جدل في إسبانيا بسبب تصريحات مسيئة للاجئين السوريين على لسان أسقف بلنسية

  • | الخميس, 29 أكتوبر, 2015

أثارت صورة الطفل السوري "أيلان" الذي رسي ميتا على الشواطئ التركية المشاعر الإنسانية لدى العالم أجمع؛ ما دفع الرأي العام العالمي، وخاصة الأوروبي، إلى الانشغال خلال الأشهر الأخيرة بأزمة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم وبحثهم عن الحياة في بلد آخر ينعم بشيء من السلام والاستقرار. وكرد فعل لهذه الأزمة اهتم العالم الغربي بهذه القضية وسارعت بعض دوله بفتح معابرها وحدودها لاستقبال هؤلاء النازحين الفارين من الموت. كانت ألمانيا هي أولى الدول الأوروبية التي سارعت إلى استقبال اللاجئين. كما ألزمت المفوضية الأوروبية دولها الأعضاء –ومن بينها إسبانيا- باستقبال اللاجئين، وحددت حصة لكل دولة.   
ومن المنظور الأوروبي فقد تباينت الأراء ما بين مؤيد ومعارض لفكرة استقبال اللاجئين، ومن أبرز المعارضين لهذه الفكرة هو رئيس الوزراء المجري "فيكتور أوربان" والذي قام بإغلاق حدود بلاده أمام اللاجئين ودعا إلى أن تحذو بقية الدول حذوه لتخوفه من الإسلام والمسلمين. كذلك كان هناك بعض المقالات في الأوساط الغربية التي حذرت من استقبال اللاجئين؛ من بينها إحدى المقالات في صحيفة "صنداي إكسبرس" والتي وصفت نزوح اللاجئين إلى أوروبا بهذا الكم بأنه بمثابة "حصان طروادة" الذي يسعى لغزو الغرب من خلال تسلل عناصر جهادية إرهابية بين اللاجئين. كما شدد على فكرة أن أغلب المتحولين إلى الجهادية كانوا قبل ذلك من اليساريين المتطرفين؛ إذا فالأمر يتعلق بأيدولوجيتهم الفكرية لا بتأثير هذه التنظيمات فحسب. وأضاف أنه لابد أن يكون الهدف الرئيس والشغل الشاغل للسلطات الأوروبية حاليا هو الكشف عن الجهاديين المنضمين أو العائدين من تنظيم داعش ومحاربة تلك الأفكار الإرهابية المتطرفة وضرورة التنبه لمشكلة اللاجئين والتخوف من إمكانية تحولهم لأداة استراتيجية فعالة للتنظيمات الإرهابية في أوروبا.
أما عن إسبانيا فقد أثارت تصريحات أسقف بلنسية " أنطونيو كنيثارس" خلال كلمته في "منتدى أوروبا" الكثير من الجدل حول نظرته لأزمة اللاجئين ووفودهم إلى الغرب بصورة كثيفة، وتساءل إذا ما كان هذا الأمر بمثابة غزو من اللاجئين للغرب؟ وماذا سيكون وضع الدول الأوروبية خلال السنوات القادمة مع استمرار هذا النزوح؟
 
وحذر الأسقف من أن يكون توافد هؤلاء اللاجئين بمثابة "حصان طروادة" الجديد لغزو الغرب وخاصة إسبانيا وقال "إن جميعهم ليسوا بالقمح النظيف" في إشارة منه إلى وجود سوء نوايا وراء نزوح اللاجئين إلى أوروبا. كما ذكر أن السبب في ترك هؤلاء اللاجئين لبلدانهم هو المعاناة من الاضطهاد، وليس الحرب الدائرة في سوريا فقط. وأضاف أن لديه تخوفا من وجود هؤلاء اللاجئين على المدى الطويل بالدول الأوروبية وتأثير ذلك على الهوية الثقافية الأوروبية. كما حذر من مخاطر الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية والتي بلغت 710 ألف مهاجر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري وهو ما يُعد ضعف العدد الكلي لهم خلال عام 2014. تأتي هذه التصريحات على النقيض تماما مما صرح به بابا الفاتيكان من قبل من توجيهه بأن تقوم كل كنيسة أو دير باستقبال عائلتين من اللاجئين.
وفي تعقيب للكنيسة الأسقفية الإسبانية على هذه التصريحات ذكرت أنها مرحبة باستقبال اللاجئين وتعمل على توفير المساعدات الإنسانية والمادية لهم قدر المستطاع. جدير بالذكر أن عددا من الشخصيات العامة والمسئولين بإسبانيا أمثال عمدة بلنسية وعمدة برشلونة قد استنكروا تصريحات أسقف بلنسية مؤكدين أنها لا تعبر عن التوجه العام للدولة المرحب باستقبال اللاجئين ومساعدتهم.
هذا وقد استنكرت الشبكة الإسبانية للهجرة  تصريحات الأسقف البلنسي في بيان لها قدمته للنيابة العامة الإسبانية ونشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذكرت فيه أن تلك التصريحات قد تجاوزت حرية التعبير عن الرأي إلى الحث علي العنف ضد اللاجئين وتعزيز الكراهية والبغض بينهم وبين المجتمع الأوروبي ككل. كما طالبت المنظمات والهيئات البلنسية المسارعة في تعديل وتصحيح أي بيان لها قد يحث على البغض والكراهية. جدير بالذكر أن كثيرا من المنظمات والشخصيات قد حذوا حذو هذه المنظمة في رفضها التام لتلك التصريحات، ومن هؤلاء وزير الداخلية الإسباني الذي أوضح أنه على قناعة تامة بأن ممثلا بارزا بالكنيسة كان عليه أن يكون داعما ومتعاطفا مع الضعفاء من اللاجئين الذين يستحقون الاستقبال والرعاية.
ونتيجة لردود الأفعال الغاضبة والمنتقدة لتصريحات أسقف مدينة بلنسية، فقد اضطر الأسقف مؤخرا إلى تقديم اعتذار للاجئين والمضطهدين الوافدين إلى إسبانيا في الشهور الأخيرة. هذا وقد ذكر الأسقف في نص اعتذاره أنه يحب اللاجئين ويرحب بهم جميعا من كل بقاع الأرض أيا من كانوا، كما أوضح أنه عانى نفسيا بعد تلك التصريحات، وأعرب عن أسفه لما حدث من خلط وتلاعب بالكلمات والأفكار. كما صرح بأنه أخ للاجئين ويسعى لمساعدتهم والدفاع عنهم. وأعلن عن اعتذاره أيضا لرجال الدين بالكنيسة لما ألحقه بهم من أضرار معنوية نتيجة تصريحاته. وأشار "الأسقف المساعد" ببلنسية أن اتهام الأسقف "كنيثارس" بكراهية الأجانب ورفضه لتواجدهم لا يعبر على الإطلاق عن حقيقة تفكيره. كما أكد أن الغرض من هذه التصريحات كان فقط محاولة تنقية اللاجئين من إمكانية تسلل مقاتلين جهاديين بينهم.

وحدة رصد اللغة الإسبانية

 

طباعة
كلمات دالة: