"داعش" والمافيا وتهريب النفط

  • | الإثنين, 7 أغسطس, 2017
"داعش" والمافيا وتهريب النفط

على الرغم من انهزام تنظيم "داعش" في المنطقة العراقية، إلّا أن آثاره الاقتصادية والاجتماعية لا تزال بينة ظاهرة، فها هو نفط تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي يُعدّ مصدرًا هامًّا في تمويل خزانته، يجد طريقًا لأوروبا بدعم من عصابات المافيا.
في معاقل تنظيم "داعش" المتهاوي، سواء في "الموصل" العراقية أم في "الرقة" السورية، تقام الاحتفالات بالنصر على "داعش" وطرد ميليشياته من المناطق التي كانت تحت سيطرته، إلا أن آثاره لا تزال باقية في المجتمع وفي الاقتصاد متجذرة، و تبقى تبعاتها في الداخل والدول الصناعية الكبرى في الخارج على حد سواء مؤثرة. 
فقد تابعت وحدة الرصد باللغة الألمانية تقاريرَ تفيد بأن تلك الآثار امتدت إلى إيطاليا على سبيل المثال، فإليها صار "الدواعش" يصدرون النفط الخام من آبار المناطق التي تحت سيطرتهم. 
وفي هذا الإطار، نشرت صحيفةٌ إيطالية تحقيقًا مفصّلًا تكشف فيه عن شراكات تم إنشاؤها بين "المافيا" وتنظيم "داعش"؛ لتسهيل تهريب النفط، وبحسَب التقرير الذي ورد في الصحيفة، فإن الشرطة الإيطالية قد فتحت تحقيقًا كبيرًا بعد اكتشافها كميات من النفط قادمة من سوريا وليبيا تتجاوز مخزون بعض المصافي على الأراضي الإيطالية، وخاصّةً المطلة على البحر الأبيض المتوسط. 
وتحقق الشرطة في تقاريرَ تفيد بأنّ عناصرَ من المافيا الإيطالية وغير الإيطالية قد أبرموا اتفاقات شراكة مع تنظيم "داعش"؛ لتزويدها بالنفط المهرب من المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم إلى جنوب القارة الأوروبية. 
كما تشير الصحيفة الإيطالية لطبيعة عمل هذه الشراكات في الخارج التي أنشأتها هذه المافيات لتستورد النفط ومشتقاته من التنظيمات الإرهابية؛ فهي تبيع هذا النفط بأسعارٍ أدنى من سعر السوق العالمية؛ لتقوم بعدها بتصفية الشركات التي أسستها، لمحو آثار ما قامت به. 
وهذه الخطوة كانت تساعد أيضًا هذه المافيات على كسب الملايين، بالإضافة إلى تهربها من دفع ضريبة القيمة المضافة التي بلغت ملياري يورو في إيطاليا العام الماضي.
يَذكر التقرير أهم الاحتمالات للتعرّف على الطرق التي يسلكها المهربون، سواء عن طريق ليبيا أو عن طريق تركيا، باحثين عمّا يؤكد تلك الاحتمالات، ويعتقد الكاتب أن لتركيا ولعصابات تهريب البشر في ليبيا دورًا كبيرًا في تيسير عملية التواصل بين عناصر تنظيم "داعش" وأفراد المافيا الجنوب أوروبية/الإيطالية. 
ويَستدل على تورط تركيا في الأمر بتقريرٍ روسيٍّ عن تورط "بلال" ابن رئيس تركيا، وُصف فيه بـ "وزير النفط الداعشي"، مشيرًا إلى أنه يقوم بالتسويق للوقود الداعشي في السوق الأوروبية، إلا أنه لم يَقُم دليلٌ على إدانته لا في هذا ولا في التهم الأخرى الموجهة إليه في إيطاليا التي عاش فيها فترةً من الزمن، والتي كان مطلوبًا فيها بتهمة غسيل الأموال من النيابة العامة في بولونيا، وحُفظت في الأرشيف منذ بداية عام 2017. 
وفي الصورة المُرفَقة من جريدة "فيلت" إشارة إلى الأموال "السوداء" التي حصل عليها الإرهاب من تهريب النفط إلى الدول الموضحة أدناه:

Image


فقد اتخذ تهريب النفط الخام من ليبيا مساراتٍ عدّةً، سواء عن طريق البحر إلى إيطاليا وتركيا أو إلى مالطا، أو برًّا إلى تونس، كما أَعلن محققو الأمم المتحدة في شهر يونيو الماضي (2017) في تقريرهم الأخير، الذي ركّزوا دراستهم فيه على المصدر فقط، دون الاهتمام بدور الوسطاء المتعاونين مع المتشددين.
ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي وافق منذ أيّامٍ قليلةٍ على مواصلة مهمة "صوفيا" لمكافحة تهريب البشر في البحرالمتوسط، وخاصّةً قبالة السواحل الليبية التي يتّخذها آلاف الشبان الأفارقة ممرًّا للعبور إلى الأراضي الإيطالية. 
وأضاف الاتحاد مكافحة مهربي النفط إلى هذه العملية المتمثلةِ أهدافُها في تعطيل أسلوبِ عملِ مهرّبي وتجّار البشر. 
وإلى جانب إرسال سفن حربية إلى وسط البحر المتوسط، تشمل المهمّة التي بدأت عام 2015، برنامجًا لتدريب قوات خفر السواحل الليبية، ومراقبة حظْر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا.
وأشارت بعض التقديرات إلى أن تهريب النفط يوفّر لتنظيم "داعش" ما يقارب 1.5 مليون دولار يوميًّا، نتيجةَ إنتاجه ما يقرب من 50000 برميلٍ يوميًّا، حيث يتراوح سعر البرميل بين 20 إلى 35 دولارًا للبرميل في مواقع الانتاج، ويبلغ سعره لدى الوسيط بعد نقله 60 إلى 100 دولارٍ للبرميل. كما يشار إلى أن "داعش" يعتمد بنحوٍ أساسيٍّ على مبيعات النفط لتمويل التنظيم المتطرف. 

وحدة الرصد باللغة الألمانية
 

طباعة