الأزهر الشريف والأقلام المسمومة

  • | الأربعاء, 20 يناير, 2016
الأزهر الشريف والأقلام المسمومة
أ.د/ أسامة نبيل - المشرف العام على مرصد الأزهر الشريف

أ.د أسامه نبيل - المشرف العام على مرصد الأزهر باللغات الأجنبية

يتعرض الأزهر الشريف الآن لحملات هجوم بين الحين والآخر، فتارة يصفه بعض أصحاب الأقلام المسمومة بأنه سبب تراجع الفكر الدينى وحائل أمام تجديد الخطاب، وتارة أخرى يعتبرون مناهجه التى درج على تدريسها على مدى السنين سببا في التطرف، بل ويريدون أن يحاكموه ويضعونه على قائمة المنظمات الإرهابية؟!

إني أتعجب من أمر هؤلاء المدعين، فهم مثل من يعلق على كتاب قبل أن يقرأه أو ينقد فيلما قبل أن يشاهده؛ فتجد أحدهم يخرج علينا وفى يده كتاب دراسي يدعي أنه يُدرَّس حاليا في الأزهر ويشرع في كيل الاتهامات بدون أن يعلم أن الأزهر وفى العامين الماضيين شرع ونفذ أكبر حركة تهدف إلى مراجعة مناهجه وضبطها وتيسيرها وتبسيطها في ضوء المستجدات دونما إخلال بالثوابت التي ميَّزت مناهجه على مدى تاريخه ودون حتى أن يطلع على محتوى المناهج الجديدة!

أمركم عجيب يا سادة، يا دعاة التطوير، تقولون شيئا وتفعلون النقيض! هل ذلك من باب حب الظهور! من حقكم أن تظهروا وتشتهروا وينبهر بكم القراء والمشاهدون، ولا ينكر أحد عليكم حق النقاش والتعبير عن رؤية وطرح أسئلة ربما تستحق الإجابة عليها، ولكن أن تخرجوا على القراء والمشاهدين بما لا سند له أو برهان، وبادعاءات وأحكام مسبقة، فهذا يستدعى ليس فقط العجب والتفكير في خلفيات وأسباب هجومكم اللامبرَّر على مؤسسة عريقة مثل الأزهر الشريف، بل وقد يستدعي الشك في نوايا من يفعل ذلك حتى لو ادعى أنه مفكر أو يعبر عن رأي، إذا ما الفرق بينكم وبين أولئك الذين يفتون بهدم الآثار وبيعها عندما تطالبون الأزهر أن يتخلى عن ثوابته وتصفون التراث الذى هو جزء من هوية الأمة التي تدعون الانتساب إليها بأنه نفايات بشرية! ألهذا الحد افتقدتم البوصلة وصرتم تتخبطون خبط عشواء؟!

هؤلاء إن سألت أحدهم، ماذا تعلم عن نشاط فضيلة الإمام اليومي على المستوى المحلى والدولي في سبيل نهضة الأزهر والأمة والدفاع عنها؟ وماذا تدري عن أنشطة وخطط القطاعات المختلفة التي تعمل تحت إدارة فضيلته وإشراف نخبة من أساتذة الجامعة؟ وإن سألت أحدهم، كيف يشارك الأزهر في بناء مئات الآلاف من الطلاب في جميع أنحاء العالم؟ وإن سألت أحدهم، لماذا يقدر العالم مؤسسة الأزهر الشريف؟ وماذا تعلم عن إنجازات الأزهر؟

لك عزيزي القارئ أن تتخيله وهو يجيب على كل هذه الأسئلة دون علم أو تأسيس، بل تجد نصوص كتاباتهم تؤكد على أنهم يعتقدون ضرورة الهجوم على الأزهر لإزاحته من الساحة الفكرية حتى ينشروا باسم الحرية المطلقة مبادئ مستوردة وغريبة على الثقافة العربية الإسلامية، ويريدون أن نفقد هويتنا أو أن نتخلى عنها وندخل في ظلمات "تنوير" لا يناسبنا. تارة يصدرون فتوى يدعون فيها أن شرب الخمر حلال، وتارة يدعون أن حجاب المرأة ليس من الدين!!! استحلوا الهجوم على علماء نذروا أنفسهم واجتهدوا في مجال علم الحديث أو في مجالات أخرى! ويمهدون بذلك في مقالاتهم المسمومة للطعن على القرآن الكريم.

إن الأزهر الشريف يعي ويدرك تماما أسباب الهجوم المنظم والممنهج عليه، ويعتقد أن هناك هدفا لمخطط تشويهه، لن يترك الأزهر لكم - يا سادة - الساحة لتخرِّبوا عقول الناس وتشوهوا ثوابت دينهم، بل سيستمر في أداء دوره الذى قدر له، يبين صحيح الدين، ويدعو إلى سبيل الله "بالحكمة والموعظة الحسنة" ، ويفضح أمركم كما يفعل مع الدواعش والمنحرفين.

يا سادة، من يرجو التجديد عليه بالحوار مع أهل الذكر، وتجنب سب العلماء والأشخاص والتآمر عليهم، فلن يتحقق التجديد بتحقير الآخر، إنما يتحقق بالتعاون والعمل المشترك والنزول إلى ساحة الحوار بمنهجية وموضوعية تحفظ على المجتمع تماسكه وتحترم تراثه وثوابته وتحمي الوطن من غوائل الفكر المتطرف والمنحرف أيا كان مصدره ومظهره.

 

طباعة
الأبواب: قضــايا أخرى
كلمات دالة: مرصد الأزهر