مرصد الأزهر باللغات الأجنبية: أهم القضايا عالميا خلال ديسمبر 2015م

  • | الإثنين, 25 يناير, 2016
مرصد الأزهر باللغات الأجنبية: أهم القضايا عالميا خلال ديسمبر 2015م

تقرير مرصد الأزهر باللغات الأجنبية عن شهر ديسمبر 2015م

في إطار الدور الريادي للأزهر الشريف في الذود والدفاع عن الدين والوطن، وحرصه على نشر الإسلام الوسطى المعتدل بما يعبر عن سماحة الإسلام ومكافحته لكل أشكال التطرف والغلو والتفريط ومواجهة الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين، استكمل مرصد الأزهر الشريف خلال شهر ديسمبر متابعة هذه الأفكار وتحليلها وتفنيدها وبيان ضلالها من خلال رصد ومتابعة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة في دول العالم المختلفة. كما حرص المرصد على متابعة أحوال المسلمين في شتى أرجاء العالم، انطلاقا من المسؤولية الدينية والتاريخية للأزهر الشريف تجاه رعاية المسلمين ومشاركتهم همومهم ومعاناتهم من أجل مساندتهم ودعمهم بما لديه من إمكانات. وفيما يلي رصد لأهم القضايا المتعلقة بالإسلام والمسلمين والتي فرضت نفسها على الساحة الإعلامية العالمية خلال شهر ديسمبر من عام 2015م:
 

1- الجماعات المتطرفة
على رأس ما يضعه مرصد الأزهر باللغات الأجنبية على عاتقه من مهام المساهمة في مواجهة الأفكار الضالة والمتطرفة وتصحيح المفاهيم المغلوطة والحيلولة دون وقوع الشباب فريسة للجماعات المتطرفة أمثال داعش وبوكو حرام وغيرها ممن تتبنى العنف والإرهاب باسم الإسلام.
 

- تنظيم داعش
يحاول تنظيم داعش باستمرار بسط سيطرته وتوسعة نفوذه داخل أراضي الصراع وخارجها، وهناك أنباء عن سعي التنظيم توسيع وجوده في إندونيسيا، وإنشاء ما يطلق عليه "خلافة" في البلد المسلم الأكثر تعدادًا للمسلمين في العالم. ومن الملاحظ أن داعش بدأ يجند خبراء في مجال الكيمياء والفيزياء وعلوم الكمبيوتر من أجل خوض حرب شاملة ضد الغرب. ظهر هذا من خلال وثيقة إعلامية داخل البرلمان الأوروبي بعد هجمات باريس.
وقد أصدر التنظيم خلال هذا الشهر فتوى تبيح نزع أعضاء الأَسرى وهم أحياء لإنقاذ المسلمين، رغم قول النبي –صلى الله عليه وسلم- "اسْتَوْصُوا بِالأَسْرَى خَيْرًا"، وقول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا). وأجازت الفتوى ذاتها نزع أعضاء من وصفتهم بالمرتدين، ثم أتبعت الجماعة هذه الفتوى بفتوى أخرى أجازت من خلالها قتل الأطفال ذوي الإعاقات والعيوب الجينية، وقد وقع حتى الآن 38 طفلا ضحية لهذه الفتوى الضالة.
أما على مستوى الخسائر التي لحقت بداعش خلال هذا الشهر، فإن التنظيم فقدَ السيطرة على 14% من الأراضي التي استطاع السيطرة عليها في سوريا والعراق في عام 2014م. ويقول مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي ودول المتوسط: "لقد فشل مخطط التنظيم. وهذا الفشل يفسر تغير شكل تنظيم داعش، الذي بدأ في تفعيل الخلايا التابعة له في الجانب الغربي". كذلك لوحظ انحسار نتاج داعش الإعلامي وتراجعه كما وكيفا على مدار الشهور الستة الماضية؛ ما يعزيه المحللون إلى خسارة بعض أراضيه وربما مقتل عدد من الإعلاميين به. وعلى الرغم من هذه الإخفاقات، فإن مرصد الأزهر يرى أن التنظيم ما زال قويا وقادرا على أن يقوم بهجمات في أي مكان وأن يجند العديد من الأجانب.
 

- المقاتلون الأجانب في صفوف داعش
لا يدخر التنظيم جهدا في ضم المقاتلين الأجانب إلى صفوفه من جميع أنحاء العالم، وقد نجح بالفعل في إقناع العديد من الشباب في الغرب بأفكاره المتطرفة، وفي هذا الإطار أعدّ مرصد الأزهر خلال شهر ديسمبر دارسة حول "العائدون من داعش"، جاء في مقدمتها:
فيما يخص أعداد المقاتلين المنضمين لداعش تفيد أحدث التقارير الصادرة في شهر ديسمبر 2015 عن مركز "صوفان جروب" الأمريكي أن إجمالي عدد من سافروا إلى سوريا والعراق بنية الانضمام إلى داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة في نفس المنطقة يتراوح بين 27000 إلى 31000 مقاتل، وأن هؤلاء المقاتلين ينتمون إلى 86 دولة حول العالم. وتكمن أهمية هذه الدراسة وخطورتها في أنها تبرز أنه وبالرغم من الجهود الدولية المستمرة لاحتواء تنظيم داعش ووقف تدفق سفر المسلحين إلى سوريا، فإن عدد المقاتلين المنضمين إلى داعش قد تضاعف نحو ثلاث مرات خلال عام ونصف فقط، حيث كان عددهم في شهر يونيو من عام 2014 قد وصل إلى 12000 مقاتل من 81 دولة. وفي ذلك دلالة واضحة على أن الجهود المبذولة لاحتواء تدفق المجندين الأجانب في صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق تأثيرها محدود.
هذا وتحتل دول غرب أوروبا المرتبة الثالثة بين أكثر المناطق الجغرافية تصديرا للمتطرفين المنضمين إلى داعش بتعداد وصل إلى 5000 مقاتل نهاية عام 2015م. بينما تأتي منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي في المرتبتين الأولى والثانية. أما على مستوى الدول فتأتي تونس كأعلى دولة من حيث عدد المقاتلين المنضمين إلى داعش منها بتعداد وصل إلى 6000 مقاتل، ثم المملكة العربية السعودية (2500)، فروسيا (2400)، فتركيا (2100)، فالأردن (2000). وعلى مستوى أوروبا الغربية، تأتي فرنسا في المقدمة بتعداد 1700 مقاتل، ثم بريطانيا وألمانيا بتعداد 760 مقاتل لكل منهما.
هذا وتظل تركيا بمثابة معبر لمعظم المهاجرين إلى داعش من أوروبا، عدا الشباب الإسباني الذي يمر في كثير من الأحيان عبر مضيق جبل طارق ومنه إلى شمال إفريقيا ثم إلى مناطق النزاع. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إسبانيا من أقل الدول الأوروبية من حيث أعداد المنضمين لداعش بالرغم وجود 2 مليون مسلم بها؛ مما يجعل منها نموذجا ناجحا بين الدول الأوروبية من حيث التعامل الأمني مع العناصر المتطرفة وتفكيك الخلايا الإرهابية. وقد نشر المرصد خلال هذا الشهر تقريرا على بوابة الأزهر بعنوان "المنتمون إلى داعش من إسبانيا" سلط فيه الضوء على هذا الأمر.
 

- الجهود الدولية في مواجهة داعش
لا يقتصر خطر تنظيم داعش على مواقع سيطرته وأرض الصراع فحسب، بل يستهدف دول العالم بعملياته الإرهابية وكذلك بتجنيد الشباب من كافة الأنحاء فضلا عن تهديداته لدول وشخصيات بارزة على مستوى العالم كان من أبرزها هذا الشهر تهديد وزير العدل الإيطالي "اندريا اورلاندو"، برسالة تهديد باللغة العربية معها رصاصتان من سلاح كلاشينكوف، وجاء في الرسالة "سنغزو روما وسنقطع رأسك." وقد أعد المرصد هذا الشهر تقريرا مفصلا عن تهديدات داعش حول العالم وردود الفعل إزاءها نُشر على صفحته على الإنترنت تحت عنوان "صناعة الرعب عند تتار العصر" نقلت عنه كثير من الصحف والمواقع الإلكترونية.
وفي إطار الجهود الدولية لمواجهة داعش على الأرض خاصة بعد هجمات باريس، كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أنها سترسل 50 من عناصر القوات الخاصة إلى سوريا، وأن البنتاجون بصدد نشر عسكريين متخصصين بتحديد الأهداف لمساعدة القوات العراقية. ومن جانبه، وافق البرلمان البريطاني بأغلبية كبيرة على توسيع الغارات على مواقع التنظيم. كذلك أعلنت الحكومة الألمانية موافقتها على مشروع قرار يسمح بمشاركة الجيش في الحرب على داعش بمشاركة 1200 جندي لدعم التحالف الدولي كرد فعل على أحداث باريس الأخيرة. وفي هذا الصدد نشر المرصد على موقعه تقريرا بعنوان "أحداث باريس وقلب الطاولة على الجماعات الإرهابية"، أكد فيه على أن ما تفعله داعش لا يعكس حقيقة الإسلام، وأن هذه نقطة إيجابية في حد ذاتها ينبغي على القوى الدولية الانطلاق منها والبناء عليها، كما بيّن ضرورة تفعيل العمل المؤسسي في الخارج، نظرا لدوره في توحيد الجهود الدولية بشكل أقوى في مواجهة الأفكار المتطرفة.
كذلك استحدثت بعض الدول وسائل جديدة لمواجهة الإرهاب، كان منها ما أعلنه وزير الداخلية الإسباني الشهر الجاري عن مبادرة يشارك فيها الشعب تحت اسم "معا لوقف التطرف"، تشمل افتتاح ثلاث قنوات اتصال، هي رقم تليفون أرضي وصفحة على الإنترنت وتطبيق للتليفون المحمول يمكن لأي شخص استعمالها دون الإدلاء بأي بيانات عن هويته؛ يستخدمها المواطنون لإبلاغ قوات الأمن عن أي شخص يشتبهون في تطرفه. وقد استقبلت الجهات المختصة خلال شهر واحد 600 بلاغ، وكان ما يقرب من نصف هذه المعلومات على قدر من الأهمية لمركز الاستخبارات لمكافحة الإرهاب والجريمة.
وبينما تكتفي بعض الدول بالقبض على المنتمين للتنظيم أو العائدين منه، تتبنى دول أخرى تصحيح الأفكار ومراعاة الإنسان ولو كان متطرفا. ومن ذلك ما قامت به وزارة الداخلية الهندية من تبني مشروع وطني يهدف لإعادة تقويم وإصلاح الشباب الهندي الذي يتعاطف مع داعش ويشتبه في أنه يقترب من الانضمام لهم في إطار الجهود من أجل السيطرة على نفوذ داعش وتوغله في العقول. جدير بالذكر أن هذا البرنامج قد نجح في إثناء ما يقرب من 12 شابا هنديا مسلما من بين 76 كانوا يرغبون في الانضمام إلي جماعات جهادية، وعلاج 36 آخرين من الأفكار المتطرفة. وفي نفس السياق اعتبر رئيس أساقفة مدينة كولونيا الألمانية أن الكرامة الإنسانية حق ينطبق حتى على الميليشيات الإرهابية لداعش، متحدثا عن الشباب الذين سقطوا فريسةً للإرهاب وأصبحوا من المتطرفين.
ومن بين السبل التي تقوض نشاط التنظيم الإرهابي تجفيف مصادر تمويله، حيث تشير المعلومات إلى أن أرباح داعش قد اقتربت من 900 مليون دولار وأنه مازال يربح في اليوم 80 مليون دولار عن طريق بيع النفط وجمع الضرائب وأعمال السرقة والسطو على البنوك والشركات؛ وأنه ربما تمكن أيضا من الاستحواذ على قدر من الأسلحة والذخائر التي ألقت بها قوات التحالف قبل بدء عملياتها. أما عن ميزانية التنظيم فتقدر ب 600 مليون دولار، منها حوالي 20 مليون دولار كرواتب لما يقرب من 30 ألف مقاتل بسوريا والعراق، حيث يحصل المقاتل على 200 دولار بينما يتقاضى الأجنبي حوالي 600 دولار وقد يصل إلى ألف دولار إذا ما كان يشغل منصبا قياديا، بينما تصل تكلفة الأسلحة أسبوعيا إلى مليون دولار. وفي هذا الصدد اعتمد مجلس الأمن هذا الشهر قراراً يهدف إلى قطع مصادر تمويل تنظيم داعش ومنع تهريب النفط. ولأهمية هذا الأمر أعد المرصد تقريرا عن مصادر تمويل تنظيم داعش نشر على صفحته على الانترنت.
 

- الحرب الالكترونية
يستخدم داعش العديد من الطرق من أجل استقطاب الشباب وتجنيدهم للقتال بين صفوفه، وعلى رأس هذه الطرق تأتي وسائل التواصل الاجتماعي، وهي المسؤولة عن استقطاب التنظيم لنحو 80% من الشباب الذي يهاجر للانضمام إلى صفوفه، حيث يستغل التنظيم حق حماية المحتوى الذي تقدمه شركات الإنترنت في بث أفكاره بلغة يُقبل عليها الشباب. لذا فإن حماية الخصوصية تمثل عائقا أمام الحد من أنشطة المتطرفين على شبكات التواصل الاجتماعي. ويبدو أن بعض الدول الأوروبية بدأت تدرك أن حرية التعبير والخصوصية يجب أن تكون وفقا لمعايير محددة، لذا فإن دولة مثل فرنسا بدأت تتخذ إجراءات تنظيمية لمنع نشر بعض المحتويات أو حذف حسابات على جوجل ومواقع التواصل الاجتماعي.
كما بدأت الدول الغربية في السعي إلى مكافحة أفكار التنظيم باستخدام نفس السلاح، ومن ذلك إطلاق الحكومة الفرنسية حسابين رسميين على شبكات التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر بعنوان "stop-djihadisme" لبث خطابات مضادة لما تبثه المنظمات الإرهابية من دعاية وشهادات ضحايا الإرهاب المغرر بهم. كما نشرت السلطات الإسبانية من جانبها فيديو لوزير الداخلية الإسباني على تويتر يخاطب فيه الأسر والشباب الذين يبيتون النية للانضمام إلى التنظيم بما يعكس الوهم الذي يعيشه هؤلاء المتحمسون للتنظيم. كذلك انتشر هاشتاج رافض لحادث الطعن الذي وقع في محطة أنفاق ليتون ببريطانيا. ويرى البعض أن هذا قد يكون له أثر أكبر من إسقاط القنابل على معقل التنظيم بسوريا.
 

داعش والكيان الصهيوني
دائما ما يتساءل العديد من المتابعين للجماعات المتطرفة والباحثين والمحللين، بل وعموم المسلمين: لماذا لا تطال أسلحة داعش إسرائيل رغم أنها العدو الأول للإسلام والمسلمين ورغم ما ترتكبه من انتهاكات بالغة بحق الفلسطينيين وبحق المسجد الأقصى؟!
بث التنظيم هذا الشهر رسالة صوتية تنسب إلى زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي توعد فيها بالاستعداد لبدء "معركة تحرير الأقصى"، قائلا ".. لا أيها اليهود، لم ننس فلسطين ولن ننساها أبداً." ويقول محللون إن الخطاب ركز بشكل أساسي على تعزيز الروح المعنوية لمقاتلي داعش، المقرر لهم مواجهة معارك صعبة في العام المقبل.. إذ تابع البغدادي: "يا جنود الدولة الإسلامية تحلوا بالصبر، لأنكم على الطريق الصحيح، اصبروا لأن الله معكم."
وتُعتبر هذه الرسالة الأولى للبغدادي منذ أكثر من ستة أشهر، ومن غير الواضح متى أو أين تم تسجيل المقطع الصوتي، إلا أن هذا التوقيت يعطي عدة مؤشرات أهمها أنها تمثل دلالة قوية على زعزعة اليقين لدى أتباع داعش، لأن مثل هذه الرسالة لم تكن لتصدر عن زعيم التنظيم إلا لشعوره بأن الهجوم المضاد بدأ يؤثر فعلًا على قوته وعلى تماسكه، كما تمثل ردا على الشكوك في نشأة داعش وتوجهها لأنهم لا يهاجمون إسرائيل، مما يعكس مدى تأثرهم بالحرب الفكرية المضادة وربما تثبت الأيام أن هذا ما كان إلا ذرا للرماد في العيون وإسكاتا لهذه الأصوات التي بدأت تتعالى.
على صعيد آخر وحول علاقة الكيان الصهيوني بداعش خلصت بعض الدراسات حول عمليات إنتاج وتهريب النفط إلى أن إسرائيل هي المشتري الرئيس للنفط الذي يحصل عليه تنظيم داعش من الأراضي التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق.
كانت صحيفة فايننشال تايمز قد ذكرت في أغسطس الماضي أن إسرائيل حصلت على 75% من احتياجاتها النفطية من كردستان العراق، وأن أكثر من ثلث هذه الصادرات يمر عبر ميناء "سيهان" التركي، والتي وصفته الصحيفة بأنه "ممر لتهريب النفط الخام الخاص بتنظيم داعش".

- جماعات إرهابية أخرى
جماعة داعش ليست سوى تنظيم واحد من بين مجموعة كبيرة من التنظيمات الإرهابية التي تنتشر في عدة مناطق جغرافية، وتستخدم السلاح لفرض أفكارها متخذة من الإسلام قناعا تتستر خلفه. فوفقا لتقرير صادر عن مركز توني بلير للدراسات الدينية بتاريخ 21 ديسمبر 2015 فإن هناك 15 جماعة متطرفة بمجموع 65000 مقاتل مرشحة لخلافة داعش في حال هزيمته. كما نشر مرصد الأزهر ترجمة لتقرير صادر عن معهد الدراسات الاقتصادية والسلام عن "المنظمات الإرهابية الخمس الأكثر دموية في العالم"، وهي بوكو حرام وداعش وطالبان والمقاتلون الفولان بأفريقيا الوسطى ونيجيريا، وأخيرا حركة الشباب في أثيوبيا وجيبوتي وكينيا والصومال. وقد تابع المرصد كعادته هذه الحركات ليتسنى له محاربة أفكارها وحماية الشباب من الوقوع في شباكها.
 

- بوكو حرام
تحاول جماعة بوكو حرام -أو ما يطلق عليها طالبان نيجيريا- تطبيق مفاهيمها الخاطئة عن الشريعة الإسلامية في نيجيريا بكافة الطرق المعادية للإنسانية من قتل وترويع للآمنين وانفجارات إرهابية يدوي صداها في أنحاء نيجيريا. وإذا كان البعض يتعجب من تصدر بوكو حرام قائمة الجماعات الإرهابية الأكثر دموية في العالم، وكونها تسبق داعش الذي بذل أقصى ما لديه من أجل المزايدة على باقي الجماعات الإرهابية في الوحشية والهمجية، فقد دعا ذلك مرصد الأزهر إلى إصدار تقرير بعنوان "لماذا تتصدر بوكو حرام الجماعات الأكثر دموية في العالم؟" بيّن فيه أن السبب في ذلك يرجع إلى أن العدد الأكبر من عمليات بوكو حرام يستهدف الأسواق والمساجد والأماكن المكتظة بالمواطنين السلميين ما يجعل عدد القتلى هو الأكبر بين ضحايا عمليات الجماعات التكفيرية المختلفة. كما أن أسلوب بوكو حرام في أغلب عملياتها يميل إلى استخدام القنابل والعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة مما يزيد من أعداد القتلى والجرحى، فضلاً عن تراجع الإمكانات الطبية في الدول التي تنفذ فيها عملياتها. كما عملت الجماعة مؤخرا على توسيع نطاق عملياتها لتشمل الكاميرون وتشاد والنيجر إلى جانب نيجيريا ردا على تشكيل تلك الدول تحالفا لمواجهة هذه الجماعة. وقد تسببت تلك الجماعة في إغلاق أكثر من ألفي مدرسة في الدول الأربع، نتيجة لما تقوم به من خطف لطلاب المدارس وتجنيدهم لا سيما الفتيات، وقد رصد بالفعل استخدامهم الفتيات الصغيرات لتنفيذ عمليات انتحارية في دول غرب إفريقيا. هذه الجماعة الإرهابية لا تستهدف فئة أو ديانة بعينها، بل تطال أيضا المسلمين الشيعة والسنة وكذلك المسيحيين، فقد شهدت نيجيريا مؤخرًا استهداف موكب لمسلمي الشيعة بالقرب من مدينة "كانو" شمال البلاد، وقبلها بمدينة "بوتيسكوم" في الشمال الشرقي لنيجيريا، وكذلك النيجر التي قاموا فيها بقتل قرويين لا ذنب لهم. وتحاول السلطات والجيش في البلاد المعنية التأهب لمواجهة تلك الجماعة إما بالقتل أو الاعتقال. ويذكر أن الرئيس النيجيري "محمد بخاري" كان قد تعهد بالقضاء على هذا الوباء بنهاية 2015 ، إلا أن ذلك لم يتحقق وإن كان قد نجح فيه جزئيا حيث أجبرت الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجماعة الإرهابية على تنفيذ عدد كبير من هجماتها خارج نيجيريا.

 

- طالبان أفغانستان
تعتبر هذه الحركة امتدادا لتنظيم القاعدة، وعلى الرغم من كونها جماعة إرهابية، إلا أنها معادية لتنظيم داعش الذي يتهمها بالكفر. ويحاول تنظيم داعش دائما استقطاب أعضاء من طالبان إلى صفوفه. يذكر أن إقليم ننجرهار -معقل طالبان- قد انشق منه عدد كبير مبايعا تنظيم داعش، مما زاد من حدة الاشتباكات بين أنصار طالبان والمنشقين عنها، الأمر الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن (50) فردًا من الحركة وإصابة آخرين.
 

- جماعة "ADF-NAIU"
تأسست عام 1990م تقريبًا على يد قائدها الشيخ "جميل موكولو" – الذي اعتقل مؤخرًا في تنزانيا - وهو إسلامي متشدد، صُنفت كمنظمة إرهابية في عام 2013م، وهي جماعة تتكون من تحالف من الطوائف الإسلامية وقوات المعارضة المحلية للحكومة الأوغندية، ويزداد نشاطها في غرب أوغندا وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وتستمر الاشتباكات بين قوات الجيش والميليشيات "الإسلامية" الأوغندية التي يشتبه في انتمائهم لجماعة "ADF-NAIU".
 

- جماعة "لشكر طيبة"
جماعة "لشكر طيبة" بالهند، تصنف كجماعة إرهابية تأسست في تسعينات القرن الماضي، وفي إطار تتبع الجماعات الإرهابية أبدت الحكومة الهندية تخوفاتها من تهديدات تلك الجماعة، كما كشفت الشرطة عما تعده من مخطط لشن هجوم إرهابي على العاصمة الهندية نيودلهي.
 

- جهود وأنشطة دولية لمكافحة التطرف
توالت الجهود غير العسكرية لمواجهة التطرف والإرهاب وكان هناك العديد من الأنشطة والجهود المبذولة هذا الشهر في العالم أجمع؛ من بينها على سبيل المثال، إنشاء مركز للتحقيق ومراقبة الأنشطة الدينية في قيرغيزستان لمواجهة الميل إلى التطرف، يذكر أنه يوجد بهذا البلد ما يقرب من 1700 مسجد. وفي ماليزيا أقيم أول مهرجان للمسجد على مستوى دول جنوب شرق آسيا والدول الأعضاء لاتحاد "أسيان"، بهدف إبراز دور المساجد في تحقيق الوحدة ومواجهة التطرف.
ووعيا بضرورة التفرقة بين الإسلام والإرهاب دعا مجلس الأدیان الروسی وكذلك المتحدث الرسمي للكرملين إلى ضرورة استبدال مصطلح الدولة الإسلامية بمصطلح داعش على غرار الإعلام الفرنسي والكثير من قنوات الإعلام العربية، مع التأكيد على أن التوقف عن استخدام عبارة "الدولة الإسلامیة" قد یؤثر إیجابیاً على تربیة الشباب، كما يمثل ضربة لإیدیولوجیة الإرهابیین. جدير بالذكر أن إطلاق لفظ داعش على الجماعة الإرهابية بدلا من "الدولة الإسلامية" أصبح له صدى واسع في الصحف المحلية والعالمية؛ وقد دعا الأزهر الشريف علي لسان فضيلة الإمام الأكبر إلى ذلك في لقائه بشبكة سكاي نيوز الشهر الماضي مؤكدا أن هذه الجماعات أبعد ما تكون عن الإسلام.

2- أحوال الإسلام والمسلمين
انطلاقا من مسؤولية الأزهر الشريف التي يتحملها تجاه المسلمين في كل بقاع الأرض، يعكف المرصد على متابعة أحوال المسلمين حول العالم وخاصة في الدول الناطقة باللغات التي يجيدها الباحثون به، وكان من أبرز ما تابعه المرصد هذا الشهر:
 

- تزايد أعداد المسلمين
على الرغم مما يشهده العالم من أحداث إرهابية تنسب إلى الإسلام تزداد معها مظاهر الإسلاموفوبيا إلا أن أعداد المسلمين تشهد تزايدا مستمرا في الدول الأوروبية. فعلى سبيل المثال شهدت فرنسا تزايدًا في بيع نسخ المصاحف في العام الماضي مقارنةً بالأعوام السابقة وارتفعت نسبة معتنقي الدين الإسلامي لتتراوح بين 20-50% في بعض المدن الفرنسية. وفي إندونيسيا صدرت مصاحف رقمية بطريقة برايل لتسهل على المكفوفين قراءته، ويطمح هذا المشروع إلى توزيع أكثر من مليون نسخة. وفي إسبانيا يبلغ عدد المسلمين أكثر من 2 مليون نسمة منهم 40% من الإسبان بزيادة 30% خلال 12 عاماً بسبب الجيل الثاني ومعتنقي الإسلام. وقد شهد شهر ديسمبر افتتاح مسجد ومركز إسلامي جديد بجزر الكناري وآخر بالمستشفى الجامعي لمدينة سبتة الإسبانية وسط تطلعات ببناء مساجد جديدة ضمن مطالبات مستمرة ببناء مساجد ومقابر للمسلمين هناك.
 

- قضايا الأقليات المسلمة
ومن القضايا التي تشغل المسلمين في أوروبا: المنتجات الحلال، حيث رصد إقبال كبير من الشركات الإسبانية على طلب تصاريح المنتجات الحلال، ومن الجدير بالذكر أن إسبانيا تعد من الدول المصدرة بل والرائدة في هذا المجال. وقد نشر المرصد على صفحته على الانترنت تقريرا بهذه الشأن بعنوان "صناعة المنتجات الحلال تجارة رائجة في أوروبا".
أما ما يتعلق بمشاركة المسلمين على الساحة السياسية خاض تحالف إسلامي الانتخابات المحلية في فرنسا تحت مسمى "تحالف المسلمين الديمقراطيين الفرنسيين" ولم يحصل على نتيجة تؤهله لخوض الجولة الثانية، فقد شكل فوز أحزاب اليمين المتطرف في فرنسا بنسبة تقارب 27% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة صدمة للمسلمين، ويرجع ذلك إلى سياسات هذه الأحزاب المعروفة بمواقفها غير المرحبة بالأجانب عمومًا والمسلمين خصوصًا. وكان من أسباب هذا النجاح مشاكل الهجرة والأمن والإرهاب.
وفي بريطانيا رصدت التحقيقات تطرف بعض الأفراد من القائمين على المحاكم الشرعية والتي تكون في الغالب جزءًا من المسجد أو المركز الإسلامي. وإذا كنا نؤكد على ضرورة وجود مراكز إسلامية ترعى أحوال مسلمي هذه البلدان، كما أننا نقر بأن الإسلام له خصوصيته في أحكامه وتشريعاته، إلا أن إشراف هذه المراكز لا بد أن يكون تابعًا لمؤسسات علمية معتبرة كما يجب التحذير من أن يكون ذلك ذريعة للتضييق على المسلمين أو اضطهادهم.
وقد تطرق الحديث إلى ذلك أثناء زيارة وفد كنيسة كانتبري لمشيخة الأزهر عند ذكر المدارس الدينية -على اختلاف دياناتها- في المجتمعات الغربية وأثرها في تصرفات الأفراد. ذلك اللقاء الذي أبدى وفد الكنيسة فيه إعجابًا بالغًا بما سمعوه من علماء الأزهر الشريف وتمنوا أن تصل هذه الرؤى لمسلمي بريطانيا. وليس العالم الغربي جميعه على هذا القدر من الوعي والتفهم لحقائق الأمور، فكثيرون لا يستطيعون التفريق بين الإسلام وما يقوم به المتطرفون من أعمال إرهابية، ما كان سببا في كراهية المسلمين في عدد من المدن حول العالم.
 

- الإسلاموفوبيا
تأثرت أحوال المسلمين عامةً -وفي الغرب خصوصًا- بالأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش وأمثاله، وكان لهذه الأعمال تأثيرات سلبية في تزايد مظاهر الإسلاموفوبيا وأعمال التمييز والعنف ضدهم. وفي ظل الهجمات الإرهابية التي وقعت على الأراضي الأوروبية خلال عام 2015 وخاصة هجمات باريس في نوفمبر، فضلا عن موجات المهاجرين التي قدمت إلى أوروبا، شهد العداء والكراهية للإسلام والمسلمين -أو ما يعرف بالإسلاموفوبيا- تصاعدا ملحوظًا على المستويات الرسمية والشعبية.
كانت أكثر حالات الإسلاموفوبيا هذا الشهر تتعلق إما بأحداث باريس أو بأحداث كايفورنيا والتي كان أبرزها تصريحات المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب الذي طلب منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في أعقاب أحداث كاليفورنيا الإرهابية. جدير بالذكر أن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض أفاد بأن تصريحات ترامب العدوانية لا تؤهله لكي يكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ودعا إلى التراجع عن دعم هذا المرشح العنصري. وبالإضافة إلى تصريحات ترامب بث رئيس جامعة ليبرتي "جيري فوليل" تسجيلًا يُحرض فيه الطلاب على حمل السلاح في الحرم الجامعي من أجل مواجهة أي تهديد مسلح قائلا: "على الجميع حمل أسلحة للتخلص من هؤلاء المسلمين".
أما بخصوص ردود الأفعال المعادية للمسلمين كتداعيات لأحداث باريس الإرهابية، فقد شهدت فرنسا حملة مداهمات جاوزت 1800 حالة اعتقل على إثرها العديد من الشباب المسلم. وقررت رابطة اتحاد المسلمين من أجل الكرامة إطلاق حملة للتوقيع على عريضة شكوى للحكومة الفرنسية للتوقف عن الممارسات القمعية الموجهة ضد المسلمين. كما سجلت فرنسا خلال عام 2015م أكثر من 400 حالة إسلاموفوبيا مقابل 130 حالة خلال عام 2014، فهناك ما بين 1000 إلى 2500 دار للعبادة بفرنسا تحت حماية أجهزة الدولة حاليا -تم استهدافها بالحرق أو بكتابة العبارات المسيئة أو تعليق رؤوس خنازير مقطوعة على جدرانها، كذلك يتعرض المسلمون وخاصة النساء المحجبات للضرب في الأماكن العامة. واستمر تنامي حدة الإسلاموفوبيا حتى نتج عنها أحداث أجاكسيو حيث تعرض أحد المساجد بالجزيرة الفرنسية كورسيكا للحرق والتدنيس وحرق نسخ من المصحف الشريف. وقد أدان الأزهر الشريف هذه الحادثة في بيان رسمي طالب فيه الحكومة الفرنسية باتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لحماية دور العبادة الإسلامية وغير الإسلامية من مثل هذه الاعتداءات. أما في إسبانيا فزادت البلاغات بنسبة 70% خلال عام 2015 حيث بلغت حوالي 80 بلاغاً مقارنة ب 49 في 2014، وتعد إسبانيا واحدة من أكثر عشر دول في العالم رفضاً للإسلام هي فرنسا والدنمارك وهولندا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وأوكرانيا، وتأتي العاصمة مدريد على رأس المناطق التي تقع فيها جرائم تتعلق بالإسلاموفوبيا أو العنصرية ضد المسلمين.
كذلك رصدت ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من البلدان من بينها أستراليا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا. فقد أظهرت دراسة حدیثة أن المسلمین فی أسترالیا -والذين يبلغ عددهم 2% من السكان هناك- هم أکثر عرضة للتمییز والتعصب الدینی بحوالي ثلاثة أضعاف مقارنة بغیرهم من الدیانات الأخرى فی البلد. وفي بلجيكا وجهت جماعة متطرفة تُطلق على نفسها اسم "الدولة المسيحية" تهديدًا إلى الجامع الكبير في منطقة مولينيك الواقعة في العاصمة البلجيكية بروكسل بقتل المسلمين وتدمير أماكنهم التجارية. كما هدد رئيس الوزراء البلجيكي بغلق المساجد في المناطق التي يكثر بها المتطرفون. أما إيطاليا فقد أصدرت الحكومة إعلانًا بإغلاق المساجد غير المُرخصة رسميا على أنها دور للعبادة والتي يبلغ عددها 800 مسجد. بينما شهدت هولندا إلقاء أربعة عشر رأس خنزير مقطوع على أحد مخيمات المهاجرين مما يعكس رفضهم للمهاجرين المسلمين.
 

- مواجهة الإسلاموفوبيا ودفاع بعض المنصفين عن الإسلام
أثارت موجة العداء للإسلام ردود أفعال إيجابية من بعض الأوروبيين والأمريكيين والذين نددوا بما يتعرض له المسلمون من إساءاتٍ بدنية، وتراوحت ردود الأفعال هذه بين تصريحات المسؤولين على المستوى الرسمي والتظاهرات المنددة بهذه الأفعال العدائية والفعاليات والمؤتمرات على المستوى الشعبي. فبجانب المتعصبين ضد المسلمين لا نعدم الكثير من المنصفين الذين يحولون دون الاعتداء على المسلمين، ومن ذلك ما استطاعت أن تمنعه التظاهرات هذا الشهر من محاولة مجموعة من الأمريكيين حرق المصحف الشريف أمام البيت الأبيض.
وعقب هذه الأحداث أجرت وكالة رويترز الأميركية استطلاعًا للرأي بشأن نظرة الشعب الأمريكي للمسلمين بعد الحادث، وكانت النتائج في صالح المسلمين حيث أقر 51% من المشاركين في الاستفتاء أن المسلمين مثلهم مثل أي طائفة دينية أخرى وليس لديهم أية مخاوف منهم، بينما أعرب 14% عن مخاوفهم من المسلمين.
وعن الموقف الذي يتخذه الكثيرون من رفض اللاجئين بزعم تسلل الإرهابيين بينهم حتى أن بعض الدول لجأت إلى سياسة الانتقاء التي تسمح بدخول اللاجئين المسيحيين دون المسلمين، كان هناك أيضا عدد كبير من المتعاطفين مع هذه القضية الإنسانية الذين يرون أنه من الظلم إلصاق الإسلام بالإرهاب. من ذلك استقبال رئيس الوزراء الكندي بنفسه أول دفعة من المهاجرين السوريين في مطار تورنتو، وما قاله القاضي الاتحادي الأمريكي ديفيد جودبي "إن سلطات الولاية فشلت في أن تظهر أدلة قوية على أن أي إرهابيين تسللوا فعلا إلى برنامج المهاجرين. فهل يستطيع القضاء والمجتمع الأمريكي التصدي لمثل هذه الدعوات التي تصدر عقب كل حدث إرهابي أم سيظل مسلمو أمريكا في مهب الريح بعد كل حادث تتبناه الجماعات الإرهابية؟"
كذلك رفض كثيرون تصريحات دونالد ترامب العنصرية من بينهم الملاكم العالمي محمد علي كلاي. وقد وجه البيت الأبيض نقدًا صريحا له ووقع أكثر من 300 ألف بريطاني على عريضة تطالب بمنعه من دخول بريطانيا -حسب ما نقلته BBC- وتجاوز عدد الموقعين عليها قبل منتصف ديسمبر نصف مليون. كذلك أدان قادة الأحزاب السياسية هناك المظاهرات المعادية للإسلام.
وعلى الصعيد الرسمي خرجت تصريحات بعض المسؤولين داعمة للمسلمين، ففي ألمانيا -التي ترحب حكومتها باللاجئين وتتبنى سياسة فتح الأبواب- جاءت مهاجمة وزير الخارجية الألماني للنخب السياسية المحرضة على العنف واعتبرها شريكةً في المسؤولية عن الجرائم الواقعة بحق المهاجرين. كما طالب وزير العدل الألماني الأغلبية الصامتة من الألمان برفض التطرف والعنصرية والتصريح بذلك في المقاهي ومقرات العمل وحتى مباريات كرة القدم. بينما دعا رئيس اللجنة المركزية للألمان الكاثوليك بضرورة التكاتف مع الجاليات المسلمة ضد تشويه الجماعات الإرهابية للإسلام. كما تشهد ألمانيا تظاهرات حاشدة ضد حركة بيجيدا شديدة العداء للإسلام تحت اسم "حركة التعاطف بدل التحريض".
وعلى المستوى السياسي كان هناك العديد من الفعاليات الداعية لعدم اتهام المسلمين بالإرهاب، من ذلك ما شهدته إسبانيا من اجتماع متحدثين باسم خمسة أحزاب إسبانية لصياغة بيان رسمي للتنديد بالإسلاموفوبيا، وتأسيس حركة تسمى "مسلمون ضد الإسلاموفوبيا" بقطلونية. كانت إسبانيا قد شهدت الشهر الماضي مظاهرات للتنديد بالإرهاب والتأكيد على أن الإسلام بريء من هذه الأعمال الإجرامية، بمشاركة عمدة مدريد وبرشلونة ولا كورونيا وسرقسطة. كذلك صرح البرازيل رئيس الجبهة البرلمانية للحريات الدينية بأن الإسلام واضح في دعوته للتعايش السلمي وينبغي التفريق بينه وبين تصرفات بعض أتباعه.
أما عن الجهود غير السياسية التي يقوم بها المناهضون لإسلاموفوبيا حول العالم فقد جاء على رأسها إعلان مؤسس شبكة فيس بوك مارك زوكربيرج عن دعمه لسكان العالم من المسلمين، وإشادة المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا في افتتاح مهرجان مراكش الدولي بالإسلام وحضارته. وفي كندا عبرت بعض النساء المسلمات عن امتنانهن لسكان المدینة للدعم الذی أظهروه للمرأة المسلمة بعد الموجة الأخیرة من الهجمات الإرهابیة، وذلك بوضع ألف وردة فی أحد المیادين كتب عليها "من المسلمين الذين يحبون البشرية كلها ويقدرونها، فيما اجتمع أکثر من ۲۰۰ رجل من زعماء الأديان في مسجد بمدینة "تورونتو" الکندیة للتعبیر عن تضامنهم مع المسلمین واحتجاجهم علی ممارسة العنصریة ضدهم. وفي الإطار ذاته قام عدد من الهنود بتنظيم حملة وطنية للتنديد بالطائفية ولمكافحة العنصرية المذهبية التي تستهدف المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية في الهند.
وعلى النقيض من ادعاء البعض أن المسلمين لا يستطيعون الاندماج في المجتمعات غير الإسلامية، استحق المسلمون في كينيا الثناء على شجاعتهم وتضحيتهم من أجل حماية إخوانهم من المسيحيين وفقا لتعاليم الإسلام التي تقضي بأن إنقاذ روح واحدة مثل إنقاذ العالم بأكمله وقتل روح واحدة بريئة مثل قتل العالم بأكمله؛ وذلك حينما هاجمت "حركة الشباب" الإرهابية إحدى الحافلات في كينيا وطلبوا من المسلمين أن يدلوهم عن الركاب المسيحي لقتلهم لكنهم رفضوا ذلك، بل إن بعض المسلمات خلعوا حجابهن وأعطوه للمسيحيات للحيلولة دون معرفة المسلمين من المسيحيين. وتحقيقا للتعايش بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى تأتي مبادرة أحد المساجد بمدينة هافر الفرنسية، والتي تتمثل في فتح أبواب المسجد للزوار الفرنسيين ليطلعوا عن قرب على سماحة الإسلام ويحضرون الصلاة. وتضمنت هذه المبادرة جلسات حوار مع الزائرين بهدف التعريف بشعائر الإسلام ورسالته الوسطية؛ وقد لاقت هذه المبادرة ترحيب الفرنسيين الذين أبدوا إعجابهم بتعرفهم على الإسلام. وبعد نجاح هذه المبادرة وعد المسجد بتكرار مثل هذه المبادرات في المستقبل. كذلك نشر "مركز الدراسات الإسلامية العقدية بجامعة مونستر" بيانًا لأبرز الباحثين في علم الأديان بالجامعة عقب هجمات باريس بعنوان "المسلمون وغيرهم يدٌ واحدة". جاء فيه أنه لا يكفي إظهار الحزن والغضب والتضامن عقب هذه الأحداث، ولكن لابد من طرح الأسئلة حول الأسباب التي تجعل البشر قادرين على القيام بمثل هذه الأفعال. وطبقا لهذا البيان فإن أهم دوافع هؤلاء الشباب هو شعورهم بأنهم على هامش المجتمع وعدم الاعتراف بهم.
- العنصرية
قد تشهد بعض المدن والبلدان قدرا من العدل والإنصاف في التعامل مع المسلمين مثلما جرى في سويسرا من رفض المحكمة القضائية وهي أعلى سلطة قضائية بالبلد حظر إحدى البلديات على الحجاب في قضية رفعت للمحكمة منذ 2013، بيد أن عددا كبيرا من البلدان تنتشر فيه الأفكار العنصرية والتعصب ضد المسلمين. تلك الأفكار التي تعمد إلى التفريق في المعاملة بين المسلمين وغيرهم على المستويات العامة والفردية أيضا. فالهند على سبيل المثال تشهد موجةً كبيرةً من العنصرية ضد المسلمين بعد صعود الحزب الحاكم لسدة الحكم، ومن مظاهر ذلك حبس المسلمين في جرائم ذبح البقر وتخصيص 3 % فقط من الوظائف العامة للمسلمين وأقلية الدلت (طائفة هندوسية منبوذة). ولم يقتصر الأمر على المستوى الرسمي بل تخطاه إلى المستوى الشعبي، حيث تعرض ممثلا السينما الشهيران عامر خان وشاروخان لهجوم عنيف وصل إلى حد المطالبة بفصل رأس الأول عن جسده وذلك على إثر انتقادهم للعنصرية المتفشية في المجتمع الهندي. بينما يطالب أحد أعضاء البرلمان الحكومة الهندية بضرورة التصدي للممارسات السلبية التي ينتهجها الهندوس وأحزابهم المتطرفة ضد مسلمي الهند مستنكرا ازدواجية الحكومة في التعامل مع القضايا التي تتعلق بهم، وطالب كذلك بإجراء تعديلات فورية على القوانين التي تعصف بحقوق المسلمين.
- جهود وأنشطة دولية للتقارب بين الأديان
كان لموجات الكراهية والعداء للإسلام التي تزايدت حدتها في شهر ديسمبر صدى كبير في المحاولات الدولية للتقارب بين الأديان للوقوف في وجه تلك الموجات ومحاولة رأب الصدع في البلدان التي تعاني من النزاعات الدينية والطائفية.
يأتي تصريح بابا الفاتيكان فرانسيس على رأس هذه الجهود، حيث حذر من تعميم الإدانة للإسلام، مصرحا بأن الإرهاب لا دين له. وفي محاولة لتجاوز الانقسام الديني في بلد من البلاد التي تعصف بها أعمال العنف، اختتم بابا الفاتيكان جولته الإفريقية بزيارة مسجد محاصر في مدينة بانجي عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى. وفي ألمانيا نظم مركز هامبورج الإسلامي ملتقىً بعنوان "دعاء الأدیان والمذاهب الإبراهیمیة من أجل السلام" تضامناً مع ضحایا العنف فی المنطقة. شارك فيه عدد من العلماء اليهود والمسيحيين والمسلمين، حيث أدان كل منهم الحركات الإرهابية متمنيًا السلام والهدوء لكل شعوب العالم. كذلك حرصت الكثير من المؤسسات الإسلامية والمراكز البحثية في إسبانيا وبعض دول أمريكا اللاتينية على عقد دورات ومؤتمرات بهدف نشر ثقافة السلام والتسامح والإخاء بين أصحاب الديانات المختلفة.
 

- قضية المهاجرين إلى أوروبا
تعاني البشرية من ويلات الظلم والقهر في أماكن عدة، فما بين أعمال العنف ضد المسلمين تحت مسمى "الإسلاموفوبيا" وما بين التطرف والدمار الذي تنشره داعش في أنحاء مختلفة من العالم، تظهر قضية المهاجرين لتزيد من معاناة الفارين من لظى الحرب إلى المصير المجهول وتضاعف الشعور بالحزن والأسى. بدأت أزمة اللاجئين تتفاقم بسبب تدفق موجات كبيرة منهم إلى البلاد الأوروبية ورفض بعض الدول دخولهم بشكل مطلق مثل المجر، التي رفضت مجرد عبورهم من خلالها إلى دول أخرى، بينما استقبلت بعض الدول المسيحيين منهم فقط. وقد تناول المرصد من خلال متابعاته قضية المهاجرين إلى أوروبا ونشر تقريرين حول هذه القضية على صفحة المرصد على بوابة الأزهر بعنوان "ألمانيا.. زيادة نسبة العنف ضد اللاجئين" و"هل ينهار الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة اللاجئين؟"
وقد دعت الأمم المتحدة قادة الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة فتح قلوبهم للمهاجرين، وأكد قادة الاتحاد الأوروبي على ضرورة حسن استقبال النازحين ومعاملتهم معاملة طيبة. تأتي ألمانيا على رأس الدول المرحبة باللاجئين حيث صرحت المستشارة ميركل بفتح الأبواب أمامهم دون أي قيود تضامنًا معهم كما دعت ألمانيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الدول الأوروبية المتجاهلة لحصتها من المهاجرين.
ومن ناحية أخرى أخذت أعمال العنف تتصاعد داخل مخيمات المهاجرين والتي تصل إلى إشعال الحرائق في أحد المباني بألمانيا كان من المفترض أن ينتقل إليه 120 لاجئًا مع بداية العام الجديد. وقد أرجع وزير الخارجية الألماني السبب في مهاجمة المهاجرين إلى استغلال بعض المنظمات والأحزاب اليمينية قضية المهاجرين في اصطياد الأصوات الانتخابية.
على الرغم من كل تلك السلبيات التي واجهها المهاجرون إلا أن هناك جوانب إيجابية عملت على تعزيز التعايش السلمي؛ منها مناداة الاتحاد المسيحي الاجتماعي بألمانيا بضرورة عمل دورات لتعليم المهاجرين اللغة الألمانية ومطالبة البعض بتدريب المهاجرين عسكريًا؛ حتى يساهموا في عملية إحلال السلام في أوطانهم.
كذلك تعتبر كندا من الدول المرحبة بالمهاجرين حيث استقبل رئيس الوزراء الكندي اللاجئين السوريين في مطار تورنتو ورحب بهم كمسلمين داخل الأراضي الكندية، محذرًا من دعوات الكراهية. وصل إلي الآن حوالي 160 مهاجرا سوريا في إطار الخطة التي أعلنها رئيس الوزراء ليصل عددهم إلي 25000 بحلول مارس القادم. كذلك لقي المهاجرين ترحيب العديد من الكنديين بقدومهم إلى كندا، مصرحين بأن كندا تختلف كثيرا عن أمريكا وخطاباتها المعادية ضد المسلمين.
 

- المد الشيعي
تابع المرصد عن كثب قضية المد الشيعي وتطور آلياته خلال هذا الشهر، ومن أهمها عقد ندوات ومؤتمرات في عدد من الدول الأخرى، مثل ماليزيا وغانا وألمانيا وجنوب أفريقيا، وذلك بغرض جذب أكبر عدد من الباحثين والمفكرين إلى المذهب الشيعي.
كذلك تابع المرصد ما جرى في الآونة الأخيرة من افتعال إيران لأزمة مع المملكة العربية السعودية بسبب إعدام أحد زعماء الشيعة، وهو ما يعتبر شأنا داخليا، بل يتضح لنا من خلال المتابعات في مرصد الأزهر للغات الأجنبية أن هناك العديد من عمليات الإعدام تنفذها إيران، ولا تتدخل أي دولة أو هيئة دينية فيها، ومن ذلك تصديق المحكمة العليا في طهران الشهر الجاري على تنفيذ حكم الإعدام بحق 27 داعية وشيخا سنيا ينتظر إعدامهم بأي لحظة.
 

3- دور الأزهر الشريف
في إطار الجهود المستمرة التي يبذلها الأزهر الشريف داخليا وخارجيا وحرصه الدائم علي التعاون مع الهيئات والمؤسسات الدولية كان للأزهر الشريف ومرصده دور بارز في العديد من الفعاليات التي شهدها شهر ديسمبر، كان من بينها:
• لقاء فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أد. أحمد الطيب هذا الشهر برئيس أساقفة كنيسة كانتربيري، جوستن ويلبي، حيث بحثا التعاون بين الجانبين في قضايا السلام العالمي، وشارك مرصد اللغات الأجنبية في الحوار والتنظيم فضلا عن قيامه بالترجمة.
• عقد مرصد الأزهر باللغات الأجنبية بروتوكول تعاون مع المعهد الملكي الأردني للأديان تم توقيعه بمقر مشيخة الأزهر، ستنظم المؤسستان بمقتضاه الندوات والمحاضرات وتبادل الأكاديميين والمختصين في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وذلك في إطار الرسالة التي يحاول الأزهر الشريف نشرها حول وسطية الدين الإسلامي مما يؤدي إلى توحيد الجهود.
• وفي إطار المساعي الدولية للأزهر الشريف قام وكيل الأزهر د. عباس شومان بزيارة إلي ماليزيا افتتح خلالها الملتقي الإقليمي لخريجي الأزهر الشريف بالعاصمة تحت عنوان "وحدة الأمة تسمو علي كل الخلافات"، وتعد هذه الزيارة الناجحة تتويجا لدور الأزهر الشريف على المستوى العالمي.
 

- الأزهر ومرصده في عيون الصحافة الأجنبية
انعكاسا لما يقوم به المرصد من مجهودات، تناول العديد من وسائل الإعلام الأجنبية نشاط مرصد الأزهر الشريف باللغات الأجنبية، من ذلك ما ذكرته بعض الصحف والمواقع الفرنسية حول دور الأزهر الشريف ممثلا في الأستاذ الدكتور/ أسامة نبيل المشرف العام على مرصد الأزهر باللغات الأجنبية، من خلال قافلة السلام التي رأسها في باريس وسعيه الدائم لتحقيق المصالحة في المجتمعات، مشيرة إلى محاربة تنظيم "داعش" في صميم فكره من خلال ما يقوم به مرصد الأزهر لدحض آراء المنتمين لهذا التنظيم والرد على شبهاتهم من خلال أمهات كتب التفسير والسنة النبوية، مضيفة أنه في مصر، قلب العالم العربي، يقوم الأزهر الشريف بأنشطة عدة يمكن أن تؤتى ثمارها على نطاق واسع مما يبشر بتحقيق الوئام المجتمعي. وأوضحت كذلك أن الأزهر قد أخذ زمام المبادرة بإطلاق حزمة من المشروعات جاء على رأسها إنشاء "بيت العائلة المصرية " الذي يجمع القيادات الدينية ممثلة في فضيلة الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر وقداسة بابا الإسكندرية، وافتتاح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تحت إشراف الأستاذ الدكتور/ أسامة نبيل بهدف مناهضة الفكر المتطرف وبيان ضلاله وخطئه بأدلة دامغة وحجج قوية مما يؤكد صدق توجه الأزهر نحو خدمة ما يدعو إليه من "إسلام وسطي".
من ناحية أخرى أبرزت الصحف الأجنبية استنکار الأزهر الشريف للدعوات الصهیونیة التي تنادى باقتحام المسجد الأقصى، وإقامة فعالیات لتهوید القدس الشریف وطمس هویته الإسلامیة، تزامناً مع أحد الاحتفالات الیهودیة. كذلك مطالبة الأزهر الشریف کل الدول المحبة للسلام بالتدخل العاجل والفوري من أجل منع الاعتداءات البربریة المتکررة التي یرتکبها الکیان الصهیوني وسعیه الدائم لتهوید القدس.
كما أوردت الصحافة الأجنبية دعوة أحد الكتاب إلى توحد الجهود بين "الأزهر الشريف" والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، والتعاون فيما بينهما لخدمة الإسلام وقضايا المسلمين ومكافحة الإرهاب والتطرف ونبذ العنف تحت آلية مشتركة واستراتيجية موحدة، داعيا المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته لدعم هاتين المؤسستين لتحقيق الوئام والانسجام في مجتمعاتنا الشرق أوسطية المتعددة الأعراق والأديان؛ وخص بهذه الدعوة بلاداً كفرنسا وكندا وبلجيكا والمملكة المتحدة التي تعاني من وباء التطرف.
ويسهم الأزهر الشريف -كما يعهده العالم الإسلامي- بدور فعال في بناء الشباب المسلم ويجتهد في إعلاء رسالة الإسلام الوسطية؛ كما يقف بالمرصاد للأفكار المتطرفة التي يتابعها عن كثب ويسعى إلى تصحيحها مرصد الأزهر باللغات الاجنبية.
مرصد الأزهر باللغات الاجنبية
ديسمبر 2015

 

طباعة
كلمات دالة: مرصد الأزهر