استخدام داعش لوسائل التواصل الاجتماعي

  • | الجمعة, 4 ديسمبر, 2015
استخدام داعش لوسائل التواصل الاجتماعي

لم يعتد العالم أن ينعم بفترات طويلة من السلم والأمان، ولطالما يظهر الإرهاب الذي لا ينتمي في الحقيقة إلى دين أو عِرق بعينه، وإنما هو المغالاة والتطرف والانحراف والمصالح الخفية. ومن أبرز المنظمات الإرهابية التي ملأت الساحة العالمية ضجيجا في الآونة الأخيرة ما يعرف بتنظيم داعش. وكما يرى الباحثون في هذا الشأن فإن داعش يتفوق في صناعة إعلام ذي طبيعة خاصة، تمكنه من إيصال رسائل محددة ومعدة جيدا إلى أكبر عدد من المستهدفين. كما يحاول دائما إغراء الإعلام الذي يتهافت على نقل صور العنف ومشاهد الإعدام التي تثار بين فترة وأخرى ونشرها على أوسع نطاق. ويشير المراقبون أن التنظيم يبرع في إظهار العنف لإظهار أنه دائما مسيطر.

 

الصورة النمطية لتنظيم داعش

 اعتاد العالم على صورة معينة رسمها التنظيم لنفسه منذ بدايته، وهي صورة تمثل القوة والعنف والتحدي للجهات الأمنية، وبفضل العدد الكبير من المؤيدين وباستخدام تقنيات تصوير عالية تمكن داعش من فرض تأثيره على الطريقة التي يشاهده بها العالم من خلال نشر صور لأعمال العنف التي يقوم بها، بما في ذلك صور تنفيذ الإعداموقطع رؤوس الصحافيين الأجانب وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، في الوقت الذي يستخدم فيه وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد عناصر جدد.

داعش ورسم صورة جديدة له في أذهان العالم

في تطور جديد وبعيدا عن الصورة النمطية لتنظيم داعش من عنف وتفجير وقطع للرؤوس، بث التنظيم فيديو يتبنى فيه طريقة جديدة في الدعاية عبر الإنترنت، حيث يدعو الراغبين في قضاء أجازة ممتعة والخلود إلى الاسترخاء والراحة أن يقضوا عطلة فيما يسمى دولة الخلافة بالعراق، حيث تتوفر لهم حمامات السباحة وملاعب الأطفال ووسائل الترفيه، إضافة إلى الاستمتاع بالصيد وتربية النحل وجني العسل، مما يعكس مدى مرونة العقليات التي تخطط لهذا التنظيم، فمن لا يمكن تجنيده من خلال القوة والترهيب ربما يتأثر بالصورة الحالمة التي يعكسها مثل هذا الفيديو، والذي يدل على أن الحياة في ظل هذا التنظيم ليست هي الصورة القاسية والفجة المتداولة في الإعلام.

 

داعش تسوق لأراضيها كوجهة لقضاء العطلات

وفي نفس إطار الترغيب في الانضمام إلى صفوفهم تستخدام داعش الرسائل البصرية الجذابة وألعاب الفيديو كوسيلة جديدة لجذب الشباب إلى الجهاد، طبقا لما صرح به كولونيل في الحرس المدني بإسبانيا، ومن ذلك إطلاق الألعاب الحربية مثل "نداء الواجب"والتي أصدر منها تنظيم داعش نسخة خاصة به حيث يتم فيها تبادل أدوار الخير والشر.

وعن المحاولات التي يقوم بها التنظيم بطرق مختلفة لجذب العديد للانضمام إليه كان تنظيم داعش قد قام في مارس 2015 بإطلاق شبكة خاصة به تحت اسم خلافة بوك على نهج الفيس بوك، إلا أنه سرعان ما تم إغلاقها. وكان الغرض منها تحسين صورتهم وإظهار أنهم ليسوا فقط حاملي أسلحة وقاطني كهوف، ولكنهم يحاربون ضد أعداء الله وسيحكمون العالم وسيعيش الجميع في سلام "تحت ظل الشريعة". كما قام التنظيم للمرة الأولى بنشر فيديوهات تحوي ترجمة رمزية لرسائلهم موجهة للصم والبكم.

الجماعة الجهادية تطلق في مارس الماضي موقع خلافة بوك

 

داعش وبرامج التواصل الحديثة

 تتطور آليات ووسائل التواصل بتسارع مستمر في العصر الحديث، ومما لا شك فيه أن تنظيما مثل تنظيم داعش لا يفوته استغلال برامج التواصل الحديثة لنشر أفكاره وتجنيد المزيد للانضمام لصفوفه.ومن المؤكد أن المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مثل "اليوتيوب" و"تويتر" و"الفيسبوك" و"الواتس أب" و"الانستغرام" أصبحت الأداة الأهم في يد الجماعات الإرهابية لنشر أفكارها ومعتقداتها ووضع خططها وتنفيذ أهدافها وتجنيد أعضائها. ومما يؤكد تطور استغلال داعش لمواقع التواصل الحديثة تأتي تصريحات وزير الداخلية الإسباني خورخى فيرنانيث دياث في الشهر الجاري بمجلس النواب، والتي تتضمن أن 80% من عمليات التجنيد الآن تتم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بينما 20% فقط تتم داخل السجون أو المساجد. فيما كانت هذه النسبة منعكسة في عام 2012، حيث كان يتم تجنيد الجهاديين في السجون ودور العبادة بنسبة ثمانية أشخاص من كل عشرة، بينما 20% فقط كان يتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ فيما يعكس تطورا ملحوظا في إدراك أهمية الوسائل الإلكترونية.

 ومن الملاحظ أن موقع تويتر يحظى بالنصيب الأكبر من استخدام داعش في الوقت الراهن.

داعش وتويتر

في دراسة أعدها معهد بروكينغز حول تواجد داعش على مواقع التواصل الاجتماعي،أوضحأن التنظيم قد استغل هذه المواقع، وبشكل خاص موقع "تويتر"، لنشر دعايته وإيصال رسائله إلى العالم.

وأضافت الدراسة أنه رغم كل ما كتب عن نشاط تنظيم داعش على تويتر، إلا أن من بين الأسئلة الجوهرية التي لم تلق إجابة هو عدد المؤيدين لــ "داعش" من مستخدمي تويتر، ومن هم، وكم عدد المنخرطين في الأنشطة الإلكترونية المنظمة عبر مواقع التواصل.

موقع تويتر هو الأكثر استخداما لدى أنصار تنظيم داعش

وفيما يتعلق بعدد حسابات مؤيدي داعش على تويتر، قدّرت الدراسة وجود أكثر من 46 ألف حساب،ويتوافق ذلك مع ما صرح به مؤخرا سكرتير الدولة للشئون الأمنية بإسبانيا من وجود حوالي 46 ألف حساب على تويتر، منها 30 ألفا لأشخاص، والباقي لبرامج معلوماتية تحاكي الإنسان، وأن غالبية التغريدات باللغة العربية،بالرغم من وجود 18% باللغة الإنجليزية، و7% باللغة الفرنسية.

فيما يصل عدد حسابات الجماعة على تويتر وفقا لتقديرات أخرى إلى 90 ألفا، معظمها بسوريا والعراق، لكنها توضح أن هذه الحسابات تشمل "مؤيدين مخفيين" و"عملاء استخباراتيين" تابعين للتنظيم المتشدد بالإضافة إلى حسابات لعملاء استخباراتيين مناهضين له بهدف مراقبة نشاطاته الإلكترونية. وأضافت أن بعض تلك الحسابات كانت ناشطة ولكن تم تعليقها فيما بعد.

 وفي العموم خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:

التقدير الأصح لعدد حسابات المؤيدين العلنيين لـ "داعش" على "تويتر" هو46000.

التقدير الأقصى لعدد حسابات المؤيدين لـ "داعش" على "تويتر" هو 90000.

معظم الحسابات هذه تم إنشاؤها في عام 2014، وتحديداً في شهر سبتمبر.

متوسطعدد التدوينات اليومية لكل حساب 7.3 تغريدة.

التغريدات قياساً إلى كل مستخدم هو 2219.

معدل المتابعين لكل حساب هو 1004.

فيما يتعلق باستخدام الهواتف جاءت النتيجة على الشكل التالي:

 69 في المائة للهواتف العاملة على نظام "أندرويد"، 30 في المئة لهواتف "آي فون"، و1 في المائة لهواتف "بلاكبيري"[7].

 

داعش وبرامج التواصل الأخرى

يستخدم كذلك أنصار تنظيم داعش تطبيق Ask.fm للإجابة على بعض الأسئلة عن الحياة اليومية وعن أمور عادية، إضافة بالطبع للتجنيد ضمن صفوف داعش. ويعلن المسئولون عن هذا التطبيق أنهم يقومون دائما بإزالةهذهالصفحات التي تتبنى العنف أو تشير إلى أية أنشطة غير مشروعة.

داعش يستخدم تطبيق ask.fm في تجنيد الشباب

كما يتجاوز مستخدمو الشبكة هذه التطبيقات إلى استخدام برامج ذات سرية أعلى مثل برنامج KIK  وهو تطبيق للرسائل عبر الهواتف الذكية. هناك أيضا المنتديات الجهادية على الشبكة حيث يتم تبادل المعلومات باستخدام برامج التشفير المتقدمة. هذه البرامج والتطبيقات ذات التغطية العالية تسمح لمؤيدي التنظيم بالتواصل مباشرة مع المجندين وتسهيل عبورهم للحدود . وفي نفس الإطار كان  مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI جيمس كومي قد أعلن أن استخدام داعش للبرامج المشفرة يحول دون الحد من محاولات تنظيم "داعش" تجنيد الأمريكيين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أن فك التشفير بالنسبة لـ FBI مسألة صعبة، كما أوضح أن هناك توازنا بين الرغبة في اعتراض الاتصالات وبين القلق المتزايد بشأن الخصوصية.

 

داعش يسخر ألعاب الفيديو جيم لتجنيد المزيد من الشباب

وبجانب إصدار داعش لمجلة "دابق" الشهرية باللغتين الإنجليزية والفرنسية، والتي صدر منها حتى الآن عشرة أعداد، وسعيا وراء الوصول إلى عدد أكبر من المتابعين، تنظيم داعش يطلق تطبيقا خاصا به على نظام الأندرويد يمكِّن متابعيه من الاطلاع على آخر أخبار التنظيم أولا بأول، يضم صورا وفيديوهات ونشرات إخبارية لراديو "البيان". وقد أنشأ التنظيم هذا التطبيق بعد التضييق والحصار الذي يتعرض له على شبكات التواصل الاجتماعية مؤخرا، رغم أن هذا التطبيق لا يمكن تحميله عبر Play store  إلا أنه من السهل الوصول إليه عبر روابط أخرى.

 

كذلك يقوم التنظيم الإرهابي باستخدام الشبكة الإلكترونية في أعمال مخصوصة، منها:

اختراق حسابات تويتر لمسئولي البنتاجون في يناير الماضي.

بيع الآثار والأشياء المنهوبة عبر الانترنت والتي يتم تهريبها غالبا عبر تركيا ويسهم ذلك بقصد أو بدون قصد في إثراء أعضاء التنظيم.

 

ثانيا: الجهود المضادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي

كثيرا من الجهود تبذَل على نفس ساحة الحرب الإلكترونية لمواجهة التنظيمات الإرهابية،ومن ذلك:

تقوم إدارة مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارًا، تويتر والفيس بوك واليوتيوب، بحملات منظمة لحذف حسابات مؤيدي تنظيم الدولة أو المروجين له المعروفين باسم الأنصار، وفقا لتصريحات ناشط إعلامي سوري، ورغم جدوى هذه الإجراءات التي تستهلك الكثير من وقت الأنصار لإعادة إنشاءالحسابات، وجمع المتابعين، وهو عامل مهم في عرقلة وصول رسائل التنظيم إلى أكبر عدد من المتابعين من خلال تغريدة على موقع تويتر، أو منشور على الفيس بوك، لكن هؤلاء يرون فيه تحديًا لتلك المواقع، وحربًا مضادّةً يخوضونها دون كلل أو ملل.

أطلقت منظمة بريطانية ضد التطرف تسمى "كويليام" مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" في محاولة للرد على تكتيكات تنظيم داعش المتطرفة، التي تسعى لتجنيد الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. حيث أطلقت منظمة "كويليام" المناهضة للتطرف، ومقرها لندن، مقطع فيديو يستهدف من هم عرضة للتطرف بتلقيهم عروضا ورسائل إلكترونية من تنظيم داعش. من الجدير بالذكر أن هذا الفيديو تم إعداده من قبل عدد من علماء النفس والخبراء العسكريين واللغويين. كما تم تمويل هذا الفيديو من 150 جهة مانحة من 10 دول مختلفة. كما يعد هذا الفيديو بداية لحملة ضد داعش على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر ويوتيوب. هذا وتطالب المنظمة بكثير من هذه الحملات لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي وحملاته.

تسعى الأمم المتحدة إلى الاستعانة بالفيس بوك وتويتر في مكافحة الإرهاب الذي يستخدم النت لنشر رسائله وبث صور وفيديوهات القتل والتعذيب، كما صرح بذلك وزير الخارجية الإسباني قبل عدة أيام في اجتماع لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة المنعقد في مدريد 28/7/2015.

شارك خبير الإعلام في الحرس المدني الإسباني في دورة تحت عنوان "المخابرات والأمن: تحليل للظاهرة الجهادية" وكانت ورقة العمل الرئيسة "الشبكات الاجتماعية: معركة جديدة". وأشار الخبير الإعلامي إلى أن هذه الوسائل تستهدف الشباب بشكل أساسي لكونه دائم الاتصال بمواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر. وأكد على أن هذا التنظيم يقوم بالإعداد الجيد والدراسة لكل ما يقوم به، وأنه يُعنى بتقديم نفسه للشباب الحديث العهد بالإسلام أو من يشعرون بالاستياء تجاه مجتمعاتهم.

قامت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا بالتعاون مع حلفائها في الشرق الأوسط بالإعلان عن تدشين مركز "صواب" لمواجهة حملات الدعاية الإلكترونية لتنظيم داعش، كما قامت بتوسيع مركز الاستراتيجيات التواصلية لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الدفاع، وهو عبارة عن وحدة صغيرة أُنشئت عام 2011.

يأتي ذلك بعد إعلان الحكومة الأمريكية وحلفائها فشلهم في توحيد رسالتهم لمواجهة داعش عبر الانترنت (يونيه 2015). وبعد إعلان وزارة الخارجية الأمريكية تكثيف جهودها لمواجهة داعش عبر الشبكات الإلكترونية، إلا أن التقرير أعلن أنها تبث آلاف الرسائل اليومية، وأنها هزمت أكثر الأنظمة التكنولوجية تقدما في العالم، وأن التنظيم هو أكثر مهارة في نشر رسالته. كما أقر بذلك سابقا مسئولو الإدارة الأمريكية.
 
النتائج
·يسعى التنظيم إلى نشر دعايا له عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر أخبار وإصدارات تشمل دعايا الترغيب والترهيب، لكن جانب الترهيب يصل إلى المتلقي متفوقًا على الآخر؛ بسبب تهافت الإعلام على نشره.
·يسعى تنظيم داعش دائما بخطوات متسارعة نحو الأحدث في استخدام التقنيات والتطبيقات الإلكترونية ويحقق ذلك بنجاح.
·بدأ داعش في رسم صورة جاذبة للشباب عبر تسخير ألعاب الفيديو والصور البراقة وتوفير أماكن ترفيهية.
·تشهد نسبة تجنيد داعش للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي ارتفاعا ملحوظا مقارنة بتجنيدهم عبر السجون أو دور العبادة.
·تويتر هو الموقع ذو النصيب الأكبر من بين وسائل التواصل الاجتماعي في استخدام داعش وأنصاره.

يقدر عدد حسابات المؤيدين العلنيين لـ "داعش" على "تويتر" بحوالي 46000.

·يتفوق تنظيم داعش على الغرب في الحرب عبر شبكات الإنترنت.
·استخدام داعش للبرامج المشفرة يعيق الجهود الأمنية في السيطرة على تجنيد المزيد من الشباب.
·هزم داعش أكثر الأنظمة التكنولوجية تقدما في العالم ويعتبر هو الأكثر مهارة في نشر رسالته.
·هناك العديد من الجهود الدولية المضادة لداعش، إلا أنها حتى الآن غير كافية.


وحدة رصد اللغة الإسبانية

طباعة