شهادات المُنصِفين في وصف خاتم النبيين

  • | الأربعاء, 23 ديسمبر, 2015
شهادات المُنصِفين في وصف خاتم النبيين

لقد كانت شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وما زالت محط أنظار وإعجاب الجميع، من المسلمين ومن غير المسلمين، من العلماء والفلاسفة والمفكرين بل وعلماء الدين أيضا من الديانات المختلفة الذين أثنوا على شخصيته، ومدحوا صفاته وشمائله الجليلة التي تحلى بها في حياته، والتي كانت وما زالت نبراسا وضياء لأتباعه وللبشرية جمعاء، هذا وفي ذكرى ميلاده نود أن نُذكِّر ببعض ما قيل في حقه صلى الله عليه وسلم من أصوات منصفة من غير المسلمين ليعلم الجميع من هو رسول الله الذي أرسله ربه رحمة للعالمين.

فعن حياته من مولده إلى وفاته كتب جيمس إيه مايكين في كتابه "الإسلام": "محمد هو الرجل الملهم الذي أسس الإسلام، ولد قرابة عام 570 للميلاد لقبيلة عربية كانت تعبد الأوثان. ولد يتيما، وكان دائم الشفقة على الجميع وبالأخص الفقراء وفئات المعوزين والأرامل واليتامى والعبيد ومن أردتهم الحياة في غياهبها.

حقق النجاح كرجل أعمال وهو في سن العشرين، ثم أصبح مدير قوافل الإبل لأرملة ثرية. وعندما بلغ الخامسة والعشرين أدركت ربة العمل ما فيه من صفات توافقها فعرضت عليه الزواج منها، ورغم أنها كانت تكبره يومئذ بخمسة عشر عاما، إلا أنه تزوجها وظل مخلصا لها طوال حياته.

وعلى شاكلة جل الأنبياء العظام من قبله، حارب محمد بالكلام في سبيل ربه. استشعر محمد عظم حدوث الوحي له، لكن الملك أمره "اقرأ"، وحسب علمنا كان محمد أميا، لكنه بدأ يملي تلك الكلمات الموحى بها إليه حتى أحدثت ثورة في قطاع عريض من البسيطة: "لا إله إلا الله".

اتسم محمد بصبغة عملية خالصة في كل ما أتى من أمور، فلما مات ابنه الحبيب إبراهيم، حدث كسوف للشمس فسارت إشاعات بأن ذلك مواساة الله الفورية له، لكن محمد سارع إلى نفي ذلك قائلا ما معناه أن الكسوف آية من آيات الله، ومن الحماقة عزو تلك المظاهر الكونية إلى موت إنسان أو ميلاد آخر.

ولما وافته المنية شهد القوم مسعى لتأليهه، لكن الرجل الذي قُدرت له خلافة محمد وأد الفتنة في مهدها بكلمة من أبهى الكلام في تاريخ الأديان إذ قال: "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".

كما أن الزعيم الهندى الراحل المهاتما غاندى كان من أكثر المعجبين بسيد الخلق، حيث قال: "أردت أن أعرف صفات الرجل الذى يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التى من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه فى الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة فى ربه وفى رسالته، هذه الصفات هى التى مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف، وبعد انتهائى من قراءة الجزء الثانى من حياة الرسول وجدت نفسى آسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

النبي القدوة لم يكن كذلك لأصحابه وأتباعه من بعده فحسب، بل كان كذلك أيضا لغير المسلمين من العلماء والمفكرين من غير المسلمين وخير دليل على ذلك شهادات هؤلا المثقفين.

فعلى سبيل المثال يقول جوستاف فايل: "كان محمد قدوة ساطعة لقومه. شخصيته نقية وغير قابلة لما قد يكدر نقائها. تميز بيته، وملبسه، وطعامه، ببساطة نادرة. وكان من تواضعه أنه لا يتلقى من أتباعه أي إشارات خاصة من المبالغة في التبجيل، ولم يكن يقبل من خادمه خدمة ما، يقدر هو على فعلها بنفسه. وكانت مقابلته متاحة للجميع. في جميع الأوقات، كان يعود المرضى وكان يمتليء عطفاً على الجميع. وكانت نزعته للخير ومروءته بلا حدود، كما كان شديد الحرص على خير مجتمعه".

ويقول مايكل هارت صاحب كتاب العظماء المائة: "ربما يسبب اختياري لمحمد ليكون الأول في قائمة أكثر المؤثرين في العالم دهشة لبعض القراء، وتساؤلات من البعض الآخر؛ ولكنه كان الشخص الوحيد في التاريخ الذي نجح بتفوق في المستويين الديني والدنيوي. محتمل أن يكون تأثير محمد على الإسلام أكبر من تأثير المسيح وبولس مجتمعين على المسيحية. إنه مزيج لا مثيل له من التأثير الدنيوي والديني مما يجعلني أشعر أنه الفرد الأكثر تأثيرا في تاريخ البشرية".

والشاعر والأديب الألماني جوته يقول: "لقد بحثت في العالم عن قدوة، وها أنا ذا قد وجدت النبي محمد. لذلك يجب إظهار الحقيقة وإعلانها، لقد نجح، إنه الذي أحنى العالم بكلمة التوحيد". لقد كان جوته يشدد على أن محمدا لم يكن شاعرا ولا مبتدعا، وانطلاقا من ذلك يرى أنه يجب الاعتراف بالقرآن كشريعة.

وفي نفس السياق أكدت الكاتبة أنٌا ماري شيمل على أن محمدا هو القدوة الحقيقية لكل إنسان يريد أن يبدأ طريقه نحو السعادة، وعلى أن هذا النبي سيبقى أبد الدهر قدوة حسنة لأن شخصية النبي محمد شخصية متفردة، ولذا فإنه يجب على العلماء عدم مقارنته بأي شخصية من الحكام أو الساسة أو أي صاحب منصب.

جدير بالذكر أن سيرته صلى الله عليه وسلم كانت وما زالت نموذجا يحتذى به، مما دفع غير المسلمين إلى وصفه صلى الله عليه وسلم بالعبقرية الفذة ومنهم ألفونس دو لامارتين المفكر الفرنسي  في كتابه "تاريخ تركيا" حيث يقول: "قام محمد بعمل لا يتناسب إطلاقاً مع قدرة ‏القوى الإنسانية، إذ لم يكن يملك وسيلة تساعده في تحقيق هدفه سوى نفسه ومجموعة من البدائيين القادمين من أطراف الصحراء". ثم يضيف قائلا: "ما مِنْ إنسان استطاع إنجاز ثورة حققت مثل هذا الانتشار الواسع في العالم ‏ودامت كل هذا الزمن، وذلك خلال فترة قصيرة جداً؛ إذ إنه وبعد أقلّ من قرنين على تبشيره ‏بالإسلام، انتشر الإسلام عبر الدعوة والجهاد وسيطر على مناطق الجزيرة العربية ‏الثلاث، وفتح، بوحدانية الله، بلاد فارس وخراسان وترانزوكسيان (أوزبكستان وبلاد ما وراء النهر) والهند الغربية ‏وسورية ومصر وإثيوبيا وكل القارة المعروفة في إفريقيا الشمالية وعدةَ جزر في البحر ‏المتوسط وإسبانيا وجزءاً من بلاد الغال (فرنسا).‏"

وتابع بقوله: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم. لكن هذا الرجل لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة". "هذا هو محمد، الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة."

انبهار غير المسلمين بأخلاقه

أبهرت أخلاقه الرفيعة عقول الغرب وأكدوا على عدله وصدقه وحسن خلقه، مما دفع المحلل النفسي الأمريكي جولز ماسيرمان إلى القول بأن محمدا هو أعظم قائد في جميع العصور.

أما الفيلسوف الروسي تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد، والأخلاق، والتصوف، فقد انبهر بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وظهر ذلك واضحاً على أعماله، يقول في مقالة له بعنوان "مَن هو محمد؟": "إن محمداً مؤسس ورسول، وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة كاملة إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال" .

وكرجل عملي يقول الكاتب الأمريكي جيمس ألبرت ميتشنر: "لقد كان محمد عمليا جدا في كل الأمور، فعندما مات ابنه المحبوب إبراهيم، وحدث خسوف للشمس، وظهرت الشائعات أن هذا يعتبر تعزية من الله له، قام وأعلن أن هذا الخسوف ليس سوى ظاهرة طبيعية (آية من آيات الله)، وليس من المعقول أن تكون بسبب موت أو مولد إنسان".

وعن عدله يقول الكاتب الأمريكي واشينجتون إيرفين: "لقد كان عادلا في تعاملاته، وعامل الأصدقاء والأجانب، الأغنياء والفقراء، الأقوياء والضعفاء بالسوية، وكان محبوبا من العامة لدماثة خلقه معهم واستماعه لشكاويهم. لم توقظ انتصاراته العسكرية أي روح للفخر أو الاختيال أو الاستغلال في الأغراض الشخصية الضيقة. لقد ظلت بساطته في المظهر والمعاملات كما هي، سواء أيام مجده أو أيام محنته وبعيدا عن التأثر بالملك، كان يكره عندما يدخل مكانا أي مبالغات في الاحترام".

ويقول: "بالرغم من انتصارات محمد العسكرية، لم تُثِر هذه الانتِصارات كبرياءه أو غروره، فقد كان يُحارب من أجل الإسلام، لا من أجل مصلحة شخصيَّة، وحتى في أوج مجده حافظ الرسول على تواضعِه وبساطته، فكان يَمنع أصحابه إذا دخل عليهم أن يقوموا له أو يُبالغوا في الترحيب به، وإن كان قد هدف إلى تكوين دولة عظيمة، فإنها كانت دولة الإسلام، وقد حكَم فيها بالعدل، ولم يُفكِّر أن يجعَل الحكم وراثيًّا لأسرته".

وعن صدقه يقول الأديب الاسكتلندي توماس كارليل: "لقد اخترنا محمدا ليس لأنه أبرز الأنبياء، ولكن كواحد نستطيع الكلام عنه بحرية. إنه واحد من أصدق الأنبياء على الإطلاق. الأكاذيب التي تجمعت حول الرجل (محمد)، ليست سوى عار علينا، لقد سماه أتباعه الصادق الأمين. رجل الصدق والأمانة في أفعاله وكلامه وأفكاره".

كما أن المستشرق الإسباني خوان بيرنيت قد ألف كتابا حول حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه أثنى على شخص الرسول الكريم، ودائما ما كان يصفه بالصادق الأمين في أكثر من موضع داخل الكتاب. كما أكد على أن الرسول الكريم قد احترم النصارى وتسامح مع اليهود. كما كان رجلا عمليا وعادلا وعطوفا، ورفض بشدة وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالشدة أو التطرف.

ويقول لين بول في كتاب "خطب النبي محمد وكلامه على الطعام": "كان أصدق حام لمن حماهم، وأرقهم حديثا وأعذبهم كلاما، وكان التبجيل والإعظام يغمر كل من يراه فور رؤيته، ومن اقترب منه أحبه، وكل من وصفه كان يقول "لم أر له مثيلا لا من قبل ولا من بعد". كان كثير الصمت، لكن إذا تكلم فالبرهان والبيان، واستعصى على الذاكرة نسيان ما قال ..."

وها هو توماس كارليل يقول أيضا: "إني لأحب محمدًا لبراءة طبعه من الريــاء والتصنع، إنه يخاطب بقوله الحــر المبيـن قياصرة الروم وأكاسرة العجم ليرشدهم إلى ما يجب عليهم في هذه الحياة الدنيا والآخرة". وذكر في كتابه "الأبطال": "إني لأمقت كل من يرمي محمدًا بمثل هذه الأكاذيب"، ويضيف قائلا: "كانت له نفس عظيمة تعمل في صمت، فقد كان دؤوبا دائمًا، وهو مؤسس الحضارة التي انتشر نورها في العالم أجمع".

كما اعتبره الكاتب الأيرلندي جورج برنارد شو منقذ البشرية عندما قال: "دائما ما نظرت لدين محمد بتقدير عظيم، لحيويته المدهشة. لقد درست أمر هذا الرجل، فوجدته رجلا مدهشا، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيح، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية. يجب أن نسمي محمدًا منقذ البشرية. أنا أعتقد لو أنه تقلد حكم العالم الحديث سوف ينجح في حل مشاكله بأسلوب يجلب السلام والسعادة. كما ينبغي لو حكمنا على العظمة بقياس تأثير الرجل العظيم على الناس، لكان محمد هو أعظم العظماء في التاريخ، لقد أنهى العنصرية والأساطير، وأنشأ دينا قويا واضحا أقوى من ديانات اليهودية والمسيحية ودين قومه، ونجح حتى يومنا هذا أن يكون قوة ذات خطر عظيم لا يوجد في التاريخ رجل إلا محمد كان حامل رسالة، ومنشئ أمة، وموجد دولة.. هذه الأشياء الثلاثة قد أنجزها محمد جميعا".

وعن تواضع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول المؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون: "كان محمد بحسه السليم يحتقر أبهه الملك. وكان يساعد أسرته وهو رسول الله؛ يصلح نعله وملابسه بنفسه، ويحلب الشياه، وينظف المنزل (كان في حاجة أهله)".

 وفي السياق ذاته يقول إدوارد جيبون في كتابه "بزوغ الإمبراطورية الرومانية وأفولها": "رفضت أخلاق محمد أبهة الملك، بل ساعد –وهو رسول الله– أهل بيته في أعمال المنزل، فأشعل النار ومسح الأرض وحلب الماشية وخصف نعله ورقأ ثوبه. رفض محمد صكوك الغفران ومنازل الكهنوت، بل مضى مشاهَدا في ثوب العربي البسيط".

ومع تواضعه كان به شموخ لا يعلوه الكبر، ومن هنا كتب بوزورث سميث في كتابه "محمد والمحمدية": "كان في ملك قيصر وجلال البابا في آن واحد، لكنه استغنى عن كلا الأمرين: عن كهنوت البابا وسطوة القيصر. وإذا كان لأي فرد الحق في القول بأنه قد حكم بتفويض سماوي حق فهو محمد، لأنه حاز كل القوة دون أدواتها ودعائمها، إذ لم يأبه لمظاهر القوة أبدا، بل كانت بساطة حياته الخاصة واقعا في حياته العامة". كل شي مختلف في دين محمد، فبدلا من سيادة الغموض والحيرة نجد التاريخ.. فنحن نعلم تاريخ محمد الخارجي والداخلي، إذ إن لدينا تاريخا أصيلا فريدا في منشئه واحتفاظ التاريخ به... ولم يستطع امرؤ على مر التاريخ التشكيك في صدق هذا التاريخ وثبات أمره تشكيكا يستحق الاعتبار".

ويقول ميلر الكاتب البريطاني المعروف: "إن بعض الديانات تهتم بالجوانب الروحية من حياة البشر، وليس لديها في تعليماتها أي اهتمام بالأمور السياسية، والقانونية، والاجتماعية، ولكن محمداً، ببعثته وأمانته الإلهية كان نبياً، وكان رجل دولة، ومقنناً، أي واضعاً للقوانين، وقد اشتملت شريعته على أحكام وقوانين مدنية، وسياسية، واجتماعية".

وعن أخلاقه التي كانت سببا في هداية الكثير من البشر يقول الكاتب الفرنسي كورسيه : "عندما نهض محمد بدعوته، وقبل وبعد انطلاق بعثته كان شاباً شجاعاً شهماً، يحمل أفكاراً تسمو على ما كان سائداً من أفكار في مجتمعه، وقد تمكن محمد بسمو أخلاقه من هداية عرب الجاهلية المتعصبين، الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، وفي ظل حكومته الديمقراطية الموحدة تمكن من القضاء على كل أشكال الفوضى، والاختلاف، والاقتتال، التي كانت شائعة في جزيرة العرب، وأرسى بدل ذلك الأخلاق الحميدة محولاً المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع راق ومتحضر" .

وعن حبه للفقراء والمساكين وعطفه عليهم يقول تايلور في كتابه "تاريخ الحركة المحمديه وطوائفها" : "لقد كانت رحمة محمد بالفقراء كبيرة جدًا، فلم يكن يعنى فقط بسد حاجتهم، وإنما كان يتحدث معهم ويتردد عليهم، ويوليهم عنايته ورحمته وشفقته ويعيش معاناتهم. لقد كان صديقًا صدوقًا، ووليًا مخلصًا".

كما يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتابه “العرب” : "أليس من المعجزات الباهرة أن محمدا بالقوة الأدبية، وبلفظ واحد جعل الصادقين من أتباعه في حرز حريز من شر المسكرات جيلا بعد جيل، فسلم من هذا الشر مئات الملايين من البشر، ولا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، كان محمد رحمة حقيقية لليتامى والفقراء وابن السبيل والمنكوبين والضعفاء والعمال وأصحاب الكد والعناء".

 

شهادة رجال الدين من غير المسلمين

لم يقتصر الأمر على شهادات العلماء والفلاسفة والأدباء فحسب بل كان لرجال الدين من الديانات المختلفة شهادات ثناء ومدح في شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال يقول ويليام فيبس: "وحتى لا يُعتقَد أنَّ أحدًا مِن النصارى لم يَذكُر محمدًا بأي خير، فإنَّ تيموتاوس النسطوري المسيحي أسقف الكنيسة الآشورية في القرن الثامن قال: "محمد حقٌّ لكل تقدير وتكريم، محمد سلَكَ طريقَ الأنبياء؛ لأنه علَّم الناس الوحدانية، ودلَّهم على الأعمال الصالِحة، وحارَبَ الشِّرك وعبادةَ الأوثان".

وقالت الكاتبة البريطانية كارين آرمسترونغ -الراهِبة السابقة-: "لقد قدَّم مُحمدٌ الشخصية المثالية دُروسًا مُهمَّةً للبشرية، ليس للمسلمين فحسْب، بل ولأهل الغرب أيضًا".

وقال القسُّ الأنجليكاني كينيث كراغ: "لقد كان النبي محمد فريدًا ومُميزًا، ولا يُمكِن تكرارُه"، ويُضيفُ قائلاً: "لقد شكَّل القرآن الكريم إشارة مُهمَّةً ودليلاً واضِحًا على كون رسالة النبي هي وحي من الله، وبلاغة القرآن الكريم العربية كانت خير دليل على أنه وحي مِن الله".

كما قال رجل الدين الهندوسي سوامي فيفي كاناندا في مقالته (مستقبل الهند): "كان محمد رسول المساواة بين البشر.. بين جميع المسلمين". ويضيق قائلا: "محمد رسول المساواة. والآن أنت تسأل: أي شيء حسن في دينه؟ وإن لم يكن هناك أي شئ حسن، فكيف استمر هذا الدين؟ الحسن فقط هو الذي يستمر ويعيش. كانت التعاليم المحمدية بمثابة تحرير للفقراء والمضطهدين. وهذا سبب أن خمس شعبنا أصبحوا أتباعاً لمحمد. الاعتقاد بأن كل هذا حدث بالسيف والإكراه هو الجنون المطلق".

كما قام الكاتب الشاب راجيف شارما هندوسي الديانة بتأليف كتاب عن سيرة النبي بعنوان "رسالة النبي"، وكتبه بلغة الماراواري، وهي إحدى لغات الهند الإقليمية. وقال في حديث له لشبكة (The Wire) بتاريخ 26/6/2015: "بينما كنت أقرأ عن حياته أيقنت أنه قضى حياته بأكملها يواجه السلبية، وعلى الرغم من أن حياته كانت مليئة بالأحداث المحزنة، إلا أن إيمانه بالله كان صلباً كالصخر".

محمد البطل

يقول أستاذ الفلسفة الهندي راما كريشنا فى كتابه «محمد النبي»: "لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، لكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة، فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلًا".

ويقول العالم الإيطالي واكستون: لو سألني أحدهم فقال: من هو محمد الذي تمدحه كل هذا المديح؟ لقلت له بكل أدب واحترام: إن هذا الرجل المشهور، وإن هذا القائد الذي لا نظير له، علاوة على كونه مبعوثاً من الله، هو رئيس حكومة إسلامية، كانت ملجأ وملاذاً لكل المستضعفين والمسلمين، وحامية لمصالحهم الاجتماعية، فإن محمداً الذي يعد بانيَ تلك الحكومة ومؤسسها كان قائداً سياسياً بكل ما لهذه الكلمة من معنى". ويقول الفيلسوف الفرنسي كارديفو: إن محمداً كان هو النبي الملهم والمؤمن، ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التي كان عليها، إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه محمد بين أعضاء الكتلة الإسلامية كان يطبق عملياً حتى على النبي نفسه”.

وختاما نصلي ونسلم على هادي البشرية سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الذي صانه ربه وحفظه من أدنى وصف يعاب صاحبه، ثم زينه وكمله بأفضل الصفات والخصائل، فقال: (‎وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ‎)، ثم بعثه لينشر شذاها بين البشر. صلوات ربي وسلامه عليه. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

طباعة
الأبواب: قضــايا أخرى
كلمات دالة: مرصد الأزهر