لطالما حذّر "مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف" من مغبّة تملّك الجماعات المتطرّفة والتنظيمات الإرهابية لسلاحٍ إعلاميٍّ لا يقلّ في خطورته عن الأسلحة المستخدمة في ساحات المعارك، ولعلّ المتابع للنشاط الإرهابي يجد السلاح الإعلامي قد احتل واجهة الأحداث خلال الآونة الأخيرة؛ حيث عملت الجماعات الإرهابية على استغلال أذرعها الإعلامية في استقطاب الشباب وكسْب تعاطف الشعوب، كما أشار "المرصد" في غيرِ تقريرٍ وبيانٍ إلى أنّ السلاح الإعلامي له دورٌ بالغُ الأهمية في الحرب على الإرهاب، لاسيما وأن الجماعاتِ المتطرّفةَ صارت تعتمد عليه بشكل كبير، حتى أصبح لكل جماعة أو تنظيم جناح إعلامي أو أكثر ينشر من خلاله موادَّ مقروءةً ومسموعة ومرئية؛ بهدف الترويج لدعاياته الباطلة وفكره الخبيث وفتاويه الشاذة، ويسعى لفرض سيطرته على الأبصار والأسماع أملًا في السيطرة على العقول والأفهام. ولـ "مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف" سعيٌ حثيثٌ في متابعة كافة إصدارات تلك الجماعات من مجلات ومنشورات ومقاطع مسموعة وإصدارات مرئية بالرصد والتحليل والرد، وفي هذا الشأن يقدّم "المرصد" تعليقه على أحدث إصدارات "حركة الشباب الصومالية"، والذي جاء بعنوان: "وحرّض المؤمنين"، وهو إصدارٌ مرئيٌّ باللغة السواحيلية استغرق نحو تسع دقائق مع ترديد مجموعة من الأناشيد التي تُشجّع على القتال في الخلفيّة.
وقد بدأ هذا المقطع بعرض صورة لمقاتلي الحركة مكتوب عليها: "اسلكوا هذا الدرب"، في دعوة صريحة للشباب لاتباع الحركة وسلوك مسالكها، ثمّ عرض بعض الصور لمقاتلي الحركة الذين قُتلوا واصفًا إياهم بالشهداء، مع عرضِ صورٍ لهم مصحوبة بنشيدٍ ديني يدعو إلى القتال والهجرة، بزعْم أن هذا هو النهج القويم الذي دعا إليه القرآن الكريم والذي سيوصّل متبعيه إلى جنة عرضُها السماواتُ والأرض، ثمّ يُظهر المقطع أحد عناصر الحركة متحدّثًا عن الآخرة وأنها خيرٌ من الدنيا، وذكر أن الجنة بها النعيم المقيم وأن الطريق لهذا النعيم الأبدي هو طريق السلاح أي القتال، كما دعا ذلك المتحدّث إلى الخروج في سبيل الله من أجل استحقاق رحمته تعالى، مشيرًا إلى أن الجهاد هو طوق النجاة الوحيد من عذاب الله؛ لأن المكوث في دار الكفر - حسَب تعبيره - لا فائدةَ منه سوى انتظار الموت. وخصّ الهجرة إلى "الصومال" بالذكر؛ من أجل الانضمام للحركة والجهاد ضمن صفوفها. واختتم كلامه بالدعاء بأن ييسر الله الهجرة لمن يريدها وأن يوفق عناصر الشباب إلى شَنّ المزيد من العمليات. وفي نهاية المقطع عُرضت بعض الصور لعددٍ من عناصر الحركة وهم ينشدون أناشيدَ دينيّةً، مع مقطعٍ صوتيٍّ للشيخ "عبود روجو" وهو يتحدث عن الجنة ونعيمِها.
و"المرصد" إذ يتابع هذا الإصدار، فإنه يؤكد أهميّةَ التصدي لجماعات العنف والإرهاب من جنس السلاح الذي يستخدمونه في حربهم؛ إذ يتطلّب نشرُ الفكر وتغيير الأيدولوجيات جهودًا مضاعفًة حتى تؤتيَ أُكُلَها وتجنيَ ثمارها، الأمر الذي يعمل "المرصد" على القيام به بكل ما أوتي من قوة؛ أملًا في أن يكون له دورٌ فعّالٌ في إنقاذ البشرية من براثن التطرّف ومستنقع الإرهاب. كما يؤكد "المرصد" أن صدور هذا الإصدار في هذا التوقيت إنما هو محاولة من "حركة الشباب" لتسويغ أعمالها الإرهابية التي زادت وتيرُتها خلال الآونة الأخيرة، سواءً في الصومال أو كينيا، مما يبيّن أن هذه الجماعاتِ لا تتوانى عن استغلال أيِّ فرصةٍ لنشْر فكرها؛ ممّا يَستلزمُ مواجهةً دءوبةً تتبنّى الفكر المضاد الداعيَ إلى البناء لا الهدم، والتأمين لا الترويع، والإنماء لا الإفناء.
وحدة رصد اللغات الإفريقية
يوليو 2017م