المسلمون في الإكوادور

  • | الإثنين, 26 نوفمبر, 2018
المسلمون في الإكوادور

انطلاقًا من حرص "مرصد الأزهر" على متابعة أحوال الإسلام والمسلمين في شتّى البقاع؛ للوُقوف على أهمِّ المشكلات والمصاعب التي تواجه الجالياتِ المسلمةَ، تقوم وحدة الرصد باللغة الإسبانية بمرصد الأزهر، بإعداد مجموعة من التقارير المُفَصَّلة عن أحوال الإسلام والمسلمين في إسبانيا، وفي دول أخرى من قارة أمريكا اللاتينية.

وفي هذا التقرير نستعرض أحوال الإسلام والمسلمين في جمهورية الإكوادور، باعتبارها إحدى دول أمريكا اللاتينية المتحدثة بالإسبانية.

تُعَدّ الإكوادور من الجمهوريات الصغيرة في أمريكا الجنوبية، والمسلمون بها يُمَثِّلون نسبةً قليلة، لكنهم يمارسون شعائرهم الدينية فيها بحرية تامة؛ نتيجةً لأن الدولة تكفل مبدأ حرية الديانات لهم ولجميع المقيمين بها؛ لذا سنتعرّف هنا على هذه الدولة وعلى أحوال مسلميها.

بدايةً، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن التَّعداد السكاني في جمهورية الإكوادور، وصل إلى ما يزيد عن 17 مليون نسمة لعام 2017، وتبلغ مساحتها ٢٨٣٬٥٦٠ كم2، وتقع جمهورية الإكوادور جنوب قارة أمريكا الجنوبية، ويَحدّها من الشمال دولة كولومبيا، ومن الشرق والجنوب دولة بيرو، كما يَحدّها من الغرب المحيط الهادئ.

وتُعَدّ "كيتو" هي عاصمة جمهورية الإكوادور، وأكبر المدن من حيثُ عددُ السكان والمساحة، ويعتنق 91.95% من سكانها الديانة المسيحية، بينما هناك نسبة قليلة من كلٍّ من: المسلمين واليهود والبوذيين وبعض الديانات الأخرى، وأعلنت الإكوادور استقلالها في عام 1830 بعد أن كانت جزءًا من الإمبراطورية الاستعمارية الإسبانية.

 

Image

 

وصول الإسلام والمساجد في الإكوادور

      وقد ظهر الإسلام في الإكوادور منذ أكثر من مئة عام، مع هجرة السوريين واللُّبنانيين إلى هناك في عام 1911، وتزايدت أعداد المسلمين خلال العَقدين الأخيرين من القرن العشرين، بعد وصول موجة ثانية من المهاجرين من جنسيات مختلفة مثل: الفلسطينيين والمصريين والإيرانيين والأفغان.

وطَوال هذا التاريخ وبعيدًا عن بلدانهم الأصلية، حافظ المسلمون المهاجرون على هُوِيَّتهم الثقافية والدينية، وخلال حِقبة الأربعينات من هذا القرن أسّس المسلمون والمسيحيون العرب منظمةً غيرَ دينية تُدعى ليكلا Lecla، وبعدها قاموا بتأسيس النادي العربي في الثمانينات.

وهناك وجهة نظر أخرى، تقول: إن الإسلام وصل إلي الإكوادور عن طريق المسلمين الذين هاجروا من الأندلس إليها منذ خمسة قرون؛ حيث توجد عِدّة مدن تحمل أسماءً ذات خلفية إسلامية؛ كمدينة ماتشلا ومدينة ماكاس، وبعض الآثار والزخارف الإسلامية، وهناك  بعض الكتب الإسلامية التي تؤكد ذلك، توارثتها الأسر المسلمة وحافظت عليها مثل: المصحف الشريف وكتب الحديث النبوي وعلوم القرآن الكريم وبعض دواوين الشعر، وتلك هي وجهة النظر السائدة في دول أمريكا اللاتينية.

وخلال منتصف التسعينات بدأ بعض سكان الإكوادور في اعتناق الإسلام ، وقبل إنشاء المساجدِ كانوا يستأجرون مكانًا لإقامة صلوات الجمعة، ثم وفّرت السفارة المصرية موقعًا للغرض نفسِه، حتى تأسّس مسجد "خالد بن الوليد" في العاصمة "كيتو" عام 1991، وقد تمّ تسجيله في عام 1995، حيث يُعَدّ المسجدَ الأكبرَ مساحةً في الدولة اللاتينية؛ ويقع في شارع "لوس شيرز" بالتقاطع مع "إلوي ألفارو".

 وتبلغ مساحة المسجد 320 مترًا مُرَبَّعًا تقريبًا، وبه مُصَلّى كبير للرجال ومصلى للنساء وصالة للأطفال؛ حيث تُقام الصلوات الخَمس والجُمع والأعياد والدروس الأسبوعية باللغتين العربية والإسبانية، وأيضًا: دروس تحفيظ القرآن الكريم، إلى جانب دوراتٍ تعليمية رُبعِ سنوية للمسلمين الجدد؛ إضافةً إلى: استقبال زيارات من المدارسِ والجامعات للتعريف بالإسلام.

 

 

Image

صورة لمسجد خالد بن الوليد في العاصمة "كيتو"

 

وفي 15 أكتوبر 1994 تأسّس المركز الإسلامي الإكوادوري ويضمّ: مسجدَ السلام، ومُصَلّى للسيدات، ويُقام به بعض النشاطات مثل: الدروس القرآنية لتحفيظ النشءِ المسلمِ القرآنَ الكريم، وتعليم اللغة العربية، وهي أول منظمة دينية إسلامية تعترف بها الحكومة، أسّسه الشيخ "يحي سوكيو" .

و تأسّس المركز الإسلامي في مدينة "جواياكيل"، وتعترف به الحكومة باعتباره منظمةً دينية، رئيسها الحالي هو "عبد الله خوان سعود".

 الجدير بالذكر؛ أن أغلب المسلمين بدولة الإكوادور هم من أهل السنة والجماعة، وإجمالًا: يوجد في الإكوادور سبعة مساجد؛ اثنان في كيتو، واثنان في جواياكيل؛ ومسجد في كلٍّ من: كوينكا Cuenca (مسجد الشروق)، وماتشالا  Machala (مسجد محمد)، وماكاس  Macas(نور الإسلام).

وفي عام 2015 تأسّس المركز العربي اللاتيني الذي يهتم بالدعوة إلى الإسلام وتعليم اللغة العربية في القارة اللاتينية، وله فروع في 13 دولةً أخرى في أمريكا الجنوبية، ويعمل به مجموعة كبيرة من شباب الأزهر، ويترأسه المصري الدكتور/ "محمد منصور"، ويستخدم المسلمون المساجدَ ليس للصلاة والدروس الدينية فقط، ولكن لتحقيق التعايش والتكامل داخل مجتمعهم.

 

Image

 

وبشكلٍ عامّ، تسعى الجمعيات والمراكزُ الإسلامية الموجودة في الإكوادور، إلى تصحيح الصورة المُشَوَّهة عن الإسلام والمسلمين في القارة اللاتينية والإكوادور بشكلٍ خاصّ، وذلك من خلال عِدّة طُرُق مختلفة مثل: القيام بالعديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، ونشر صورة الإسلام السمحة، إلى جانب تدريس اللغة العربية للمسلمين الجدد ليتمكّنوا من قراءة القرآن، وتعاليمِ الإسلام من خلال لقاءات أسبوعية.

وعلى المستوى السياسي، أصبح للجالية الإسلامية صَوتٌ في الحكومة الإكوادورية، حيث يحضر مُمَثِّلَا الجالية المسلمة؛ الدكتور/ "محمد منصور" والدكتور/ "يحيى سوكوليو"، عددًا من مناقشات مجلس النواب ولقاءات مُمَثِّلي الأديان، وأيضًا: هناك تمثيلٌ للمسلمين في ندوات ومناقشات الأمم المتحدة لشئون اللاجئين.

وفي  2 أكتوبر 2018، شارَكَ مُمَثِّلو الجالية المسلمة في مشروع تعديل الحرية الدينية، في منظومة التعليم بالإكوادور وتلبية احتياجات الإكوادوريين في بعض المجالات مثل: التعليم والصحة والهجرة وأمْن المواطن، إضافةً إلى: تأكيد تَعزيز العَلاقات بين الطوائفِ الدينية المختلفة والتعامل بصورةٍ مُشترَكة في القضايا المذكورة سابقًا.

 كما نوقش خلال اللقاء حقوق الآباء في اختيار شكل التعليم لأطفالهم على أساس معتقداتهم الخاصّة، حيث تُرسِل المراكزُ الإسلامية في الإكوادور مُمَثِّلين إلى الاجتماع السنوي للقادة المسلمين الأمريكيين الذي يُعقَد عادةً في الأرجنتين.

 ووَفقًا لأرقام وزارة الداخلية في دولة الإكوادور، يبلغ عدد المسلمين في الإكوادور حوالَي 5,000 مسلم، يوجد 2000 منهم في مدينة جواياكيل، ويعيش المسلمون في هذا البلد في وفاقٍ وتَوَاؤُم، وسط مُناخٍ جَيِّد للعَيش.

فعاليات واحتفالات المسلمين في الإكوادور

يعيش المسلمون في هذه الدولة في وفاق تامّ مع الشعب الإكوادوري؛ ولذا يقومون بفعاليات وأنشطة دينية بحرية تامّة للتعبير عن وجهة نظرهم، ولنشر رُوح التعايش والتضامن في هذا البلد اللاتيني، حيث يقومون بعقْد دَوراتٍ لتعليم اللغة العربية، وتعليم القرآن ونقل المعرفة عن الإسلام لجميع المهتمين؛ لتعزيز التعايُش بين أفراد المجتمع.

كما يلعب المسلمون دَورًا مُهِمًّا في سياسات الأقليات الدينية، من خلال المشاركة في الندوات التي تعقدها الحكومة، ومنها على سبيل المثال: لقاء مُمَثِّلي الجالية المسلمة والأقليات الدينية مع رئيس الجمهورية الإكوادورية "لينين مورينو"، وذلك فيما يتعلّق بمَوضوع الحرية الدينية في التعليم؛ وأيضًا: محاربة الإرهاب والتطرف والعنف.

 كما شارَكَ مُمَثِّلو الجالية المسلمة خلال شهر سبتمبر 2018 في فعاليات منتدى تحليلي حَولَ الإرهاب الدولي بعنوان: "ماذا نفعل مع التعصب حتى لا يُدَمّرَ التسامح؟" والذي نظّمته جامعة UESS، وشارَكَ فيه مديرُ المركز الإسلامي في جواياكيل،  الشيخُ/ خوان عبد الله سعود Juan Abdullah Saud حيث ذكر أن  التعصب يسير جنبًا إلى جنبٍ مع الجهل، والإسلامُ يدعو دائمًا للتسامح ويرفض كلَّ أشكال العنصرية؛ سواء على أساس اللون أو العِرق أو العقيدة؛ حيث قال تعالى: "مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" [المائدة‏:32]؛ لأنه دائمًا ما يتمّ ربط الأعمال الإرهابية التي يرتكبها الأشخاص باسم الدين بالدين، وهذا لا يجب أن يكون؛ لأن الأديان بعيدةٌ تمامًا عن العنف.

وأضاف "الشيخ/ خوان": أن  الإسلام يَنُصّ بوضوح على أن البشرية كلها أسرة كبيرة، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"  [الحجرات: 13] وهذا دليل على أننا أسرة واحدة، فمن غير المنطقي أن نشعر بالكراهية تُجاهَ أسرتنا، وذلك على حَدّ وصفه.

       وفي فعالية أخرى، شارَكَ المجتمع الإسلامي في الإكوادور في مظاهرة سلمية، نظّمتها جمعية الأخصائيين النفسيين الإكوادورية بعنوان: "لا للعنف القائم على التحيُّز الجنسي"، مع تأكيد السلام المجتمَعي، وتَهدِف المسيرةُ إلى رفع مستوى الوَعي داخلَ المجتمع والتنديد بالعنف ضد المرأة وبين الجنسين، رافعينَ شعار (مجتمع خالٍ من العنف والتمييز)، وخلال المسيرة ارتدى العشرات من المتظاهرين قمصان بيضاءَ ترمز إلى التسامح، وشارك نحو 20 عضوًا من الجالية المسلمة في جواياكيل في المسيرة لتأكيد النيات الحسنة للمسلمين، حاملين لافتاتٍ تحمل شعاراتٍ مثل: "الرد من خلال السلوك الحَسَن"، و"الابتسامة ترحيبٌ عالمي" و"أوّلًا وقبلَ كلّ شيء اخترْ العفوَ والصفحَ ومُرْ بالخير".

وشاركت النساء المسلمات في المسيرة مرتدياتٍ الحجاب، وقالت ديوليندا فيديلا، وهي أرجنتينية متزوجة من إكوادوري: إنهن يرغبنَ أن يعرف الناس أن المسلمين جزءٌ من المجتمع، وأنهم أُناس طَبَعيّون، وأن الإسلام هو السلام، ولا بُدَّ أن تُتاحَ الفرصة للتعايش ومعرفة بعضنا بعضًا، مضيفةً: أن النساءَ المسلماتِ يتعرّضنَ أحيانًا للتمييز في المدينة؛ بسبب ملابسهن.

 

Image

 

 

وللتعريف بالتاريخ والثقافة الإسلامية؛ نَظّم المركز الإسلامي بمسجد خالد بن الوليد بالعاصمة عددًا من المحاضرات والندوات التي تَهدِف إلى التعريف بالإسلام والتاريخ الإسلامي للعديد من طلبة المدارس والجامعات، وكذلك محاضرات في المركز الإسلامي في "جواياكيل" حَولَ الهُوِيَّة الإسلامية وتاريخ الإسلام في إسبانيا وأمريكا اللاتينية ومَحاكِمِ التفتيش، والعديد من القضايا التي تناولتها الدكتوره/ "مريم سعدة"، المتخصّصة في علم اللغويات وتاريخ الإسلام في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، وتحمل الجنسية الفرنسية لأبوين مصريين.

كما يحتقل المسلمون بأعيادهم ومناسباتهم الدينية في الإكوادور، وتجتمع العائلة والأصدقاء خلال شهر رمضان وعيد الفطر والأضحى، حيث يُنَظِّم مسجد خالد بن الوليد احتفاليّةً بعد صلاة العيد للأطفال والكبار، يُشارِك بها ما يُقارِب 600 مسلم، كما يُنظِّم مسجد السلام احتفاليّةً يُشارِك بها ما يَقرُب من 400 شخص؛ إلى جانب الفعاليات التي تقيمها المراكز الإسلامية  الأخرى بالبلاد.

وخلال الاحتفال بالمَولِد النبوي الشريف في شهر ربيع الأول العامَ الماضيَ، خرج مجموعة من الرجال والنساء والأطفال من جنسيات مختلفة ومن الإكوادوريين أيضًا، وقاموا بالسَّير من المسجد المَوجود في شارع "لارجا إي بنجينو مالو"  إلى وسط مدينة "كوينكا"، ووَزّعوا الحلوى والهدايا على الأطفال في الحدائق، كما قاموا بزيارةٍ لدُور المُسنّين، ثم تجمّعوا لأداء الصلاة، وبعدها أنشدوا بعض القصائد تكريمًا واحتفالًا بمَولِد النبي محمد صلّى اللهُ عليه وسلّم.

وأوضح أحد مُنظِّمي هذه الاحتفالية أن المسلمين يريدون مشاركة أهالي "كوينكا" جميعهم في احتفالهم الديني، حيث يُعَدّ ذلك من مظاهر التعايُش والمشاركة، مضيفًا: أن الدين الإسلامي يُعَزِّز السلام والتضامن، وهذا ما نريد أن نُظهِرَه.

 ولتأكيد المشاركة المجتمعية للمسلمين في الإكوادور، شارَكَ المسلمون في معرضٍ بمُتحَف مدينة "كيتو" حَولَ التنوُّع الديني، للتعبير عن ثقافتها وعاداتها الاجتماعية والثقافية، ولتعزيز التعايُش السلمي مع جميع الطوائف غيرِ المسلمة.

نماذجُ إسلاميّةٌ مضيئة في الإكوادور

يلعب المسلمون دَورًا مُهِمًّا ومؤثّرًا في بلدانهم؛ باعتباره ردًّا قَوِيًّا على اتهامهم بعدم القدرة على الاندماج والتعايش مع المجتمعات الغربية، وهناك بعضُ النماذج المضيئة المسلمة نذكر منها: "مايبيلين ثريا ألباريز"، التي تبلغ من العمر25 عامًا، وتعمل بالقوّات الجوية للإكوادور منذ عام 2008، بعدَ أن تخرّجت في معهد علوم الطيران، وتُعَدّ أوّلَ قائدةٍ مسلمة في مجال الطيران في أمريكا اللاتينية عمومًا، تعمل في سلاح الجَوّ بالإكوادور، ووالداها من أصولٍ مصرية ويعتنقان الإسلام، وقالت "ثريا ألباريز" في حوار صحفي: "إن جميع الأبواب فُتحت لها، رغم أنه لم تَصِلْ أيُّ امرأةٍ مسلمة لهذه الوظيفة، بأيٍّ من دول أمريكا اللاتينية"، مؤكّدةً أن كلّ أصدقائها يعرفون أنها مسلمة ويحترمون ذلك، وتشعر بالفخر أكثرَ؛ لأنهم بدءوا في التعرُّف على الإسلام.

وأضافت: أنها واجهت العديد من الصعوبات في البداية، إلا إنها لم تفقد الأمل أبدًا في تحقيق حلمها؛ نظرًا لإيمانها القويّ بقدراتها، موضّحةً: أن لجنة الاختيار في القوات الجوية أَبدت اندهاشًا وقلَقًا للغاية عند تقدُّمها لهذه الوظيفة، لأنها مسلمةٌ فقط.

 

 

Image

 

نموذجٌ آخَرُ؛ وهو "أليخندروا بيا جوميز"، مسلمٌ إكوادوري؛ يُعَدّ من الأبطال الأوليمبيين، وبطل المنتخب القومي في المصارعة الرومانية، حيث مَثّلَ دولةَ الإكوادور في العديد من المَحافِلِ الرياضية الدولية في روسيا ودول البلقان؛ ويُعَدّ "أليخندور" أحد المسلمين الجُدُد، حيث اعتنق الإسلام منذ ما يُقارِب عامين.

نذكر نموذجًا آخَرَ؛ وهو "يحيى خوان سوكيل"، مؤسّس أول مركز إسلامي في الإكوادور، والذي أُدرج  اسمه هو وزَوجته في قائمة "أكثر 500 شخصيةٍ مسلمة مؤثّرة في العالم" لعام 2009؛ بسبب أعمال الترجمة التي قامَا بها قبلَ 25 عامًا، حيث لم تكن هناك أيّ مطبوعاتٍ باللغة الإسبانية تتحدّث عن الإسلام آنذاك.

كما سَجّل "يحيى خوان سوكيل"  أول أسطوانة مدمجة بصوته عن السيرة النبوية باللغة الإسبانية، ويعتقد "سوكيل" أن هذه الترجماتِ كان لها أثرٌ كبير في دخولهم هذه القائمة.

وعلى المستوى المهني، كان "سوكيل" أحد قادة الجيش المُهمّين في الحرب بين (الإكوادور) و(بيرو)، وعمره 21 عامًا، ويرجع السبب في تَوَلّي منصب القيادة في هذه السِّنّ الصغيرة، إلى إتمامه لدراسة الهندسة العسكرية، إلا أنه أُصيب خلال الحرب، وحصل بعدها على ميدالية شرف باعتباره بطلًا قوميًّا؛ بسبب الإعاقات التي أصابت جسده، ثم سافر بعدها لأمريكا لدراسة إدارة الأعمال.

المرأة المسلمة في الإكوادور

رغم أن المسلمين يُمَثِّلون نسبةً قليلة في الإكوادور؛ فإنهم يتمتّعون بحريةٍ تامّة في ممارسة شعائرِ دينهم، فارتداء المرأة المسلمة للحجاب لا يُمَثِّل إشكاليّةً كبيرة لهُنّ إلا في بعض الحالات الفردية التي قد تحدث؛ ولهذا فإن الغالبية من النساء المسلمات في الإكوادور يَعِشْنَ في هدوء.

ويُقَدَّر عدد المسلمات في الإكوادور بأكثرَ من 1000 امرأةٍ مسلمة؛ 15٪ فقط من النساء من أصلٍ عربي، و85٪ من جنسيات أخرى، وفي ظل هذا الجَوّ من التعايُش استطاعت المسلمات في الإكوادور الحصولَ على مكانٍ وصَوتٍ لهنّ، في مجتمعٍ حريصٍ على التفاهم والقَبول.

 

Image

 

وهناك شهاداتٌ حَيَّة لبعض المسلمات في الإكوادور، تؤكّد أن ارتداء الحجاب يُمَثِّل جزءًا أساسيًّا من شخصية المرأة المسلمة، وهو ما أكدته "ديانا بوينو"، وهي مسلمةٌ إكوادورية تعيش في العاصمة "كيتو"، وتَروي "كارلا سليبيوجلو"؛ أنها اعتنقت الإسلامَ قبل 5 سنواتٍ، عن عمرٍ يُناهِزُ الـ 26، في الوقت الذي غادرت الإكوادورَ للدراسة في نيويورك، وهناك التقت العديدَ من المسلمين، وقرّرت معرفة المزيد عن دينهم.

وتقول  "كارلا سليبيوجلو": إنها كانت لديها شكوكٌ، وخلال بحثها حَولَ الإسلام وجدت إجاباتٍ شافيةً لتلك الأسئلة، فتحكي أن عائلتها كانت مسرورةً بالتغيير في سلوكها بعد اعتناقها الإسلامَ، الذي أصبح مصدرَ إلهامٍ للعائلة جميعًا، كما أكدت أنها سعيدةٌ؛ لأن المسلمين في الإكوادور باتوا يستطيعون مخاطبة العقول ومحاربة الجهل، من خلال التحدث إلى الناس وتوعيتهم حَولَ الإسلام.

أمّا "شاهزادي سوكيليو"، البالغة من العمر 17 عامًا، وهي من الجيل الثاني لمسلمي الإكوادور، فإنها تَصِفُ الفتياتِ المسلمات في الإكوادور بأنهن "مثيراتٌ للاهتمام"، فمن بين كلّ 500 طالبٍ وطالبة ترتدي مسلمةٌ الحجاب، وهذا ما لا يُنظَر إليه بشكلٍ سلبي داخل المجتمع، كما ترى أن تسليط الضوء والتركيز على الإسلام والمسلمين، من شأنه أن يبعثَ على الكثير من الفُضول، وفي ذلك فرصةٌ للاطّلاع على حقيقة الإسلام وتبديد الخرافات.

ورغم حالة القَبول للحجاب والمرأة المسلمة في الإكوادور، فإنها لم تَسلَمْ من أفكار ومُعتقَدات بعضٍ من المتعصّبين، وفي هذا السياق، تحكي "خوانا"، وهي مسلمةٌ إكوادورية، أنها تعرّضت لبعض المَواقِفِ التي تدلّ على التمييز والعنصرية في حافلةٍ عند ذهابها للعمل، عندما قام أحد الركاب بسَحْب حجابها، إلا أنه كما أوضحنا فإن تلك التصرفاتِ فرديّةٌ في غالبية الأحيان، ولا تَدُلّ على تيّارٍ مُعادٍ للمرأة المسلمة في تلك الدولة.

ويرى "المرصد" أن الإكوادور تُعَدُّ أرضًا خِصبة لترسيخ القيَم الإسلامية، ونشر الدعوة بمفاهيمها الصحيحة، حيث يَنُصّ دستورها على ممارسة الحرية الدينية داخلَها، وبالتالي: يمكن للدعوة الإسلامية أن تُحَقِّقَ أهدافها بصورةٍ مؤثّرة وفَعّالة، من خلال عَقْد الندوات والمحاضرات التي تُبرِز سماحةَ الإسلام وتعايُشَه مع الآخَر في المدارس والجامعات، وأنه دينٌ لا يعرف التطرف أو الإرهاب.

كما يوصي "مرصد الأزهر" بضرورة التواصل مع الجمعيات الإسلامية هناك، وإرسال المزيد من قَوافلِ السلام إلى القارّة اللاتينية، والتي كانت بدايتُها مع قافلة السلام إلى دولة كولومبيا، خلال شهر أغسطس 2017، للتعريف بوسطية الإسلام، وتأكيد دَور الأزهر في المحافظة على نشْر صحيحِ الدين السمح، ومجابهة الفكر المتطرف.

وحدة الرصد باللغة الإسبانية

 

طباعة