تفيد الأخبار والتقارير التي يتابعها "المرصد" في الأيام الأخيرة، إلى أن هزيمة "داعش" في العراق لا تعني بأيِّ حالٍ من الأحوال السيطرةَ على التنظيم؛ فالجيش العراقي يحاول بكل السبل استعادة "الموصل" خلال شهر رمضان من أيدي التنظيم، وقد نجح الجيش العراقي في استعادة اثنين من الأحياء القديمة في "الموصل"، ويواصل الجيش العراقي تقدّمه في المدينة، ولكن التنظيم يحتجز حوالى 200,000 من المدنيين في الأزقة والحواري الضيقة، ويتخذهم كدروع بشرية، وكلُّ مَن يحاول الهرب يتمّ قَنْصُه أو ضربه بقذائف الهاون.
على جانب آخر، تستعد القوات الكردية بمعاونة المليشيات السنية، وبغطاء من القوات السورية الديمقراطية، لاقتحام مدينة "الرقة"، خلال الأسابيع القادمة، والتي تُعتبر العاصمةَ الخاصة بالتنظيم، ويتم التخطيط لهذه العملية منذ أكثرَ من تسعة أشهر، مِن قِبَل الدبلوماسيين، ويغادر القياديون في التنظيم في هذه الآونة مدينة "الرقة"، إلى وادي الفرات بين مدينة "الميادين" و مدينة "بو كمال"، على ضفاف النهر بالقرب من الحدود العراقية.
ولكن التنظيم يحاول تغيير التكتيك الخاص به؛ فقد أصبح يعاني من الخسائر في صفوف المقاتلين بصورةٍ ملحوظة، وقد ضُيّق عليه الخِناقُ، فلم يَعُدْ يستقبل مجاهدين جُددًا للقتال في أرض الحرب، سواء كان ذلك في العراق أو في الشام؛ ولأجل ذلك دعا التنظيم أتباعه، الذين عجزوا عن الهجرة إلى القتال، إلى القيام بهجمات في البلاد الغربية بدلًا من ذلك، ولذلك فإن دعاية "داعش" تعمل في شهر رمضان على حثّ أتباعها على مهاجمة هذه البلاد الكافرة، بالدهس بالسيارات أو الضرب بالسكاكين أو إطلاق الأسلحة النارية، وهذا هو ما تمّ بالفعل في "لندن"، وادّعت "داعش" تَبنِّيَها هذه العملياتِ.
ولقد خسر تنظيم "داعش" أهم ما كان يميزه عن أي تنظيمٍ إرهابي آخَر، فلم يعد التنظيم يسيطر على المناطق التي كان يحكمها بطريقته، التي كانت توفّر في الوقت ذاته الرعاية الأساسية للسكان، ولا تعتمد على جباية الضرائب وتوفّر لهم المُرتّباتِ، حتى الحِسبة، وهي الشرطة الدينية للتنظيم، لم تعد تظهر في "الرقة" كما كانت؛ فقد انضمّ أعضاؤها إلى الخدمة العسكرية، وبدأ المقاتلون من التنظيم يعتمدون في الغالب على أنفسهم، و أصبحوا لا يتقاضَوْن رواتبهم بصورةٍ منتظمة، وبدأت تتغير استراتيجيتهم العسكرية؛ فأخذوا ينظمون أنفسهم في شكل خلايا محلية صغيرة، وأما بالنسبة للهياكل العسكرية فإنها تعمل في أضيق الحدود، فقد هلك أغلب قيادات التنظيم أثناء الضربات الجوية للتحالف، وأثناء القتال مع القوات السورية والقوات الروسية المشتركة.
وحدة الرصد الألمانية