تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية

  • | الإثنين, 4 يناير, 2016
تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية

بسم الله الرحمن الرحيم

الأنبياء والرسل أفضل العالمين على الإطلاق، اختارهم الله لما علمه فيهم سلفا من نقاء وفضل، فهم أفضل بشر على الإطلاق وإن تفاوتوا في الفضل فيما بينهم قال تعالى { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } الإسراء 55، وهم بهذه المنزلة أعز من أن يمثلهم أو يتمثل بهم إنسان أو حتى شيطان، فقد عصمهم الله واعتصموا به، فهم محصنون من الخطايا، كما أنهم محصنون من أن يتمثل بهم الشيطان، ففي الحديث الشريف الذي رواه أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي). وفى رواية أبى هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي) . ففي الحديثين دلالة واضحة في أن الشيطان لا يظهر في صورة النبي صلى الله عليه وسلم عيانا أو مناما صونا من الله لرسله وعصمة لسيرتهم، بعد أن عصم ذواتهم ونفوسهم.، ومن فقه هذا المعنى أنه يحرم على أي إنسان أن يتقمص شخصيته ويقوم بدوره صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان هذا هو الحكم والفقه في جانب الرسول الخاتم، فإنه أيضا الحكم بالنسبة لمن سبق من الرسل، لأن القرآن الكريم جعلهم فى مرتبة واحدة من حيث التكريم والعصمة، قال سبحانه {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } البقرة 285، فإذا امتنعوا بعصمة من الله أن يتمثلهم الشيطان امتدت هذه العصمة إلى بني الإنسان، فلا يجوز لهم أن يتمثلوهم.

وإذا كانت المصلحة في تقريب هذه القصص تمثيلا وتصويرا للناس إلا أن المفسدة في تجسيد أنبياء الله ورسله عظيمة والخطر منها أفدح، ولاشك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما تقضى قواعد الشريعة الغراء.

وقد ناقش مجمع البحوث الإسلامية في مارس 1972م هذه المسألة، وقرر بالإجماع تحريم تمثيل أشخاص الأنبياء والرسل عليهم السلام، وهذا ما ذهبت إليه دار الإفتاء المصرية، وأيضا ذهب إلى ذلك المجامع والهيئات العلمية المعتبرة (كمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي).

طباعة
كلمات دالة: