الحكم الشرعي في منع غير المسلمين من دخول مكة ’ والحرم المكي

  • | الخميس, 31 ديسمبر, 2015
الحكم الشرعي في منع غير المسلمين من دخول مكة ’ والحرم المكي

أولا : تحرير محل النزاع : اتّفق الفقهاء على أنّه لا يجوز لغير المسلم السّكنى والإقامة في الحرم ؛ لقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إنّما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا }
(التوبة : 28) والمراد بالمسجد الحرام : حدود الحرم كاملا .

ثانيا: أما بالنسبة للدخول المؤقت أو الزيارة المؤقتة، فللفقهاء فيها اتجاهات ثلاثة:

القول الأول : يرى أصحابه أنه يحرم على غير المسلم الدخول إلى مكة والحرم المكي, ولو كل ذلك لمصلحة . وهو مذهب الشافعية , والحنابلة . دليلهم : { يا أيّها الّذين آمنوا إنّما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا }. وجه الدلالة من الآية : أن المراد بـ (المسجد الحرام  )  كامل حدود الحرم , بدليل قوله : {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله{ وخوف العيلة التي هي الفقر , يكون بمنع غير المسلمين من الدخول إلى مكة للتجارة .

القول الثاني : يرى أصحابه أنه يجوز دخول الحرم المكي بإذن أو أمان , وإنما الممنوع دخول البيت الحرام فقط . وهو مذهب المالكية .

القول الثالث : يرى أصحابه أنه يجوز دخول غير المسلم المساجد كلها , حتى المسجد الحرام من غير
 إذن , ولو لغير حاجة . وهو مذهب السادة الحنفية . دليلهم : }فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } معناه : ألا يحجوا , ولا يعتمروا عراة بعد حج عامهم هذا , أي عام تسع من الهجرة .

ومما سبق يتضح ما يأتي  :

أن المسألة فقهية , وليست من مسائل الاعتقاد
أن المسألة خلافية , وليست من مسائل الإجماع .
في مثل هذه المسائل حكم الحاكم يرفع الخلاف, ويقطع النزاع, ويمكن أن يتغير , ومن ثَمَّ فيجب التقيد في هذه المسألة , وفي كل ما يتعلق بتنظيم الشأن العام بالقوانين والأنظمة المعمول بها في دولة الحرم.

ثانيا : بالنسبة لما يثار من شبهة منع غير المسلمين من دخول بعض الأماكن
المقدسة , فلا وجه له لأمرين :

الأمر الأول : أن البيت الحرام مقدس قداسة خاصة عند المسلمين ؛ ولذلك منع المسلمون أنفسهم من الوصول إليه إلا عبر وسائل وترتيبات خاصة , فشرع الإحرام لهم عند دخوله  لمن أراد النسك , وحرَّم عليهم بعض الحلال  من لبس المخيط , ومنعهم من الصيد ,. والمباشرة الزوجية .

الأمر الثاني : لا تخلو دولة ذات سيادة من أماكن "محمية " يمنع القانون فيها دخولها على البعض المواطنين أو الأجانب دون نكير من أحد , ولعل هذا ضمن ما أشار إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله : "أَلا وِإنَّ لكلِّ مَلك حِمىً، أَلاَ إِن حِمَى الله مَحارمُه ... " فلا يعاب على الإسلام إن منع بعض الناس من بعض الأماكن , وهذا سائغ في دنيا الناس وفقا لنظام كل دولة.

 

طباعة
كلمات دالة: