لا تزال مأساة مسلمي الروهينجا شاهدةً على تَجَرُّد بعض البشر من إنسانيتهم تَجَرُّدًا كاملًا أفقدهم أيّ إمكانية لمراجعة النفس وردعها عن الظلم والتعدي على الآخرين، بَيْدَ أنه من حينٍ لآخَرَ تلوح في الأفق بعض لمحات الأمل التي تُبَشِّر بإمكانية استفاقة الضمير العالمي من سُباته، ويقظته من رقدته من أجل نجدة المستضعفين والمضطهدين.
في هذا السياق، أوردت صحيفة "الجارديان" البريطانية خبرًا يفيد أن جنود ميانمار قد بدأت مواجهتهم بعدة تهم وإدانات، وتمّ إدراج أفراد من الجيش -لأول مرة- على القائمة السوداء للأمم المتحدة، ويروي الخبرُ حادثةً ليست هي الأولى من نوعها، حيث خرج ثلاثة شباب لإحضار أخشاب للوقود ولم يعودوا، وساورت الشكوكُ عائلاتِهم حيث سمعوا صوت طلقات من بعيد، وبعد ثلاث ساعات عُثر على الجثث مشوّهة ومدفونة في منطقة في ولاية "كاشين"، التي مزّقتها الصراعات في ميانمار، وقد اتهم الأهالي جنود جيش ميانمار بارتكاب هذه الجريمة، ولكنهم لم يتوقعوا أن يُتَّخذ ضدهم أيّ إجراء.
وقد شمل تقرير الأمين العامّ عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات الصادر في 23 مارس 2018، تفصيلًا لأعمال العنف التي قامت بها القوات المسلحة في عام 2017، وتمّ إدراج جيش ميانمار لأول مرة بالقائمة السوداء، وأكد التقرير الذي تمّ تقديمه إلى مجلس الأمن، أن جيش ميانمار استخدم التهديد الواسعَ النطاق، وأكد أيضًا أن العنف الجنسي كان جزءًا لا يتجزّأ من استراتيجيته لإذلال الروهينجا وإرهابهم ومعاقبتهم.
الجدير بالذكر؛ أن جرائم جيش ميانمار المرتكَبة ضد الروهينجا، من خطفٍ وتعذيبٍ وقتلٍ للمدنيين والإفلات التام من العقاب استمر لعدة عقود، فكانت هذه الخطوة بادرةَ أملٍ، حيث إنه بعد وقتٍ قصير من عمليات القتل، اتصلت مجموعةٌ من المحامين بأقارب الضحايا وشجّعتهم على الإدلاء ببيانات إلى الطبيب الشرعي والمطالبة بتقرير الوفاة، وكانت النتيجة عبارةً عن وثيقةٍ تُفَصِّل حالة الجماجم المُحَطَّمة وطلقات الرصاص.
وفي يناير الماضي، حُكم على الجنود الستة المُدانين بالسَّجْن لمدة 10 سنوات من قِبَل محكمةٍ عسكرية، ولكن هناك شكوك -كما أشار الخبر- حول ما إذا كان الجنود المُدانين في هذه القضية وغيرِها من القضايا يقضُون بالفعل أحكامهم بالسِّجْن؛ لأن السلطاتِ ترفض الإفصاح عن مكان احتجازهم.ش