هل التطرف صناعة إسلامية؟

  • | الثلاثاء, 13 نوفمبر, 2018
هل التطرف صناعة إسلامية؟

     يحلو  لكثير من الناس التحدث ببساطة أن الإسلام دين إرهابي، فقط لأن مجموعة من المسلمين قاموا بعمل إرهابي هنا أو هناك، وهذه في الحقيقة مغالطة كبرى؛ فيكفي أن نذكر فقط - وبعيدًا عن أي مناقشات حجاجية - أن هؤلاء المتطرفين المسلمين لا يمثلون أي نسبة تذكر من تعداد المسلمين حول العالم، والذي جاوز سُدس سكان الكرة الأرضية. وتكون هذه المغالطة ذات فداحة أكبر إذا صدرت من شخصيات سياسية دولية أو شخصيات مثقفة؛ لأنه في هذه الحالة لا يمكن قبول كلام عار عن المنطقية والحيادية.
ونحن نطالع الأخبار المتعلقة بالتطرف في العالم هذا الأسبوع، لقت نظرنا خبران عن التطرف؛ واحد في بريطانيا والثاني في أستراليا. أما الخبر الخاص بأستراليا، فقد كان بعنوان "الجماعات المتشددة ونشر الكراهية والانقسام في أستراليا" حيث ذكرت صحيفة "الديلي ميل" أن أحد خبراء مكافحة التطرف في البلاد ذكر أن هناك مجموعة من المتطرفين المتشددين المسلمين في أستراليا، وأن الخطابات المفعمة بالكراهية التي تبثها هذه الجماعات المتشددة لديها القدرة على التأثير على عددٍ من الشباب الساخطين وتحويلهم إلى متطرفين.
أما الخبر الثاني فقط كان بعنوان "ظهور حركة "كو كلوكس كلان" المتطرفة في الشوارع البريطانية" وقد نشرته أيضًا "الديلي ميل". وتعتبر "كو كلوكس كلان" حركة يمينية متطرفة تؤمن بالتفوق الأبيض ومعاداة السامية والعنصرية، وقد ظهرت في البداية في الولايات المتحدة الأمريكية.  ووفقًا للخبر فقد انتشرت صورٌ لعدد من الأفراد يرتدون زي  جماعة "كو كلوكس كلان" لأول مرة في الشوارع البريطانية، يحملون صلبانًا كبيرة الحجم أمام المركز الإسلامي المحلي  بأحد شوارع مدينة "نيو تاون أردز".
وأثناء بحث السلطات المعنية عن هوية من قاموا بهذا العمل، تم كشف النقاب عن وجود "توني مارتن" المتطرف اليميني، والذي تم انتخابه مؤخرًا زعيمًا لحزب الجبهة الوطنية العنصري، وصرح مارتن  وصديقته الإنجليزية أنهما ألتقيا بباقي أفراد الحركة في حانة في وقت متأخر من الليل، ومن ثمَّ قاموا بعمل بعض الحركات الاستعراضية أمام المركز الإسلامي.
يأتي هذا تزامنًا مع تسليط موقع بي بي سي الإخباري الضوء على تزايد خطر اليمين المتطرف، مشيرًا إلى فشل أربعة مخططات لهم العام الماضي.
إذا لا يمكن أن نقصر مفهوم التطرف على المسلمين فقط، ونغض الطرف عن التطرف الذي يرتكبه غير المسلمين. ولعل هذه النظرة الانتقائية هي التي جعلت موقع LAWANDCRIME ينشر مقالا بعنوان "يجب معاملة المتطرفين اليمينيين مثل داعش" حيث ذكر  المقال أن العديد من خبراء إنفاذ القانون يطالبون بمعاملة مختلف الاتجاهات اليمينية المتطرفة والأشكال المختلفة القائلة بتفوق الجنس الأبيض- كاليمين المتطرف والقوميين البيض والنازيين الجدد-مثل معاملةمتطرفي داعش.
إن ما نريديه في عالمنا اليوم هو العدالة والإنصاف، فهذا كفيل بنزع فتيل أي احتقان أو توتر؛ إن التسوية بين المجرمين، ومعاملة كل مجرم بما يستحق وبقدر جريمته – بغض النظر عن ديانته أو جنسيته أو أي وصف آخر لا صلة له بالجريمة- هو الذي يضمن عدم نجاح المساحات التي تلعب عليها الأجندات الخاصة. حتى على الصعيد الدولي، فإن التعامل الحيادي الدولي بشأن القضايا الكبرى التي تشغل اهتمام العالم مثل القضية الفلسطينية، هو أيضا كفيل بنزع فتيل مهم تلعب عليه قوى التطرف في استقطاب الشباب للزج بهم في غياهب التطرف. ليس الحل أبدًا أن نقول بكل بسطاطة الإسلام  دين متطرف، لأن هذا بكل وضوح هو دفن للرؤوس في الرمال، وإلا فمن الذي ارتكب المجازر ضد شعب الروهينجا المسلم؟ هل الجناة الإرهابييون هنا مسلمون؟ الإجابة لا، بل الأنكى من ذلك أن المسلمين هنا هم المعتدى عليهم...


وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 

طباعة