مستجدات المشهد السلفي في ألمانيا

  • | الجمعة, 10 فبراير, 2017
مستجدات المشهد السلفي في ألمانيا

تهتم الصحافة الألمانية بأخبار الإسلام والمسلمين بشكل عام، ولكن اهتمامها بأخبار السلفيين يعتبر اهتماما خاصا، إذ تنظر إليهم الحكومة الألمانية نظرة مريبة ويعتبرونهم يمثلون خطورة كبيرة على المجتمع الألماني، وهذه النظرة ينقلها الإعلام في وسائطه المتعددة كما هي، فأصبحت صورة الجماعة السلفية لدى العامة صورة سلبية، دون تفرقة بين من هو متطرف ومن هو معتدل. ولهذا فتهتم الصحافة بمتابعة أعدادهم في المدن الألمانية المختلفة، وزيادة أعداد السلفيين في مدينة ما بقدر بسيط يعتبر أمرا مقلقا للحكومة وللإعلام، فلا عجب أن نجد في الأخبار أنه قد ارتفع عدد السلفيين في ولاية بادن فورتمبيرج بشكل بسيط، وهو الأمر الذي يقدره مكتب الأمن القومي الآن بحوالي 620 سلفيًا، بعدما بلغ عددهم من قبل حوالي 600. وأكد المتحدث باسم المكتب في شتوتجارت يوم الثلاثاء تقرير نشرته "باديشى تسايتونج". وأشار الخبر أن هناك نحو 120 سلفيًا مُصنفين على أن لديهم استعداد للعنف، كما أدلى هانز جيورج ماسين رئيس مكتب الأمن القومي في برلين بتصريحات عن تغير المشهد السلفي تغيرًا جوهريًا. حيث قال: " إن السلفية في ألمانيا كانت قبل بضعة أعوام مرتبطة ببعض أشخاص مثل بيير فوغل أو سفين لاو أو إبراهيم أبو ناجي، والآن تذكر أسماؤهم بالكاد. وهذه الأسماء التي ذكرها مدير مكتب الأمن القومي هي شخصيات قادت المشهد السلفي لفترة طويلة ومازالت مؤثرة فيه، فشخص مثل بيرفوجل دائم الظهور في الإعلام الألماني بالزي السلفي المعروف، وله تصريحات مثيرة يستغلها الإعلام في تشويه صورة المسلمين، ومن الجدير بالذكر أن بيرفوجل له تأثير كبير في أوساط السلفيين خارج ألمانيا أيضا، فكثيرا ما يتم دعوته في البلدان العربية والإسلامية لإلقاء المحاضرات عن الإسلام، والمتابع لهذا الشخص يجد كلامه يميل إلى التشدد، وربما لهذا السبب هو دائم الظهور في الإعلام، إذ يجد الإعلام فيه فرصة مناسبة لإظهار صورة محددة نمطية عن الإسلام والمسلمين، على الرغم من أن أغلب المسلمين في ألمانيا لا يتابعونه وينتقدون أراءه. ولا تختلف شخصية سفين لاو كثيرا عن شخصية بير فوجل فهو شاب ألماني قد اعتنق الإسلام حديثا وانضم إلى المشهد السلفي وسلك طريق الدعوة في ألمانيا وهو دائم الظهور في الإعلام الألماني، ويعتبر أحد مؤسسي حركة شرطة الشريعة التي ظهرت في مدينة فوبرتال الألمانية في عام 2014 وتريد غلق محلات بيع الخمور وطالبو الجمهور الألماني بالتوقف عن شرب الكحوليات ولعب القمار، وقد أثارت هذه الحركة ضجة كبيرة في الإعلام الالماني، نظرا لأن مجموعة شرطة الشريعة كانوا يرتدون زيا معينا يشبه زي البوليس الرسمي، كما كانت توجد شبهات لاستخدامهم العنف، ولهذا السبب فإن سفين لاو من الوجوه المعروفة في المشهد السلفي في ألمانيا. وإبراهيم أبو ناجي هو لاجئ من أصل فلسطيني ويعتبر أحد قادة السلفيين في ألمانيا وله فيديوهات كثيرة على الانترنت يقوم فيها بتفسير متشدد للقرآن الكريم وفي هذه الفيديوهات يجيز استخدام العنف ضد غير المسلمين أو الكفار على حد قوله، وله جهود مع بير فوجل سابق الذكر لاستقطاب الأطفال والشباب إلى الجماعات السلفية. ولكن السيد ماسن مدير مكتب الأمن القومي يبين لنا أن هناك تغييرات في المشهد السلفي مؤخرا، فلم يعد هؤلاء الأشخاص هم محور الأحداث في المشهد السلفي كما كان سابقاً، على الرغم من أن أهميتهم ما تزال قائمة ولكن التغير في الوقت الراهن يتمثل في الغالب في ظهور أشخاص منفردين يجمعون حولهم أتباعهم. ولهذا لم يعد من الممكن الحديث عن مشهد سلفي واحد بل عن العديد من النقاط الساخنة. ووفقا لبيانات مكتب الأمن القومي فإن ألمانيا بها في الوقت الراهن أكثر من 9700 شخص محسوبين على التيار السلفي، وكانت التقديرات السابقة الصادرة في نهاية أكتوبر الماضي تشير إلى أن هذا العدد يبلغ 9200 شخص، وهذا يبين مدى الاهتمام بمتابعة أعداد السلفيين داخل ألمانيا. ومن مظاهر الخوف من السلفيين ما صرح به رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي زيجمار جابريل لجريدة "دير شبيجل" بأنه يجب حظر المساجد السلفية وكذلك حل الروابط وطرد الوعاظ بشكل سريع. كما أضاف أن من يدعوا للعنف لا يجب أن يدخل تحت حماية حرية الأديان. كما أكد على أنه لمحاربة ظاهرتي الأسلمة والإرهاب يجب أن يكون المرء على استعداد لخوض حرب حضارية، وهذا يعني أن يهتم المرء بأجزاء المدينة وبالناس حتى لا يلجؤوا إلى التطرف. كما أضاف أن نصف المنضمين لداعش في سوريا هم ألمان ومعظمهم من أب وأم ألمانيين. ومن الواضح أن رئيس الحزب الاشتركي الديموقراطي السيد جابريل قد ربطة في حديثه ظاهرة الأسلمة بالإرهاب، وأنه ينبغي أن يكون المرء على استعداد لخوض حرب حضارية ضدهما، كما نوه في حديثه بالسلفيين الذين انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق. ومن المظاهر الخطيرة التي تبرز تطرف بعض هؤلاء السلفيين ما نتابعه في الأخبار من أنه أُدين ثمانية سلفيين من شمال الراين- وستفالين بتهمة محاولة السطو علي كنيسة وبيع ما يتحصلون عليه من اماكن العبادة وإرسال الأموال إلي مليشيات تنظيم الدولة الإرهابية، وقد حكمت عليهم  المحكمة الإقليمية بمدينة كولونيا بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين وسبعة أشهر إلى أربع سنوات وعشرة أشهر. وهذا أمر شنيع لا يقبله الإسلام فالسطو على دور العبادة هو أمر محرم شرعا، فقد أمر الإسلام بالحفاظ على المساجد والكنائس والمعابد والبيع، والغالبية العظمى من المسلمين في ألمانيا يستنكرون مثل هذه الأمور الشنيعة، لكنها قد تكون فرصة لبعض الصحفيين المروجين للكراهية ضد المسلمين لينشروا هذا  الأمر على أنه فعل إسلامي بشكل عام، وبهذا يظهرون صورة المسلمين بشكل سلبي عند العامة.

وحدة الرصد الألمانية

طباعة