براءة الأطفال بين خطر الإرهاب و"الإسلاموفوبيا"

  • | الأحد, 9 ديسمبر, 2018
براءة الأطفال بين خطر الإرهاب و"الإسلاموفوبيا"

     إنها أفضل أيام العمر التي يحياها الإنسان حيث يكون الذهن خاليًا من كل المشاكل والعَلائق الدنيوية التي تُعَكِّر صَفوَ المِزاج؛ فلا تَناحُرَ، ولا شقاق، ولا خلاف، ولا اختلاف، إلى غير ذلك من الأمور التي توغر الصدور، بل كلّ ما يشغل بالهم وخاطرهم في هذه الفترة من العمر هو قضاء الوقت في المرح واللهو واللعب، والحُلم بالمستقبل الذي ينتظرونه في قابلِ أيامهم، لكن أن تختلطَ براءة الطفولة بإرهاب مَن لا عقل له، أو حتى يُزَجَّ بها في مُخيّلات هذا الإرهاب المقيت الأسود، فهذه أزمةٌ كبيرة تستحق أن ننتبه لها ونعمل جميعًا على مواجهتها!
فعندما تتلقّى فتاةٌ مسلمة تبلغ من العمر 10 سنواتٍ، تدرس في إحدى مدراس ولاية "ماساتشوستس" الأمريكية رسالتين تتوَعّدانها؛ بسبب كونها مسلمةً، فهذه ثالثةُ الأَثافيّ، كما يقولون! فما ذَنبُ هذه الفتاة الصغيرة، التي حتّى لا تُدرِك كُنهَ الاختلاف بين الأديان والعقائد؟! وهل حملت السلاح يومًا ما في وجه مَن بعث لها بهذه الرسائل؟! أو هل توعّدت أحدًا بسوء؟ وهل تقدر بنتُ عَشرِ السنواتِ حقًّا على فعل ذلك؟!
الحقّ أن أيًا من هذا لم يحدث على الإطلاق، وبغَضّ النظر عن كَون الفتاة المُهَدَّدة صغيرة لم تتجاوز بعدُ العَقدَ الأول من عمرها، إلا أن الصدمة تتأتّى عندما تطالعنا جريدة "الديلي ميل" البريطانية بخبرٍ مَشينٍ لفِتيةٍ إنجليز يتعرّضون بالضرب المُبرح لأحد الفتية المسلمين، تقييدًا وكسرًا للذراع، ما لشيءٍ، إلّا لكونه لاجئًا سوريًّا مسلمًا، ناهيكَ عما تعرضت له أخته من تمزيقٍ لحاجبها ومضايقاتٍ تتعرّض له في الغُدوَة والرَّوحة على يد الفتيات الإنجليز.
إننا حقًّا لا نتحدث عن إنزال عقوبة بمن فعل هذا، ولكنا ندقّ ناقوس الخطر في محاولة للَفْت الانتباه وجذب الأنظار إلى الأسباب التي أدّت إلى انتشار مثل هذه الأفكار المتطرفة بين الشّبيبة والناشئة على غير المتوقع، إذ لم يكن يُنتظر من مثل هؤلاء الأطفال في مثل هذه المرحلة العمرية غير التعارف والتآلف والتآخي، حتى يَشِبّوا على ما نشئوا عليه؛ فإذا كان حالهم على هذا الوصف الذي بيّناه الآنَ، فماذا نتوقع منهم في المستقبل غير التناحر والتباغض؟!
مما لا رَيبَ فيه أن انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا" قد يكون السببَ الرئيسَ وراءَ هذا الشعورِ بالعدوانية تُجاهَ الآخَر، إذ ما الذي يحمل مثل هؤلاء الفتية الذين لا يعلمون شيئًا عن الإسلام من الأساس مِن فِعلِ ما فعلوه، إلّا أن تكونَ أفكارًا مُعَيَّنة قد غُرست في قلوبهم في هذا الشأن؛ حتى أصبحوا لا يُجيدون غيرَ ما فعلوا.  
إن "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" ليؤكّد نَبذَ كلّ دعوةٍ مِن شأنها إحداثُ التفرُّق والتشرذُم، وبَثّ الضغينة في نفوس الشبيبة وغيرهم على السواء؛ وذلك من مُنطلَق الدعوة التي يحملها الإسلام للتعارُف والتآخي بين بني البشر جميعًا.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 

طباعة