ما الذي يحول بين الروهينجا وبين العودة إلى ديارهم؟!

  • | السبت, 24 نوفمبر, 2018
ما الذي يحول بين الروهينجا وبين العودة إلى ديارهم؟!

    يخال كل من يتابع قضية مسلمي الروهينجا الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، على إثر حملة التطهير العرقي التي شنتها ضدهم قوات الجيش البورمي؛ بغية الإجهاز عليهم جملة وتفصيلًا - أن القضية في طريقها للانفراج والتسوية، في ظل المطالبات والنداءات العالمية، التي تحث السلطات البورمية على التخلي عن نهج العنف وعن السماح للروهينجا بالعودة  إلى ديارهم آمنين. هناك نقطتان أساسيتان لا ينبغي بحال إغفالهما أو إسقاطهما عند تناول هذه القضية، وهما: هل حقًّا يريد الروهينجا العودة إلى ديارهم الآن؟ وهل استعدت السلطات البورمية لاستقبال الروهينجا والتمكين لهم من العيش بسلامٍ وأمان في المنطقة التي يقطنونها؟
يقضي المنطق أن الإنسان يحن دائمًا وأبدًا إلى أرضه التي نشـأ عليها وترعرع وشَبَّ في أحضانها، وهو الأمر المنطقي الذي ينبغي أن ينطبق على لاجئي الروهينجا في بنغلاديش وغيرها من دول الجوار، فما إن يُسمح لهم بالعودة إلى دورهم حتي - كان هذا ظن العالم بأسره- سيسارعون بالعودة إلى دورهم التي تركوها منذ ما يربو على عام ونصف تقريبًا، بَيْدَ أن الواقع قد كذب هذا كله وعصف به؛ إذ تفيد جريدة الجارديان البريطانية أن الروهينجا رفضوا ركوب الحافلات التي ستُقلهم إلى موطنهم الأصلي.
وفي هذا السياق، اعترفت بنغلاديش بأنها لن تكون قادرة على إعادة لاجئي الروهينجا طواعية إلى ميانمار؛ حيث لا ‏يرغب أحد منهم في العودة، على الرغم من الجهود التي بذلتها لتشجيعهم على المغادرة. جاءت هذه ‏التصريحات بعد أن رفض لاجئو الروهينجا ركوب الحافلات والشاحنات التي جهزتها لهم بنغلاديش في ‏معسكر أونتشيبرانغ في كوكس بازار صباح يوم الخميس، وذلك لنقل من صُرّح لهم بالعودة إلى ميانمار، ‏ولكن اللاجئين رفضوا العودة ولم يستقل الشاحنات أو الحافلات غير واحد منهم فقط. ‏
وعلى الرغم مما كان قد أعلنه السيد محمد أبو الكلام، مفوض اللاجئين في بنغلاديش، من أن فريقه ‏استكمل الاستعدادات اللوجستية على الأرض لتسهيل عملية العودة إلا أنه، في مساء يوم الخميس، ‏اضطر للقول بأن الروهينجا "لا يرغبون في العودة الآن". وكان أبو الكلام قد صرّح بأن بنغلاديش ‏تتعهد بمبدأ عدم الإعادة القسرية لأي فرد من الروهينجا إلى ميانمار" وأن السلطات ستسعى ‏لتحفيزهم للعودة.‏
يُذكر أنه كان من المقرر استعادة 2000 روهينجي تمت الموافقة على إعادتهم إلى ميانمار، وكان سيتم ‏إرسالهم في دفعات، 150 فردًا في اليوم بداية من يوم الخميس الماضي، ولكنهم اختفوا تمامًا بحلول ‏مساء يوم الأربعاء وهربوا إلى المخيمات الأخرى والغابات المجاورة خوفًا من إجبارهم على العودة. وقبل ‏العودة بساعات، استطاع أبو الكلام جمع 50 أسرة فقط من الأسر المُدرجة في القائمة للعودة ولكنهم ‏جميعًا أعربوا عن عدم رغبتهم في العودة إلى ميانمار في ظل الظروف الحالية‏.
فتُرى إذن ما هي الأسباب التي تحول بين هؤلاء وبين العودة إلى دورهم؟! فهل يا ترى هو خوفهم من عدم السلطات البورمية بتعهداتها لهم؟ أم تُراه خوفهم من تكرار المجازر الوحشية التي تعرضوا لها على أيدي قوات الجيش البورمي، المدعوم من قبل الميلشيات المسلحة في البلاد؟ أسئلة كثيرة قد تدور في خَلَد مَن يبحث عن الإجابة المقنعة وراء هذ الامتناع من قبل الروهينجا عن العودة الآن، بيد أن الإجابة قد وافتنا بها وكالة "رويترز" للأنباء والتي أفادت في خبر لها اليوم أن ‏ شرطة ميانمار، في محاولة منها لإلقاء القبض على شخصين متهمين بتهريب عدد من الروهينجا إلى ماليزيا، أطلقت النار على جمع منهم في أحد مخيماتهم بميانمار اليوم، الأحد 18 ‏نوفمبر، بعد اعتقالها  رجلين متهمين بتهريب الروهينجا من أحد المخيمات المخصصة للنازحين غرب ‏ولاية راخين‏، وهو ما يعني أن مسلسل العنف الدائر ضد الروهينجا لم ينته بعد. وعليه، يبقى السؤال قائمًا ومطروحًا: على أي أساس يعود الروهينجا الآن؟!
لا ريب أن الحل الأمثل للقضية قد يتمثل في عودة الروهينجا تحت مظلة حماية دولية تفرضها الأمم المتحدة، وتخول لهم العيش في سلام وأمن كمواطنين آمنين ينعمون بحقوق المواطنة الكاملة التي يتمتع بها مواطنو ميانمار، أما إعادتهم الآن بدون أية ضمانات فهو ما يعني إلقاء الفريسة بين أنياب الليث المفترس المتربص بها من الأساس ليجهز عليها.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

 

طباعة