الجهاد والحرب

  • | الأحد, 14 يناير, 2018
الجهاد والحرب

الجهاد ليس هو الحرب كيفما كانت بواعثها ومقاصدها بل هو الحرب التي تكون في سبيل الله فقط فإذا خَرَجَت الحرب عن هذا الإطار فإنها لَا تكون جهادا وإنما تكون عملا قبيحا مرفوضا في شريعة الإسلام وأخلاقه، ومن هنا نستطيع أن نضع تعريفا للجهاد بأنه القتال في سبيل الله سواء كان بالاِشتراك المباشر في العمل العسكري( الحرب) أو بالمساعدة بالمال أو بالرأي والتفكير أو بالخدمات الطبية أو بأي مجهود يبذل من أجل الدفاع عن العقيدة وعن الأوطان. ولكن علينا أن نفرق بين كلمتين يؤدي الخلط بينهما إلى الوقوع في سوء الفهم حين نفسر الجهاد بمعنى القتال في سبيل اللَّه، هاتان الكلمتان هما: القتل والقتال والفرق بينهما كبير، فالقتل يعني مبادرة الآخر بالسلاح وقتله وهذا لا يتطلب إلا قاتلا من جانب وقتيلا من جانب آخر فإنه لابد من طرفين يقاتل كل منهما الآخر ويمارس كل طرف منهما فعل القتل ضد الطَّرف الآخر والمعنى الَّذي تضمنه كلمة الجهاد هو المعنى الثَّاني الَّذِي هوَ القتال، وليس المعنى الأول الذِي هو القتل. والنتيجة التي ينتهي إليها هذا التحليل: هي أن الأَمر بالجهاد في الإسلام ليس أمرا بالقتل بل هو أَمر بالمقاتلة أَي التصدي للمقاتل ومجهادته لرد عدوانه وَوقف هجومه. والجهاد بهذا المعنى ليس إلا تسمية إسلامية قديمة لما يعرف الآن بِوازرة الدفاع، والتي كانت تسمى إلى عهد قريب( وزارة الحربية)، أو المجالس العليا للحرب، ومثلها وزارات المستعمرات في الغرب، وكلها تسميات مسكونة بانطباعات الرعب والخوف والعدوان، ورغم ذلك فإن أحدا لم يصادر على الدول والأنظمة حقها في أن تكون لها وزارة حرب أو دفاعٍ، مثلما نقرأ عن النقد الظالم أو المصادرة التي تتبناها( الميديا) الأنجلو أمريكية بالنسبة لحق الجهاد في الإسلام. ونحن ندعي أن اسم( الجهاد) أرقى وأحفل بالبعد الإنساني من وزارة الحربية مثلا ؛ لأن الحرب – في شريعة الإسلام- تصدق على الحرب الهجومية، وتصدق علي الحرب الدفاعية، سواء بسواء، بخلاف الجهاد ؛ فإنه- لمن يفقه اللغة العربية- لا يصدق إلا على الحرب الدفاعية فقط. وإذن ففريضة الجهاد التي يعمل الغرب على تشويهها ليست إلا حق الدفاع عن النفس وعن العقيدة وعن الوطن. وما أظن أنَّ عاقلا يصَادِرُ على الحَق الطبيعي، أَو يشغب عليه بتلبيسَات وأباطيل اللَّهمّ إلا السوفسطائيين الجدد العابثين ببدائه الأذهان ومسلمات العقول.



 

 أ.د/ أحمد الطيب

 شيخ الأزهر

طباعة
كلمات دالة: