الكلُّ سيُشارك في مواجهة "داعش".. فادعموهم!

  • | الأحد, 2 يوليه, 2017
الكلُّ سيُشارك في مواجهة "داعش".. فادعموهم!

Image

في ظلِّ ما يعانيه العالَمُ من أحداثٍ تُدمي القلوبَ، وما يقاسيه مِن ويلاتٍ ممّا تبثُّهُ الجماعاتُ المتطرفةُ مِن فزعٍ وإرهابٍ، لِقلوبٍ باتت أسمى أمانيها أن تعيش في سلامٍ وهدوءٍ، وفي خِضَمِّ ما تقترفهُ هذه الجماعاتُ والتشرذمات مِن جرائمَ تتنافى مع إنسانية الوجود، وفي إطار متابعته الدءوبة لكلِّ ما يُهدِّدُ أمنَ البلادِ والعباد من تطرّفٍ وإرهابٍ؛ قام "مرصد الأزهر" بتسليط الضوء على المحاولات الجادّة والحثيثة والنيّات الصادقة والعزم الأكيد على مجابهةِ كلِّ مَن ينوي بالعالَمِ دمارًا ويريدُ بأمنِهِ عَبَثًا.

حيثُ قام "المرصدُ" بإصدارِ تقريرِهِ هذا؛ لِيضعَ أعينَ الناسِ على مُجرياتِ الأمورِ بدولٍ يعتقدونَ أنها لا تُحرّك ساكنًا في مجابهة الأيديولوجيات المنحرفة ومكافحة أعمالِ العنف وجرائمِ الإرهاب؛ فها هي دول الساحل الإفريقي: "موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد"، تعمل في إطارٍ مؤسسيٍّ لمكافحة الأعمال الإرهابية في المنطقة، ودعْم مجالات التعاون الإقليمي؛ بُغْيَةَ نشرِ سياسات التنمية والأمن.

ويؤكدُ "المرصدُ" أنَّ مقر الأمانة العامة لهذه المجموعة، المكونة من خمسِ دولٍ، والذي  تَحدّدَ مكانُهُ الدّائمُ بموريتانيا، قد استقبل أكثرَ من جِلْسَةٍ لها، وشَرَعَ فعليًّا في اتخاذ بعض القرارات الهامة، نذكرُ على رأسِها: إنشاءَ قوّةٍ عسكرية مشترَكة -في نوفمبر من عام 2015م- لمكافحة الأعمال الإرهابية التي تشنها الجماعات القتالية في شمال مالي، والتي تُهدّد المنطقة بأسرها، فمنذ عام 2012م، وهذه المساحة الشاسعة من الأرض الغنية بالموارد المعدنية والطاقة، يحتشد بها مئات المقاتلين الموالين لتنظيم "داعش".

لكن تُرى، هل ستَقوى هذه الدولُ الخمسُ على إنفاذِ ما عَزمتْ عليه؟ أم أنها ستكون بحاجةٍ إلى دعمٍ خارجي، على مستوى القارّة، وعلى مستوى العالَم؛ كي تدخلَ هذه القوّةُ في إطار التنفيذ؟ نظرًا لما تُعانيه هذه الدول من فقرٍ وعَوَزٍ.

Image

 

وما دفعَ هذه الدولَ الخمسَ لاتخاذ هذا الموقف وإنشاءِ هذه القوة المشترَكة، هو تصاعدُ حِدَّةِ أعمالِ التطرف وجرائمِ الإرهاب؛ لذا فقد آنَ الأوانُ وأصبحَ من الواجب تضافرُ الجهود لمواجهة التحديات، وربما لن تَضِنَّ هذه الدولُ الفقيرةُ المُعْدِمَة بجهدٍ سيكونُ بالفعلِ جَهيدًا إذا تَمَّ إمدادُها  بالإمكانيات، بل إنَّها ستكون حتمًا مقدّمةَ الصفوف لمحاربة الإرهاب؛ نظرًا لما تُعانيه من تهديدٍ مباشرٍ على حياتِها واستقرارِها.

Image

وجديرٌ بالذكرِ، أنَّ فرنسا هي الدولة التي تتزعم مكافحة الإرهاب في هذه المناطق، وبالأخصّ في شمال مالي؛ حيثُ إنَّ هناكَ ما يَقْرُب من 12000 من قوات حفظ السلام بها، لذا فهي تدعم هذه المبادرة "إنشاء القوة المشتركة" بنسبةِ مئةٍ بالمئة، وذلك من خلال العملية "برخان"، التي تُقدّم دعمًا لمجموعة الدول الخمس لمنطقة الساحل، وخاصّةً في المجال الاستخباراتي.

ونشيرُ هنا إلى أنَّ منطقة شمال مالي هذه هي المعقلُ الرئيسُ للجماعات الإرهابية، والتي تمدّدت أعمالُها الإجرامية في هذه الآونة الأخيرة؛ حتى طالت وسط مالي، والدولَ المجاورة لها، مثل: بوركينا فاسو؛ لذا فإنَّ هذه الدول الخمس من خلال تشكيلها لهذه القوة المشتركة تسعى إلى تشكيلِ جيشٍ إقليميٍّ قادرٍ على محاربة الإرهاب بشكلٍ فعّالٍ، وبخاصّةٍ في المناطق التي ينعدم فيها الأمنُ بشكلٍ عامٍّ؛ كالمنطقة الحدودية التي تربط بين كلٍّ مِن: مالي، وبوركينافاسو، والنيجر.

ومن الممكن أن يصل تَعداد هذه القوة إلى 5000 فردٍ، ترأسُها كلُّ دولةٍ لمدةِ سنةٍ قابلةٍ للتجديد. والجديدُ في الأمر هو أنّ هذه القوّةَ تتشكّل من فئتين: فئةٌ حربيّةٌ، والأخرى شُرطيّةٌ، والتي ستكون مهمتها مكافحة تجارة المخدرات وتهريب الأموال والاتّجار بالبشر.

Image

ولكن قبلَ ظهور الجيش المُشكَّل من مجموعة الدول الخمس لمجموعة الساحل الإفريقي، الذي سيقوم بتنفيذ العمليات في هذه المنطقة؛ فإنّ هذا الجيش سيكون في حاجةٍ للتأهيل والتدريب والدعْم الماليّ. وفي هذا الجانب، سيتمّ تدريبُ العديدِ من الضباط خلالَ الأشهر المقبلة، من خلال العملية "برخان"، وفيما يتعلق بالدعم المالي؛ فإن دول مجموعة الخمس قد قدّمت طلبًا إلى الاتحاد الأوروبي، للحصول على 50 مليون يورو، وقد صرَّحَتْ "فيدريكاموغيريني"، رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، بتلبيةِ ذلك الطلب. ويرى "المرصد" أنّ في هذه الخطوة إيماءةً إلى أنّ العالَمَ بدأ يستيقظ ويَهُبُّ مِن سُباته؛ لِيواجهَ فِكرًا، لو تَركَ له العِنانَ؛ لأورَدَهُ المَهالِكَ.

طباعة