الحرية الدينية في الهند

الهند أو كما يطلقون عليها"بلاد العجائب" لما فيها من تعدد ثقافات ولغات هي ثاني أكبر شعوب العالم من حيث عدد السكان بتعداد يزيد عن 1,2 مليار مواطن، 200 مليون نسمة من هؤلاء مسلمون ولهذا لا يصح أن نقول أنهم أقلية ولكن الأصح هو قولنا أنهم ثاني أكبر أكثرية في الهند بعد الهندوس حيث انهم يشكلون 80,5% والمسلمون 17,5% والمسيحيون 2,3% والسيخيون 1,9% والآخرون 1,8% من المجموع. وهذا طبقًا لإحصائية أجراها موقع "worldometer" عام 2015م. وهم ثاني أكبر تجمع إسلامي في العالم بعد إندونيسيا.

  • | الجمعة, 7 أغسطس, 2015
الحرية الدينية في الهند

الهند أو كما يطلقون عليها"بلاد العجائب" لما فيها من تعدد ثقافات ولغات  هي ثاني أكبر شعوب العالم من حيث عدد السكان بتعداد يزيد عن 1,2 مليار مواطن، 200 مليون نسمة من هؤلاء مسلمون ولهذا لا يصح أن نقول أنهم أقلية ولكن الأصح هو قولنا أنهم ثاني أكبر أكثرية في الهند بعد الهندوس حيث انهم يشكلون 80,5% والمسلمون 17,5% والمسيحيون 2,3% والسيخيون 1,9% والآخرون 1,8% من المجموع. وهذا طبقًا لإحصائية أجراها موقع "worldometer" عام 2015م. وهم ثاني أكبر تجمع إسلامي في العالم بعد إندونيسيا.

            ينتشر المسلمون في جميع أنحاء الهند لا سيما في مدن الشمال التي يمثل المسلمون ما يقرب من ثلثي سكانها هذا بالإضافة إلى جامو كشمير وجزيرة "لاكشاد دويب" التي يمثل المسلمون نحو ثلثي سكانها، في حين يعيش ما يقرب من ربع مسلمي الهند في ولاية "أوتار براديش".

            لقد حكم المسلمين هذه البلاد المترامي الأطراف ثمانية قرون ضربوا فيها مثلاً عظيمًا على التعايش السلمي والتسامح الديني في مجتمع فسيفسائي يدين بديانات عدة ويتحدث بمئات اللغات ويتفق معظمهم أن كل هذه الديانات والثقافات المختلفة تتلاحم مع بعضها على أرض الهند ولا تسبب أي خلافات،و لكن هناك اختلافات واضحة فى الفرص المتاحة امام الهندوس و المسلمين فى شتى مجالات الحياة طبقاً  للاحصائيات التى حصلنا عليها.

            فالمسلمون فى الهند أكثر فقرًا لأنهم لا يحصلون إلا على حصة قليلة من الوظائف العامة والحكومية والمدارس ومقاعد الجامعات والمناصب و ليس لهم مشاركات بارزة فى مجال السياسة ايضاً ويتم استبعادهم من المصارف والقطاعات المالية الأخرى ومعدلات تعليمهم أقل والقليل جدًا منهم يدخلون الجيش أو الشرطة وتفوز نسبة الموظفين المسلمين في هذه القطاعات بـ(4,9)% فقط.

            يعاني مسلمو الهند كذلك من الفقر والأمية، حيث يعيش 31% منهم تحت خط الفقر فيما تبلغ نسبة الأمية 36% بين الرجال المسلمين و50% بين النساء ذلك أن 40% من البنات المسلمات في المدن و13% منهن في القرى يلتحقن بالمدارس. ويشكل الرجال المسلمون حوالي 3% فقط من خريجي مؤسسات التعليم العالي في الهند، فيما تشكل النساء المسلمات أقل من واحد بالمائة من خريجات الجامعات ورغم كل هذه الأرقام والإحصائيات فإننا لا نستطيع أن نغفل عن إنجازات المسلمين و إسهاماتهم في مختلف المجالات. فثلاثة من رؤساء الهند كانوا مسلمين، بمن فيهم رئيس الهند ما بين 2002م و2007، الدكتور/ عبد الكلام الذي كان المسئول عن تطوير ترسانة الصواريخ الهندية (و الذى توفىيوم 28 من شهر يوليو الماضى) كما أن عدد من كبار رجال الأعمال والعلم والفن والرياضة مسلمون.

            ولكن  الأغلبية من مسلمي الهند يعانون من أحوال سيئة و إتضح ذلك من خلال رصد قسم اللغة الأردية بمرصد الأزهر الشريف على عدد كبير من الأخبار التي تؤكد كل ما ذكرناه سابقًا عن أحوال المسلمين السيئة والتي ظهرت مؤخرًا بصورة واضحة و متكررة فى الصحف الهندية. وانطلاقًا من دور مرصدنا في إلقاء الضوء على الإسلام والمسلمين في المنطقة المعنية لكل قسم فكان من الضروري أن نطرح الأخبار التي رصدناها عن المسلمين في المجتمع الهندي الذي لا يعرف الكثيرون عنه سوى تفوقهم فى مجال إنتاج الأفلام السينمائية.

والهند بلد ديمقراطية تحترم الآخر كما ترى حكومة رئيس الوزراء "نريندر مودي" الذى لا يؤيد إرغام الناس قسراً على ترك دياناتهم واعتناق ديانات أخرى داعياً إلى إصدار قانون لمنع هذه العملية، ويذكر أيضا أن مجموعة من المسلمين شكوا هذا الشهر من أنهم تعرضوا للخديعة حضروا مراسم تحويل الديانة التي أجرتها الجماعات الهندوسية، فيما اعتزم كاهن هندوسي والذي أصبح نائباً برلمانياً إجراء مراسم لتحويل ديانة عدد من الهنود يوم عيد الميلاد، ولكن هذه المراسم ألغيت بعد تدخل رئيس الوزراء. ومن ناحية اُخرى رصد قسم اللغة الأردية أخباراً يتعهد فيها زعيم حركة (راشتريا سوايا مسيواك سنك) والتي تمثل الجناح العقائدي لحزب رئيس الوزراء أن الهند أمة هندوسية في الأصل وتم فيها تحويل الكثير من الهندوس قسراً إلى ديانات أخرى، ولذلك لابد من الرجوع إلى أصولهم وهي الهندوسية ، وتسمى هذه الحركة ب (جهر وابسي) أي العودة إلى أحضان البيت. ولكن الملاحظ في الأيام الأخيرة من خلال الأخبار المتتالية التي رصدها مرصد الأزهر باللغات الأجنبية بأن السلطات الهندية تمارس العنصرية بحق المسلمين وتضيق عليهم في ممارسة شعائرهم، مما يهدد المجتمع الهندي وتضرب بالحقوق والحريات في ممارسة العقيدة عرض الحائط. فقد رفع محام شكوى ضد مدرستين بولاية "تاميل نادو" في الهند حيث أجبر المسئولون فيهما مئات الطالبات المسلمات على الشرب في نهار رمضان وخلع الحجاب وإجبار فتاة أخرى في مدرسة "سانت جوزيف انتر كالج" في الصف الثالث الإعدادي بخلع الحجاب لأنه لا يتناسب مع زي المدرسة الرسمي، ويؤكد والديها أن ابنتيهما اجتازت امتحان القبول وهي ترتدي الحجاب، كما أن جميع أوراقها الرسمية تحمل صورتها وهي محجبة... فلماذا الاعتراض الآن!

وفي الشهر الحالي أيضا رفضت المحكمة العليا بالهند الدعوى التي قدمتها أحد الجماعات الإسلامية بشأن السماح للفتيات المسلمات بارتداء الحجاب في يوم امتحان القبول بكليات الطب بالهند. وقد صرح كبير القضاة أن العقيدة (الإيمانلاعلاقة لها بالملبس . وقد أصدرت المحكمة حكماً بأن لابد من وضع ضوابط ولوائح محددة لدخول  لجنة الامتحان .

وقد ورد في الدعوى أن ارتداء حجاب الرأس هو فرض ديني ويتم إجبار الفتيات على خلعه لأداء الامتحان. وقد رأت المحكمة أن هذه القضية شيء بسيط لا يستدعي كل هذا. وقد ورد في الدعوى أيضا أن المحكمة العليا بكيرالا  من قبل قد سمحت لفتاتان دخول الامتحان بالحجاب و بدون أى شروط بالملبس .

تعدت المسألة الحجاب عندما حاول شاب هندوسي الاعتداء على فتاة ذات خمسة عشرة ربيعا ولكن تم القبض على هذا الشاب من مجموعة من شباب المسلمين في مدينة "راجندر نجر" وتم تسليمه في قسم شرطة التي لم تلقي القبض على الشاب وإنما حررت محضراً ضد الشباب المسلمين لتجمهرهم أمام قسم شرطة.

هذا بالإضافة إلى واقعة أخرى تم رصدها يوم 21/7/2015 حيث قامت السلطات بهدم مسجد في ولاية مانك تله بالهند لإقامة مبنى تجاري على أرضه، وقد تجمع عدد من المسلمين لأداء صلاة العيد والجمعة الأخيرة برمضان على أرضه ولكن الشرطة قامت بمنعهم.

هذا بالإضافة إلى الخبر الذي تم رصده يوم 28/7/2015 عن تمكن أعضاء جمعية علماء الهند من دخول قرية (اتلي) بعد منعهم عدة مرات من دخولها من قبل الشرطة، وكان سبب زيارتهم للقرية هو الوقوف على أسباب أعمال الشغب التي حدثت هناك وتعرض المسلمين للاعتداء، وبسماعهم لأسر الضحايا أفادوا أن هذه الأحداث بدأت عندما قام بعض الأطفال المسلمين بالصيد ، فقام بعض الأفراد الغير مسلمة بالتعدي عليهم بالضرب وتوالت الاعتداءات بين الطرفين إلى أن وصل الأمر إلى محاولة إشعال النيران في الأطفال أحياءً، وكانت هذه الواقعة إنذارا لإعلان الفتنة الطائفية.

 ولكن على صعيد آخر قام مرصد الأزهر الشريف بمتابعة مقالات يرى كتابها أن منظور المسلمين لرؤية هذه الأمور ضيقة للغاية وأنهم لابد أن يتعاملوا مع هذه الأمور بذكاء ودون عصبية، لأن كل هذه الممارسات التي تم ذكرها في أول المقال ممارسات فردية ولم تأخذ شكل الظاهرة، وأن عدم السماح للفتيات بارتداء الحجاب في لجنة الامتحان هو إجراء رسمي لضبط اللجنة لأن الحجاب قد يساعد في الغش... ولكن السؤال الآن هل هناك حل آخر يرضي جميع الأطراف ويحقق الانضباط الذي ينشده هؤلاء المسئولين في لجان الامتحان؟ هل تستطيع أطياف المجتمع الهندى أن يقبلوا بعضهم البعض لتحقيق السلام المجتمعي؟ أم الأمر يحتاج لمزيد من الجهد والإخلاص والإيمان بالمساواة فى الحقوق والواجبات؟

طباعة