الاستقطاب في السجون الإسبانية.. التهديد والمكافحة

  • | الأربعاء, 31 مايو, 2017
الاستقطاب في السجون الإسبانية.. التهديد والمكافحة

-    مقدمة 
تعرضت العديد البلدان الأوروبية خلال الفترة الأخيرة لبعض الهجمات الإرهابية، الأمر الذي يشير إلى تحولها إلى ساحة للمتطرفين وأرض خصبة لانتشار فكرهم الضال. لقد أكدت تلك الهجمات أن الجماعات المتطرفة تمكنت من استقطاب الكثيرين من المهاجرين إلى أوروبا، من خلال استغلال عدة أسباب منها العنصرية والبطالة وانخفاض مستوى المعيشة للمهاجرين وغياب الوعي لدى الكثير منهم، كما لُوحظ أن هذه الجماعات تنشط في أوساط الأحياء الفقيرة، خاصة بين فئة الشباب. وتتنوع أساليب الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها داعش، في طريقة استقطاب الشباب. وأبرز تلك الأساليب بالطبع عن طريق شبكة المعلومات الدولية، التي تمكنهم من تمرير ونشر خطاباتهم المتطرفة من خلال مقاطع فيديو ومدونات للتواصل في الخفاء مع العالم؛ بهدف استمالة الراغبين في الانضمام إليها دون وجود عائق زماني أو مكاني. وتحظى هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة بدعمٍ ماليٍ كبيرٍ يُمكنها من استخدام عدة وسائل أخرى للاستقطاب منها المساجد والسجون والتجنيد.
ولا يختلف الوضع كثيراً في إسبانيا، باعتبارها إحدى البلدان الأوروبية المستهدفة بصورة كبيرة من قِبَل الجماعات المتطرفة التي ترى في إسبانيا بلاد الأندلس (الفردوس المفقود)، حيث أسفرت عملية الرصد أنه خلال عام 2015 كان قرابة 80% من عمليات التجنيد تتم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بينما 20% فقط تتم داخل السجون أو المساجد. هذه النسبة تأتي عكسية لما كانت عليه خلال  عام 2012، حيث كان يتم تجنيد الجهاديين في السجون ودور العبادة بنسبة ثمانية أشخاص من كل عشرة، بينما 20% فقط كان يتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي أن تطور الفكر المتطرف وتحديث آلياته أدى إلى تغير الأوضاع في هذا المجال رأسا على عقب.


-    أسباب الانضمام
ربما يكون الاستقطاب في السجون هو الأصعب بسبب التواجد الأمني، إلا أن العناصر التي تقوم بعملية التجنيد تستفيد من الشعور بالحنق أو ربما بالظلم الذي يتعرض له السجين وتقوم بتحفيزه لكي يكون ناقماً على الدولة أو العالم بأسره؛ وبالتالي تسهل عملية تجنيده وتوجيهه، حتى إذا خرج من السجن تحول إلى أداة في أيدي التنظيم.

 

Image


الفراغ داخل السجون أحد أسباب انتشار الفكر المتطرف

 

ووفقاً لتقرير المحكمة الوطنية الإسبانية الصادر في أكتوبر 2016، فإن هناك ما يقرب من 226 سجيناً على الأقل لهم علاقة بالجماعات الإرهابية، كما أن هناك أكثر من 80 آخرين تحت المراقبة خشية تجنيدهم لحساب هذه الجماعات. ويوجد بالسجون الإسبانية حوالي 7 ألاف سجين مسلم من مرتكبي مختلف الجرائم بينهم حوالي 250 من المتورطين في جرائم تتعلق بالإرهاب والتطرف الجهادي حتى مطلع عام 2017. ومن الملاحظ أن كثيراً ممن يعاقبون بالسجن في قضايا عامة مثل المخالفات أو السرقة أو المخدرات يخرجون من السجن مؤهلين للقيام بهجمات إرهابية، أو يخرجون كمجندين جدد لصالح التنظيمات الإرهابية؛ ويرجع ذلك إلى أنهم يقعون في فترة السجن تحت تأثير قادة متطرفين يعملون على تجنيدهم وإقناعهم بعدة أفكار متطرفة.
وتعمل عناصر التنظيمات المتطرفة داخل السجون على إقناع السجناء من المسلمين- بالانضمام إليها، من خلال بث فيهم معاني أنهم هم الذين يمثلون الإسلام وأن القتال معهم هو جهاد في سبيل الله، ثم بعد ذلك يشرعون في شرح بعض المفاهيم الدينية لهم، وتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم والتي يقومون بتفسيرها حسب ما يخدم أهواءهم، بهدف إقناعهم بأنهم سيموتون شهداء وسيفوزون بالجنة. العديد من هؤلاء السجناء بالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي يعانون منها يصبحون صيداً سهلاً لاستقطابهم من قِبَل هذه الجماعات المتطرفة.

Image


يعمل بعض المتطرفين داخل السجون على إقناع السجناء بالانضمام إلي تنظيماتهم لأنها تمثل الإسلام

 

وفي الآونة الأخيرة عثرت الداخلية الإسبانية على رسم لشعار داعش مكتوب على أحد جدران أحد السجون بمدريد، تحديداً في الفناء العام المتاح لجميع السجناء، وهو ما يعتبره مرصد الأزهر تحذيراً خطيراً موجهاً إلى وزارة الداخلية الإسبانية من تفشي هذا الفكر وتجنيد عناصر له بين السجناء. إثر ذلك، فتحت هيئة السجون تحقيقاً في هذه الواقعة للتعرف على هوية الذي قام برسم هذا الشعار، غير أن هذا التحقيق لم يسفر عن شيء حتى الآن. وما يزيد الأمر خطورة أن هذا الجزء من السجن ليس مخصصا للمتورطين في جرائم إرهابية بل هو بين السجناء عامة وهو ما يستدعى القلق خشية انتشار التجنيد لجماعات متطرفة بين أصحاب الجرائم العامة.

Image

الداخلية الإسبانية تعثر على رسم لشعار داعش مكتوب على أحد جدران السجن السابع بمدريد

 

 وتولي وزارة الداخلية اهتماماً كبيراً بظاهرة التطرف داخل السجون خلال السنوات الثلاث الاخيرة، الأمر الذي أُبرمت على إثره اتفاقيتان للتعاون مع جهات أخرى للعمل على إيقافه، وبناء عليه تم إخضاع 228 سجيناً من أجل إعادة تأهيلهم وحمايتهم من خطر التطرف. كما أفادت بعض المصادر أن عمل المجندِين يتركز في الجلوس مع السجناء وعرض بعض الحلول عليهم فيما يخص حياتهم، وإقناعهم بضرورة التكفير عن ذنوبهم وتحديد هدف يعيشون من أجله. الجدير بالذكر أن إسبانيا تعد  من أقل الدول الأوروبية في عدد سجنائها، إلا إنها الأعلى كثافة بين بلدان القارة ككل. 
كما أن تزايد أعداد المتطرفين في السجون يزيد من التخوفات لدى السلطات من انتشار هذا الفكر الإجرامي، فوفقاً لدراسة أُجريت عام 2016، فإن السجون الإسبانية قد استقبلت 83 معتقلًا من الرجال و 10 من النساء بتهم تتعلق بالإرهاب وذلك خلال عام 2015 والأشهر الستة الأولى من عام 2016، ويصل مجموعهم الإجمالي إلى 93 شخصاً وهو العدد الذي تضاعف تقريباً عن عام 2014 والذي اعتقلت السلطات فيه 51 شخصًا. ومن بين التهم التي وجهت إلى المعتقلين تجنيد الشباب بهدف إلحاقهم بتنظيم داعش والدعوة للانضمام للتنظيم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ونشر برامج لدعم المتطرفين وتمويل داعش.  

   
-  سبل المكافحة وتعدد صورها
من هذا المنطلق لا تغفل السلطات الإسبانية عن أن السجون من الممكن أن تتحول إلى بؤر للتجنيد لحساب داعش والقاعدة، ولذلك فقد اتخذت السلطات الإسبانية والأجهزة الأمنية بها عدة إجراءات مكثفة بهدف القضاء على التطرف في مهده. 


-   برنامج "التداخل مع المعتقلين الإسلاميين في السجون":
من الأساليب الفعّالة التي تتخذها السلطات الأمنية لتفادي أن تكون السجون مصدراً لصناعة المزيد من المتطرفين هو إخضاع السجناء لبرنامج "التداخل مع المعتقلين الإسلاميين في السجون" والذي يسمح لمصلحة السجون بتعقبهم وتتبع سلوكهم سواء أكانوا من المجنِّدين أو ممن يُحتمل إقناعهم بتلك الأفكار. ولهذا البرنامج دور أساسي في محاربة الإرهاب والوقاية منه خارج أسوار السجون. وبحسب المصادر بلغ عدد الخاضعين للبرنامج 198 شخصاً مقسمين إلى ثلاثة مجموعات: 
مجموعة (أ): وهم المدانون بجرائم تتعلق بالإرهاب ويبلغ عددهم 85.
مجموعة (ب): ليس بالضرورة أن إيداعهم السجن كان بسبب الإرهاب، لكن من الواضح أنهم يقومون بعمليات التجنيد، وعددهم 28. 
مجموعة (ج): وهم الذين أدينوا بجرائم بعيدة عن الإرهاب ولكن يبدو من دراسة سماتهم أنه من السهل تجنيدهم وضمهم لتنظيمات إرهابية، وهؤلاء عددهم 85.   
كما يشتمل البرنامج أيضاً على التفريق بين القيادات المتطرفة داخل السجن وإبعادهم عن الالتقاء بباقي السجناء الذين يُحتمل تجنيدهم. وقد كان من الأخطاء التي تقع فيها مصلحة السجون حتى وقت قريب التساهل في السماح لأئمة مسلمين-قد يتبنون خطاباً إسلامياً متشدداً - بعقد لقاءات مع السجناء المسلمين.

Image

برنامج تأهيلي  يهتم بالتفريق بين القيادات المتطرفة وبقية السجناء خشية التأثير عليهم وتجنيدهم

 

جاء هذا التقسيم بناء على المستويات الثلاثة التي تُصنف النزلاء في السجون: 
المستوى الأول: وهم شديدو التطرف ولهم علاقة مباشرة بجرائم الإرهاب ومدانون في قضايا الإرهاب والتطرف.
المستوى الثاني: وهم متوسطو التطرف الذين يظهرون سلوكاً إرهابياً ولكنهم لم يقوموا بأعمال إرهابية.
المستوى الثالث: وهم من يُحتمل أن يكونوا متطرفين ولهم علاقة بجرائم تجارة المخدرات والسرقة. ولكل مستوى من هذه المستويات درجة خاصة من التعامل معه فيما يتعلق بسبل تأهيله. 


-  خدمة "وقف التطرف"
تمثل خدمة "وقف التطرف" التي أطلقتها وزارة الداخلية الإسبانية للإبلاغ عن حالات التطرف داخل إسبانيا، واحدة من الخدمات الفاعلة في مجال مكافحته وذلك بواقع تلقيها بلاغاً واحداً من بين كل ثلاث بلاغات مقدمة للداخلية بوجه عام. كانت الوزارة قد أطلقت الخدمة في ديسمبر من عام 2015 بهدف الإبلاغ عن الأنشطة الإرهابية المحتمل حدوثها وذلك من خلال موقع www.stop-radicalismos.es أو البريد الإلكتروني stop-radicalismos@interior.es  أو الاتصال على رقم الهاتف 900822066 أو عبر  تطبيقات الهاتف الالكترونية. 

Image


خدمة "وقف التطرف" أحد سبل مكافحة الإرهاب الرئيسية

 

وتتلقى الخدمة 7 مكالمات يومياً،  وكانت نحو 48.77% من البلاغات عبر الانترنت ونحو 26.67% من خلال المكالمات الهاتفية و 15% عن طريق البريد الإلكتروني ونحو 9.54% من خلال تطبيقات الهاتف الجوال. ومن بين هذه المكالمات تلقت الخدمة نحو 2.651 مكالمة لوقف التطرف 1% منها تتطلب التدخل الفوري لقوات الأمن. هذا وتُعد مدريد وبرشلونة وإقليم أندلوثيّا من أبرز المناطق التي تأتى تجري هذه المكالمات.
    تأهيل السجناء وإعادة دمجهم مجتمعيا
قررت مصلحة السجون الإسبانية إطلاق خطة جديدة تهدف إلى "تحقيق إعادة الاندماج" بين السجناء المُدانين بالإرهاب الجهادي، لذا أخضعت الحكومة ما يقرب من 200 سجين لخطة مراقبة خاصة؛ خشية التطرف الجهادي. ومن بين هؤلاء مجموعة من المسلمين المهددين بالانضمام لبعض الجماعات المتطرفة. 

Image


حرص الداخلية الإسبانية على إعادة تأهيل السجناء ودمجهم مجتمعيا

 

وتحرص الداخلية الإسبانية على إعادة تأهيل ودمج هؤلاء السجناء مع بعضهم البعض ومع المجتمع بعد خروجهم، وستعتمد الداخلية في عملية إعادة التأهيل هذه على مجموعة من الأئمة المعتدلين المعتمدين من "الاتحاد الإسلامي". ومن المقرر أن يتم تأهيلهم بشكل يضمن اعتدالهم حتى يصبحوا نواة جيدة في سبيل إعادة تأهيل من انحرفوا مجتمعياً وسلوكياً وإنقاذهم من براثن الوقوع في شباك المنتمين لجماعات متطرفة داخل السجون، كما سيتم تسهيل تعليمهم اللغة الإسبانية ومقومات التكامل الثقافي، فضلاً عن تحسين مستواهم التعليمي.
 
-   التعاون بين الداخلية واتحاد الجمعيات الإسلامية
يقوم اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا بدور مهم في عملية وعظ السجناء وتجنيبهم الانجراف في دروب التنظيمات الإرهابية داخل السجون. كانت الحكومة قد أقرت مرسومًا يسمح بوجود واعظ ديني للأقليات الدينية في السجون والمستشفيات والجيش، إلا إنه لم يُنفّذ سوى بندٍ واحدٍ على استحياء، ولم يُعيَّن سوى 15 إمامًا في السجون الإسبانية و 7 في المستشفيات، بينما لم يتم تعيين أي إمام في الجيش حتى اليوم. وتكمن أهمية وجود هذا الواعظ في تصحيح أفكار من تلوثت عقولهم بالتطرف والإرهاب، أو من يسهل استقطابهم نحو التطرف عن طريق خطاب إسلامي سمح بعيد عن التشدد والمغالاة.
 وفي هذا السياق أعلنت الحكومة الإسبانية عن مضاعفة إنفاقها المخصص للأئمة المعنين بتوعية السجناء من المسلمين في ميزانيتها المالية لعام 2017، حيث خصّص وزير الداخلية الإسباني "خوان إجناثيو ثويدو" 18 ألف يورو لاتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا وذلك للاهتمام بالعبادات في السجون الإسبانية، والتي كانت في السنة الماضية تبلغ 9 آلاف يورو فقط. جاء ذلك رداً على مطالبات قدّمها اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، وبالتحديد في ديسمبر 2016، بضرورة مضاعفة الميزانية المخصصة للأئمة ليتمكنوا من السفر إلى المدن والضواحي المختلفة الموجود بها السجون وكذلك زيادة عدد الأئمة لتغطية كافة السجون في إسبانيا، حيث أن هناك العديد منها تخلو من وجود إمام يقوم بعملية التوعية والوعظ الديني. 

Image


تعاون الجمعيات الإسلامية المختلفة في إسبانيا مع السلطات في مجال مكافحة التطرف

 

وأوضحت مصادر أن هذه الزيادة تأتي في إطار مكافحة الفكر المتطرف وانتشاره في السجون ضمن مشروع أطلقته وزارة الداخلية الإسبانية تحت عنوان "مشروع صلاح الدين" ، والذي يعتمد على التعاون مع مجموعة من المتخصصين والأئمة المعتدلين لمكافحة التجنيد لمتطرفين جدد في السجون وتحليل كل كلمة وحرف يُكتب داخلها. ويشارك في هذا البرنامج حوالي 300 من المتطوعين، كما يعقدون سلسلة من اللقاءات لتتكون لديهم رؤية أكثر دقة حول هذه الظاهرة التي يُشكل تناميها خطراً هائلاً. هذا وتعتمد إسبانيا على 16 إمام للسجون وهو عدد لا يتناسب مع أعداد سجناء المسلمين في السجون الإسبانية المختلفة والمقدر عددهم بحوالي 7 آلاف كما ذكرنا آنفاً، بينهم نحو 250 سجيناً تم إدراجهم في ملفات خاصة بالتطرف الديني. 
من جهة أخرى تتعاون كل من وزارتي العدل والداخلية وجامعة الملك "خوان كارلوس" في طرح مشروعٍ بتمويلٍ أوروبيٍ ضد التطرف في السجون، وقال "خابيير إرّيرا جارسيا" المدير العام للتعاون القانوني الدولي والعلاقات الخارجية في مقابلة مع وكالة "يوروبرس" الإخبارية إن قضية التطرف والتجنيد في السجون هي قضية تَهم الكثيرين؛ لأن العديد من المتطرفين يتم تجنيدهم اليوم في أوروبا عبر السجون. وأكد أن إسبانيا قدّمت فكرة مشروع قوي يهم أوروبا بأسرها، ويُعتقد أنه إذا وافقت المفوضية الأوروبية على تمويل هذا المشروع، فستحصل على نتائج متميزة. وفي السياق ذاته، أطلقت وزارة الداخلية برنامجًا جديدًا لمكافحة التطرف في السجون بالتعاون مع المفوضية الإسلامية في إسبانيا (CIE)، ويركز البرنامج على مئات المتطرفين، من خلال التحدث معهم قانونيًا ودينيًا، وذلك من خلال التأهيل بتعريفهم بالعقوبة القانونية لأعمالهم وخطرها على المجتمع وكذلك التعريف بالتطرف من المنظور الديني ومدى مخالفته للتعاليم التي نص عليها الدين.  


-  خاتمة  
لا شك أن تجنيد التنظيمات الإرهابية للسجناء أمر في غاية الخطورة، حيث أنه ينتشر بين مجموعة من المنحرفين في الأساس أخلاقياً وسلوكياً، وأنه حالَ اعتناقهم هذا الفكر المتطرف سيتضاعف تهديدهم وسيتعاظم خطرهم على بقية أفراد المجتمع. ومن هنا يوصي مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بأن تولي السلطات الأمنية كافة اهتماماً بهذه القضية التي يتزايد ضررها يوما بعد يوم بهدف محاولة اجتثاث هذا التطرف من جذوره.  وفي سبيل تحقيق هذا الهدف يوصي مرصد الأزهر بعقد مجموعة من الدورات التوعوية والثقافية بشكل دوري داخل السجون، وعزل المتطرفين خاصة القيادات المؤثرة عن غيرهم من أصحاب الجرائم العامة سداً لثغرة تسرب الأفكار المتطرفة إليهم، بالإضافة لعقد برامج تأهيلية كاملة للسجناء كافة يقوم عليها عدد من الخبراء المتخصصين في علم النفس والاجتماع وعلوم الأديان وذلك خلال قضائهم مدة العقوبة؛ بهدف تحويلهم إلى أسوياء فكرياً وسلوكياً بما يضمن اندماجهم مع المجتمع وإسهامهم فيه بشكلٍ إيجابيٍ؛ كي يصبحوا أداة للبناء والتعمير لا للهدم والتخريب. كما يوصي مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الجميع بوجه عام ضرورة اتخاذ إجراءات وخطوات استباقية تتلاءم مع استراتيجيات الجماعات المتطرفة الحالية وكذلك ما يستحدث منها. 
الجدير بالذكر أن  مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يعمل على مجابهة أصحاب الفكر الضال ممن يتخذون الدين ستاراً لأعمالهم الإجرامية من خلال نشر صحيح الدين والرد على الشبهات والقضايا المثارة بعدة لغات أجنبية، ومن بين هذه الأعمال ما نشره المرصد عبر حملة تصحيح مفهوم الجهاد وكذلك الحملة التوعوية التي نُشرت بكل اللغات الأجنبية العاملة في المرصد  تحت عنوان "يدّعون ونصحح" التي ردت على عدد من القضايا التي يستند عليها التي يستند عليها المتطرفون ويأمل المرصد أن تتضافر جهود الجميع لمنع تطور وانتشار هذه الأفكار الضالة الهدامة التي لا تقتصر إساءتها على الدين فقط بل إنها تسيئ إلى مفهوم الإنسانية والتعايش بوجه عام.  


وحدة الرصد باللغة الإسبانية
 

طباعة