ماذا تَبَقّى لداعش؟

  • | الثلاثاء, 18 ديسمبر, 2018
ماذا تَبَقّى لداعش؟

هُزم "داعش" واقعيًّا، ولم يَبقَ له سوى عالمه الافتراضيّ، بَيْدَ أن اللعبة التي يُمارِسها "داعش" باتت معروفةً؛ "داعش" يحاول أن يعيشَ دَورَ البطولة، من خلال تصدير صورة المقاتل الذي لا يزال قادرًا على مواصلة معاركه؛ ولذلك نجد من آنٍ لآخَرَ تهديدًا  لداعش بشَنِّ هجومٍ هنا أو هناك؛ فعلى سبيل المثال: نشَر موقع "PJ Media " الإخباريّ خبرًا بعنوان: "تنظيم داعش يُهَدِّد بشَنِّ هجماتٍ إرهابية على نيويورك"؛ يُفيد بأن مجموعةً إعلامية مُناصِرة لتنظيم داعش الإرهابي نشرت رسالةً، تُهَدِّد بالقيام بهجماتٍ إرهابية جديدة على مدينة نيويورك، وذلك أثناء احتفالات رأس السنة، وأَوْصَت الرسالةُ الأعضاءَ التابعين لتنظيم "داعش" باستخدام تكتيكاتٍ جديدة، تشمل: القَنّاصة، والعبوات الناسفة، ويأتي هذا التهديدُ الأخير عَقِبَ رسالةٍ أخرى من مجموعةٍ من الإرهابيين، والتي حَدّدتْ بشكلٍ خاصٍّ الأولَ من يناير مَوعِدًا لشَنّ الهجوم.
وظهَر في أحد المُلصقات المتداوَلة عَبرَ الإنترنت، في منتصف نوفمبر، تَداخُلٌ بين صورة أحد الإرهابيين، مُرتديًا قناعًا يُغَطّي وجهه، مع مجموعةٍ من الصور للهجوم الذي وقَع في عام  2016، والذي استهدف سوقًا ببرلين، وكتب على الملصق: "أول العام الجديد يومُ الانتقام"، وفي وقتٍ لاحق، نشرت إحدى المجموعات الإعلامية التابعة للتنظيم، صورةً لمدينةٍ مُدَمَّرة بين ألسنة النيران، مكتوبًا عليها: "قريبًا بإذن الله، سيرى الكافرون ما يَخْشَوْنَ، 1/1/2019".
كما أطلقت المجموعة الإعلامية نفسُها صورةً لأحد الإرهابيين المُسَلَّحين، يقف ناظرًا نحو مدينة نيويورك، وكُتب على المُلصق اسمُ المدينة مُلَطّخًا بالدماء، وتاريخ 1/1/2019، ويقول النص المكتوب مع الصورة: "اضربوهم بالأحزمة الناسفة والعربات المُفَخَّخة، واصعقوهم بالعبوات المتفجّرة، واحصدوهم بكَواتِمِ الصَّوت والقَنّاصة؛ ادخُلوا بينهم وانشروا الرعبَ والفزع"، وأرجعت المجموعةُ التهديدَ الأخير، إلى حادث مقتل المتحدث الرسمي باسم التنظيم ورئيس العمليات الخارجية، "أبي محمد العدناني"، الذي قُتل في غارةٍ للولايات المتحدة عام 2016.
لا شَكَّ أن هذا التهديد يُمَثِّل استمرارًا لسلسلةٍ من التهديدات التي يُطلِقها "داعش"، كما حدث أثناء كأس العالم لكرة القدم، في يونيو الماضي، وغيرها من الأحداث، فداعش لا يكاد يترك مناسبةً إلّا وأطلق مثلَ هذه التهديدات الخاوية، وهو يعلم يقينًا أنه لا يستطيع تنفيذ هذه التهديدات، لكنه يحاول أن يكسب شيئًا من أمورٍ ثلاثة:
أوّلًا: تصدير صورةٍ إعلامية مُفادها: أننا لا نزال هنا، ولعله بهذه الرسالة يُخاطِب أتباعه أكثرَ ممّا يُخاطِب الآخَرين؛ حتى يضمنَ عدم زعزعة الثقة لديهم، فهي رسائلُ نفسيّةٌ بالأساس.
ثانيًا: "داعش" يأمُل من هذه الرسائل أن يستجيبَ لها أشخاصٌ متطرفون؛ فيحاولون تنفيذ هذه التهديدات بناءً على دوافعهم الخاصة، وليس بتوجيهٍ وإرشادٍ من "داعش"؛ فهم أُناسٌ لا يعرفهم "داعش"، ولا تربطه بهم أيُّ رابطةٍ، لكن إذا حدث هذا؛ فإن المُشاهِد سيقتنع أن "داعش" هو الذي قام بهذه الهجمات، وبالفِعل: حدَثَ هذا في أكثرَ من مرّةٍ؛ فتجد أن مُنَفِّذَ الهجوم كان مُستجيبًا لداعش، لكن التحقيقات تكشف عدمَ وُجودِ صِلَةٍ فِعليّة بينه وبين "داعش".
ثالثًا: إذا حدث واستجاب شخصٌ ما لأفكار "داعش"؛ فإن "داعش" سيُسارِع ويَتَبَنّى الحادثَ؛ ليَكتسبَ به أَرضيّةً وقوّةً، في نفوس أتباعه أو المؤمنين به.
الفكرة هنا؛ أنه لا يجب أن ننخدعَ بأنّ "داعش" لا يزال يمتلك قوّةً تأثيريّةً، كسابقِ عَهدِه، لكنها محاولاتٌ لإثبات وُجوده، وليس أَدَلّ على هذا؛ من أن معظم هذه التهديدات تَذهب سُدى.
 نَعَمْ؛ لا بُدَّ من موَاصلة التشديدات الأمنيّة والملاحقة العسكرية لبقايا "داعش"، فهذا ما لا يُمكِن التَّخَلّي عنه؛ لكن لا يجبُ أنْ نُعطيَ "داعش" صورةً أكبرَ من حقيقتِه، وهذا ما يُريدُه.


وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 

طباعة