"داعش" لعنة العصر

  • | الثلاثاء, 13 يونيو, 2017
"داعش" لعنة العصر

إن التطرف الدموي في الهند على وشْك اكتساب بصمةٍ عالمية، حيث أصبح التطرف والتجنيد أكثر تطورًا بفضل وسائل الإعلام الاجتماعية وشبكة الانترنت. وهذا يُمثّل اختلافًا واضحًا عن الماضي، عندما كان التطرف الدموي مرادفًا تقريبًا للتمرد في شبه القارة الهندية.

تعتمد "داعش" في استقطابها وتجنيدها للشباب الهندي ودعوتهم إلى اعتناق الأفكار المتطرفة على كارت "الاضطهاد والقمع الديني"؛ حيث تقوم بالمراقبة عن كَثَبٍ لكافة حوادث الاضطهاد الديني في جميع أنحاء الهند، لا سيّما “جامو وكشمير”؛ لجذب المتعاطفين مع التنظيم عبر المنتديات ومجموعات الدردشة والمجلات التي تصدر بلغاتٍ مختلفة، وأشرطة الفيديو والصور، التي تُعتبر وسيلةً منخفضةَ التكلفة بالنسبة للتنظيم، وتضمن له وصولَ رسالته إلى أكبر عددٍ ممكن من الأشخاص. ففي غضون ساعات من تغريدة المغني "سونو نيغام" حول الأذان، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، ودُشّنت العديد من القنوات على تطبيق "التليجرام"، يديرها أفراد ينتمون لتنظيم "داعش"، أو متعاطفون مع التنظيم ومتواجدون بالهند. وانتشرت كذلك على هذه القنوات "سكرين شوت" لتغريدة هذا المغني، وكان معظم الأعضاء المنضمة لهذه الجروبات شخصيات من الهند أو من دول الجوار مثل بنجلاديش وغيرها.

ومن بين الحوادث الأخرى التي تم رصدها مِن قِبَل التنظيم الإرهابي، وقام باستغلالها في تجنيد الشباب، دعوات التنظيم للثأر من الحكومة الهندية؛ بسبب ما أسماه بـ"حملات الاعتقالات الظالمة"، وبسبب القمع الذي تقوم به الحكومة الهندية ضد الشعب الكشميري. ومن أبرز الرسائل التي بثّها التنظيم لاستقطاب الشباب مستغلًّا القضيةَ الكشميرية، الرسالة التي نشَرها وقال فيها: "ادعُ لكشمير في صلاتك، القمْع مُكثّف حقًّا! ويتعرض الشباب للضرب بالعصيّ على وجوههم وقتْلهم على يد القوات الهندية الكافرة ".

بالإضافة إلى وسيلة الإغراق الإعلامي؛ حيث يتخذ التنظيم مجموعاتِ الدردشة التي يرتادها الشباب في جنوب آسيا، لنشر صورٍ وفيديوهات لمقاتلين ينتمون له وهم يطلقون البنادق، وينفذون هجماتهم في سوريا والعراق، أو من خلال نشر بوستات تتناول نقاشًا حول بعض الآيات القرآنية والمفاهيم الإسلامية، وعَرْض وجهة نظر التنظيم الإرهابي وتفسيره لها بما يتناسب مع غايته.

تؤكد التحقيقات أن الهند وحدها يوجد بها ما يقرب من سبع وحدات إرهابية تنتمي لتنظيم "داعش" الإرهابي، ورغم ذلك لم تُنفّذ واحدةٌ منها أيَّ هجومٍ إرهابي كبير في البلاد، خاصّةً بعد نجاح قوات الأمن الهندية في إحباط العديد من المؤامرات، وإفشال العديد من الخطط قبل وقوعها. لكن تُعَدُّ أول ضربة "ناجحة" للتنظيم الإرهابي في الهند؛ انفجار قنبلة في قطار الركاب "بهوبال – أوجين" في ولاية "مادهيا براديش" في 7 مارس الماضي، ممّا أدّى إلى إصابة 10 ركاب.

على الرغم من أن "داعش"  قد أعلنت عزمها توسيع نطاق عملها في شبه القارة، إلا أنها لم تتمكن من إحراز تقدّم كبير في الهند، خاصة مع الأعداد القليلة التي تنضم إليهم من الشباب الهندي.

 إن من أخطر ما تواجهه الهند حاليًّا وجود العديد من الجماعات الإرهابية المحلية، التي استلهمت أيديولوجية "داعش" في التطرف، الأمر الذي جعل الحكومة الهندية تواجه صعوبةً كبيرة في تتبّع نشاط "داعش"، والتفريق بين هجمات التنظيم الإرهابي وهجمات الجماعات الإرهابية المحلية هناك. 

ومما يثير القلق أن العديد من الأفراد الذين أُلقي القبض عليهم بسبب تورطهم في بعض الهجمات الأخيرة، هم من الشباب ذوي التثقيف الجيد والمهن المرموقة، مثل: الأطباء، والمهندسين. وهؤلاء الرجال غالبًا ما يتم استقطابهم من خلال  شبكة الانترنت، أو من خلال شبكاتٍ إرهابية، مقرها باكستان. 

ففي تقريرٍ صادر عن مكتب المخابرات الهندية عام 2016 حول الشباب الهندي المنضم إلى "داعش" في العراق وسوريا، تبيّن وجود أكثر من 700 شخصٍ قد انضموا إلى "داعش"، من بينهم 20 تم التعرف عليهم. وخلال العامين الماضيين، ألقت وكالة التحقيقات الوطنية  القبض على75 شخصًا، من بين الأشخاص المتهمين باستقطاب وتجنيد مزيدٍ من الشباب عبر منصّات وسائل الإعلام الاجتماعية ، كان 21 شخصًا من ولاية "كيرالا"، و 16 من "تالينجانا"، و9 من "كارناتاكا"، و8 من "ماهاراشترا"، و6 من "مادهيا براديش"، و7 من "أوتاراخاند"، و3 من "أوتار براديش"، و2 من "راجاستان" و4 من "تاميل نادو" و1 من "جامو  وكشمير"، و"غرب البنغال". وكشفت الوكالة أيضًا أنها قد ألقت القبض العام الماضي على 52 شخصًا، بزعم أنهم إرهابيون من تنظيم "داعش"، بعضهم كان هندوسيَّ أو مسيحيَّ الديانة ثم تحول إلى الإسلام، وانضم إلى "داعش"، ومن ناحية انتماءات المعتقلين، تبيّن أن  50% منهم ينتمون إلى جماعة "أهل الحديث"، و30% ينتمون إلى جماعة التبليغ، و20% ينتمون إلى الديوبندية. 

والخلاصة أن الحكومة الهندية تعاني من ثلاثة أخطار:

 خطر هجمات "الذئب المنفرد"، على غرار بعض الهجمات الإرهابية الأخيرة في المدن الأوروبية، بما في ذلك ما وقع في باريس قُبَيْل الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة.

 وجود خلايا إرهابية خاملة تنتمي للتنظيم أو تؤيده حاليًّا، ولكن يمكن تفعيلها في أي وقت لِشَنِّ هجوم.

 تواصُل بعض المتطرفين مع منظماتٍ إرهابية أخرى؛ للحصول على الدعم اللوجستي.

وعليه؛ يرى "مرصد الأزهر" أهمية تعاون كل المؤسسات المعنية، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّةً: الفيسبوك، وتويتر، والتليجرام، وكافة المواقع على الشبكة العنكبوتية؛ لحَظْر كافة المواد التي تحتوي على تطرف أو عنف أو عنصرية أو أي موادَّ تضر بالإنسان والمخلوقات.


وحدة رصد اللغة الأردية
 

طباعة