للمرة الثانية على التوالي، وفي أقلَّ من أسبوع، نشرت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" الإرهابية في غرب أفريقيا، إصدارًا مرئيًّا جديدًا، بَثّته "مؤسسة الزلّاقة"، المنصة الإعلامية لهذه الجماعة، وقد حمل هذا الإصدار عنوان: "الجيش المالي، قامع الشعوب المسلمة وناهِب أموال الضعفاء".
بدورها، قامت وحدة اللغات الأفريقية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف بتفريغ هذا الإصدار، الذي اسْتُهِلَّ بمقطعٍ صوتي لزعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري"، يتحدث فيه عن تَصَدّي ما يُسمى بـ "المجاهدين للحملة الفرنسية ــ الأمريكية" للجيش الفرنسي، شاكرًا إيّاهم على الصورة المشرقة التي يُقدّمونها للأمة الإسلامية، في "أبيدجان وواجادوجو وتمبكتو، ومن شنقيط إلى سيوة"، أُسْوَةً بآبائهم وأجدادهم.
كما تناول الفيديو الحديث عن مرحلة كيفية إعداد المقاتلين للجهاد في سبيل الله –حسَب زعمهم– والذي جاء على لسان أحد المُلَثَّمين التابعين لتلك الجماعة، المَدْعوّ: "الشيخ عبد الحكيم المهاجر"، والذي يَظهر خلفه مجموعةٌ من المُلَثَّمين الذين يتدربون على تفكيك الأسلحة، مؤكّدًا أهمية فريضة الإعداد في سبيل الله ــ حسَبَ زعمه ــ التي ضيّعها كثيرٌ من المسلمين، ومُستشهِدًا بقول الله -سبحانه وتعالى-: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل"، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألَا إن القوّةَ الرَّمْيُ".
وأظهر الفيديو ــ أيضًا ــ هؤلاء الملثّمين المهاجرين من شتّى البلاد والأجناس، المُمَثِّلين لكل الأعراق في تدريباتٍ عسكرية مكثفة، كما تناول الحديث عن موعد انطلاق الملثمين بعد مرحلة الإعداد؛ لتنفيذ الاشتباكات والعمليات الانتحارية والكمائن ضد الجيش المالي، ثم انتقل إلى استعراض قوة الجماعة من خلال عرضها لإحدى الهجمات التي نفَّذتها، والتي استهدفت ثُكْنَةً عسكرية للجيش المالي، مهمتها حراسة شركة "ساتوم" الفرنسية، الأمر الذي أودى بحياة العشرات وفرار آخرين تاركين عُدّتهم وعَتادهم، إضافةً إلى عرْض أجزاءٍ من الاشتباكات التي وقعت بينهم وبين قوات الجيش المالي، كما ذكروا أسماء القتلى التابعين للجماعة الذين يظنون أنهم ضَحَّوْا بأنفسهم من أجل إعلاء ورفع راية التوحيد ــحسب زعمهم-.
واختُتم الفيديو بمقطع صوتي لـ"عمر عبد الرحمن"، الذي كان معتقلًا في الولايات المتحدة الأمريكية وتوفي هناك، يَبُثّ من خلاله رُوحَ الأمل في المقاتلين ويبشرهم بنصر الله قائلًا: "أيها الإخوة الأجلاء؛ سيروا على بركة الله، ادعوا إلى الله، مُروا بالمعروف، انهَوْا عن المنكر، افعلوا الخير في كل أمر، تحركوا لدينكم، ارفعوا راية الجهاد عاليةً خَفّاقةً، لا تَهِنوا لا تَضْعُفوا، ولا تَدْعوا إلى السَّلْم، وأنتم الأَعْلَوْنَ، والله معكم، ولن يَتِرَكُم أَعمالكم".
من جانبه، ومن خلال متابعته لتحركات تلك الجماعة وتحليل إصداراتها؛ فإن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، يؤكد أن مثل هذه الإصدارات تكشف عن محاولة هذه الجماعة بَثَّ الرعب في نفوس أبناء الشعب الماليّ الآمن، واستعراض قوتها العسكرية والقتالية، الأمر الذي دأبت عليه الجماعة في الآونة الأخيرة.
كما يؤكّد "المرصد" أن هذه الأعمال الإرهابية التي تقوم بها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" لا تَمُتّ للإسلام بصِلَة؛ فكيف لمثل تلك الجماعات أن تستشهد بآياتٍ من القرآن الكريم وتَدّعي زورًا وبهتانًا أنها تَعي فحواها، والقرآن الكريم لم يذكر على الإطلاق أو يُشِرْ إلى تلك الأمور الكاذبة التي تدّعيها هذه الجماعات، وأين هم من قوله تعالى : "ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ ومَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِف فِّي القَتْلِ إنَّهُ كَانَ مَنصُورًا" (الإسراء: 33)؛ ومن ثَمّ فإن "المرصد" يدعو جميع المؤسسات المعنية بمحاربة التطرف في مالي إلى التضافُر من أجل استئصال شأفةِ هذه الجماعة، وإراحة الناس من ظلماتها وادعاءاتها الكاذبة.