في حوار صحفي، نفى أستاذ الدراسات العربية والإسلامية الإسباني "إميليو جونثاليس فيرين" Emilio González Ferrín، أن يكون ما حدث من العرب المسلمين في فترة العصور الوسطى غزوًا لشبه الجزيرة الأيبيرية بالمعنى المفهوم من الغزو، وذكر أنه في تلك الفترة كانت ثمة علاقة ديموغرافية مع شمال أفريقيا ولم يدخل الإسلام حينها كثقافة، بل دخل إليها كما دخلت اليهودية والمسيحية عن طريق المسلمين أنفسهم. أما عن طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم في تلك الفترة، فقد أشار فيرين إلى أن التاريخ يتحدد وفقًا لمعتقدات الأشخاص أحيانًا، وهو ما أصّل لنظرية العداء بينهم وبين النصارى، لكن الحقيقة أن هناك تفاوتًا بين المراحل التاريخية فيما يخص هذه النظرية؛ لأن العلاقة آنذاك كانت معقدة وشاملة، وهي حقيقة تاريخية ينبغي مراعاتها.
وأكد "فيرين" أنه لا علاقة بين الكتب المقدسة وبين أعمال التطرف، فحينما يريد أحد ممن ينتمون إلى الإسلام أن يضع قنبلة، فما يتطرق إلى الأذهان أولًا أن إسلامه هو الذي جعله يقوم بذلك، بينما تطرفه هو الذي أدى به للقيام بذلك، وإذا ما تمت معاملته كإرهابي ستُلغى فكرة أنه مسلم من الأساس. وأكد أن الإسلام لا علاقة له بالأعمال الإرهابية، والإسلام منها براء، وأن جميع الأديان بريئة من الإرهاب، والإسلام كغيره من الأديان هو دين سلام، كما ألمح إلى أنه ليس من المنطقي توصيف الدين بالحسن أو السيء، فهو أسمى من ذلك ولكن الأفعال البشرية هي التي توصف بالحُسن والقبح.
ويرى مرصد الأزهر أن حديث "إميليو جونثاليس فيرين" يعكس نظرة موضوعية فيما يخص تاريخ إسبانيا الإسلامية، وقد كان الواقع في الأندلس في الحقيقة مدهشًا، فلم تكن العداوة هي العلاقة الوحيدة بين المسلمين والمسيحيين، لكن اتسمت العلاقة بالتعددية، فكانت المصاهرة والشراكة التجارية، والمصالح السياسية والتحالفات العسكرية والاتفاقات والمعاهدات بين المسلمين والمسيحيين - مظاهرَ تحفل بها الأندلس على مر تاريخها، بل كانت نموذجًا فريدًا للتعايش المشترك بين الثقافات.