مكافحة الإرهاب في باحات المحاكم: محاكمات الإرهابيين والمتعاطفين مع داعش في أوروبا

  • | الجمعة, 10 فبراير, 2017
مكافحة الإرهاب في باحات المحاكم: محاكمات الإرهابيين والمتعاطفين مع داعش في أوروبا

لم تقتصر الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في شهر يناير على ساحات القتال، بل امتدت أيضًا في ساحات المحاكم في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية. ففي هذا الشهر وقعت عدت محاكماتٍ متعلقة بجرائم الإرهاب والتمويل للتنظيمات الإرهابية، فشملت تلك المحاكمات بعض العائدين من تنظيم داعش الذين اتهموا بتنفيذ جرائم في ميادين القتال في سوريا والعراق قبل أن يعودوا إلى ألمانيا، وكذلك المتعاطفين مع تنظيم داعش والمروجين له على شبكات التواصل الاجتماعي والممولين له وكذلك الإرهابيين الذين نفذوا جرائم على الأراضي الأوروبية نفسها

ففي هذا السياق رفض متهم بالإرهاب والانتماء لتنظيم داعش الإدلاء بأقواله أمام المحكمة العليا في برلين. حيث بدأت يوم الأربعاء أولى جلسات محاكمة السوري البالغ من العمر 20 عامًا وسط احتياطات أمنية مُشددة. واتهمت النيابة العامة الشاب بحوزة معلومات حول أهداف هجوم محتملة في العاصمة الألمانية، حيث قالت أنه أمدّ رجال اتصال لدى تنظيم "داعش" الإرهابي بمعلومات حول ميدان ألكسندر، وبوابة براندنبورغ ومحيط منطقة البرلمان الألماني. ورفضت المحكمة طلب اثنين من هيئة الدفاع فيما يخص استبعاد حضور الجمهور في هذه القضية، وأشارت أن هذا لا يتعارض مع المصلحة العامّة.

وفي سويسرا وفي حادثٍ غريبٍ من نوعه حكمت النيابة العامة على رجل سويسري من مدينة "بازل" من أصول بوسنية، يبلغ من العمر 42 عامًا، بالسجن لمدة 6 أشهر، وذلك بسبب قيامه بأعمال دعائية لتنظيم «داعش» وجبهة النُصرة، والتي ذكرت المحكمة أنه دعم لمُنظمة إجرامية، فضلاً عن حوزته صور لاعتداءات جنسية على الأطفال، وذلك حسبما أفادت صحيفة NZZ. وأشار الخبر أن هذه عقوبة مُلزمة قانونًا. كما أشار أن الرجل كان بين عامي 2009-2014 على اتصال بمختلف الدعاة الإسلاميين من وطنه، من بينهم "بلال بوسنك" و "ميرسارد عمر"، بالإضافة إلى ذلك كان يدير الأعمال الدعائية الإسلامية بشكل مكثّف في نفس الحقبة الزمنية، وكانت هذه الأعمال الدعائية لدعاة من البوسنة والهرسك وكذلك لمنظمات إرهابية مثل تنظيم "داعش" و "جبهة النصرة".

وفي ألمانيا وبعد عامٍ واحدٍ من الهجوم بسكين على ضابط شرطة في مدينة هانوفر، طالبت النيابة العامة بسجن المتهمة "صفية س "، البالغة من العمر 16 عامًا، لمدة ست سنوات. وأوضحت النيابة العامة أمام هيئة المحكمة الإقليمية العليا في مدينة "سيل" أن المتهمة، المتعاطفة مع تنظيم "داعش"، حاولت الشروع بالقتل، وإلحاق أضرار جسدية خطيرة، فضلاً عن انتمائها لمنظمة إرهابية أجنبية. وقد كانت هذه الواقعة في فبراير عام 2016، ضمن "عملية الشهيد" التي أطلقها تنظيم «داعش» الإرهابي وذلك كما صرحت النيابة. وقام المحققون بتقييم الهجوم الذي نفذه التنظيم داخل ألمانيا بأنه أول عمل إرهابي للتنظيم داخل البلاد. وقد اعترفت الطالبة التي مازلت في المرحلة الثانوية الألمانية بالجريمة واعتذرت للشرطة عبر رسالة من السجن. وأشار الخبر أن النيابة طالبت بحبس المتهم الثاني في القضية والمتواطئ مع المتهمة، والبالغ من العمر 20 عامًا الألماني من أصل سوري، "محمد حسن ك" لمدة ثلاث سنوات بسبب تستره على جريمة مخطط لها. ولا يزال التحقيق مفتوحا معه، لأنه قد يكون له علاقة بالتخطيط الإرهابي المزعوم، والذي أدى لإلغاء مباراة كرة القدم الدولية في مدينة "هانوفر" في نوفمبر عام 2015. كما ذكر الخبر أن القضية كانت غير معلنة بسبب صغر سن المتهمين. وشارك في جلسة القضية أحد رجال الدين الإسلامي وطبيب نفسي لتقييم مدى النضج العقلي والأخلاقي للمتهمين. ومن المنتظر يوم الجمعة الاستماع للدفاع. أما النطق بالحكم فقد يكون يوم الخميس الأسبوع المُقبل.

أما بخصوص العائدين من داعش فقد اتهم النائب العام "هاري اس" بالمشاركة في قتل السجناء في مدينة تدمر، حيث وجه النائب العام اتهامات جديدة ضد هذا الإسلامي المدان بارتكابه لبعض الأعمال الإجرامية ومشاركته في اغتيال السجناء الستة التابعين لتنظيم داعش الإرهابي، ولذا أصدرت المحكمة الاتحادية مذكرة اعتقال ثانية ضد الإرهابي السابق في 21 ديسمبر الماضي، وذلك حسبما ذُكر في بيان نُشر. صدر ضده أمر بالحبس لمدة ثلاث سنوات في يوليو 2016 لانتمائه لتنظيم داعش. وقد تحدث أمام المحكمة عن الفترة التي قضائه بتنظيم داعش، لكنه نفى تورطه بصورة مباشرة في تلك الأعمال الوحشية. جدير بالذكر أن هذا الشاب البالغ من العمر 28 عامًا شهد عمليات إعدام أيضًا قام بها التنظيم. حيث عرضت القناة الألمانية الأولى وواشنطن بوست خريف العام الماضي فيديو يعرض مقتل 6 سجناء على يد المقاتل الداعشي في سوق مدينة تدمر. "هاري" هو أحد الإرهابيين الإسلاميين التابعين لتنظيم داعش. ويتوقع خبراء الأسلحة وفقًا للقناة الألمانية الأولى أن هاري قام بإطلاق النيران بنفسه. وقد أعلن النائب العام ضرورة مراجعة التسجيل للوقوف على حقيقة الأمر. وقد أعلنت السلطة المختصة مشاركته كعضو من أعضاء داعش في مقتل ستة سجناء بالمدينة الصحراوية "تدمر" السورية في شهر يونيو 2015، حيث قام هاري بنقل أحد السجناء وهو مسلح إلى مقر الاعدام، كما منع باقي ا لسجناء من الفرار. وهناك قام باجتياز التدريبات القتالية، كما تدرب على استخدام البنادق الآلية. وقد تمكنت الأجهزة الأمية من إلقاء القبض عليه بعد عودته إلى ألمانيا في صيف عام 2015 بمطار مدينة بريمن.

تأتي تلك المحاولات ثمرة لجهود رجال الشرطة والبحث الجنائي والأمن القومي في محاولاتهم لمنع وقوع عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية على غرار هجمات باريس وبرلين وغيرها، إذ يشكل العائدون من داعش خطرًا كبيرًا وبالغًا على الأمن في أوروبا، وذلك لتعاظم احتمالات تنفيذهم لعمليات إرهابية أو اختفائهم ليشكلوا خلايا نائمة تهدد الأمن والسلم في تلك المجتمعات أو عملهم على استقطاب غيرهم للانتماء لتلك التنظيمات الإرهابية ليرتكبو بدورهم جرائم إرهابية أو يسافروا للالتحاق بساحات القتال في الشرق الأوسط. لا تقل تلك الجهود عما هو مبذول في ساحات القتال والحرب في الشرق الأوسط في كونها تعمل على الحد من خطر تلك التنظيمات الإرهابية ومقاومتها بشتى السبل والوسائل حتى يتخلص العالم كله من ذلك الخطر الداهم الذي يهدده ليل نهار.

 

وحدة الرصد الألمانية

طباعة