فرنسا تُجَسِّد التسامح حيال المواطنين المسلمين على أراضيها

وحدة رصد اللغة الفرنسية

  • | الجمعة, 3 فبراير, 2017
فرنسا تُجَسِّد التسامح حيال المواطنين المسلمين على أراضيها

يُحْسَب لفرنسا عدم تحيزها للعنف الذي كان من المتوقع أن يرميها فيه الحقد المتولد عن الهجمات التي شهدتها في الآونة الأخيرة. فلقد نشر التجمع الفرنسي لمكافحة العداء ضد المسلمين (CCIF) في الحادي والثلاثين من يناير تقريره السنوي عن تطور الأعمال المعادية للمسلمين والإسلام في فرنسا، والذي كان معنيا برصد الهجمات (25)، والاعتداءات (39)، وكذلك الخطاب العدائي (من قذف وسب وتهديد، 98) والتفرقة العنصرية (419) التي تعرض لها مسلمو فرنسا. والخبر السعيد فيما ذكر، هو أن هذه الأرقام قد تقلصت بشكلٍ كبير بنسبةٍ تصل إلى 35.9% مقارنةً بالعام 2015 وبنسبة 24.1% مقارنةً بالعام 2014.
وللقيام بهذه الإحصاءات، أخذ الفريق الذي يقوده السيد مروان محمد في اعتباره عدد المرات التي كان يلتقي فيها بالمسلمين عقب أي اعتداء، سواء كان مصحوبًا أو غير مصحوب بتقديم بلاغ للشرطة. هذا وقد اتبع أسلوبًا مخصوصًا في الحساب، والذي يفسر التباين الكبير بين ما أعلنه وزير الداخلية الحالي برينو لو رو وبين ما أعلنه التجمع.
فقد تم رصد 186 حالة معاداة للمسلمين إبّان العام 2016، وهو الرقم الذي يقارب ربع ما قد وقع من أحداث معاداةٍ في العام السابق. والسبب في التباين بين الأرقام الرسمية التي ألقاها الوزير وبيانات الجمعية، هي أن الوزير لا يعتمد إلا على الحالات التي سجلت من خلال محاضر أقسام الشرطة فقط، وهو الأمر الذي من المؤكد ألا يُفضي إلى الحقيقة الكاملة.
لا مجال للخلط :
بعيدًا عن التقديرات التي تعتمد بالأساس على الإحصاءات، فإن الأرقام التي قدمتها المؤسستان تشهد بإيجابيةٍ ديناميكية، فالاثنان يسعيان إلى رصد ظاهرة معاداة الإسلام والمسلمين في حربٍ شبه يومية، بدأت رحاها منذ بداية العام 2015 إثر الهجوم على جريدة شارلي إبدو، ذلك الحادث الذي أطلق العنان لسلسلةٍ من الاعتداءات الدراماتيكية ضد المسلمين شهدها العام التالي على الحادث، فالأرقام التي تعبر عن تقلص تلك الأحداث لا يعني فقط العودة إلى الحالة الطبيعية، حيث أنه فتح الباب لإغفال الأرقام الأقل التي كانت موجودة قبيل الأحداث في العام 2014، وبعيدًا عن ردود الأفعال العدائية والدعوات للحرب الأهلية، حيث إنه كان من الممكن أن يكون لهذه الهجمات انعكاسات على المجتمع، فما كان من المجتمع إلا أن برهن على تسامحٍ أكبر مع الجالية المسلمة.
وفي سؤال جريدة "لوموند" له عن نتائج تقريره، أبدى مروان محمد سعادته البالغة بمدى التسامح والتضامن الذين أعرب عنهما المجتمع الفرنسي في مواجهة التطرف، وكذلك ظاهرة معاداة الإسلام والمسلمين، وذلك بالرغم من عدم الدقة التي قد تصيب مثل هذه الإحصاءات بسبب تردد المعتدى عليهم في تقديم بلاغاتٍ إلى الشرطة بُعَيْدَ ما يتعرضون له من اعتداءات. وهنا يقول : "من وقتٍ لآخر علينا أن نقنع الضحايا بتقديم بلاغاتٍ إلى الشرطة وأن يصعدون القضايا إلى المحاكم...". 
إن جل ما يقلق التجمع (CCIF) هو تعرض النساء المحجبات للتعدي عليهن، فنسبة النساء اللاتي تعرضن لهذه الإسلاموفوبيا تصل إلى 75% من مجمل الاعتداءات، وإن كافة هذه التعديات تكون جسدية بنسبة 100%، والتي تصل أحيانًا إلى عدم القدرة على الذهاب للعمل لمدة ثمانية أيام، فهذه النسبة تعبر عن عدم قبول المجتمع الفرنسي للحجاب، وهو ما تعكسه الكثير من الأمور مثل البوركيني ومناقشة قضية الحجاب بالجامعات وما إلى ذلك، وما إن تثار مثل هذه القضايا حتى تحتل كافة الساحة الإعلامية الفرنسية، الأمر الذي يعبر عن رفض فرنسا البات لمثل تلك الظاهرة. 
إن انخفاض الأعمال العنصرية يمكن قياسه أيضًا لدى اليهود، حيث جاء على لسان الوزير أنه تم رصد عدد 335 شكوى في العام 2016 مقابل 808 في العام 2015. فبين 2015 و2016 تقلصت الأعمال التي تعبر عن معاداة السامية بنسبة 58.5%، وهو الأمر الذي يشكل انتصارًا كبيرًا، بالأخص عندما نعرف أنه في عام 2014 كان قد تم تقديم 1662 بلاغا باتهام بمعاداة السامية، وهذا العام كان يعد هو الأسود في هذا المضمار.
ويرى المرصد في هذا بداية نبتة طيبة في أرض غير مسلمة ربما ستطرح يومًا تعايُشًا سلميًا على أراضيها. 

طباعة