المنظمات الإرهابية وتجنيد النساء

  • | الثلاثاء, 20 نوفمبر, 2018
المنظمات الإرهابية وتجنيد النساء

     شهدت العاصمة التونسية أواخر الشهر الماضي هجومًا انتحاريًا أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص بجروح، فيما يُعد الهجوم الأول الذي تشهده عاصمة البلاد منذ 2015، وما يجعل الحادث مختلفًا هذه المرة هو أن من نفذه امرأة ثلاثينية كانت تحمل قنبلة بدائية الصنع في يدها، وذلك لأنه لم يكن من الشائع أن تحرض المنظمات الإرهابية مثل طالبان والقاعدة وداعش النساء على المشاركة في العمليات القتالية، ولا سيما التفجيرات الانتحارية. ففي المناطق التي كانت داعش تسيطر عليها في الماضي على سبيل المثال، كان دور النساء يقتصر على استقطاب النساء الأخريات وتدريبهن والقيام بالأعمال المنزلية، فضلًا عن تزويجهن الرجال لإنجاب الجيل الجديد من "أشبال الخلافة المزعومة لداعش" حيث كانت الجماعة ترى مشاركتهن ضرورية لبناء الدولة الناشئة وليس الانخراط في الأعمال العسكرية أو القتالية.
وإذا تحرينا العوامل التي تساعد التنظيمات الإرهابية على استغلال النساء فسنجد من بينها الشعور بالعزلة والتهميش الذي ينتاب بعض الإناث بسبب تعرضهن للعنف المنزلي وعدم مساواتهن مع الجنس الآخر وكذلك التمثيل المنخفض للمرأة اجتماعيًا، إذ إن النساء المتأثرات سلبًا بهذه العوامل يسهل استقطابهن حيث تغويهن الجماعات المتطرفة بأنهن سوف يحظين بمكانة ودور جوهريين وسط التنظيم أو "دولة الخلافة" على نحو يعوضهن عن شعورهن بالنقص الذي ينتابهن في مجتمعاتهن وأسرهن. والأكثر من ذلك أن هؤلاء النسوة يتم خداعهن بفكرة أنهن سيصبحن جزءًا من مجتمع نسائي تسوده روح التآخي حيث يجدن الدعم والصداقة.
أما الآن وبعد التفجير الانتحاري الذي نفذته امرأة في تونس، فمن الواضح أن استغلال النساء من جانب الجماعات الإرهابية بدأ يأخذ منعطفًا خطيرًا يتمثل في استخدامهن في العمليات القتالية بدلًا من بناء الدولة المزعومة أو الحفاظ على النسل فحسب، وهي فكرة مغرية بالنسبة لهذه الجماعات، خطيرة على خصومهم، إذا فاستخدام أولئك النسوة في هذا الغرض يثير تحديات أمنية جديدة أكثر صعوبة أمام المسئولين، إذ بإمكانهن التحايل على الإجراءات الأمنية بصورة أكثر سهولة نظرًا لابتعادهن عن دائرة الاشتباه في معظم الأحيان بالمقارنة بالرجال، كما أنه يصعب توقيفهن وتفتيشهن، والسيدات أيضًا لديهن ميزة ارتداء الملابس الفضفاضة كثيرة الطبقات التي تمكنهن من إخفاء الأسلحة أو مواراة لغة الجسد التي تعبر عن مشاعر التوتر والقلق، وكل ما سبق يشكل وسائل تستطيع الأجهزة الأمنية من خلالها إحباط العمليات الإرهابية.
وللتصدي لانتشار مثل هذا النوع من العمليات، فإنه يتعين معالجة الأسباب المؤدية إلى أدلجة النساء بالتطرف ثم تجنيدهن في صفوف المنظمات الإرهابية ثم استخدامهن في هذا النوع من العنف؛ لذا فمن الواجب التأكيد على مبدأ مساواة المرأة في الحقوق مع الرجل والتأكيد على أهمية الدور المجتمعي الذي تقوم به من خلال تمكينهن من الاضطلاع بأدوار أكثر فاعلية في المجتمع، ومن ثم يُمكن استثمار طاقتهن في إدماجهن في حملات التوعية ضد التطرف، بدلًا من تركهن فريسة للأفكار الراديكالية.


وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 

طباعة