أعضاء داعش الإرهابية مختلين عقليًا

  • | الجمعة, 4 ديسمبر, 2015
أعضاء داعش الإرهابية مختلين عقليًا

لا شك أن الأعمال الوحشية التي يقوم بها أعضاء تنظيم داعش الوحشي جعلت العديد من الساسة يصفهم بالمختلين عقليًا، إذ ليس من المعقول أن تصدر كل هذه الأفعال غير السوية من أفراد أسوياء كما أن هناك بعض الشواهد التي تقرر هذا الوصف، إلّا أن بعض  المتخصصين بعلم النفس لا يؤكدون كونهم مختلين عقليًا بشكل قاطع.

ففي تعليق على هجمات باريس الوحشية وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عناصر تنظيم الدولة الإسلامية بـ "وحوش مضطربة نفسيًا"، حسب ما نقلته جريدة (Daily Mail). وأضاف كيري من أمام السفارة الأمريكية في باريس الاثنين أن "فرنسا هي من أقدم أصدقاء الولايات المتحدة وحليفها الأول"، مضيفًا أن الاستجابة الوحيدة لهذه الهجمات يجب أن يتجلى بالتضامن المتين". وقال كيري خلال زيارته باريس: "نحن جميعا باريسيون، وسيقف جميع أشقائكم الأمريكيين معكم جنباً إلى جنب كما وقفنا معكم على مدى التاريخ". وأردف أن "عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وحوش مضطربة نفسياً، ولا صلة لهم بالحضارة". وبعد إلقاء كيري كلمته أضئيت واجهة مبنى السفارة الأمريكية في باريس بألوان العلم الفرنسي الأزرق والأبيض والأحمر.

 ميدانيًا، نجد في شهادة من أكثر الشهادات عمقًا داخل النفس الداعشية، تؤكد هذا الطرح والمفهوم الذي يصف أعضاء هذا التنظيم بالمضطربين نفسيًا، لكنه في الوقت ذاته يهاجم وتيرة العنف المتزايدة من قبل التحالف كرد فعل على هجمات باريس ويصف ذلك بأنه هو هدف التنظيم من هجماته على الغرب، فبعد عودة الصحفي الفرنسي نيكولاس هينان الذي ظل في قبضة التنظيم لما يقرب من عشرة أشهر نعت أعضاء التنظيم بنفس الوصف.

فكما نقلت صحيفة الجارديان يروي نيكولاس قائلا:" تم احتجازي كرهينة من قبل داعش. إنهم يخشون من وحدتنا أكثر من ضرباتنا الجوية. وقد تعلمت في سوريا أن تنظيم الدولة يتوق إلى إثارة الرغبة في الانتقام . فلا ينبغي لنا الوقوع في ذلك الفخ. أشعر بالأسى مثل أي شخص بسبب الأحداث في باريس. لكنني لست مصدوماً أو مرتاباً. فأنا أعرف الدولة الإسلامية (داعش الإرهابية) جيدا. فقد قضيت 10 أشهر كرهينة لدى داعش، وأعلم يقيناً أن ألمنا وحزننا وآمالنا وحياتنا لا تهمهم. فهم لهم عالم منفصل. معظم الناس يعرفونهم فقط من خلال  دعايتهم الخاصة، ولكني رأيت ما وراء ذلك. في الوقت الذي كنت فيه أسيراً لديهم، والتقيت ربما بعشرات منهم، بما في ذلك محمد أموازي (الدعو بالجهادي جون) والذي كان أحد السجانين لي وكان يلقبني  بالـ“أصلع”. يقدم أفراد داعش أنفسهم للجمهور كأبطال خارقين، ولكن بعيداً عن الكاميرا هم مثيرون للشفقة إلى حد ما في عديد من النواحي: فتراهم كأطفال شوارع  في حالة سكر بسبب الإيديولوجية والسلطة. لدينا في فرنسا مقولة – غبي وشرير . لقد

وجدت أنهم أغبياء أكثر من كونهم أشرار. كان جميع اللذين قطعت رؤوسهم العام الماضي شركائي في الزنزانة، وقد كان السجانون يلعبون ألعابًا صبيانية معنا – كنوع من التعذيب النفسي –  وفي يوم من الأيام قالوا لنا أننا سنفرج عنكم ثم بعد أسبوعين قالوا  ”غداً سنقتل أحدكم”،  في المرات الأولى صدقناهم ثم أدركنا أنهم بشكل عام مخادعون و يلهون معنا . قاموا بعمليات إعدام وهمية. وفي أحد المرات قاموا بتمثيل مشهد لقطع الرأس، حيث جاء ثلة من الجهاديين الناطقين بالفرنسية يصرخون: ” سوف نقوم بقطع رأسك...”. كانوا يضحكون، وأنا لعبت نفس اللعبة عن طريق الصراخ، ولكنهم فقط أرادوا الحصول على المتعة. بمجرد أن غادروا التفت إلى أحد الرهائن من الفرنسيين وضحكت فقط. لقد كان أمراً سخيفاً جداً. لقد أدهشتني بقوة كيفية ارتباطهم بالتكنولوجية فهم يتابعون الأخبار باهتمام شديد, لكنهم متشبعون تمامًا بنظريات المؤامرة, ومع انتشار أخبارهم واهتمام وسائل التواصل الاجتماعي بهم، يشعرون بنشوة الفوز."

وفي شهادته يحاول نيكولاس أن يثبت بأن القصف المستمر على داعش هو خطأ وذلك من خلال خبرته بأفعالهم ويوضح ذلك قائلًا:" إن القصف سوف يكون ضخماً . فخلال 48 ساعة من حدوث الفظائع في فرنسا , قامت طائرات مقاتلة بأقوى غارة لها حتى الآن في سوريا , حيث قامت بإلقاء أكثر من عشرين قنبلة على الرقة, وهي معقل داعش. ربما كان الانتقام لا مفر منه ولكن ما نحن بحاجة له هو النقاش والمشورة، وخوفي أن يجعل رد الفعل هذا الوضع السيئ أسوأ. فبينما نحاول تدمير داعش، هنالك 500 ألف مدني لا يزالون يعيشون ويحاصرون في الرقة. فماذا عن سلامتهم؟ فمن الوارد جدا أن طريقة التفكير هذه سوف تؤدي إلى تحويل العديد منهم إلى متطرفين؟ يجب أن تكون لدينا أولوية لحماية هؤلاء الناس، وليس قصف سوريا بالمزيد من القنابل فنحن بحاجة إلى مناطق حظر جوي – مناطق مغلقة أمام الروس، والنظام، وقوات التحالف. فالشعب السوري بحاجة إلى الأمن أو هم أنفسهم سوف يتحولون إلى جماعات مثل داعش."

وأضاف: "هذه الجماعة شريرة ، ولا شك في ذلك . لكن بعد كل ما حدث لي، ما زلت لا أشعر أن هذا التنظيم هو المسئول عن تفجير الوضع بل في رأيي، بشار الأسد هو المسئول عن صعود داعش في سوريا، وطالما يبقى نظامه في مكانه ، لا يمكن القضاء على داعش . ولا يمكننا أن نوقف الهجمات في شوارعنا. 

وفي محاولة من هيئة الإذاعة البريطانية لتأكيد أو نفي وصف أفراد التنظيم بالتخلف العقلي قامت "BBC"  بإجراء حوار صحفي مع أحد المتخصصين بعلم النفس وهو إيسي فيدينغ الأستاذ المتخصص في علم النفس التنموي في جامعة كوليدج لندن، والذي صرح قائلًا: "ليس بوسعنا التأكد على أنهم متخلفين عقليًا، إذ لا يتوفر الكثير من البيانات بشأن هذا الأمر، كما أن غالبية مرتكبي أعمال القتل الجماعي لم يخضعوا

بصفة رسمية للتشخيص باستخدام أنواع الأدوات التقليدية التي تُمكننا من التأكد على وجه اليقين." كما صرح بأن ما يقوم به هؤلاء المسلحين قد يصدر عن أشخاص عقلاء، فهم يؤمنون بأيديولوجية، وغالبًا ما ينظرون إلى من ليسوا معهم على أنهم بشر أقل قيمة. ومن المرجح أن نزع الإنسانية هذا يُمكّنهم من عدم الشعور بالتعاطف مع ضحاياهم، ومع هذا فهم مخلصون لقضيتهم ويعملون متكاتفين وتجمعهم ببعضهم صداقات حميمة، وهي خصائص لا يتصف بها الأفراد المختلون عقليا، الذين لا يهتمون سوى بأنفسهم ونادرًا ما يعتنقون أيديولوجية. وكما هو الحال في أي موقع من العالم أو المجتمع، من المرجح أن لدى المسلحين خصائص المختلين عقليا، لكن من المستبعد جدا أن يكون كلهم أو غالبيتهم مختلين عقليًا. ببساطة ليس بوسع مجموعة من المختلين عقليًا أن يعملوا سويًا من أجل هدف مشترك، إذ يصعب بشدة قيادة الأفراد المختلين عقليًا."

إلا أنه مع ذلك لم يستبعد أن يكون لدى بعض هؤلاء الأفراد خصائص المختلين عقليًا، لكن غالبيتهم ربما لا يكونون كذلك. فهم قادرون على القيام بما يفعلون لأنهم نجحوا في نزع صفة الإنسانية عن ضحاياهم إلى درجة أن بوسعهم كبت ميلهم للشعور بالتعاطف نحوهم.

قد تكون تحليلات الناجين من أيدي أفراد تنظيم الدولة مهمة جدًا في هذا الصدد إذا ما عرضت على المتخصصين لتحليل أفعالهم وكشف الدوافع الحقيقية التي تكمن خلف الوحشية غير المبررة من هذا التنظيم المنحرف، وهو ما قد يساعد في المستقبل القريب في طريقة التعامل مع التنظيم أو المنشقين عنهم.

تقرير صادرعن وحدة رصد اللغة الإنجليزية

طباعة