العالم الإسلامى وفرنسا !

د.أسامه نبيل - المشرف العام على مرصد الأزهر

  • | الأحد, 31 يناير, 2016
العالم الإسلامى وفرنسا !
أ.د/ أسامة نبيل - المشرف العام على مرصد الأزهر الشريف

قرأت مقالا كتبه - باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إريس)- فى جريدة لاكروا الفرنسية بعنوان: صورة فرنسا فى العالم الإسلامى. أعجبنى هذا المقال لأنه تناول قضية الإسلاموفوبيا من منظور عميق ومختلف كشف فيه الكاتب النقاب عن الأسباب السياسية التى أدت إلى تنامى تيار الإسلاموفوبيا فى فرنسا والتغير السلبى الذى طرأ على صورة فرنسا فى الخارج وخصوصا فى البلاد الإسلامية. ونقدر شجاعة بونيفاس فى طرح سؤال صعب على الدولة الفرنسية: "كيف تتحول فرنسا من دول تحظى بتقدير العالم الإسلامى إلى دولة متهمة بالإسلاموفوبيا؟" إلا أننا نوضح هنا أنه أعطى الأسباب السياسية المنطقية التى تبدو للقارئ مقنعة حيث أشار بأصابع الاتهام إلى جاك شيراك الذى أحدث تغييرا مفاجئا فى سياسات فرنسا منذ 2005 فبعد أن كانت فرنسا معروفة باستقلالها عن أمريكا أصبحت فى عصره مرتبطة بسياسات الولايات المتحدة. وهذا ما أدى إلى تراجع دور فرنسا لاسيما فى الملف الفلسطينى الإسرائيلى، واستمر الرؤساء من بعده على هذا النهج. وإذا كان هذا الشق السياسى قد اسهم فى هذا التغير السلبى فى صورة فرنسا فى بلاد المسلمين، إلا أن صدور قرار بمنع الحجاب والمظاهرات التى تلت هذا القرار عام 2005، وإظهار بعض الفتيات المسلمات المحجبات فى صورة من يعادى الجمهورية الفرنسية وقيمها، وكذا ظهور أصوات عالية من الإعلاميين الفرنسيين تطالب بحق كراهية الإسلام باسم رؤية مزيفة للعلمانية. وبنبرة متشائمة ختم باسكال بونيفاس مقاله قائلا: "كل من له رؤية عن علمانية معادية للإسلام، كان ممن يؤيدون حرب العراق. وسوف يصل صوت هؤلاء إلى الخارج، ويسهمون فى الإضرار بالمجتمع الفرنسى وهيبة الدولة على المستوى الدولى. وبذلك يضيع ماكان يكنه العالم من تقدير فى سنوات قليلة." ونحن - وإن كن نؤيد ما تحدث عنه الكاتب من الأسباب السياسية التى أدت إلى ظهور فرنسا فى صورة سلبية أمام العالم الإسلامى، إلا أن ما نأخذه عليه هو أنه لم يفصح عن وسائل العلاج الذى لابد أن تكون بدايتها سياسية أيضا. فهل يضع رئيس فرنسا القادم فى اعتباره وسائل تحسين صورة فرنسا أمام العالم الإسلامى؟ وهل سنرى فى برامج المرشحين لرئاسة فرنسا مقترحات تتعلق بتحسين أوضاع المسلمين داخل فرنسا ومناهضة، والعمل على مناهضة الإسلاموفوبيا بطريقة عملية؟ على المستوى الشخصى، أعتقد أن فرنسا ليست دولة ترعى الإسلاموفوبيا، لكن يوجد فى فرنسا مواطنون ومثقفون وإعلاميون وسياسيون يتبنون فكر الإسلاموفوبيا.

 

طباعة