في إطار متابعة مرصد الأزهر لأحوال المسلمين، ولمستجدات انتشار التطرف، تابعت وحدة الرصد باللغة الإسبانية حصول مشروع قرار بتضييق الخناق من الناحية المادية على المساجد والمنظمات غير الحكومية على أغلبية كبيرة في الاتحاد الأوروبي. ويحاول المتقدمون بمشروع القرار قطع كل السُبل أمام وصول أي تمويل للمتطرفين، ويشمل ذلك مراقبة أي تمويل للمساجد التي يشتبه أن يكون بها عناصر متطرفة، وكذلك تشديد الرقابة على المنظمات غير الحكومية في جميع دول الاتحاد الأوروبي، والتي قد تستعمل كغطاء لعمليات إرهابية أو غير شرعية، وقد لاقى مشروع القرار استحسان أغلبية كبيرة.
وكان من بين التخوفات المطروحة أن الجماعات الإرهابية لم تعد تنتظر مصادر تمويل ضخمة لتنفيذ مخططاتها، فعلى سبيل المثال، تكلفت السيارة المستخدمة في تفجيرات "لاس رامبلاس" في برشلونة 60 يورو في اليوم فقط، وتشير حوادث الإرهاب الأخيرة إلى التكلفة للعمليات الإرهابية فهي تعتبر قليلة التكلفة كبيرة التأثير، وهذا يعني اعتماد الجماعات الإرهابية في تمويلها على عمليات صغيرة مثل الاستيلاء على بطاقات الائتمان والاحتيال في القروض البنكية وعمليات غسيل الأموال.
يذكر أنه في إسبانيا يوجد 1532 مركزًا إسلاميا، وذلك وفقًا لبيانات مرصد التعددية الدينية التابع لوزارة العدل الصادرة حتى يونيو 2017. ومما يثير القلق بالنسبة لمقدمي القرار أن عدد الجمعيات الإسلامية قد ازداد كثيرًا منذ عام 2011، لذا وجب مراقبتهم ماديًا ومحاسبتهم على الموارد وكذلك على الطرق التي تنفق فيها أي تمويلات وذلك على المستوى الأوروبي ككل.
وقد بلغت الأصوات المؤيدة للقرار 553 من إجمالي 600 صوت تنتظر أن يصدر قرار ملزم هذا العام يطبق فيه على الجميع نفس الحقوق والواجبات، كما يأمل المتقدمون بالقرار أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الاستخبارات والبنوك والهيئات المالية والجهات القضائية لتضييق الخناق على الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله.
ويرى مرصد الأزهر أن الرقابة لازمة بلا شك على جميع الهيئات والكيانات بما يضمن الحفاظ على الحقوق والواجبات وبما لا يمثل في نفس الوقت أي تضييق على فئة بعينها أو كيان محدد قد يتعرض أصحابه للمضايقات أو يستغله البعض بدعوى محاصرة الإرهاب. لكن في نفس الوقت، ينبغي الإشارة إلى أن مصادر الإرهاب لا تكمن فقط في عملية التمويل فقط بل في خطوات واسعة أكبر من ذلك ربما يتمثل بعضها في بث الأفكار المغلوطة وتناولها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتصوير كل ما هو يمت للدين الإسلامي بأنه سبب من أسباب التطرف وذلك ناشئ عن مجموعة من المنحرفين فكريًا ومنهجيًا عن صحيح الدين والفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها.