طالبان.. واستقطاب الأطفال في أفغانستان

  • | الأحد, 10 ديسمبر, 2017
طالبان.. واستقطاب الأطفال في أفغانستان

     ويبقى الأطفال في كل مكان طالته يد الإرهاب هم الأداة الضعيفة التي يستغلها كلُّ طاغٍ لتنفيذ أهدافه الخبيثة، وهذا الأمر ظاهر جليٌّ في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي لطالما استخدم الأطفالَ في عملياتٍ انتحارية في مختلف الدول بعد بثّ أفكاره الخبيثة في عقول الأطفال بطرقٍ شتّى، ولم يَسلم من ذلك حتى أبناؤهم الذين يُطلقون عليهم "أشبال الخلافة"؛ ‏على أملٍ منهم أن يتحولوا إلى مسوخ مستعدة للانتقام لهم في حالة فشلهم في تجنيد الشباب في الدول المختلفة.
وعلى غرار "داعش"، أفادت بعض التقارير الوارده عبر وكالات الأنباء الأفغانية المختلفة؛ بأن حركة "طالبان" هي الأخرى تقوم باستخدام الأطفال كأدواتٍ لتنفيذ هجماتهم في أفغانستان، حيث تستغل عناصرُ "طالبان" المدارسَ الدينية في البلاد لزرع أفكارهم في عقول الأطفال، حيث لا يمتلكون التمييز بين الخطأ والصواب، الأمر الذي يُسهِّل على الحركة مهمتها، ووَفْقًا لتقريرٍ نشره موقع "بيام أفتاب"؛ فإن التلاميذ في هذه المدارس يَتلقَّوْن دروسًا خاصة في الإرهاب والقتل ‏والتفجير والانتحار تحت إشراف معلمين متخصصين من "طالبان"، ويستغلونهم ‏في قتل أفراد الأمن وموظفي الدولة بجانب التفخيخ وزرع الألغام والتفجيرات الانتحارية.
وفي هذا الصدد، يقول أحد التلاميذ الذي هربوا من مدرسةٍ دينية ‏خاضعةٍ لطالبان، بعد تلقينهم أساسياتِ القتل والتفجير الانتحاري وإغرائهم بالأموال: "إن أعدادًا كبيرة من تلاميذ هذه ‏المدرسة يخضعون لدروسٍ خاصة في القتل والتفجير وسفك دماء الأبرياء من العاملين بالدولة ‏والجهات السيادية، تحت إشراف معلمي المدرسة الواقعة في منطقة "تشهارده" بولاية "قندوز".‏
ويضيف هذا التلميذ: "تنفق "طالبان" أموالًا طائلة لإغراء التلاميذ والناشئين في المدارس الدينية ‏المختلفة، فتُعطي  500 أفغاني مقابل استهداف رجال الأمن وموظفي الحكومة، وتُعطي 2000 ‏أفغاني لمن يودي بحياتهم".
فهل يُعدّ الفقر ضمن الأسباب الرئيسة لانضمام الأطفال إلى الحركة؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فمن المتوقع أن تنجح "طالبان" في ضمّ المزيد إلى صفوفها؛ سواء عن طريق إقناع الأهالي بتوفير المسكن والملبس لأطفالهم فضلًا عن التعليم، أو تحفيز الأطفال ذاتهم عن طريق منحهم بعض الأموال بصورةٍ مباشرة أو منحهم الألعاب التي يحبونها، وفي حالة اقتناع الأهالي فإن هذا قد يؤدّى بالبعض إلى الدفع بأطفالهم في أحضان الحركة، وهم ليسوا على درايةٍ بالمناهج التي سوف تُلَقِّنها لهم "طالبان"؛ من التدريب على الهجمات الانتحارية وبعض الأنشطة االإرهابية الأخرى.
وفي السياق ذاته، يقول أحد أقارب المجندين الشباب لــ "هيومن رايتس ووتش": إن "طالبان" تستخدم المدارس الدينية الإسلامية بشكلٍ خاصٍّ؛ لتوفير ‏التدريب العسكري للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، وكثيرٌ منهم نُشر بالفعل في المعارك".
 ويُعتقد أنه يتمّ تلقينهم هناك دروسًا عن كيفية استخدام الأسلحة، وكيفية صنع وزرع العبوات الناسفة.
ويتحرك هؤلاء التلاميذ والناشئون في بلدانهم بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية ‏دون خوفٍ أو فزع؛ لأنه لا أحدَ يشكّ بهم أو يشير إليهم بأصابع الاتهام، لأنهم مازالوا أطفالًا أبرياءَ ‏من وجهة نظر المجتمع.
وفي السياق ذاتِه، أكدت مؤخرًا مصادرُ أمنيّة في ولاية "بغلان"؛ أن تجنيد الحركة للأطفال لاستخدامهم كأدواتٍ في أنشطتها الإرهابية، زاد خلال الآونة الأخيرة، وليس شرطًا أن تَستخدم "طالبان" الأطفالَ بشكلٍ مباشر، بل عن طريق استخدامهم لخداع قوات الأمن؛ حتى يتسنّى للحركة تنفيذُ تفجيرٍ ما في مكانٍ ما.
 يقول "إکرام الدین سریع" قائد قوات الشرطة بالولاية: "لوحظ في الآونة الأخيرة أن "طالبان" تسوق الأطفالَ إلى ‏جبهات الحرب بدعايتهم الخادعة المتزايدة، وتستخدمهم كعناصرَ حربيّةٍ ضد القوات الأمنية".
 وأضاف: "في ‏الحروب الأخيرة في منطقة "بركة" في الولاية المذكورة، اتضح أن معظم المقاتلين بحركة "طالبان" أطفالٌ دون 18 عامًا".
كذا أكد محمد علي ‏إبراهیمي قائد قوات الشرطة في "بركة"، في تصريحٍ لوكالة أنباء الشرق الأوسط: إن "80% من عناصر "طالبان" ‏أشخاصٌ دون الثامنةَ عشرَ".
 وأضاف: "تعجز أُسر هؤلاء الأطفال خوفًا على حياتهم من معارضة رغبة أبنائهم؛ ‏لأن المعارضة قد تُفضي بهم إلى القتل أو الضرب".
 وقبل ذلك، كان المسئولون بولاية "قندوز" قد أعربوا عن قلقهم ‏إزاءَ وجودِ قُصَّر ضمن صفوف "طالبان".
لكن بالرغم من هذا، فهناك نماذجُ من هؤلاء الأطفال قد سَلّموا أنفسَهم للشرطة قبل تنفيذِ عمليّاتٍ انتحارية، لكن لم يتمّ التأكُّد بعدُ؛ هل بالفعل هم مَن قاموا بذلك من قِبَل أنفسهم؟ أم أن الحركة هي التي أصدرت لهم الأوامرَ بذلك؛ كي يكونوا ضمن الخلايا النائمة للحركة داخل الأجهزة الأمنية، لتستخدمَهم في هجماتٍ إرهابية فردية فيما بعدُ؟ فقد تمّ رصْد العديد من الأحداث التي تؤكّد وجودَ خلايا نائمةٍ لـ "طالبان" داخل الأجهزة الأمنية، كان آخرُها ما تمّ نشْرُه في وكالة "تسنيم"؛ أن شرطيًّا قَتل 8 من زملائه في ولاية "فراه" غرب أفغانستان يوم 13 نوفمبر 2017.
والسؤال السالف ذكْره ستُجيب عليه الأحداث الجارية في أفغانستان خلال الأيام المقبلة.
وتُحذِّر الشرطةُ والجيش وأجهزة الاستخبارات؛ من أنّ تَفاقُم هذا الأمر سيجعل من هؤلاء الأطفال قنابلَ موقوتةً قد تؤجِّج الأوضاعَ الأمنية في البلاد، حيث بات استخدامُ الأطفال والناشئين في العمليات الإرهابية والتفجيرات الانتحارية أمرًا مشهورًا بين الجماعات الإرهابية المختلفة.
بدوره، يرى "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف"؛ ضرورةَ تجنيب الأطفال مثلَ هذه الممارسات البعيدة كلّ البُعْد عن الإسلام، الذي يدعو إلى تربية الأطفال تربيةً سليمة من شأنها أنْ تُسهِمَ في نهضة الأمة ورفعتها.

وحدة رصد اللغة الفارسية

 

طباعة