تابعت وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف اللقاءات الصحفية التي استضافت الفتيات "نور وشهد وجنان"؛ ثلاث فتيات سوريات، يعشن الآن مع جدهن وجدتهن في مدينة "إزمير" التركية.
وقد كنّ قبل ذلك يعشن مع أسرتهن في مدينة الباب السورية، وذات يوم أطلق تنظيم داعش الإرهابي صاروخًا على منزلهن في سوريا؛ فتسبّب في قتل الأب والأم أمام أعينهن، ليس هذا فحسب بل إن "نور" البالغة من العمر عشر سنوات فقدت ساقها الأيمن، في حين أصيبت أختها "جنان" البالغة من العمر سبع سنوات بالشلل، أما "شهد" البالغة من العمر تسع سنوات فقد جُرحت بإحدى الشظايا، وهنّ الآن يعشن مع جدهن "عبد القادر إبراهيم"، في مدينة "إزمير" التركية، وكل أملهن أن يتلقَّيْنَ علاجًا وأن يتم شفاؤهن ويكملن تعليمهن.
ولقد صرّحت "نور" بأن أمنيتها أن تتلقى تعليمًا جيدًا، وأن يُتِمَّ الله شفاءها وأختيها وتعود إليهن الصحة كما كنّ في الماضي.
أما الجد "عبد القادر إبراهيم" البالغ من العمر خمسة وستين عامًا، فلم يستطع أن يتمالك دموعه وهو يحكي للصحفيين عمّا تعرضت له أسرته من مآسي ومعاناة؛ أفقدته ابنَه وزوجةَ ابنه، وأضرّت بصحة أحفاده، وهذا مُقتطَفٌ من تصريحه: "نعيش حياتنا على المساعدات؛ فأنا أرعى أحفادي ولا استطيع العمل نظرًا لكبر سني، نتدبر أمور حياتنا بصعوبة، أنا لا أطلب شيئًا لنفسي، لكني أطلب تخصيصَ مساعدةٍ ثابتة لأحفادي؛ حتى ينتهيَ قلقي عليهن".
ويرى "مرصد الأزهر"؛ أن هذه الأسرة ضحية من ضحايا تنظيم داعش الإرهابي، وأن هذه الجريمة هي واحدة من الجرائم التي ارتكبها التنظيم، وتُجَسِّد حجم المأساة الإنسانية التي خلفها وراءه.
ففي شهر مارس المنصرم، تابعت وحدة رصد اللغة التركية تصريحات السيدة "براميلا باتن"، "الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في مناطق النزاع"؛ من أن غالبية الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي لمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي منبوذون ولا يَلْقَوْنَ قَبولًا في المجتمع، جاء ذلك في مؤتمرٍ صحفي عقدته في المركز العام للأمم المتحدة، عقب زيارة لها إلى العراق استمرت ثمانية أيام، ولفتت النظر في هذا المؤتمر إلى أحداث العنف الجنسي الذي تعرّضت له نساء وفتيات تم إنقاذهن من مليشيات تنظيم داعش الإرهابي.
وأضافت أيضًا: أنها التقت مسئولي الحكومة العراقية في بغداد والموصل وأربيل وممثلي المجتمع المدني، وعلماء دين، ونساء وفتيات نَجَوْا من تنظيم داعش، وأكدت أنها استمعت إلى قصص وحكايات تُدْمي القلب، روتها لها ناجيات من جرائم العنف الجنسي التي كان يرتكبها تنظيم داعش، كما ذكرت أن هناك حتى الآنَ 3 آلاف و 154 شخصًا أزيديًّا مفقودون، من بينهم 500 سيدة وفتاة، إضافة إلى: ألف و 200 آخرين، من بينهم 600 سيدة و250 فتاة شيعية وتركمانية، وأكدت أن الأطفال الذين وُلدوا نتيجة العنف الجنسي لا يَلْقَوْنَ ترحيبًا من المجتمع.
وهذا مُقتطَفٌ من تصريحها: "بعض الأطفال الذين وُلدوا نتيجة الاغتصاب والعنف الجنسي مُهمَلون، وإذا كان علماء الدين يُظهِرون تعاطُفًا مع هؤلاء الأطفال، إلا أن زعماء القبائل يُظهِرون معارضة شديدة للاعتراف بالأطفال الذين وُلدوا نتيجةً للعنف الجنسي؛ ولذلك فإن المسئولين في الموصل مضطرون لافتتاح دُور أيتام من أجل آلاف الأطفال غير المُعترَف بهم".
ويرى "مرصد الأزهر"؛ أن هذا الوضع الإنساني صعب ومحزن، فالأمهات يدفعن ثمن أخطاء لا ذنب لهن فيها، فقد ارتُكِبت في حقهن أبشع جريمة يمكن أن تُرتكب في حق المرأة في المجتمعات الشرقية، جريمة يخجل منها المجنيّ عليه أكثر من الجاني، وكذلك يدفع أطفال أبرياء ثمن جريمة لا ناقةَ لهم فيها ولا جَمَل، والأصعب أنهم يدفعون هذا الثمن قبل أن يأتوا إلى الدنيا.
ويناشد "مرصد الأزهر" جميع الأسر والقرى والمدن التي تعرضت إحدى فتياتها لاعتداءات من أفراد تنظيم داعش الإرهابي؛ أن يستوصُوا ببناتهم خيرًا، وأن يقفوا بجوارهن في هذه الأزمة، ويُقَدِّموا لهن كل أشكال الدعم النفسي؛ لاستعادة الشعور بالأمان والخروج من هذه المحنة.