واقع المسلمين في البرتغال

  • | الخميس, 15 مارس, 2018
واقع المسلمين في البرتغال

التقرير في نقاط
•    لا ينتمى مسلمو البرتغال إلى أية تيارات حزبية أو سياسية.
•    يبلغ تعداد المسلمين في البرتغال أكثر من 6000 مسلم طبقاً لآخر الإحصائيات.
•    حوالي 82٪ من المسلمين في البرتغال من السنة، و15٪ من الشيعة.
•    تحترم حكومة البرتغال جميع والطوائف، من بينها الدين الإسلامي، ولا توجد مشاكل كبيرة للمسلمين مع الحكومة.
•    لا توجد علاقات على المستوى المطلوب بين العلماء المسلمين ومسلمي البرتغال.
•    هناك ندرة في الكتب الدينية المترجمة إلى البرتغالية، مع قلة عدد الدعاة الذين يتحدثون البرتغالية.
•    لابد من تدقيق الترجمة الحالية لمعاني القرآن باللغة البرتغالية.
•    ضرورة إنشاء قسم للغة البرتغالية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر.
•    ضرورة توجيه المزيد من الدراسات حول المسلمين في البرتغال تاريخيًا وثقافيًا ومعماريًا.
•    إهمال بعض المؤسسات الخيرية والدعوية في الدول الإسلامية لمسلمي البرتغال كما يحدث في إسبانيا.


 
لمحة تاريخية عن وصول الإسلام إلى البرتغال

حينما يتردد اسم البرتغال على الألسنة، فإنه يُعيد إلى الأذهان المجد الإسلامي في الأندلس، حينما كانت البرتغال تشكل مع إسبانيا مقرًّا لمجد إسلامي تليد. ويعتبر تاريخ أي بلد مصدرًا لهويته، حيث يمثل التواجد العربي الإسلامي جزءًا أساسيًا من تاريخ هذا البلد، فتأثيره قائم في مختلف مجالات المجتمع البرتغالي حتى الآن.
تقع البرتغال جنوب غرب قارة أوروبا، يحدها من الشمال والشرق إسبانيا ومن الجنوب والغرب المحيط الأطلنطي وعاصمتها مدينة لشبونة التاريخية، أما عملتها فهي اليورو. هذا وتبلغ مساحة البرتغال 92082 كم2 ويسكنها ما يربو على عشرة ملايين نسمة.
وقد فتح المسلمون البرتغال على يد القائد المسلم موسى بن نصير، ثم أكمل ابنه عبد العزيز من بعده، وتوالت فتوحات المسلمين للبرتغال الحالية، وبنهاية القرن الهجري الأول كانت البرتغال بأكملها تقريبًا خاضعة لحكم المسلمين، وهم الذين أطلقوا عليها اسم (البرتغال). ومن الملاحظ أن المسلمين بعد أن أتموا فتح البرتغال هجروا المناطق الجبلية الباردة في الشمال ونزحوا إلى الجنوب الدافئ حيث الأراضي الخصبة والطبيعة الخلاّبة كما كان الحال في إسبانيا، فكانت مناطق الشمال مهجورة نظرًا لبرودتها الشديدة ولعدم تأقلم العرب المسلمون آنذاك على مناخها. وبعد ضعف الإمارات الإسلامية في البرتغال، استولت الإمارات الشمالية على بعض المدن المجاورة لها، مثل مدينة براغة وقلمرية، وخلال فترة حكم المرابطين لبلاد الأندلس وضعوا حداً لتوسع إمارة (بورتو) واستقرت الحدود لمدة قرن ونصف.
 وقد بدأ المسلمون في العودة من جديد خلال القرن العشرين على شكل هجراتٍ قادمةٍ من بلاد كان بعضها مستعمرًا من قِبل البرتغال مثل موزمبيق وغينيا بيساو في إفريقيا، ومن ماكاو وجزر (جوا) في الهند، ومن تيمور في إندونيسيا، ومن بعض البلدان العربية أيضًا مثل مصر والمغرب والجزائر وغيرها، وكلهم جاءوها لأغراض العمل أو الدراسة.
وقد اشتهر بعض العلماء خلال فترة وجود المسلمين في البرتغال، ومنهم الإدريسي الذي ذكر أثناء حديثه عن مدينة (شِلْب) أن سكانها والقرى من حولها كانوا يتحدثون اللغة العربية. وقد نبغ من العرب المسلمين الذين سكنوا البرتغال عددٌ كبيرٌ في مختلف العلوم والآداب ومن أشهرهم: ابن بسّام الشنتويني المتوفي عام 1147، وأبو الوليد الباجي، وابن عمار الشاعر، وأبو القاسم أحمد بن قيسي، ومنهم كذلك المؤرخ المعروف أبو بكر بن محمد بن إدريس الفارابي صاحب كتاب (الدرّة المكنونة في أخبار لشبونة). وكانت لشبونة ومدينة (شلب) في الجزء الجنوبي من البرتغال من أبرز المدن التي ازدهرت في عهد المسلمين آنذاك. وقد ذكر بعض المؤرخين أن جميع سكان مدن وقرى البرتغال من غير المسلمين كانوا يتحدثون اللغة العربية.

    الهجرة وأعداد المسلمين في البرتغال: لمحة تاريخية

بدأت موجات المسلمين في الوصول إلى البرتغال منذ عام 1950 حيث وفدت من غينيا بيساو وموزمبيق وباكستان وبنغلاديش والسنغال وتونس والجزائر. وتجدُر الإشارة إلى أن المسلمين في البرتغال يُمثلون أكبر جالية دينية في البلاد. وفي هذا السياق، يقول عبد المجيد وكيل – وهو رئيس الجمعية الإسلامية في لشبونة- إنه ثاني مسلم يصل إلى البرتغال خلال القرن العشرين، وهو أحد مؤسسي الجمعية الإسلامية في لشبونة. الجدير بالذكر أن "وكيل" من الشخصيات الإسلامية المعروفة في البرتغال الذي تقلد مناصب عليا في مختلف البنوك، بما في ذلك البنك البرتغالي 1960.
وفي دراسة ديموغرافية برتغالية لعام 2016 من إعداد الباحثة "باربرا بوريجو"، ورد فيها أن 56% من المهاجرين إلى البرتغال خلال عام 2000 كانت لغتهم الأم هي البرتغالية بينما تضاءلت هذه النسبة إلى 32% ما بين عامي 2001 و2004؛ وذلك بسبب الهجرة من أوروبا الشرقية وسرعان ما عادت للتزايد مرة أخرى في عام 2005 بسبب موجة الهجرة من البرازيل وبلغت الذروة في عامي 2008 و2009 واستقرت بنسبة 44% عام 2015. أما المهاجرون المسلمون فأغلبهم قد قدموا من بلدان ذات أغلبية إسلامية تفوق 50% على الأقل من المسلمين.

Image

44% من المهاجرين إلى البرتغال يتحدثون البرتغالية باعتبارها لغتهم الأم

 وأشارت الدراسة إلى أن المسلمين يمثلون 0.3% من إجمالي عدد السكان في البرتغال وهي النسبة الأقل لتواجدهم بين البلدان الأوروبية لعام2000. وعن أعداد المسلمين الممارسين للشعائر الإسلامية بالفعل فيما يتعلق بالتردد على المساجد مثلاً وغير ذلك من مظاهر ‏الاحتفالات الإسلامية فهم لا يتجاوزون الـ10% من إجمالي أعدادهم.

    المسلمون في البرتغال خلال العصر الحديث

وفقًا لبعض الإحصائيات الصادرة في هذا الصدد يُقدر أن عدد المسلمين في البرتغال يصل إلى حوالي 64 ألف مسلم من إجمالي التعداد السكاني هناك، والذي يبلغ حوالي 11 مليون نسمة تقريبًا، وغالبيتهم يتواجدون بالعاصمة وضواحيها، ويقع التجمع الرئيسي الثاني للمسلمين في (أوبورتو) في شمال البرتغال والتجمع الثالث في (ألجراف) في الجنوب. والدعوة للإسلام في البرتغال مفتوحة إلى حد ما، ولكن لا يوجد أعداد كثيرة من الناس يعتنقون الإسلام؛ وذلك بسبب نقص الكتب في اللغة البرتغالية، وكذلك نقص عدد الدعاة، كما هو الحال في البرازيل على سبيل المثال. وتحترم حكومة البرتغال وتُقدر جميع والطوائف، كما يُحترم الدين الإسلامي، وهناك حرية تامة في البرتغال للمسلمين ولا توجد أي مشكلات مع الحكومة، فهناك حرية في إنشاء المصليات وممارسة الشعائر الإسلامية. جدير بالذكر أن أغلب المسلمين في البرتغال من أهل السنة وليست لديهم انتماءات سياسية، وذلك وفقا لما ذكر رئيس المجلس الإسلامي في البرتغال د. عمران حنيف.


    المشكلات والتحديات التي تواجه المسلمين في البرتغال

يستطرد رئيس المجلس الإسلامي في البرتغال د. عمران حنيف في الحديث عن المشكلات التي تواجه المسلمين في البرتغال ذاكراً أن المشكلة الرئيسة تكمن في قلة عدد الدعاة الذين يتحدثون البرتغالية، وكذلك عدم وجود علاقات بين علماء العالم الإسلامي وعلماء البرتغال، وأشار إلى ضرورة أن تولي المؤسسات الخيرية والدعوية في الدول الإسلامية الاهتمام بالمسلمين في البرتغال، وأن تُقدم لهم الدعم الكافي، حيث لم تحصل الجمعية الإسلامية هناك على أي دعم من الدول الإسلامية ولا حتى من المؤسسات الإسلامية الخيرية في العالم الإسلامي، عكس ما يحدث مثلاً من بعض الدول تجاه مسلمي إسبانيا.


    اندماج المسلمين في البرتغال

يتعايش المسلمون في سلام مع كافة الطوائف ومتبعي باقي الديانات في البرتغال وهو ما أكدته عدة جهات، ذلك أنه لم يُعرف في تاريخ البلاد حوادث تتعلق بالطائفية الدينية. ويتمثل التعايش في ممارسة الشعائر الدينية بحرية، والخروج للاحتفالات والمناسبات الوطنية مع طوائف الشعب البرتغالي. وقد أشارت إحدى الدراسات التي نشرتها مجلة ديلاس عام  2016  إلى أن هناك مهارات ملحوظة للمسلمين في بناء المجتمعات والتعايش وإضفاء الطابع المؤسسي على حياتهم، أي أنهم اعتمدوا على بعض العادات والمعايير الأوروبية، مع الحفاظ على عاداتهم الدينية والثقافية وأنماطها التي تختلف عن الثقافة السائدة. ولم يكن لدى البرتغال قبل ثمانينيات القرن الماضي رؤية واضحة أو استراتيجية قومية للتعامل مع الجاليات الدينية، ومن بينها المسلمون، وذلك قبل ظهور الجالية المسلمة بشكلٍ واضحٍ في البلاد، نظرا لقلة أعدادهم آنذاك، إلا أن الأمر تغير في الوقت الراهن بعض الشيء نظرًا لظهور المسلمين من جديد، ومن خلال أعداد ليست بالقليلة.
ومن المشاكل الرئيسية التي ينبغي أن تناقشها المؤسسات الإسلامية على صعيد الأوضاع بالبرتغال مع المؤسسات الحكومية تطوير البنية التحتية الثقافية والدينية الإسلامية، والاعتراف الرسمي بهم كجماعة دينية، ومنح حقوق الدفن، والعطلات الإسلامية، وتوفير الوجبات الغذائية الحلال في أماكن العمل والمدارس والمستشفيات والسجون، وإدراج التعليم الديني الإسلامي في المدارس الحكومية. وبما أن المجموعات المختلفة من الدول الأم تُمثل تباينات دينية وثقافية، فمن الواضح أن تطوير منظمات التنسيق التمثيلية عملية معقدة قد تستغرق وقتاً طويلاً.
وعلى الرغم مما أوضحناه من تعايش المسلمين في البرتغال، إلا أن بين بعض أفراد الجالية المسلمة بعض الخلافات التي لاحظها مرصد الأزهر ولمسها على أرض الواقع من خلال مشاركته في مؤتمر في البرتغال خلال العام الماضي 2017، حيث كان أبرز ما تم التوصل إليه وجوب إزالة الخلافات بين أفراد الجالية، وتدقيق الترجمة الحالية لمعاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية، وأيضا الحاجة لدعم التعليم الإسلامي والمركز الثقافي الإسلامي في لشبونة، ومشاركة الشباب في النشاط الإسلامي، وكذلك تنشيط العنصر النسائي الإسلامي في الدعوة.
وعن وضع المرأة في البرتغال ذكر د. عمران حنيف أن الإسلام يحترم المرأة ويقدرها تقديرًا كبيرًا، ولهذا فإن بعض القوانين في بعض الدول ساعدت بطريقة ما على تسليط الضوء على الإسلام، بحكم تواجده على الساحة العلمية والعملية. وبالرغم من كون الوضع سيئاً في فرنسا بسبب منع النقاب هناك، إلا أن الوضع في البرتغال مختلفٌ تمامًا فلم يواجه المسلمون أية مشكلات تتعلق بهذه القضية، كما توجد جمعية نسوية تحمل اسم "جمعية النساء المسلمات"، والتي تأسست في عام 1987 لتشجيع العمل الإسلامي في البرتغال وتكوين مراكز للدعوة الإسلامية، وتنمية العلاقات بين النساء المسلمات في البرتغال.
لا شك أن المسلمي في البرتغال يطمحون إلى نوع من التعاون من المؤسسات الخيرية وعلى رأسها جمعية إحياء التراث الإسلامي وكل من وزارة الأوقاف وبيت الزكاة في الكويت –وفقًا لما ذكره د. عمران حنيف- بعد زيارته لها وذلك لتأمين مستقبل جيد للمسلمين في ظل دين الإسلام.
ومن المتطلبات المهمة أيضًا أن يتمكن المسلمون من فعل شيء لبناء ما يُرجى بناؤه من المشاريع الإسلامية هناك، أبرزها تكوين مركز إسلامي مع مدرسة في العاصمة البرتغالية "لشبونة" والذي من شأنه مساعدة أبناء المسلمين كي يتعرفوا على دينهم ولتخريج حفظة للقرآن الكريم ودعاة للدين، وأيضا لتعريف غير المسلمين بالإسلام.


    الهيئات والجمعيات الإسلامية في البرتغال

استطاع المسلمون في البرتغال إنشاء جمعيات إسلامية كي يحافظوا على هويتهم الدينية هناك، وكانت أول جمعية رسمية في البرتغال قد تأسست في مدينة لشبونة عام 1968 وعُرفت باسم "الجمعية الإسلامية"، وقد كانت في البداية عبارة عن شقة مستأجرة في العاصمة لشبونة، تم تخصيصها مقرًا ومكانًا لأداء الصلاة في جماعة، وبعد تزايد أعداد المسلمين القادمين إلى البرتغال من مستعمراتها السابقة، وبعد مطالبات كثيرة وافقت بلدية لشبونة على منح المسلمين قطعة أرض لبناء مسجد ومركز إسلامي وذلك في عام 1977، وكان هذا أول مسجد إسلامي في البرتغال منذ زوال حكم المسلمين عنها منذ أكثر من خمسمائة عام، حيث افتُتح المسجد والمركز الإسلامي معًا في عام1985.
معهد الحلال: يُعد معهد الحلال في البرتغال ‏IHP من أهم المؤسسات الخاصة بالمسلمين، هو عبارة عن منظمة مكرسة لإصدار الشهادات للمنتجات الحلال الصالحة للاستهلاك البشري، وضمان أن إنتاجها يخضع للشروط التي تتطلبها الشريعة الإسلامية.
ومن أهم الجمعيات الإسلامية في البرتغال:
1- الجمعية الإسلامية في لشبونة: ومن بين أنشطتها تدريس القرآن والأخلاق الإسلامية والعبادات والعقيدة وتاريخ الأنبياء؛ واللغة العربية. كما يوجد داخل الجمعية مسجد ومركز ثقافي.
2- المركز الإسلامي الثقافي في لشبونة: ويشرف عليه مجلس سفراء الدول الإسلامية ويسعى المسلمون إلى توسعته.
3- جمعية "ضاحية أوديفيلاس": أقامتها الجالية الإسلامية، وتضم مسجداُ ومدرسة وقاعة للمحاضرات.
4-جمعية "النساء المسلمات": وتهدف إلى تنمية العلاقات بين النساء المسلمات في البرتغال، وتقوم الجمعية بأنشطة اقتصادية واجتماعية.
5- الجمعية الإسلامية في "لادانجييرو": هي إحدى ضواحي العاصمة البرتغالية وأقام المسلمون بها جمعيتهم وتشتمل على مسجداً، كما تُصدر الجمعية مجلة باللغة البرتغالية وهى مجلة النور.
مساجد ومدارس دينية: يوجد في البرتغال حاليًا مسجدان جامعان وسبعة عشر مُصلى معظمهم في العاصمة لشبونة، عدا أربعة منها تقع في مدن (كويمبرا) في وسط البلاد و(فيلادوكوندة) في الشمال و(أيفرورا) في الجنوب، و(بورتو) التي تعتبر من أقدم المدن البرتغالية، والتي تنتشر فيها حلقات لتحفيظ القرآن الكريم،‘ إضافة إلى وجود فصول لتعليم اللغة العربية والعلوم الاسلامية. وفي عام 1995 تقريبًا أُنشئت مدرسة دار العلوم الإسلامية الإعدادية الثانوية، حيث يدرس فيها الآن ما يقرب من سبعين طالبًا وطالبة يقوم على تلقينهم العلم سبعة معلمين.
هذا ويعتبر مسجد لشبونة التابع للمركز الإسلامي الثقافي في لشبونة أهم مسجد في البرتغال، بالرغم من وجود مصليات ومساجد عديدة في البلد؛ حيث يُعتبر أول مسجد للمسلمين وقد بُني بعد عدة مطالبات من مسلمي العاصمة بإنشاء مسجدًا للصلاة؛ وهو يشكل رمزًا للجالية المسلمة في البرتغال، خاصة وأن المسجد مميز من حيث العمارة والنقوش الموجودة فيه ويعتبر علمًا من معالم عاصمة البرتغال. والشيء اللافت للانتباه أن المسجد لا يستفيد من أية مساعدات مالية من الدولة البرتغالية؛ لأنها دولة علمانية بالرغم من أن معظم سكان البرتغال من المسيحيين الكاثوليك بالإضافة إلى جالية يهودية كبيرة، وحتى هؤلاء لا تقدم الدولة لهم أية مساعدات.
ونظرًا لأهمية الإعلام وقوة تأثيره على الأفراد والجماعات وإدراك المسلمين هناك لأهمية هذا الأمر، فلم يكتفوا بإنشاء المركز الاسلامي والمدرسة، بل دخلوا مجال الإعلام أيضًا فأصدروا عددًا من الدوريات باللغة البرتغالية والعربية منها مجلة (إسلام) الفصلية التي تصدرها الجماعة الاسلامية في لشبونة، ومجلة (القلم)، كما أصدرت الجمعية الإسلامية في (لارانجيروا) مجلة (النور) باللغة البرتغالية عددًا كل شهرين.


     الحضور العربي الإسلامي في اللغة البرتغالية وتاريخها

أشار الكاتب والباحث البرتغالي "جْوَاوْ بينْهَارَانْدا"، مدير معهد كامويس Camoes في فرنسا، والذي يوجد مركزه الرئيس في لشبونة، إلى أن اللغة البرتغالية تعجّ بالمئات بل الآلاف من الكلمات العربية أو التي تعود أُصُولها إلى العربية. ويحكي قائلًا: "كنتُ قبل أيام مع صديق تركي، فاستخدم تعبير “إن شاء الله”، ونحن في البرتغال لا نزال نستخدم تعبير إن شاء الله (تُنطَق أُوشَالا). الكثيرون، الآن، لا يعرفون أصل هذا التعبير، الذي استخدم حتى في زمن محاكم التفتيش، ولم يدخل أحدٌ بسببه إلى السجن". كما توصّل إلى ذلك الجغرافي أورلاندو ريبيرو (1911- 1997)، صاحب كتاب “البرتغال المتوسطية والبرتغال الأطلسية”، بوجود منطقتين مختلفتين (برتغالان)، البرتغال الأطلسية والبرتغال المتوسطية. جدير بالذكر أن الوُجود العربي، في جنوب البرتغال، خاصة مدينة مارْتُلة، لا يزال حاضرًا في المعمار وفي فن الطبخ وغيرهما، كما هو حاضر في سحنات الناس. ولكن البرتغال لم تبحث بما يكفي في تاريخها المتعدّد والخصب، وهذا ما يتوجب القيام به في المستقبل.
وفي الختام، نؤكد أبرز احتياجات مسلمي البرتغال وهي عدم وجود العدد الكافي من الدعاة ممن يتحدثون البرتغالية لتنفيذ عملية التوعية الدينية على الوجه المأمول. وبدورنا نوصي بأن يتم ترجمة المزيد من الكتب الدينية المتعلقة بتعاليم الدين الإسلامي خاصة في مجال العبادات والمعاملات، كذلك تدقيق ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية الموجودة حاليًا. كما نقترح أن يتم إنشاء قسم للغة البرتغالية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر؛ وذلك لتفريغ مجموعة من الدعاة لتوعية المسلمين في البرتغال والبرازيل.
 

وحدة الرصد باللغة الإسبانية

 

طباعة