ما تزال فصول مأساة الروهينجا تتوالى، فبعد هروبهم من بلادهم على إثر حملات التطهير العِرْقي والقتل الجماعي والتعذيب الذي تمارسه ضدهم قوات الجيش والشرطة البورمية مدعومة ببعض المتشددين البوذيين المسلحين، وتشريدهم في البلدان المجاورة، ولا سيما بنجلاديش، فإنهم يواجهون خطرًا جديدًا الآنَ يتمثل في موسم الأمطار الذي يُنذِر بكارثة تَحيق بهم بسبب الانهيارات الأرضية التي يُتوقَّع أن تصاحب الأمطار.
وفي هذا السياق، تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تصريحات أنطونيو جوتيريس، الأمين العامّ للأمم المتحدة، التي أوضح فيها أن عشرات الآلاف من لاجئي الروهينجا الذين فرّوا من ميانمار إلى مخيّمات بنجالية يجب نقلهم إلى مكانٍ آخَرَ أكثرَ أمنًا؛ تَجَنُّبًا للفيضانات ومخاطر هطول الأمطار والرياح الموسمية.
وطبقًا للأمم المتحدة، فإن نحو 150 ألفًا من الروهينجا يعيشون في مناطق معرّضة للفيضانات في مخيمات "كوكس بازار" المزدحمة، والتي يتزايد فيها خطر إصابتهم بالكوليرا خلال موسم الأمطار، المُتوقَّع بدايته في يونيو القادم.
وأكد "جوتيريس" أنه ناقش عملية نقل لاجئي الروهينجا مع حكومة بنجلاديش، مشيرًا إلى أن الأراضيَ المرتفعة هي المكان الأفضل لعملية النقل، وأردف قائلاً: إن الحكومة في "دكا" تواصل المباحثات مع وكالات الأمم المتحدة حول مكان انتقال الروهينجا، وهناك تقارير تقول: إن السلطات تقترح نقلهم إلى جزيرة نائية.
وقد دفعت هذه الظروف الصعبة ببعض أفراد الروهينجا إلى محاولة الهروب عبر طرق أكثر خطورة إلى أماكن يَرَوْنَها أكثر أمانًا لهم؛ حيث نقلت وكالة "رويترز" الإخبارية تصريحات عن السلطات التايلاندية؛ أن قاربًا يحمل أشخاصًا من لاجئي الروهينجا أعيد تزويده بمواد أساسية في جزيرة في جنوب تايلاند يوم الأحد الماضي، وسط مؤشرات على أن الاكتظاظ في المخيمات في بنجلاديش قد يدفع كثيرين آخرين إلى القيام بعبور مثل هذه المعابر البحرية شديدة الخطورة.
وكان القارب الذي يحمل 56 لاجئًا قد توقف في جزيرة لانتا بمقاطعة كرابي الجنوبية بعد عاصفة شديدة مساء السبت، ويُعَدّ هذا أول قارب يُقِلّ أفرادًا من الروهينجا ويتم رصده قبالة تايلاند على مدار أكثر من عام، حسب تصريحات الشرطة المحلية التي أضافت: "لقد عالجناهم بدافع إنساني، وسمحنا لهم بالعودة إلى البحر؛ لأنهم قالوا لنا: إنهم كانوا في طريقهم إلى ماليزيا، وقد أَمَدّ السكانُ المحليون اللاجئين بالغذاء والماء".
ويأمُل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن يسعى المجتمع الدولي إلى إيجاد حلول والتحرك بجدية لإنهاء أزمة مسلمي الروهينجا في أقرب وقت، وممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على حكومة ميانمار لإجبارها على تحمل مسئولياتها الإنسانية والوطنية تُجاهَ مواطنيها، وأن تُسَرِّع عملية إعادتهم مرة أخرى إلى قراهم وبيوتهم وَفْقَ المحادثات التي جَرَتْ بين ميانمار وبنجلاديش في وقت سابق.