داعش بين تزوير التاريخ وقلب المفاهيم

يحاول تنظيم داعش بكل الوسائل فرض واقعا جيوسياسيا على الأرض، وذلك من خلال تلبيس الوهم ثوب الحقيقة فى كل ما يكتبونه وينشرونه من آراء وأفكار على صفحات الصحف والمجلات أو وسائل التواصل الإجتماعي .

  • | الجمعة, 7 أغسطس, 2015
داعش بين تزوير التاريخ وقلب المفاهيم

يحاول  تنظيم داعش بكل الوسائل فرض واقعا جيوسياسيا على الأرض، وذلك من خلال تلبيس الوهم ثوب الحقيقة فى كل ما يكتبونه وينشرونه من آراء وأفكار على صفحات الصحف والمجلات أو وسائل التواصل الإجتماعي .

من هذه الأفكار مانشره ( حسين بن محمود ) على موقع ( باب الإسلام )  حيث يحاول التعرض لبعض المفاهيم والقضايا والأحداث السياسية والعسكرية للواقع العربي والإسلامي ، ويضع ماتواجهه الأمة الاسلامية من مشكلات في مقابل ماتقدمه داعش على أرض الواقع والحقيقة .

وهو أمر يحمل بين طياته خبث الواقع وسوء الطوية لأنه يقدم ماتٌقدِم عليه داعش - وماتمارسه من انتهاكات وتخريب -البديل الأمثل ، ويشير الي القول تلميحاً لا تصريحا بأن داعش  نجحت فيما فشلت فيه دول العالم العربي والاسلامي مجتمعة .

والآن نعرض لبعض الأفكار التي أوردها معنونة كالتالي :-

1-    مقارنة بسيطة

2-    جامعة الدول العربية

3-    الصورة البسيطة

4-    الجهاد والأخوان المسلمون

5-    مسألة طلب العون من الكفار

ويجمع الموضوعات الخمسة فكرة واحدة مفاداها " تقديم داعش وفكرها على أنه الخلاص للأمة الإسلامية " في لغة تخالف المعقول ، ومنطق يضرب في غياهب المجهول ، ورأى يجافي كل المتخيل والمقبول .

1-    بدأ الكاتب سرد فكرته الأولى تحت عنوان " مقارنة بسيطة " يقارن فيها بين ميزانية داعش العسكرية وميزانية الولايات المتحدة الأمريكية ، ويخلص في النهاية من خلال تُرهات وأباطيل الى أن جيش داعش أقوى وفاعليته على الأرض أشد وأنكى ، والمؤسف أنه يوظف الآية القرآنية في هذا السياق توظيفاً فجاً ، لا الذي نزلت لأجله الآية القرانية ، والآية هى قول الله عزوجل " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله والله مع الصابرين " ويوحى من خلال ذلك الي الأشارة بصدق موقف داعش في إسقاط على موقف المسلمين يوم بدر ، وهو استشهاد يجافي الحقيقة ، ويبتعد عن الواقع .

2-    في أدبيات داعش الفكرية يهيمن الآخر " الغرب أو أوربا أو كل ما هو ليس مسلم أو إسلامي " على هاجساً أساسيا ومنطلقا فلسفياً منه يعودون ، وإليه يبدأون فإن كنا قد رأينا في الموضوع الأول " مقارنة بسيطة " تجلى الآخر في صورة أمريكا " ، فإننا في الموضوع الثاني والذي  حمل عنوان "  جامعة الدول العربية " يتبلور بشكل واضح وصريح الآخر هنا وهو الغرب الكافر وما يحكيه من دسائس ومؤامرات ، ومنها انشاء : ( جامعة الدول العربية ) ، فهو يرى أن صاحب فكرة قيام هذه الجامعة :" أنتونى إيدن " ، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق لكى يخرج العرب من تحت مظلة الاسلام الى مظلة العروبة ، وهذا قول مردود عليه تاريخيا و سياسيا ويردده أصحاب التوجه الاسلامى في مواجهة أصحاب الفكر القومى وهو أولا وأخيرا تفسير وتأويل لم يكن ليخطر على بال من نادو وأسسواهذا الصرح . ويمكن الرد أيضا من ناحية أخرى بأن هناك منظمة المؤتمر الاسلامي تضوي تحت لوائها جميع أقطار العالم الاسلامي من كل فج عميق . ولكن لأن الدواعش افتقدوا المنطق الرصين ، ويحلقون في عالم ليس هو العالم الذي نعيش فيه وإنما عالم يصنعونه من خلال أفكارهم فقط .

3-  تحت عنوان "الصورة البسيطة" وهو الفكرة الثالثة التي يضفي من خلالها على منطقة المِعْوَجّ صفة الحقيقة والحقيقة منها براء, لأنه يتوعد كل العالم الإسلامي من حكام ومحكومين بقطع الرؤوس عندما تدين لهم الأمور, لأن حربهم مقدسة ليست ضد الغرب "الكافر" فحسب, إنما ضد أعوان الصليبيين من حكام عرب ومسلمين وصفهم على حد قوله (ستفر هاربة) ويستعير في نهاية الفقرة مقولة الحجاج (إني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان قطافها) وإذا كان هذا الداعشي ينظر إلى التاريخ القريب ولا يرى إلا تحت قدميه فقط فإن علاقة المسلمين بغير المسلمين حتى في حالة الحرب إلا استثناء في تاريخ البشرية, فكيف علاقة داعش بالمسلمين تكون على هذا النحو من التخويف والإرهاب.

- في فكرته الرابعة "الجهاد والإخوان المسلمون" يدافع عن الإخوان المسلمين, وهذا يؤكد الوشائج الفكرية والنفسية والروحية بين الإخوان وجميع الحركات المدعية تبني الإسلام منهجاً سياسياً في حياتها، حتى وإن تقنع بقناع أنه ليس منهم أو أن الداعشيين مغايرون للإخوان، وإنما من باب توزيع الأدوار يتم الإشادة بالجهاد الإسلامي لأنه يتبنى موقفاً متشدداً أكثر من جماعة الإخوان المسلمين.

ولا تسلم السعودية من إلصاق تهمة الخيانة والغدر من داعش ويحملهم المسئولية كاملة عن اليمن, بل إنه يذهب في غيّه أبعد من ذلك في قول أقل ما يوصف بأنه "خَرَف" عندما يصرح بأن السعودية قد باعت اليمن للإيرانيين وهو قول لا يصدر إلا من سفهاء الرأي والفكر.

وهكذا نرى داعش في محاولة يائسة منها لتصدير أفكارها الهدامة تقرأ التاريخ القديم والحديث وحتى القرآن الكريم الذي هو نبراس لكل حائر تقرأه بعين زائغة لا تعي من أدبيات القراءة حرقاً, ولابد من فهم النصوص وتفسيرها شيئاً, ونمّ ذلك عن قصور ذهني وعقلي علمي صريح وبين, يبتغون من وراء ذلك مأرباً سياسياً حتى وإن دثروه بعباءة دينية, لقد زاغت أبصارهم بعد أن ضلت بصيرتهم وصدق الله العظيم حين قال "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" (سورة الأعراف: 199)

لذا نؤكد على أن داعش تعتمد على تزوير التاريخ وقلب الحقائق لتروج لفكر منحرف هدام، وتتخذ من حماس الشباب المسلم ذريعة لتضليلهم والإيقاع بهم لتحقيق أهداف جيوسياسية وابتلاع العالم.

طباعة