أثار اقتراح وزير شؤون الاندماج بولاية "شمال الراين ويستفاليا" الألمانية السيد "يواخيم شتامب"، بشأن منع الفتيات الأقل من 14 عامًا من ارتداء الحجاب، مناقشات واسعة النطاق وتنوعت الآراء بين مؤيد ومعارض. ففي الوقت الذي رحبت فيه رابطة المعلمين بالاقتراح، أعربت أطراف أخرى عن رفضها للفكرة، مما دفع بالعديد من المجلات والصحف نشر هذا الخبر، ومنها موقع "دويتشه فيله" باللغة العربية.
وقال السيد ""هاينز بيتر مايدينجر" رئيس رابطة المعلمين الألمان في تصريحات نشرتها صحيفة "بيلد" الألمانية يوم الاثنين (التاسع من أبريل 2018): إن حظر ارتداء الحجاب من شأنه المساهمة على الأقل في التخلص من الأرضية الخصبة لنشأة العنصرية الناجمة عن أسباب دينية.
كما صرحت السيدة "لين كلينسينج"، رئيسة نقابة المنشآت التعليمية، بأن الأنظمة الديمقراطية لا يجب أن تسمح بسيادة جنس فوق الآخر، وأضافت لنفس الصحيفة: "غطاء الرأس يمكن أن يكون رمزًا يعزز لهذا الأمر ومن هذا المنطلق، لا مكان له في الحصص الدراسية".
وفي الوقت نفسه أشارت السيدة "سيريان آتيس" مؤسسة ما عرف بـ"المسجد الليبرالي" في برلين- والذي قام مرصد الأزهر بنشر أكثر من تقرير عنه - إلى أنها طالبت بالأمر نفسه في عام 2006، كما قال السيد "أحمد منصور"، خبير الشؤون الإسلامية: "ارتداء طفلة للحجاب هو بمثابة إساءة لها. نحتاج لقرار بالمنع من أجل إتاحة الفرصة للأطفال بأن يكبروا دون أيدولوجيات معينة ودون فصل بين الجنسين".
من ناحية أخرى أعرب وزير التعليم في ولاية تورينجن السيد "هيلموت هولتر"، والذي يترأس مؤتمر وزراء تعليم الولايات الألمانية، عن رفضه لاقتراح حظر الحجاب وقال: "يجب تربية جميع الأطفال كأفراد يتمتعوا بالحرية وبحق الاختيار، ومن هذا المنطلق يجب علينا تعزيز بناء الديمقراطية في المدارس".
أما رئيس المجلس الإسلامي السيد " برهان كسيجي" فوصف الجدل المثار حول هذا الموضوع بالشعبوي والخال من المضمون، ورأى أن حظر الحجاب لا يختلف عن الإجبار عليه، إذ إن كليهما يسلب المسلمات حقهن، وفقًا لتعبيره.
وأشار السيد "كسيجي" إلى إمكانية وجود "حالات قليلة" تُجبر فيها الفتيات على الحجاب، ولكنه بالرغم من ذلك أكد أن هذا لا يمكن أن يكون مبررًا للحد من حقوق الفتيات المسلمات وتقييد الحرية الدينية التي ينص عليها القانون الأساسي.
ومن الواضح أن حالة الجدل حول حجاب الفتيات قد انتقلت من النمسا إلى ألمانيا، فقبل ثلاثة أيام نشر مرصد الأزهر تقريرًا عن اقتراح منع الحجاب للفتيات أقل من عشر سنوات في النمسا، هذا الاقتراح الذي تقدم به نائب المستشار النمساوي، لكن الاقتراح الألماني يرفع سن المنع إلى الرابعة عشر من عمر الفتيات، والغريب في الأمر أنهم يستندون على أسباب يفترضون أنها من المسلمات، فكيف يكون حجاب الرأس سببًا في سيادة جنس فوق الآخر؟! هل هناك دراسة علمية أو إحصائية حقيقية تثبت هذا الأمر، إن الأمر لا يعدوا أن يكون مجرد تكهنات، بل الغريب في هذا أن مدعي هذا القول ومؤيديه لا يملوا من تكراره، وكأنهم يريدوا إقناع المرأة المحجبة أنها أقل من الرجل، بينما لو سألوا المحجبات سوف يحصلون على إجابة مختلفة، أما استنادهم على تصريحات السيدة "سريان آتيس" مؤسسة المسجد الليبرالي وتصريحات السيد "أحمد منصور" المعروف في الأوساط الإسلامية بنقده للإسلام فهو الأغرب؛ لأن تصريحاتهم كانت دائمًا محل جدل وغير مقبولة من الأطياف الإسلامية، الجيد في الأمر أن هناك أطيافًا داخل المجتمع الألماني ترفض منع الحجاب عن طريق القانون، كما كانت هناك أطياف بالنمسا ترفض هذا الأمر، مؤكدين على أن منع الحجاب بالقوة قد يكون أخطر من فرضه بالقوة. ومن جهته يؤكد المرصد أن الأمر يحتاج إلى نقاشات مجتمعية كبيرة، ويفترض ألا تُستَبْعدَ الجمعيات والروابط الإسلامية من النقاش في هذا الأمر خصوصًا؛ لأنه يتعلق بالهوية الدينية للمسلمين.