"حركة الشباب" اسم ارتبط بالدماء والأشلاء والخراب في الصومال، اسم لحركة لا تجيد سوى لغة التخريب والتقتيل والتهديد والترويع، وتحويل أحلام الصوماليين بالعيش في أمان لكوابيسَ مزعجةٍ يستيقظون منها على دويّ القنابل وطلقات الرصاص وقذائف الهاون. وقد تجرّع الصومال -ولا يزال- مرارة الإرهاب الذي تمارسه هذه الحركة بحق الأبرياء دون وجه حق، فما بين الاغتيالات والسيارات المفخّخة والهجمات المسلّحة تراق دماء عشرات، بل مئات الأبرياء على أيدي عناصر هذه الحركة ممّن باعوا أنفسهم لتجار الدم وسماسرة الموت، غير عابئين بما يتسبّبون فيه لأمتهم ووطنهم والإنسانية جمعاء بإقدامهم على ارتكاب جرائمَ لا سندَ لها من دين أو عُرف أو عقل.
ومع تنامي نشاط هذه الحركة يكثّف مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف جهوده لمتابعة هذا النشاط الإجرامي؛ بهدف تقديم الصورة الكاملة وكشف الوجه القبيح لهذه الحركة التي دأبت على خداع الشباب واستقطابهم تحت مزاعم الدفاع عن الدين والحفاظ على الشريعة وإقامة حكم الله في الأرض، ولا نخطئ الحقيقة إن قلنا: إن لهذه الدعوات وتلك الشعارات التي تردّدها هذه الحركة ومَن على شاكلتها من جماعات العنف والإرهاب باسم الدين مفعولَ السحر على عقول كثير من شباب الأمة، الأمر الذي يُنذر بمستقبلٍ محفوف بالمخاطر مع أجيالٍ تغلغَل الفكرُ المتطرّف في عقولها واستقرّ التشدّد في أذهانها، ونشأت على انعدام الشعور بالمواطنة والانتماء، وصار ولاؤها لقيادات تأخذ بأيديها نحو الهاوية؛ لتحقيق مصالحَ وتنفيذ أجندات تضر بالبلاد والعباد، ولا تجني البلاد من ورائها سوى الدماء والدمار.
وفي إطار ذلك تابع "المرصد" ما أعلنته الشرطة الصومالية، من مقتل وإصابة نحو خمسةَ عشرَ شخصًا؛ جرّاء انفجار سيارة مفخّخة بالقرب من مقهًى إيطالي وسَط العاصمة الصومالية "مقديشو"، وهو ما أكّده أحد شهود العِيان بقوله: إن الانفجار كان قويًّا جدًّا، و يبدو أن عدد الضحايا يفوق الأرقام المعلنة بكثير؛ حيث إن الهجوم كان مُزدوَجًا، فأعقب تفجيرَ السيارة المفخّخة إطلاقُ نار بشكل عشوائيّ في موقع الهجوم. ولم تَكتفِ "حركة الشباب" بهذا الهجوم، فأقدمت على استهداف قوة إزالة الألغام التابعة للجيش الصومالي، من خلال زَرْع قنبلة انفجرت على الطريق على بعد نحو 90 كيلو مترًا شمال العاصمة "مقديشو"؛ مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة أربعة آخرين، كما أعلنت "حركة الشباب" مسئوليتها عن هجوم استهدف نقطة تفتيش على مشارف مدينة "شلمبود" في منطقة "شبيلي" السُّفلى.
و"مرصد الأزهر" إذ يتابع هذه الجرائم الوحشية التي ترتكبها "حركة الشباب"، فإنه يُدين بشدة هذه العمليات التي تتسبّب في إراقة دماء الأبرياء، وتعمل على تعميق جراح الصومال، ومضاعفة معاناة هذا البلد الذي يعاني الإرهاب والجفاف. كما يؤكّد "المرصد" أن جرائم "الشباب" التي تخطّت كل الحواجز وانتهكت كل الحدود تتطلّب مضاعفةً لجهود المكافحة على الصعيدين الميداني والفكري، ولا شك في أن التوعية طريق لا مفرّ من سلوكه، في سبيل تجفيف منابع الإرهاب والحد من انتشار الفكر المتطرّف، الذي يتطوّر من التشدّد إلى التكفير ثم التفجير.
وحدة رصد اللغات الإفريقية
مايو 2017م