توابع جرائم داعش

  • | الإثنين, 1 أكتوبر, 2018
توابع جرائم داعش

     عندما استولى تنظيم داعش الإرهابي على مدينة الموصل العراقية قام بخطف 7 آلاف و 654 تركمانيًا وأزيديًا عام 2014،  ولم يُعرف مصير هؤلاء حتى الآن. ولقد أكد صحة هذه المعلومة عضو من لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، أشار إلى أن تنظيم داعش الإرهابي اختطف ألاف الأزيديين والتركمان، وأن معظم المختطفيين كانوا من الأزيديين، حيث اختُطِف منهم 6 ألاف و 404 شخصًا منذ  3 أغسطس 2014؛ من بينهم 3538  امرأة، و 2866 رجلًا، في حين قتل التنظيم  1239 أزيديًا آخرين. كما أكد هذا العضو على أنّ التركمان، الذين هم ثالث أكبر فصيل في العراق بعد العرب والأكراد، من أكثر من تعرض لهجمات تنظيم داعش الإرهابي، وأن هناك 1250 تركمانيا اختطفهم التنظيم، من بينهم 600 سيدة، و 120 طفلًا، وأنه وفقًا لشهود عيان فإن السيدات التركمان اللاتي تم اختطافهن قد تعرضن للاعتداء الجنسي والاستغلال من قبل عناصر التنظيم، مُنوهًا إلى أن الحكومة العراقية تبذل قصارى جهدها لمعرفة أين هؤلاء الأشخاص كي تعيدهم إلى أسرهم سالمين.
 ويرى مرصد الأزهر أن التركمان والأزيديين تعرضوا لمآسي كثيرة على يد تنظيم داعش الإرهابي منذ أن سيطر على الموصل وتحديدًا مدينة "تل عفر" في أغسطس 2014، وقد ارتكبوا أبشع الجرائم في حق التركمان، ففي يوليو 2017 قاموا بإعدام 200 تركماني بينهم أطفال كانوا يحاولون الهروب من المدينة، فقبضوا عليهم، وألقوا بهم في السجن لمدة شهرين ثم أعدموهم. وقد سبب هذا الحادث صدًا كبيرًا في الرأي العام العربي والإسلامي. ولقد قام المرصد في تقرير سابق بنشر شهادات لعائلات تركمانية تحدثوا فيها عما لحق بهم من قتلٍ واغتصابٍ وتعذيب من قبل أفراد التنظيم.
أما الأزيديون فكانت الجرائم التي ارتكبها التنظيم في حقهم أكثر انتشارًا وتداولًا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، من الجرائم التي ارتُكِبت في حق التركمان، ربما لأنها كانت بالفعل أكثر، وربما بسبب الفتيات الأزيديات اللائي هربن من التنظيم، وفضحن ممارساته في وسائل الإعلام. وتعتبر قصة "نادية مراد" الفتاة "الأزيدية" التي خطفها التنظيم وهربت منه العام الماضي، أشهر قصة للفتيات الأزيديات مع تنظيم داعش الإرهابي. ولقد ألفت "نادية مراد" كتابًا تحدثت فيه عن أسرها من قبل التنظيم، واستخدامها كسلعة تُباع وتشترى من قبل عناصره ، وتعرضها للاغتصاب الجماعي عندما حاولت الهرب، كما ذكرت في كتابها أيضًا كيف انقذت نفسها من جحيم هذا التنظيم الإجرامي، وقد اطلقت على هذا الكتاب اسم "الفتاة الأخيرة: قصة أسيرة ونضالها ضد داعش"، وكتبت مقدمته  السيدة "أمال كولوني" المحامية وزوجة الممثل الأمريكي "جورج كولوني". وتعيش "نادية" الآن في ألمانيا.
 ولقد استطاعت "نادية مراد" تجاوز هذه المرحلة القاسية من حياتها، وتغيرت حياتها كليًا في ألمانيا، وهي حاليًا تعمل في مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات (UNODC)  ولها اهتمام بقضية تجارة البشر.  
ويرى مرصد الأزهر أن جرائم تنظيم داعش الإرهابي كانت لها توابع عديدة، فبالرغم من اندحاره في سوريا والعراق إلا أنه خلّف العديد من الضحايا، هؤلاء الضحايا منهم من استطاع تجاوز أزمته وعاد يمارس حياته الطبيعية مثل "نادية مراد" ومنهم من يعاني حتى الآن، لأن حل مشكلته ليس بيده، مثل الفتيات اللائي تعرضنّ لعنف جنسي من عناصر التنظيم، وكان نتيجته أن أنجبن أطفالًا أبرياء لا ذنب لهم فيما تعرضت له أمهاتهم على يد عناصر تنظيم دموي، الاسم الوحيد الذي يليقُ به هو "شبكة الأجرام التي تجاوزت جميع حدود الإنسانية".  في شهر مارس الماضي، صرحت السيدة "براميلا باتن"، "الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في مناطق النزاع"؛ أن غالبية الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي لمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي منبوذون ولا يَلْقَوْنَ قَبولًا في المجتمع، جاء ذلك في مؤتمرٍ صحفي عقدته في المركز العام للأمم المتحدة، عقب زيارة لها إلى العراق استمرت ثمانية أيام، ولفتت النظر في هذا المؤتمر إلى أحداث العنف الجنسي الذي تعرّضت له نساء وفتيات تم إنقاذهن من مليشيات تنظيم داعش الإرهابي. ويرى "مرصد الأزهر"؛ أن هذا الوضع الإنساني صعب ومحزن، فالأمهات يدفعن ثمن أخطاء هن أكبر ضحاياها، حيث ارتُكِبت في حقهن أبشع جريمة يمكن أن تُرتكب في حق المرأة في المجتمعات الشرقية، جريمة للأسف الشديد يخجل منها المجنيّ عليه أكثر من الجاني في أوساطنا العربية، ويدفع ثمنها أيضًا أطفال أبرياء لا ناقةَ لهم ولا جَمَل، والأصعب أنهم يدفعون هذا الثمن قبل أن يأتوا إلى الدنيا. من أجل ذلك يناشد "مرصد الأزهر" جميع الأسر والقرى والمدن التي تعرضت إحدى فتياتها لاعتداءات من أفراد تنظيم داعش الإرهابي؛ أن يستوصُوا ببناتهم خيرًا، وأن يقفوا بجوارهن في هذه الأزمة، ويُقَدِّموا لهن كل أشكال الدعم النفسي؛ لاستعادة الشعور بالأمان والخروج من هذه المحنة.

 

طباعة