الجماعات الإرهابية وتفخيخ الأطفال ظاهرة تحتاج إلى تكاتف القوى الدينية حول العالم

  • | الأربعاء, 18 يناير, 2017
الجماعات الإرهابية وتفخيخ الأطفال ظاهرة تحتاج إلى تكاتف القوى الدينية حول العالم

تكررت أخبار تفخيخ الجماعات الإرهابية -على اختلاف أسمائها- للأطفال، واستخدامهم في تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهدافٍ مدنية، فقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا لأحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، يحث ابنتيه "فاطمة وإسلام" على تفجير نفسيهما وارتداء الأحزمة الناسفة، ويظهر الأب في الفيديو - في الخلفية علمًا أسود كُتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله- يحرض ابنتيه على قتل الكفار ويقول:" نحن دين عزة لا دين ذلة... سوف تفجرين نفسك اليوم لا تخافي منهم"، ويخبرهما أن الجنة بانتظارهما، في السياق ذاته نفذت جماعة بوكو حرام هجومًا إرهابيًا على سوق شعبي بمدينة مايدوجوري عاصمة ولاية بُرنو شمال نيجيريا، وقد أكدت الشرطة النيجيرية أن الطفلتين اللتين فجرتا نفسيهما هما في السابعة والثامنة من العمر.

مما سبق يتضح لنا أن الجماعات الإرهابية تتبع أساليب متشابهة رغم اختلاف أيدولوجياتها وتوجهاتها الفكرية، وهذه الظاهرة الجديدة هي واحدة من أبشع الصور الإرهابية ضد الإنسانية، كما أن لهذه الظاهرة وجود في التاريخ الإيراني المعاصر؛ حيث عمد النظام الإيراني الوليد إلى تجنيد الأطفال وضمهم إلى صفوف القوات الإيرانية المقاتلة إبان الحرب العراقية- الإيرانية، ذلك أن قوات الباسيج أو التعبئة الشعبية –والتي تخضع للحرس الثوري الإيراني- إنما تكونت من قبل متطوعين وشارك فيها أطفال في سن الدراسة؛ بحسب تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومعظم أعضائها صبية صغار، كذا تدعم إيران حزب الله، وهو جماعة مسلحة في لبنان يقال إنها تدرب الأطفال على العمليات العسكرية، وقد اعترض البرلمان الإيراني مؤخرًا على توقيع إيران على "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات" خوفًا من تعارض البروتوكول مع عضوية الباسيج.

وتجدر الإشارة أيضا إلى ظاهرة لا تقل خطورة عن الظاهرة، ألا وهي فرار النساء –وبعضهن حوامل أو بصحبة أبنائهن- من براثن جماعة داعش الإرهابية، وهل نجحن فعلاً في الفرار من التنظيم أم أنهن عدن إلى بلادهن، في إطار خطة إستراتيجية أعدها التنظيم لتكوين خلايا نائمة جديدة تعتنق الفكر الإرهابي وتنتظر الفرصة لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة، حيث إن هناك الكثير من المقاتلين الأجانب الذين تزوجوا وأنجبوا أطفالًا، هذا علاوة على من انضمّ منهم إلى الجماعات مع أطفاله وزوجته، الأمر الذي انتبهت إليه السلطات الأوروبية مثل فرنسا التي تقدر وجود حوالي 400 من القاصرين في المنطقة حاليًا لا تزيد أعمار بعضهم عن 12 عامًا.

والحقيقة أن إساءة استخدام الأطفال وانتهاك براءتهم لا علاقة له بالدين الإسلامي مطلقًا، والإسلام بريء تمامًا من هذه الظاهرة السلبية التي تهدد كيان أي مجتمع، فغرس الأفكار الإرهابية الهدامة في عقول الناشئة، إضافة إلى أن التلقين الخاطئ لصحيح الدين سبب إلحاد البعض وتطرف البعض الآخر وعزوف الغالبية عن اتباع النهج الإسلامي الوسطي السمح، وهو بمثابة قنبلة موقوته تهدد السلام العالمي أجمع.

وفي النهاية لابد من وقفة وتكاتف من جميع القوى العالمية لمكافحة هذه الظاهرة، ووأدها في مهدها قبل استفحال خطرها وانتشارها في ربوع العالم، وذلك بوضع ميثاق دولي لحماية الأطفال المضارين من خطر هذه الجماعات الإرهابية، يتضمن هذا الميثاق التزامات بالتعاون الدولي من أجل توفير بيئة كريمة قوامها الاهتمام بالتعليم والصحة والأمن، إضافة إلى ذلك لا بد من وضع آلية واضحة تُعنى بدراسة مناهج داعش التربوية المعدة للأطفال، وآليات استقطاب الأطفال وأسباب هذه الظاهرة، والتعامل مع هذه الظاهرة بوضع مناهج تربوية ودينية توضح ملابسات التضليل في الخطاب الداعشي، وهذا العبء يقع بشكل أساسي على المؤسسات التعليمية والدينية الكبرى حول العالم، ولعل الأزهر الشريف كان صاحب المبادرة إلى التحذير من إستراتيجيات الجماعات الإرهابية لاستقطاب الأطفال والاستفادة من براءتهم في تنفيذ عمليات إرهابية حول العالم، لكن هذه الخطوة وحدها لا تكفي؛ إذ ينبغي –كما أسلفنا- توحيد الصف وعقد لقاءات مع كبار رجال الدين والمؤسسات الدينية الكبرى حول العالم، والاتفاق على خريطة واضحة المعالم للتعامل مع هذه الظاهرة الغربية على الأديان بشكل عام.

طباعة
كلمات دالة: