(هل في القرآن آيات تحض على القتال ؟)

  • | الأربعاء, 6 يناير, 2016
(هل في  القرآن آيات تحض على القتال ؟)

بداية لا يخفى على ذي عينين ما تتخذه جميع الدول والكيانات لأنفسها من التدابير والوسائل , ما تحافظ به على كيانها , ويردع من يقصدها بسوء , دون إنكار من أحد عليها, فتعد لذلك الأسلحة التقليدية , وغير التقليدية , وتُدرب الجيوش النظامية , وتنشر الثقافة المجتمعية , وذلك لأن حق الدفاع عن النفس مغروس لا في الفطرة  البشرية فحسب , بل في فطرة جميع الكائنات الحية  , ومن ثَمَّ فليس من المنطق , ولا من الإنصاف أن يعاب على الإسلام الذي هو  دين الفطرة , والذي رضيه الله لعباده  أن يشرع من التدابير والوسائل ما يحفظ على أمته كيانها من صد اعتداء المعتدين , وتأديب المتطاولين , وتمتاز القوة في الإسلام بانضباطها وكونها في سبيل الله أرحم الراحمين , و بهذه المعاني الشريفة نطقت آيات القرآن صريحة في كون القتال في الإسلام لم يشرع للعدوان على النفوس , ولا لطمع في الأموال ؛ بل  لرد الظالمين , ودفع المعتدين , ونصرة المظلومين, قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } الحج 39، ومن ثَمَّ شُرع القتال في الإسلام؛ لنشر الحرية, وترسيخ العدالة ,وتحرير الناس من قيود الطغيان ، وانتشالهم من ظلمات الجهل وغياهب الضلال ، وإتاحة الفرصة للتعرف على هدى الله للعالمين لقوله تعالى:{ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} الأنعام88، وقد تضافرت النصوص لتأكيد هذا المعنى قال تعالى: } وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {(البقرة : 190). وقوله تعالى : }لا إكراه في الدين{ (البقرة : 256) , وقوله: }وإن جنحوا للسلم فاجنح لها{ (الأنفال : 61), وقوله : }فإن اعتزلوكم، فلم يقاتلوكم، وألقوا إليكم السلم، فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً{ (سورة النساء 90), فأفادت هذه الآيات أن وسائل القهر والإكراه، ليست من طرق الدعوة إلى الدين، لأن الدين أساسه الإيمان القلبي والاعتقاد، وهذا الأساس تكوّنه الحجة لا السيف, بل من الثابت المأثور المتواتر من سيرة النبي - صلى الله عليه و سلم- ، وخلفائه الذين ساروا على هداه، أنهم لم يقاتلوا إلا الأعداء المعتدين على الإسلام والمسلمين بدءا، أو نكثًا بعد عهد وأخذوا في قتل المسلمين وإخراجهم من ديارهم، نجد أن القرآن عبَّر عن قتال هؤلاء بالمواجهة معاملة بالمثل، فلا يقبل عقلا أن يقتل المسلمون ويدفعوا إلى ترك دينهم وديارهم، ثم يسلموا لذلك دون مقاومة، ولذلك كانت آية البقرة في قوله تعالى:{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} البقرة 191 ، متضمنة هذا المعنى.

 

 


   

 

طباعة
كلمات دالة: