توالت الأخبار التي تتحدث عن قيام تنظيم داعش الإرهابي بإجلاء صفوته القيادية والإدارية من مدينة الرقة بالشمال السوري إلى مدينتي الميادين والبوكمال، الواقعتان بالقرب من الحدود العراقية، وذلك تحسبًا لأي هجوم محتمل على المدينة، التي يتخذها معقلاً وعاصمةً له، كما أفاد شهود عيان بالمدينة أن ميليشيات التنظيم تقوم بنقل كل شيء إلى مدينة الميادين، إلا أن القيادات الكبرى للتنظيم لا تزال بالرقة. يذكر أن أنباءً مشايهة قد وردت منذ مطلع فبراير الماضي تتحدث عن نقل التنظيم لأسر المقاتلين الأجانب إلى مدينة الميادين.
هل تصبح "الميادين" المعقل الجديد لداعش؟
أكد آنى سبيكهارد وأسعد المحمد الباحثان المختصان بشئون تنظيم داعش بالمركز الدولي لدراسة التطرف (ICSVE) بالولايات المتحدة، أن هناك الكثير من البراهين التي تؤكد نقل داعش لقادتها ومواردها المالية إلى مدينة الميادين وأن هذه الأنشطة – طبقًا لمصادر موثوقة لديهم- قد بدأت منذ أغسطس الماضي، مشيرين إلى وجود قناعات لديهم، ترجح أن التنظيم يخطط لنقل مقره إليها.
ولكن السؤال الذي ربما يتبادر إلى الذهن هو: لماذا قرر التنظيم اختيار مدينة الميادين كمقرٍّ جديد له بالرغم من وجود مناطق أخرى لا تزال تحت سيطرة التنظيم؟
لماذا "الميادين"؟
إنً اختيار تنظيم داعش الإرهابي لمدينة الميادين كمعقلٍ جديدٍ له يدير منه عملياته لم يأت من فراغ، فالمدينة تقع جنوب شرق مدينة الرقة بمسافة تقدر بمئة وتسعين كيلومتر وتقع بالقرب من مجرى نهر الفرات ، كما تقع جنوبها مدينة البوكمال، الواقعة على الحدود العراقية مباشرة، بمسافة تقدر بثمانين كيلومتر، مما يساعد أعضاء التنظيم على سهولة وسرعة التنقل بينهما، كما تشكل الصحراء الواسعة المحيطة بتلك المنطقة حصنًا طبيعيًا، حيث يتطلب مهاجمتها خطوط إمداد طويلة من قبل المهاجمين . كما أن تلك المنطقة لا تشكل محل تنازع بين الفصائل المتقاتلة في سوريا، فهي بعيدة عن أماكن تمركز الأكراد كما أن المحافظة العراقية المجاورة لها " الأنبار" تعد أحد معاقل التنظيم.
هروب جماعي تشهده الرقة
من جهة أخرى تشير كافة الأنباء الواردة من مدينة الرقة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بالمدينة في الوقت الراهن، فالقوات الكردية تحيط بالمدينة، وتخطط لمهاجمتها خلال أبريل الجاري، كما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بضربات جوية ضد التنظيم وتدعم حملة الأكراد بقوات خاصة على الأرض. كل تلك الأسباب دفعت سكان المدينة إلى محاولة الخروج منها سيرًا على الأقدام باتجاه المناطق التي يسيطر عليها الأكراد حيث يتوجب عليهم عبور حقول ألغام قامت ميليشيا داعش بزرعها مسبقًا. هذا وقد صرحت مصادر كردية أن ألفي شخص قد تمكنوا بالفعل من الفرار من المدينة.
انخفاض في أعداد مقاتلي التنظيم بالرقة
أجمعت مصادر عديدة من داخل مدينة الرقة على تناقص تواجد مقاتلي التنظيم بشوارع المدينة، فطبقًا لتقديرات خبراء أمنيين يوجد بالمدينة ما بين ألفين إلى أربعة ألاف مقاتل من مقاتلي تنظيم داعش.
وذكرت إحدى الناشطات بالمدينة "في مقابلة لها عبر سكايب مع راديو سويسرا" أن ميليشيات التنظيم قامت بحفر كثير من الأنفاق بالمدينة أو بالأحرى بناءُ مدينة كاملة تحت الأرض، حيث من المتوقع أنهم لن يستسلموا بسهولة. كما أشارت بعض التقارير إلى أن تنظيم داعش مستعد لتغيير أفكاره من أجل الدفاع عن المدينة، فهو على استعداد لإشراك النساء في القتال واقناعهن بتفجير أنفسهن من أجل التنظيم.
وفي هذا الإطار وبناء على تلك المعطيات يدعو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى التنبه إلى مخطط هذا التنظيم الإرهابي، وإلى إجهاض محاولتهِ إنشاء معقلٍ جديدٍ له بمدينة الميادين، وتفويت الفرصة على هذا التنظيم الإرهابي في إيجاد حصنٍ جديدٍ يستمد منه وجوده لفترة أخرى بعد خسارته لمعاقله القديمة.
وحدة الرصد الألمانية