد أهم البنود التي يكفلها الدستور والقانون الهندي والدولي إلا أن العلاقة بين الحريات الدينية والصراع والعنف الطائفي يمكن تصنيفها على أنها علاقة طردية... كلما زاد كبت الحريات الدينية زاد الصراع.  
شهدت الهند في الآونة الأخيرة شكلًا جديدًا من أشكال الإرهاب... إرهاب لم يأتِ من خارجها بل نبع من داخلها... إرهاب تثيره النزاعات الدينية والصراعات المذهبية... إرهاب يُعد الأخطر على وجه الإطلاق؛ لأنه يُخاطب العاطفة الدينية داخل الإنسان... العاطفة التي إذا ما سيطرت على العقل أصبحت فيروسًا يعطل مهمته.
على مدار التاريخ لعب استغلال العاطفة الدينية من أجل أغراض سياسية دورًا رئيسًا في ارتكاب أبشع الجرائم؛ فالعاطفة الدينية إضافة إلي تغييبها للعقل ودوره تعمل كذلك على طمس جميع المشاعر الإنسانية، فهي العاطفة القادرة على إقناع معتنقها بالقتل باسمها حماية للمقدس وما التاريخ عنا ببعيد فكم من ملايين ماتوا بسببها في كل الديانات.
والواقع الأكيد أن الراديكالية الهندوسية التي نخصها بالحديث هنا، والتي تهدف لإنشاء قومية هندوسية لا تعد جديدة على الساحة الهندية، فهناك حالة من الجدل واللغط الكبيرين حول "الإرهاب الهندوسي" وتحديدًا بعد تأسيس شبكات هندوسية مسلحة تهدف إلي فرض الهوية والثقافة الهندوسية على البلاد، وخاصة منذ انتخاب "ناريندرامودي" رئيس حزب "بهارتيا جانتا" رئيسًا للوزراء، بدأت تتصاعد أحداث العنف الديني مع تصاعد القومية الهندوسية في المجتمع الهندي والتي تتبنى أيدلوجية "الهندوتافا" التي تمجد الأصول الهندوسية كان آخرها أحداث العنف الديني التي شهدتها ولاية "جهاركند" الهندية بعد أن عُثر على جثتي شابين مسلمين من تجار الماشية متدليتين من شجرة في منطقة "لاتيهار" بولاية "جهاركند"، وبسببها خرج السكان المحليون في احتجاجات أسفرت عن مقتل أفراد من الشرطة بعد المواجهات التي وقعت بينهم وبين السكان المحليين.
حوادث اغتيال وسحل بسبب التجارة في لحوم الأبقار - معبود الهندوس - رغم أن الهند تعد أكبر مصدر للحومها في العالم وخامس أكبر مستهلك لها، كما أن عدد كبير ممن يتاجر فيها ويقوم بتصديرها للخارج ليسوا من المسلمين بل إن أغلبهم من الهندوس... يُتاجر بعض الهندوس في لحوم الأبقار وفي نفس الوقت يحرمون تجارتها على المسلمين بل ويمنعون ويجرمون بيعها  في بعض المناطق من بينها ولاية "جهاركند" مسرح الأحداث الأخيرة.
الواقع أن هذه ليست الحادثة الوحيدة ولن تكون الأخيرة، ورغم الغضب الشعبي في الأوساط الدينية غير الهندوسية وعلى رأسها المسلمة والمسيحية إلا أن الجماعات الأصولية  الهندوسية تسير في طريقها من أجل تنفيذ مخططها وأجندتها الهادفة لتطهير البلاد من الأقليات المسيحية والإسلامية عن طريق فرض سياسة التخويف والترهيب، ومنعهم من التمتع بالمواطنة الكاملة إلا في حالة اعتناقهم للديانة الهندوسية.
يمكننا القول بأن الصراعات السياسية هي القضية الكبرى وأساس المشكلات في الهند وليس لحوم الأبقار بحد ذاتها... الصراعات السياسية التي تتخذ من الدين ستارًا من أجل تنفيذ أهدافها، وتعمل بشكل دائم على تأجيج الموقف بالهند، وهنا تكمن الخطورة... خطورة تديين السياسة أوتسيس الدين من أجل المصالح والأطماع السياسية، وكبت الحريات الدينية من أجل فرض هيمنة دينية واحدة مستغلين العاطفة الدينية التي ما إن سيطرت تصيب العقل بالعمى الفكري، وتجعل منه مشروعًا لإنتاج إرهابي.

 

طباعة

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.