إنسانية الأزهر تتجلى في إفريقيا

  • | الثلاثاء, 4 أبريل, 2017
إنسانية الأزهر تتجلى في إفريقيا

يضاعف الأزهر الشريف من جهوده في القارة الإفريقية لرفع معاناة أبنائها المتضررين من مثلث هدم الأمم؛ الفقر والجهل والمرض، ورغم ذلك فإننا نكاد نجزم أن كثيرين لا يعلمون شيئًا عما بذله الأزهر ولا يزال من جهود لمدّ يد العون للمحتاجين، ومن باتت حياتهم مهدّدة بسبب أو بآخر، كما أننا نلحظ كثيرًا أن هذه الجهود لا تحتل بؤرة اهتمام البعض كما هو الحال في التعامل مع محاولات تشويه هذه المؤسسة الإسلامية العريقة وأكبر مرجعية للمسلمين في العالم أجمع من خلال أقلام مسمومة، يستغلها أصحابها للنيل من الأزهر وإثارة الشبهات حوله وحول علمائه، وما يزيد ذلك الأزهر إلا شموخًا، فلا يلتفت لتلك الترّهات، بل يواصل مسيرته لخدمة البشرية، على اختلاف أجناسها وألوانها وعقائدها، وخلال السطور القليلة القادمة يحاول "مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف" إلقاء الضوء على أبرز ما يقوم به الأزهر الشريف من جهود في قارة إفريقيا؛ حيث تتنوّع هذه الجهود ما بين قوافل طبية لعلاج غير القادرين، وقوافل للسلام لنشر ثقافة التعايش السلمي وإحلال الأمن بدلاً من التهديدات، والسلام بدلاً من الحروب، والتفاهم بدلاً من التنافر، التوادّ بدلاً من التباغض والكراهية، فضلًا عن البعثات التعليمية والدعوية التي يرسلها الأزهر لنشر نور الرسالة السامية للدين الإسلامي في القارة بأسرها.  

قوافل الأزهر الطبية تداوي جراح المنكوبين في إفريقيا

لم تتوقف جهود الأزهر على الدعوة والتعليم والتوعية، بل اضطلع الأزهر بتقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين في ربوع إفريقيا سواء كان ذلك بسبب جفاف أو ضعف في الإمكانات أو نزاع مسلّح حرم البلاد من التمتع بخيراتها، وتتوالى القوافل الطبية التي يرسلها الأزهر الشريف على البلدان الإفريقية على مدى عقود طويلة مدّ فيها الأزهر يد العون من خلال أدوية وأطباء يقومون بزيارة المناطق التي غلبها المرض وتعمل على إنقاذهم من شباك المرض، وقد لا يتسع المقام للتعرّض للقوافل الطبية التي أرسلها الأزهر الشريف لعدد من الأقطار الإفريقية، والتي كان آخرها قافلة طبية في ولاية أبشي بدولة تشاد أختتمت أعمالها منذ 10 أيام بتوقيع الكشف الطبي وتقديم العلاج لنحو 15 ألف حالة مرضية في 13 تخصصًا، كما أجرت قرابة (300) عملية جراحية مختلفة، وساهمت القافلة بشكل فعَّال في تقديم الخدمات الطبية المتكاملة، وبشكل مجاني للأهالي، حيث ضمّت نخبة من أكفأ الأطباء بكليات الطب بجامعة الأزهر من مختلف التخصصات.

Image
Image

جانب من أنشطة قافلة الأزهر الطبية لدولة تشاد

 

الأزهر ومحاولات رأب الصدع في إفريقيا الوسطى

في الوقت الذي غفلت فيه دول عظمى ومنظمات دولية عن الأزمة في إفريقيا الوسطى، ولم تحرك مشاهد العنف المتزايدة لها ساكناً، لم يقف الأزهر الشريف مكتوف الأيدي إزاء هذا الوضع المأساوي بل بادر بالتدخل والوساطة لحل الأزمة بين الأطراف المتصارعة بالبلاد من خلال وفد أزهري التقى بشخصيات محورية في الصراع الدائر كما التقى بعدد من صناع القرار ساعيًا للتقريب بين وجهات النظر وتحقيق مصالحة وطنية تحقق السلام المنشود لكافة الأطراف. كما أرسل الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين قافلة السلام لعاصمة إفريقيا الوسطى بانجي خلال شهر يونيو عام 2015م؛ حيث عقدت القافلة عددًا من الأنشطة والفعاليات واللقاءات من أجل تحقيق مصالحة وطنية، ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب من المسلمين والمسيحيين، وكذلك رفع المعاناة عن المسلمين الواقعين تحت اضطهاد وعنف جماعة أنتي بالاكا المسيحية المتشددة، والتأكيد في الوقت نفسة على أن الإسلام لا يدعو لمواجهة العنف بالعنف، وهو من باب أولى ينهى عن المبادرة بالعنف بحق الآخرين.

Image

قافلة الأزهر الإغاثية وتخفيف المعاناة عن مواطني إفريقيا الوسطى

Image

قافلة السلام وغرس شجرة السلام بمشاركة مسلمين ومسيحيين بالعاصمة بانجي

الأزهر ومحاربة الفكر المتطرّف في إفريقيا

تعاظم أمر جماعة بوكو حرام، وأخذت في النمو حتى صارت أكثر الجماعات دموية في العالم، متفوقةً بذلك على تنظيم داعش؛ ذلك التنظيم الذي انشغل المجتمع الدولي بمتابعة أخباره وتشكيل تحالفات لمكافحته، وشنّ العمليات العسكرية الواحدة تلو الأخرى بهدف القضاء عليه في حرب ضروس راح ضحيتها آلاف الأبرياء وملايين المشرّدين، وقد تنامى الخطر الذي تمثّله جماعة بوكو حرام على الأمن في منطقة غرب إفريقيا قاطبةً وليس نيجيريا فحسب بسرعة كبيرة، وفي خضمّ تلك الأحداث المتلاحقة وموجات الإرهاب المتلاطمة، كان الأزهر على قدر الحدث، ووقف على جبهة قتال لا تقلّ شراسة عن المواجهة المسلّحة؛ إذ دخل في مواجهة فكرية مع تلك الجماعات، حرب خاضها الأزهر الشريف من خلال مرصده لمكافحة التطرّف، فأخذ على عاتقه تفنيد مزاعم بوكو حرام والرد على ما يثيره أنصارها من شبهات فاسدة ومزاعم باطلة، وتوجيه النصح والتوعية اللازمة للشباب الذي تستهدف هذه الجماعة ونظيراتها استقطابه للانضمام إلى صفوفها، ليكونوا بذلك ضاعفوا مكاسبهم؛ أضاعوا الشباب، واستغلوا حماسهم في تغذيتهم بالأفكار الشاذّة المتطرّفة وتحقيق أهداف خبيثة، لا علاقة لها بإقامة دين ولا تطبيق شريعة، وخلال هذه الحرب الضروس قام مرصد الأزهر بإعداد مجموعة من التقارير بهدف كشف هذه الجماعة وبيان حقيقتها، والعمل على توضيح الإسلام في صورته السمحة ومبادئه القويمة التي تدعو لحفظ الإنسان وكرامته، لا كما يعمل هؤلاء المتطرفون من امتهان لكرامة الإنسان.

Image

تقرير لمرصد الأزهر حول جماعات العنف باسم الدين في إفريقيا الوسطى

الأمر ذاته تم حيال حركة الشباب الصومالية التي تنشط بشكل ملحوظ في دول شرق إفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي؛ حيث لم يكن الأزهر ومرصده في معزل عن دائرة الأحداث، بل كان في قلب الصورة يؤازر المتضررين ويواسي المنكوبين ويعمل على توعية الشباب الذي تستهدفه هذه الحركة لاسيما في كينيا والصومال بمخاطر الانخراط في مسالك هذه الحركة والوقوع في براثنها، من خلال العمل على كشف ضلال هذه الحركة وبيان موقف الإسلام منها ومن جرائمها في أكثر من مناسبة وأكثر من مقال وتقرير، وقد عمل الأزهر ولا يزال من خلال مرصده على تفنيد دعاوى حركة الشباب وتحصين عقول الشباب من الفكر المسموم الذي تنشره تلك الحركة بهدف تضليل الشباب واستدراجهم تحت مزاعم إقامة الشريعة والحكم بما أنزل الله إلى هاوية العنف والإرهاب.

Image

تقرير لمرصد الأزهر يتناول عمليات تجنيد النساء والأطفال في جماعة بوكو حرام

Image

أحد تقارير مرصد الأزهر حول حركة الشباب الصومالية

هذا ولا تزال عدسة مرصد الأزهر تجوب القارة شرقًا وغربًا ترصد وتتابع وتحلّل وتفنّد وتردّ، حتى يكون الأزهر دائما في قلب الأحداث، مع أبناء القارة الإفريقية يدعمهم بالحجة الثابتة ويساندهم بالتوجيهات السديدة ويقدّم لهم الوقاية اللازمة من فكرٍ هدّام تعمل جماعات الدم والتخريب على نشره في ربوع القارة.

إن الناظر في تاريخ الأزهر لا يجد عناءً ولا مشقّة في التعرّف على إسهامات هذه المؤسسة العريقة وبصماتها البيضاء داخل مصر وخارجها؛ حيث عني الأزهر بإعلاء قيمة الإنسانية والعمل على نشر ثقافة السلم والتعايش في أنحاء العالم، ولن تمنعنا خشية الاتهام بالتحيّز أن نقول إن الأزهر – بحق – من أكبر المؤسسات في العالم التي تعمل على إنقاذ البشرية مما حاق بها في عالم بات يموج في بحر من الدماء جراء موجات العنف والإرهاب، فضلاً عن ممارسات الكراهية والتمييز وكل ما يتعارض مع المبادئ الإنسانية، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.  

 

مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف

وحدة رصد اللغات الإفريقية

طباعة