الأخلاق في الإسلام

أسامة أمين

  • | الإثنين, 8 فبراير, 2016
الأخلاق في الإسلام

الخُلُق: هو الطبع والسَّجية والدِّين والسلوك .. والأخلاق هي عنوان الشعوب، وأساس الحضارات، وثمرة العلم، وأحد مقومات الشخصية الإسلامية. حيث أن من أهم خصائص الأخلاق في الإسلام أنها إلهية المصدر، يعني مصدرها وحي من الله لرسوله. إلى جانب أنها فطرة إنسانية تتفق مع حاجة النفس الإنسانية للسمو الروحي والعقلي.. ومن يتتبع القرآن الكريم يجد الأخلاق تشغل حيزا كبيرا منه، بل سيجد أن تهذيب النفوس وتحسين الأخلاق من أول ما لأجله بعث الله تعالى رسله وأنزل شرائعه وكانت الأخلاق العظيمة طبيعة في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وصفه الله تعالى بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]. وربط بين الإيمان وبين الأخلاق كأنهما قرينان لا يفترقان ففي حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقًا".
ويظهر أثر الأخلاق في الإسلام فيما تزرعه في نفوس الأفراد من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة، والتعاون، والتكافل، والإخلاص، والتواضع.. وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية،..
وفيما تزرعه في المجتمعات من حب وتسامح ورحمة وعِزَّة ووفاق وانسجام بين أفراده يدفعه للعمل، ويقوده للنجاح، حتى أصبحت الأخلاق ضرورة اجتماعية ينادي بها الحكماء والعقلانيون في كل الديانات لحماية المجتمع من السلوكيات الخاطئة، والأفكار الشاذة، ولك أن تتخيل إذا انعدمت الأخلاق داخل المجتمعات فأصبح العلم بغير ضوابط أخلاقية، فتصبح آثاره المدمرة أكثر بكثير من فوائده، وها هي التهديدات بالحروب النووية، وحروب الكواكب، وغيرها من الكوارث التي تهدد البشرية بأوخم العواقب، ماثلة أمامنا!!.
والأخلاق في الإسلام لا تقوم على النظريات المذهبية أو المصالح الفردية أو العوامل البيئية التي تتغير وتتبدل حسب الأشخاص والأحوال .. وإنما هي أساس ثابت، واقعية عملية وليست مثالية، صالحة لكل زمان ومكان، تشع نورها من ينبوع الإيمان داخل النفس وخارجها.
وخاصية الثبات في الأخلاق الإسلامية ضرورية لحماية المجتمعات من ظاهرة القلق والإضرابات والانحرافات التي تعاني منها المجتمعات التي تتغير قِيَمُها الاجتماعية بين حين وآخر.
فالعبادات في الإسلام هي تمارين متكررة لتعويد المسلم على الأخلاق الصحيحة، الصلاة خضوع وخشوع وسكينة ..
الزكاة: غرس لمشاعر الحنان والرأفة والجود والعطاء، ونزع لمشاعر البخل والحقد والسلبية قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]،  ..
الصيام: ضبط للنفس حتى لا تغتر بأمر زائل، أو تقع فريسة لشهوة عابرة، فهو تمرين على ضبط النفس في الرضا وفي الغضب، والخوف من الله تعالى في السر والعلن. وهكذا جملة العبادات تعلم الأخلاق الحسنة، وتوازن بين حاجة الإنسان الروحية وبين سلامة علاقته الإيمانية بربه، وعلاقته بنفسه وغيره من بني جنسه، بل وما يحيط به من حيوان أو جماد!.
وهذه الصور السلوكية الرائعة بدأ ينعكس تأثيرها في انتشار هذا الدين العظيم في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح الإسلامي، فدخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها من غير دعوة أشخاص لهم، وإنما لما رأوا القدوة الحسنة، والأخلاق الحميدة متمثلة في أشخاص مسلمين صالحين..

 

 

طباعة
كلمات دالة: