لماذا أعلنت الاستخبارات الألمانية تشديد الإجراءات لمجابهة اليمين المتطرف؟

  • | الثلاثاء, 25 ديسمبر, 2018
لماذا أعلنت الاستخبارات الألمانية تشديد الإجراءات لمجابهة اليمين المتطرف؟

     تناول مرصد الأزهر في مقالات سابقة هذا العام الخطر المحدق الناتج عن أنشطة اليمين المتطرف في كثير من الدول الغربية بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة، وذلك بعد ما شاهده العالم من تظاهرات كبرى اندعلت في مدن شرق ألمانيا، رفع فيها اليمين المتطرف لافتات تدعو إلى الكراهية والعنصرية تجاه الأجانب والمسلمين، بل لقد امتد الأمر إلى قيام البعض بالترويج لمفاهيم عنصرية مثل "مدارس بلا إسلام"، وقد تفاقم الأمر حتى وصل إلى فناء المحاكم التي تعرضت لقضايا عنف ضد بعض اللاجئين، الذين تعرض أحدهم للضرب بالمطرقة من جانب أحد الأشخاص، الأمر الذي انتهى بإصدار المحكمة ضده عقوبة السجن ثلاث سنوات، بعد أن أوضح القاضي في حيثيات الحكم أن سبب العقوبة هو قيامه بعملٍ يفضي إلى الموت، ونبّه إلى خطورة ذلك الاعتداء.
ويبدو أن نداء هذا القاضي وغيره ممن تنبهوا إلى خطورة هذا النوع من التطرف قد لاقى صدىً لدى الحكومة الألمانية التي أعلنت على لسان الرئيس الجديد لهيئة حماية الدستور في ألمانيا "توماس هالدينفانغ" العزم الشديد للتصدي لخطر اليمين المتطرف من خلال مضاعفة عدد العاملين بالهيئة لرصد التحركات المتغيرة للمتطرفين في الفترة الأخيرة، حيث إنه من المقرر زيادة عدد العاملين بنسبة 50%، موضحًا أن يوجد في الهيئة حاليًا 200 موظف، حسبما صرحت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج".
الجدير بالذكر هنا أن هيئة حماية الدستور قد تعرضت في الأشهر الماضية لانتقادات كثيرة إبان فترة رئاسة المدير السابق للهيئة "هانز جورج ماسن"، والذي تم إحالته للتقاعد بقرار فوري على خلفية عدم أخذه المخاطر التي يمثلها اليمين المتطرف على محمل الجد بالقدر الكافي.
وقد صرح الرئيس الجديد للهيئة السيد "هالدينفانغ" أن ألمانيا شهدت منذ فترة قصيرة تحولًا كبيرًا لدى اليمن المتطرف، منبهًا في الوقت ذاته إلى ضرورة التعامل مع تلك التحولات، مشيرًا إلى أحداث كيمنيتس التي حدثت نهاية أغسطس وأوائل سبتمبر الماضيين كمثال على النشاط الملحوظ لليمين المتطرف، موضحًا أنها كانت في البداية مجرد مظاهرات عادية ثم اندسَّ فيها اليمين المتطرف، واستغل الموقف بإثارة الكراهية ضد الأجانب. وعلق على تصريحات حزب البديل بخصوص المهاجرين واللاجئين قائلًا" إذا كان هناك حزب في البرلمان الألماني يسعى دائمًا إلى إثارة النقاش مرارًا وتكرارًا حول هذا الموضوع؛ فإن ذلك يساهم في مساعدة اليمين المتطرف لاستقطاب أتباع جدد".
من جانبه يؤكد مرصد الأزهر على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من خطر اليمين المتطرف في ألمانيا والدول المجاورة، لاسيما وأنه بات يمثل الوجه الآخر لعملة التطرف المنسوب للأديان، وذلك بعد نشره لخطابات الكراهية والعنصرية والدعوات المستمرة للعزلة اتجاه الأجانب بشكل عام والمسلمين بصفة خاصة، وإذ يثمن مرصد الأزهر تلك الخطوات التي تشير إلى وعي الحكومة الألمانية بوجود هذه المخاطر فإنه يتوجه للمسلمين القاطنين في ألمانيا مواطنين ولاجئين إلى ضرورة احترام القانون الألماني واعتبار أنفسهم جزءًا فاعلًا في المجتمع غير ملتفتين لدعوات التطرف والكراهية التي تعصف بأمن الأوطان وتقدمها، الأمر الذي أكد عليه الإمام الأكبر ا.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في العديد من كلماته الرسمية بضرورة تشجيع أصحاب الديانات والثقافات المختلفة على الاندماج الإيجابي في مجتمعاتهم.


وحدة الرصد باللغة الألمانية

 

طباعة