في إطار متابعة مرصد الأزهر الشريف للقضية الفلسطينية، وحرصًا من وحدتي الرصد باللغة العربية والعبرية على متابعة وتحليل الأخبار التي تتعلق بالقدس والمسجد الأقصى على مدار الساعة؛ إسهامًا في نصرة ودعم المقدسيين في استرداد حقوقهم المسلوبة والمغصوبة ظلمًا وعدوانًا، وإحياءً للقضية في ضمير العالم أجمع، يأتي هذا التقرير الرابع في شهر إبريل شاملًا كل ما نشر في المواقع والصحف والمجلات العربية والعبرية وذلك على النحو التالي:
الانتهاكات الإسرائيلية للأراضى المقدسة وتهويد القدس:
تستمر سلسلة الانتهاكات الصهيونية للأراضي المقدسة والدولة الفلسطينية يوميًّا في صور شتى، ولعل اقتحامات الكيان الصهيوني المحتل للمسجد الأقصى تأتي على رأس القائمة، وهذا ما أشارت إليه "وكالة قدس بيرس إنترناشونال للأنباء" من اقتحام 66 مستوطنًا للمسجد الأقصى؛ حيث أمّنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، الحماية لعشرات المستوطنين اليهود خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى، من جهة "باب المغاربة" الخاضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967.
وأفادت مصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، بأن المقتحمين قاموا بجولات في باحات المسجد وسط تلقيهم شروحات حول "الهيكل" المزعوم، وأن الاقتحامات تتم بشكل يومي ما عدا الجمعة والسبت (عطلة الاحتلال)، من "باب المغاربة" وحتى "باب السلسلة"، وخلال فترتين صباحية ومسائية.
من جهة أخرى، وصلت أعداد كبيرة من طلبة مدارس القدس وخارجها إلى المسجد المبارك في إطار الرحلات المدرسية وانتشروا في مرافقه وسط شروحات من المعلمين والمعلمات حول مكانة المسجد ومحتوياته ومرافقه. ومن أقبح الممارسات الانتهاكية ما قام به جنود الاحتلال من نبش قبور إسلامية قرب المسجد الأقصى، حيث أقدمت طواقم تابعة لسلطة البيئة والآثار وبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، على نبش قبور إسلامية في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة مشددة من عناصر الشرطة وحرس الحدود الذين منعوا المواطنين من الاقتراب من المكان.
وقال شهود عيان: إن قوات كبيرة من شرطة الاحتلال ووحدات حرس الحدود أمنت الحراسة لطواقم من بلدية الاحتلال وما يسمى سلطة الآثار؛ حيث قامت بنبش عدد من القبور الإسلامية باستخدام أدوات حفر يدوية وآلية دون مراعاة حرمتها. وتعد هذه الخطوة انتهاكًا خطيرًا يضاف لسلسلة الانتهاكات السابقة بحق المقبرة، حيث سبق وهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أجزاءً من سور المقبرة ودنّست قبورًا وشواهد إسلامية فيها.
ولم يسلم مسيحيو القدس من ممارسات الكيان الصهيوني المحتل؛ حيث يواجه الوجود المسيحي في القدس القديمة، خطرًا مصدره المستوطنون اليهود المتشددون، الذين يتبنون إستراتيجية قائمة على ثلاثة محاور، حيث يتعرض رجال الدين المسيحي لإساءات لفظية وجسدية، كما تحاول الحكومة الإسرائيلية فرض ضرائب على الكنائس، فضلًا عن محاولات لسن قانون إسرائيلي يسمح بمصادرة أملاك الكنائس.
وفي متابعة للقرار الذي أصدرته محكمة الصلح في دولة الاحتلال، فيما يتعلق بحق اليهود برفع أصواتهم في باحات المسجد الأقصى بشعار "شعب إسرائيل حي"، أكدت هيئة العلماء والدعاة في فلسطين، أن ما تداولته وسائل الإعلام حول إعطاء المستوطنين - الذين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك - حق رفع أصواتهم في رحابه بشعار "شعب إسرائيل حيّ"، هو مثل كرة الثلج التي إذا دحرجت وتم السكوت عليها، فإنها تصبح جبلًا يصعب إزالته. وطالبت الهيئة، في بيان صحفي اليوم السبت، بالوقوف بحزم أمام هذا القرار بالذات وغيره من القرارات الجائرة والباطلة؛ "لأنها قرارات تمس قدسية المسجد الأقصى المبارك وحرمته، ولأنها قرارات باطلة وظالمة تعطي المستوطنين حقًّا ليس لهم". وقالت الهيئة: إنه يجب منع المستوطنين من دخول المسجد الأقصى المبارك قبل كل شيء، مؤكدة أنه لا حق لليهود لا من قريب ولا من بعيد بذرَّة تراب من المسجد الأقصى.
وعدّت الهيئة الخطوة الصهيونية "عربدة احتلالية، وعربدة للمستوطنين يجب أن تزول". ودعت الهيئة كل الجهات الإسلامية والعربية إلى أن تقف بحزم لإبطال هذا القرار ومنعه، مطالبة المسلمين بالرباط والثبات في المسجد الأقصى المبارك.
وفي خطوة تهويدية جديدة نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرًا لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية، يعكس وجهة نظر حكومة ترامب حول العالم، مع التركيز على الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. والجديد في هذا التقرير أنه لم يُعرِّف قطاع غزة والضفة الغربية بأنها أراض محتلة من قبل إسرائيل. كما أفاد موقع News1 باختفاء مصطلح "الاحتلال" لأول مرة من تقارير حقوق الإنسان التابعة للولايات المتحدة الأمريكية عند تناولها لإسرائيل وفلسطين.
فقد غضت حكومة ترامب الطرف عن استعمال مصطلح "الأراضي المحتلة". فقد اختفى هذا المصطلح في تقرير وزارة الخارجية لعام 2017 حول حقوق الإنسان. وكان هناك فصل في تقارير وزارة الخارجية حول حقوق الإنسان يسمى بـ "إسرائيل والأراضي المحتلة". وكان هذا الفصل مقسمًا إلى قسمين، وهما: إسرائيل ومرتفعات الجولان المحتلة، والأراضي المحتلة: الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
مقاومة الشعب الفلسطيني:
وقد كانت هناك دعوة للنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني "عطون" لتكثيف التواجد في المسجد الأقصى للتصدي للمستوطنين من باب مقاومة الشعب الفلسطيني التي تظهر صمودًا راسخًا أمام الكيان الصهيوني المغتصب؛ حيث دعا النائب الشعب الفلسطيني في الضفة والداخل إلى تكثيف التواجد في المسجد الأقصى، عشية استعدادات مجموعات المستوطنين لاقتحامات واسعة للحرم القدسي تزامنًا مع ذكرى النكبة. وحذر "عطون" من خطورة ما يجري في مدينة القدس؛ حيث باتت وتيرة التهويد والسيطرة أسرع من أي وقت سابق، متهمًا السلطة الفلسطينية بعدم بذل الجهد الكافي والمطلوب في نصرة المدينة وتعزيز صمود أهلها المقدسيين.
وأكد النائب في المجلس التشريعي أن واقع المدينة المقدسة يستدعي فورًا خطة طوارئ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المدينة، وتوحيد الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية في إستراتيجية واحدة قادرة على صد مخططات الاحتلال في المدينة.
كما واصل الفلسطينيون فعالياتهم الشعبية وتظاهراتهم عند حدود قطاع غزة، استكمالًا لمسيرات العودة، التي تنطلق في يوم الجمعة الخامس على التوالي الموافق 27 / 4 / 2018 م في خمس نقاط حدودية قرب السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، ومن المتوقع مشاركة آلاف الفلسطينيين في التظاهرات التي ستنطلق بعد صلاة الجمعة، بدعوة من الفصائل والقوى الفلسطينية، التي طالبت الشارع الفلسطيني بتكثيف الحراك الشعبي. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيطلق النار إذا ما اقترب المتظاهرون الفلسطينيون من السياج الحدودي.
ومنذ اليوم الأول لمخيم العودة، الذي أقامته التنظيمات الفلسطينية قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس/ آذار الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي 40 فلسطينيًّا بينهم صحفيون، وأصيب أكثر 5500 فلسطيني بجروح متفاوتة، بينما من المقرر أن تستمر مسيرات العودة حتى الـ 15 من مايو/ أيار المقبل. من جانبها دعت القوى الفلسطينية الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية إلى الخروج والتظاهر قرب نقاط التَّماس؛ دعمًا لمسيرات العودة في قطاع غزة وتنديدًا باعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل.
في حين وجهت عائلات وعشائر ووجهاء بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى، دعوات للمشاركة في وقفة عند مقبرة "باب الرحمة" للتصدي لانتهاكات الاحتلال بمدينة القدس؛ وكذلك للتصدي لأعمال نبش وتدنيس المقبرة، علمًا بأن المقبرة تاريخية ودُفن فيها علماء ووجهاء فضلًا عن عدد من الصحابة أبرزهم عبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله عنهم.
تضارب إستراتيجيات الدول بشأن القدس:
على الرغم من الاستعدادات الامريكية والتي يمكن أن توصف بالنهائية لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والتي من المقرر أن يتم افتتاحها في الخامس عشر من مايو 2018، إلا أننا نجد اليابان من الدول الرافضة لهذا القرار، حيث لم يرحب رئيس وزراء اليابان باقتراح نتنياهو بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وبحسب موقع "واللا" العبري، فإن المنطقة تشهد استعدادات مكثفة تمهيدًا لحفل الافتتاح. حيث بدأت قوات كبيرة من الشرطة والأمن بالعمل على تأمين المنطقة ومحيطها، وشوهد جرار يعمل على تعبيد طريق مؤقت يؤدي إلى مقر السفارة الجديد. حيث ستعمل السفارة بشكل جزئي بسبب عدم وجود جدار أمني مناسب.
وأشار الموقع إلى أن السفير الأميركي دافيد فريدمان، بدأ بتوجيه الدعوات للشخصيات التي ستحضر حفل الافتتاح. مشيرًا إلى أنه لم يتم بعد تقديم التشكيل النهائي للوفد الأميركي الذي قد يضم 250 شخصية أميركية، على رأسهم وزير المالية الأمريكي "ستيف منوتشين"، إضافة إلى ابنة الرئيس الأمريكي "إيفانكا" وزوجها "جاريد كوشنر". ومن المتوقع أيضًا حضور أربعين من أعضاء مجلس الشيوخ، وأعضاء من الكونجرس ورؤساء المنظمات اليهودية في أمريكا.
وبعد مرور يومين على افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، من المتوقع أن تنقل جواتيمالا سفارتها إلى القدس أيضًا، لتكون الدولة الأولى التي تحذو حذو الولايات المتحدة. وقد صرَّح بنيامين نتيناهو خلال هذا الأسبوع، أن إسرائيل تجري محادثات الآن مع ست دول أخرى لنقل سفاراتها إلى القدس في القريب العاجل. كما انضمت جمهورية التشيك إلى الدول التي تعتزم نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، حيث أفاد موقع "ماكو" الإخباري الإسرائيلي أن الرئيس التشيكى "ميلوس زمان" صرح اليوم الأربعاء 25 أبريل 2018 أنه يعتزم نقل سفارة بلاده الى القدس. كما أوضح "زمان" في أثناء احتفاله بالذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل في السفارة الإسرائيلية في براغ أنه سيتم فتح المؤسسات الدبلوماسية في العاصمة الشهر المقبل. وقال: إن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس سيتم على ثلاث مراحل، أولها: افتتاح قنصلية شرفية في مايو المقبل. وثانيها: نقل المركز الثقافي وغرفة التجارة التشيكية من تل أبيب إلى العاصمة نهاية العام الجاري، وكلاهما سيكونان في القدس الغربية. وثالثها: سيتم نقل السفارة بأكملها. ولم يُذكر الموعد الدقيق لنقل السفارة حتى الآن؛ حيث إن ذلك سيستغرق بعض الوقت. وبذلك تنضم الجمهورية التشيكية إلى الدول التي قررت بالفعل نقل سفارتها إلى القدس، بما في ذلك الولايات المتحدة وهندوراس وجواتيمالا. يذكر أن رئيس الوزراء الياباني "ينزو آبي" رفض اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. وقال: إن مثل هذه القرارات تحتاج أولًا إلى تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني على أساس دولتين للشعبين.
وكان "آبي" قد وصل إلى القدس الغربية للقاء نتنياهو، بعد أن زار السلطة الفلسطينية والتقى الرئيس محمود عباس، وغيره من كبار المسؤولين. وقال لمضيفه: إن الرئيس الفلسطيني أكد له التزامه بمبادئ السلام. ودعا مضيفه إلى الدخول في مفاوضات مباشرة لتحقيق السلام، والكف عن مشروعات الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وناقش آبي ونتنياهو الموضوع الإيراني طويلًا؛ حيث أطلعه رئيس الحكومة الإسرائيلية على خبايا السياسة الإيرانية، وما اعتبره دليلًا قاطعًا على أن طهران ضللت المجتمع الدولي حين ادعت أنها لا تعمل على تطوير القدرات النووية العسكرية. كما شرح له مجددًا ما كان قاله في المؤتمر الصحافي قبل ثلاثة أيام من مواد خطفها «الموساد» من إيران.
ودعا نتنياهو ضيفه الياباني إلى تأييد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في موقفه من الاتفاق وإصراره على تعديله أو الانسحاب منه. لكن "آبي" رفض هذا التوجه، وأجاب بأن بلاده تؤيد الاتفاق النووي، ولا ترى حاجة لخرق الاتفاق من أي جهة، وتعتبره من أسباب الاستقرار في الشرق الأوسط.
وعلى نهج "آبي" كشفت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" في حديث للقناة العاشرة الإسرائيلية أن ألمانيا لن تنقل سفارتها إلى القدس، في حوار نادر أجرته مع القناة العاشرة الإسرائيلية يوم الأحد الموافق 22 أبريل 2018 م، حيث وجّه المراسل في بداية كلامه مع المستشارة تساؤلًا عن السبب الكامن في عدم نقل ألمانيا سفارتها إلى القدس، على غرار الولايات المتحدة، فأجابته قائلة: " إنها غير راضية عن سير العملية السياسية الإسرائيلية مع الفلسطينيين؛ لذا لن تنقل سفارة ألمانيا إلى القدس". كان من المقرر أن تجري "ميركل"، عام 2017، زيارة إلى القدس؛ لكنها أجلت زيارتها لموعد آخر لم تحدده بعد. ويقول المراسل: "الأمر واضحٌ لنا جميعًا؛ إذ يرجع سبب تأجيلها للزيارة إلى قلقها من القضايا السياسية الإسرائيلية مع الفلسطينيين، لكني أتوقع أن تزور "ميركل" إسرائيل قريبًا".
مسيرة العودة الكبرى:
سقط في مظاهرات الجمعة الخامسة من "مسيرة العودة" قتلى برصاص الجيش الإسرائيلي، حيث قتل ثلاثة فلسطينيين وأصيب أكثر من 400 آخرين، خلال تظاهرات قرب الشريط الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل. وشارك آلاف الفلسطينيين في الاحتجاجات للجمعة الخامسة على التوالي، في إطار "مسيرة العودة". من جانبها، حثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان - تل أبيب على عدم الاستخدام المفرط للقوة، مطالبة بمعاقبة المسؤولين عن "عمليات القتل الناجمة عن الاستخدام غير القانوني للقوة".
وقد أشارت وزارة الصحة إلى أن إجمالي الإصابات بلغ نحو 400 بينهم أكثر من 150 تم نقلهم إلى مستشفيات القطاع، كما وصفت حالة اثنين منهم بأنها "خطيرة". وأطلقت الهيئة الوطنية العليا المنظمة للاحتجاجات على تحركات الجمعة اسم "جمعة الشباب الثائر"، بينما أقام المنظمون خيامًا كبيرة على مسافة نحو 300 متر من السياج الفاصل مع إسرائيل، بعدما كانت هذه الخيام على بعد نحو 700 متر. وها هي السيناريوهات تتكرر والتاريخ يعيد نفسه، فبالأمس قتَل أجداد هذا الكيان المحتل الأنبياء واستباحوا أرواحهم في بَلادة وتجبر، واليوم يستبيح أحفادهم دماء الأبرياء وينتهكون حرمات الإنسانية ضاربين بمواثيق العالم وأعرافه عرض الحائط.