رد على ما تم نشره على بعض المواقع الإلكترونية عن تقرير "اللجنة الشرعية لمرصد الأزهر حول الديمقراطية"

  • | الثلاثاء, 23 فبراير, 2016
رد على ما تم نشره على بعض المواقع الإلكترونية عن تقرير "اللجنة الشرعية لمرصد الأزهر حول الديمقراطية"

فى الوقت الذى يحاول مرصد الأزهر الشريف تتبع الأفكار المغلوطة  وترصدها، وتوضيح المفاهيم بأسلوب مبسط وخطاب متوازن فى ضوء القرآن والسنة الصحيحة منطلقا فى ذلك من الحفاظ على ثوابت الأمة وصون ثقافتها وهويتها، ملتزما بدوره العلمى والإنسانى فى خدمة البشرية، وترسيخ ثقافة السلام، والتأكيد على ضرورة الحوار البناء والتعايش السلمى، وقبول الآخر، ومتمسكاً برسالة المؤسسة العريقة التى ينتمى إليها والتى تواجه الشطط الفكرى الذى يسعى إلى التحلل من تعاليم الدين من ناحية، ويحارب التطرف الذى يريد أن يحصر الدين فى قوالب جامدة، ويوظفه لتحقيق أغراضه وتنفيذ مخططاته التى تهدف إلى زعزعة أمن الشعوب الإسلامية، وتهديد استقرارها من ناحية أخرى. فى هذا الوقت بالتحديد نجد بعض وسائل الإعلام، وأدعياء العلم والمدنية يتربصون بالمرصد ويحاولون إعاقته عن أداء رسالته، بل ووصل بهم الأمر إلى اتهام المرصد بما يحاربه فكيف يتأتى ذلك.

 

فيما يتعلق بالرأى المنشور على موقع المرصد ضمن أراء شرعية أخرى ، وهو يتعلق "بحكم الديمقراطية فى الإسلام" والذى تم تقديمه من خلال إحدى المواقع الإلكترونية تارة باعتباره "تقريرا" ، وتارة "فتوى إرهابية" بل ووصفه بـ"الهراء" على لسان الدكتورة "أمنة نصير" وبـ"الكذب" على لسان الدكتور جابر عصفور. فهو يا سادة "رأى" وهناك فرق كبير بين الرأى والتقرير والفتوى، وسيشرح المرصد فى سياق أخر الفرق بين هذه المسميات. وهذا الرأى لا يعبر عن أى فكر إرهابي أو كذب وليس أيضا بالهراء ، فليس لدى مرصد الأزهر الشريف رفاهية الوقت لنشر أراء غير نافعة

 

. وفى الواقع، يندهش مرصد الأزهر من محاولة الربط الباطلة بين الفكر الداعشى الذى يناهضه بكل الوسائل المتاحة وما ينشره المرصد من آراء. وبمجرد أن تحدثت اللجنة الشرعية بطريقة مختصرة عما  يرفضه الإسلام من سلوكيات فى مجتمعات غربية مثل الزنا واللواط وزواج المثلين، خرجوا علينا بتعليقات مضللة وبعيدة تماما عن صلب الموضوع، لكنها تؤكد على الحملة غير المبررة التى يشنها قلة للنيل من مرصد الأزهر الشريف ، وتحاول أن تصفه بألفاظ تتناقض مع رسالته النبيلة.

 

إن الديمقراطية التى يعرفها الإسلام يا سادة، والتى كتب عنها كبار مفكرى الإسلام أمثال عملاق الأدب العربى الأستاذ عباس محمود العقاد والسيد جمال الدين الأفغانى هى ديمقراطية حياة لا ديمقراطية حساب وميزان، ففرق كبير بين كثرة الأقوال وصواب الأقوال والمعول فيها على تعاون الأمة بجميع طبقاتها وآحادها كما تتعاون الوظائف الحية فى البنية الحية، فإنما يكون فضل الممتازين فيها على الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وبقدر هدايتهم للعامة يكون لهم من الأصوات التى تؤمن بهم وتركن إليهم وتقول بقولهم وتهتدى بهديهم، فإن أفلحوا فى الهداية فليست كثرة الأصوات هى الفاصلة، بل الفاصل هنا هو القوة المتجمعة من الهداية والمهتدين.

 

أما الديمقراطية الغربية والتى يصر المرصد على التحفظ فى الأخذ بكل ما جاءت به فلم تخول للمرأة حق الإنتخاب إلا بعد الحرب العالمية الأولى لأنها اشتغلت بأعمال المصانع أثناء غياب الجند فى ميادين القتال، ولم تخول حق الإنتخاب لعمال المدن الإنجليزية فى عام 1867 إلا لأنهم قد أصبحوا قوة لازمة للدولة فى المصانع، ولم يظفر عمال الريف بمثل هذا الحق إلا بعد ذلك بثمانية عشرة عاما، لأن خطرهم أهون من خطر عمال الصناعة، فهى ديمقراطية لم تقم على الحق الإنسانى المعترف به لكل إنسان، بل لأنها كانت إلى الضرورة العملية أقرب منها إلى المبادىء الفكرية والأصول الخلقية.

 

الواضح أن من يتهمون لجنة المرصد الشرعية بالإرهاب هم ذاتهم يمارسون الإرهاب النفسى والقمع الفكرى لأن أى رأى يخالف ماذهبوا إليه يكون عندهم رجسا من عمل الشيطان؟ وهل الديمقراطية التى تعرفونها تدعوكم إلى اتهام من يخالفكم فى الرأي بالإرهاب ورميه بالكذب والمصادرة على فكره وترويعه بهذه التهم غير مستندين إلى دليل ومخالفين بذلك ابسط قواعد المنهج العلمي الذى نعرفه جميعا؟

 

إنهم- فوق ممارستهم القمع الفكرى والإرهاب النفسى- يتبعون منهج الاجتزاء والانتقاء الذى لاعلاقة له بالموضوعية والمنهجية العلمية  إنهم يقرؤون بعض النص ويعطون الأحكام المطلقة ويتبعون منهج " لاتقربوا الصلاة " و "ويل للمصلين".

 

فهل كان المنتقدون المهاجمون الذين استفزهم وأثار حفيظتهم أن يقول المرصد هذا، يريدون من المرصد أن يستبيح الزنا، وأن يوافق عليه حتى لوارتضاه مجلس نيابى أو تشريعى أو أى جهةأخرى؟ إن فعل المرصد هذا فهل كانوا يهللون له ويصفقون لأنه وافق رغبة عندهم؟. 

 

نؤكد فى النهاية أن رأى المرصد حاول أن يعالج المفهوم بشكل متوازن بعيدا عن التطرف الفكري والانحلال الأخلاقي متوخيا الحفاظ على ثقافة المجتمع وثوابته وأخلاقه. ونحن نطلب من هؤلاء الذين يدافعون عن الديمقراطية أن يلتزموا الموضوعية فيما يكتبون وأن يراعوا أبسط قواعد الديمقراطية التى يدعون الدفاع عنها والتى تقوم على عموم الحقوق وتساويها بين الناس وعلى مراعاة المسئولية الفردية وأننا جميعا محاسبون على ما نقول وأنه لا يجب علينا أن نتكلم بما يهدد كيان المجتمع وأمنه استقراره.

 

ويهيب المرصد بوسائل الإعلام بكافة أنواعها تحري المهنية والموضوعية في طرح القضايا النقاشية والفكرية، إذ قام المرصد بإرسال رده على السادة الأفاضل الذين هاجموه إلى ذات الصحيفة التي نشرت مقالاتهم إلا أن الصحيفة لم تقم بالنشر ولم تلتزم بآداب المهنة في طرح الرأي والرأي الآخر وكفالة حرية الرد لمن تعرض للهجوم والتشويه والتشنيع.

والمرصد إذ يطرح وجه نظره فإنه حريص على مد جسور التواصل والحوار مع الجميع دون التجريح أو المصادرة لأي فكر أو رأي مبني على أسس علمية ومنهجية لا تتنافى مع صحيح الدين وثوابته

طباعة
كلمات دالة: