بوكو حرام تجدّد دماءها بمقاتلين من النساء والأطفال

  • | السبت, 28 يناير, 2017
بوكو حرام تجدّد دماءها بمقاتلين من النساء والأطفال

لم تمض بضعة أسابيع على إعلان طرد مقاتلي بوكو حرام من آخر معقل لهم بنيجيريا، بحسب ما أعلنته السلطات النيجيرية على لسان الرئيس محمد بخاري، حتى أطلّت تلك الجماعة الإرهابية برأسها الخبيث مرة أخرى على البلاد متسببة في مزيد من الجراح والآلام لبلد طالما دفع ثمن وجود عناصر بوكو حرام على أراضيه من دماء مئات بل آلاف الأبرياء، فضلاً عمن أصبحوا بلا مأوى بعد فرارهم من المناطق التي كانت تسيطر عليها بوكو حرام، وعلى الرغم من أن انحسار تلك الجماعة حقيقة لا يمكن إنكارها إلا أن حقيقة أخرى باتت تلوح في الأفق، وهي أن تلك الجماعة لا تزال تجد طريقها لضرب أمن نيجيريا واستقرارها في العمق، وذلك من خلال جيل جديد من المقاتلين الذين تجد فيهم الجماعة عوضًا عمن فقدتهم من مقاتلين راحوا بين معتقل ومستسلم وقتيل، جيل لم تتعد أعماره الثانية عشرة عامًا وربما فيهم من هم دون العاشرة بل والثامنة، جيل يراه مرصد الأزهر أشد خطرًا من سابقيهم فسواء أكانوا مختارين أم مجبرين على تنفيذ تلك العمليات فهم بلا شك يمثّلون خطرًا داهمًا لا على أمن نيجيريا فحسب، بل على أمن المنطقة بأسرها وربما مناطق أخرى من العالم.

Image

 

Image

آثار الهجوم على أحد أسواق ولاية أداماوا شمال شرق نيجيريا والذي نفّذته طفلتان استعملتهما بوكو حرام في الهجوم

 

بوكو حرام تعدّ جيلاً جديداً من المحاربين

إن المتابع لعمليات بوكو حرام التي دأبت على تهديد أمن منطقة غرب إفريقيا وليس نيجيريا فحسب، سيكتشف أن أكثر هذه العمليات تتم عن طريق أطفال ونساء تستخدمهم الجماعة كقنابل موقوتة تفجرها في أي وقت شاءت مخلّفة وراءها دمارًا كبيرًا ودماء وأشلاء أناس لا ذنب لهم، ومن خلال متابعة المرصد لنشاط بوكو حرام بدا واضحًا أن الجماعة صارت تعتمد على النساء والأطفال بشكل أساسي في تنفيذ هجماتها؛ ففي منتصف شهر يناير 2017 نفّذت بوكو حرام هجومًا انتحاريًا على جامعة مايدوجوري بولاية برنو شمال شرق نيجيريا حيث وقع الهجوم من خلال انتحاريتين لم تتعد أعمارهما الثانية عشر عامًا كانتا مفخختين وحاولتا الدخول إلى الحرم الجامعي عند الفجر مستهدفتين مسجد الجامعة.

ويرى مرصد الأزهر أن هذا الهجوم جريمة جديدة تضاف لسجل جرائم جماعة بوكو حرام البشعة بحق الأطفال الذين دأبت على استغلالهم في أعمالها الإرهابية مؤخرًا، وإن المرصد ليجدّد رفضه القاطع لكافة أشكال العنف والإرهاب مناشدًا المجتمع الدولي بالتكاتف للقضاء على الإرهاب لينعم العالم بالأمن والاستقرار فيعيش الأطفال طفولتهم بلا دم أو عنف وتعيش الشعوب في سلام على الصعيدين المحلي والعالمي، ويؤكد المرصد أن هذه الجرائم لا تزيد تلك الجماعات إلا ضلالاً وترديًا في هاوية الفكر المتطرف الذي لا يقره دين ولا يقبله عرف ولا يستسيغه عقل.

Image

صورة لجامعة مايدوجوري التي تعرّضت لهجوم على أيدي بوكو حرام من خلال طفلين

 

أمهات من بوكو حرام يستخدمن أطفالهن الرضّع للهروب من نقاط التفتيش وتنفيذ عمليات انتحارية

تؤكد إحصائية صادرة عن السلطات الأمنية النيجيرية أن الآونة الأخيرة شهدت ظاهرة خطيرة تظهر مدى ابتعاد أنصار بوكو حرام عن الإنسانية، فها هي أمهات من بوكو حرام لم تمنعهنّ أمومتهنّ ولا إنسانيتهن عن استغلال أطفالهن الرضّع في تنفيذ هجمات انتحارية، ففي أسلوب جديد قامت انتحاريات بوكو حرام باستغلال أطفالهن الرضّع في التحايل على الأمن وتنفيذ عملياتها الانتحارية؛ الأمر الذي كشفت عنه السلطات النيجيرية محذّرة من النساء التابعات لبوكو حرام اللائي يعمدن إلى حمل أطفال رضع أثناء تنفيذهن هجمات حتى لا تكتشف قوات الأمن أمرهن. يأتي هذا التحذير عقب وقوع تفجير انتحاري نفذته امرأتان كانتا تحملان رضيعين على نقطة تفتيش بمدينة ماداجالي، مما أدى إلى مقتل المرأتين والرضيعين بالإضافة إلى أربعة أشخاص آخرين. كما صرحت الحكومة أن استخدام الأطفال الرضع في العمليات الإرهابية زاد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

جدير بالذكر أن مدنًا نيجيرية تعرضت في أوقات سابقة لهجمات نفذتها انتحاريات لكن السلطات أكدت انتشار هذا الأسلوب الخطير لاستغلال الرُضّع لتيسير المرور من النقاط الأمنية ونقاط التفتيش، ومن المعروف عن جماعة بوكو حرام أنها تستغل النساء في الهجمات الانتحارية، بما في ذلك الفتيات الصغيرات، وتحارب الحكومة النيجيرية هذه الجماعة المسلحة في إطار هجوم يستهدف منعها من استعادة معاقلها السابقة، لكن تضييق الخناق على مسلحي الجماعة دفعها إلى تكثيف الهجمات الانتحارية كرد فعل للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش النيجيري الحكومي.

Image

صورة لعدد من مقاتلي بوكو حرام من الأطفال

 

ولما كانت ظاهرة تجنيد الأطفال واتخاذهم وقودًا من قبل الجماعات الإرهابية في تزايد مستمر جاء تحذير مرصد الأزهر من تلك الظاهرة الخطيرة التي باتت واقعًا مريرًا تعيشه العديد من دول العالم التي ابتليت بجماعات الدم من أمثال داعش وبوكو حرام وحركة الشباب وغيرها، ولعلّ من أهم أسباب تلك الظاهرة سوء الأوضاع الاقتصادية وضعف الروابط الاجتماعية الناتجة عن تردي الأوضاع الأمنية في الأساس مع قلة الموارد، والقصور الواضح على مستوى التوعية الفكرية بمخاطر الوقوع في شباك تلك الجماعات والانخراط في مسالكها، هذه العوامل وغيرها جعلت من أغلب أطفال تلك المناطق مشرّدين بلا مأوى، فاقدين لهويتهم، هائمين بلا هدف، ضالّين بلا حماية، ولا تحصين، فجعلت أيدي هذه الجماعات تتلقفهم لتستغلهم في تنفيذ أعمالها الإجرامية؛ فهم الجاني والضحية في الوقت ذاته، ومن هذا المنطلق يناشد مرصد الأزهر المجتمع الدولي حماية الأطفال من الاستغلال الوحشي الذي تمارسه تلك الجماعات عليهم والعمل على حمايتهم من الوقوع فريسة لتلك الجماعات التي لا تعرف عن الإنسانية شيئًا.

  وحدة رصد اللغات الإفريقية

                       

طباعة